بشرود أخذت تقلب اللقمه فى الطبق أمامها . بعقل غائب فى حاضر وغد باتت تخشاه كطفل ضل طريقه فى بلد غريب . تذكرت كلمات القيصر (نفيت وإستوطن الأغراب فى بلدى ) نعم فقد نفيت ، لفظها وطنها خارجه بكامل إرادتها ، فقدت إحترامها لنفسها ، فقدت حقها فى الإعتراض . لم تجنى سوى الضياع وبضع كلمات مبعثره الأحرف لم تعد تمتلك القوة لتجميعها ....
مال عليها محمد الجالس متوسطاً لها عن يمينه وليلى عن يساره وهمس : مبتاكليش ليه !
ندى وقد أفاقت من شرودها : ها لا باكل أهو
محمد بشك : بتاكلى ! هو فين الأكل ده انتى قطعتى حته الفطير وعماله تقلبيها فى الطبق وانتى سرحانه ثم تسائل : إنتى كويسه ؟
أومأت له محاوله إغتصاب بسمه مصطنعه تزين بها ثغرها الشاحب كالاموات
محمد برفق : لو عاوزة تنزلى معانا مصر خلصى فطارك والبسي هاخدك مع مها وماما وحاجه فاطمه
ندى : لا انا مش هقدر أسافر معاكوا هستنى هنا
محمد : متأكده !
أومأت له بهدوء فاردف مشيراً ببصره لطبقها : طيب خلصى طبقك ومش هتقومى الا وانتى مخلصاه
أومأت له بصمت وشرعت فى تناول إفطاها بدون شهيه تذكر
تابعت ليلى الحوار بصمت فلاحظت نظرات جمالات الحاقده لندى
هتفت لنفسها من بين اسنانها : والله لاربيكى يا حيزبون الكلب انتى ثم هتفت موجهه لها الحديث : عامله ايه انهارده يا أمو محمد شكلك هفتان كده ووشك مسود إلا هو انتى وقفتى فى الشمس كتير إمبارح !
نظر لها محمد بضيق وعض على شفته السفلى بتحذير فلم تعيره انتباهاً وتابعت بصوت مرتفع : انتى لسه ياعينى ودنك بايظه ثم تحركت من مقعدها وجلست فى الكرسي الفارغ بجوارها والذى تركته مها منذ قليل لتجهيز نفسها وصرخت فى أذنها : سمعااانى كده إنتى وشك اسود ليه يامو محمد هاااااا
هبت جمالات صارخه وسط الضحكات المستتره من الجميع وأولهم الحاج بلال الذى رمقها باستمتاع خفى متابعاً الحوار
جمالات : إيييييه خرمتيلى طبله ودنى انتى مجنونه
ليلى بحزن مصطنع : انا مجنونه الله يسامحك يامو محمد انا قولت انتى ست عجوزة وتلاقى المرض بياكل فى جتتك فكنت عاوزة اساعدك ثم نظرت لمحمد الذى كاد يطحن أسنانه وهتفت : غلطش انا يا سي الأستاذ !
محمد : بس خلصتى اكل يلا على اوضتك ولا شوفى رايحه فين
رفعت كتفها بلا مبالاه واحتضنت كتف جمالات التى نظرت لها بضيق : لا أنا هقعد جنب حماتى حبيبتى لحد ما اجيبلها السكر ... ااا علشان تحطه فى الشاى طبعاً ... إنفجر نادر ضاحكاً فنظر له باسم بتحذير وهو يحاول كتم ضحكته ... دفعت جمالات يدها بانفعال وهبت واقفه ونظرت لها بكره :نفسي إتسدت ثم تحركت منصرفه يلحق بها محمد محاولاً تصليح ما افسدته تلك الليلى
ليلى ناظره فى إثرهم : كل ده ونفسك إتسدت أمال لو مفتوحه كنتى كلتينا ولا إيه
إنفجر الجميع ضحكاً بصوت مرتفع فلم يعد احداً بقادر على كتمها اكثر ....
------------------------------------------------
مصطحباً ولده ككل يوم الى قصر الصاوى ولكنه اليوم مختلف . لم ينم البارحه وكلمات هنيه تتكرر فى عقله كخناجر تطعن ضميره بلا هواده
فلاش باك
هنيه : ليه بس يا حمزة إكده حرام عليك انت متعرفش ظروفها كيف ثم إلتقطت انفاسها واكملت : دى يا حبه عينى متجوزة من سنين ومحبلتش وجوزت جوزها علشان الخلف تلجاها إتعلجت بالواد يا نضرى علشان كان زمان عندها عيل من دوره
باك
تقدم من بوابه القصر ودلف فاستقبلتهم ندى كالأم المتلهفه لرؤيه طفلها .. فتحت ذراعاها فى دعوة صريحه لحيدر الذى أفلت يد والده وانطلق نحوها مسرعاً
إحتضنته تستنشق عبقه الذى حرمها القدر منه ... نظر اها بحزن ثم إقترب شامخاً كعادته : إحم متواخذنيش يا ست ندى على الى حصول آنى بس ممتعودش أبيت ولدى حدا حد ثم لاحت شبح إبتسامه على ثغره الصارم وهتف ناظراً لولده : النهارده هتبيت مع خالتك
حيدر بحماس : صوح يابوى
أومأ له بحنان فنظرت له ندى التى نفضت عنها ذهولها وهتفت بسعاده : بجد هتسيبه يبات معايا متشكره اوى يا أستاذ حمزة انا هحطه فى عينى متقلقش
إنت مين !!
كانت تلك الصرخه بصوت محمد الذى إحترق غيظاً عندما شاهد ابتسامه ندى لذلك المهيب أمامها
حمزة ماداً يده بالمصافحه : حمزة الاسيوطى جوز هنيه بنت عمك ثم أشار لحيدر واضاف : وده ولدى حيدر
إبتسم له محمد بسماجه ومد يده مصافحاً له بدوره بلا موده تذكر
نظر حمزة لحيدر وهتف مهماً بالإنصراف : متتاعبش خالتك يا حيدر ثم نظر لندى : بالإذن يا ست ندى
ندى بابتسامه بشوش : إتفضل يا أستاذ حمزة وبجد متشكره أوى
أومأ حمزة بهدوء ونظر لمحمد : بالإذن يا باشمهندس وبدون انتظار رد تركهما وانصرف
بدون وعى منه إعتصر قبضتها ساحباً لها خلفه فهتفت : فى إيه يا محمد الولد
محمد من بين اسنانه يتحرق الولد تعالى
ندى ملتفه لحيدر : خليك هنا يا حيدر جيالك
اومأ لها حيدر وركض فى إتجاه شجرته
اوقفها محمد فى مكان خالى فى الحديقه وهتف من بين أسنانه : ممكن أفهم إيه الى كنتى بتعمليه ده !
ندى بعدم فهم : عملت إيه
محمد بانفعال : متخلينيش اتجنن عليكى بتاع إيه واقفه تكلميه والضحكه من هنا لهنا
ندى وقد روت غيرته الوليده كل شبر قاحل فى روحها : كنت مبسوطه علشان هيسيبلى حيدر ثم انت إيه الى مزعلك مش فاهمه
محمد جاذباً لها نحوه : انتى مراتى وده حقى
ندى بلوم : وإشمعنا حق ليك ومش حق ليا
محمد بتلعثم : همم أهو هو كده وخلاص ثم رفع إصبعه محذراً : ألمحك تانى واقفه معاه ومتلوميش غير نفسك .. ثم تركها وانصرف . تركها باسمه آمله و... عاشقه !
------------------------------------------------
بعد ان سافر الجميع خرجت ليلى من القصر فلمحت ندى تلاعب حيدر
ليلى مشاكسه لحيدر : إنت مين يا عسل انت !
حيدر نافضاً يدها : ملكيش صالح
ليلى ضاحكه : صالح مين يا وله تعالا هنا وانت حلو كده وشعرك ناعم ثم أشارت لخدها : يلا هات بوسه
حيدر : إتحشمى يا مره
ضحكت ندى ونظرت له ليلى بذهول : هى حصلت ! مره يابن ال...
إنفجرت ندى فى الضحك فاخرج لها حيدر لسانه مغيظاً وهتف : مببوسش حريم
ليلى : يالا إتلم انا لو نفخت فيك هطيرك
حيدر واضعاً يده فى وسط جسده بتحدى : فرجينى همتك
ليلى ضاحكه : مين إبن المتضايقه ده الى بيخانق دبان وشه !
ندى ناظره نحوه بحنان : ده إبن هنيه بنت عمى
ليلى بتساؤل : أمال امه فين انا مشوفتهاش
حيدر : ملكيش صالح بأمى
ليلى بغيظ : وانت مالك هو أنا سألتك ثم رفعته بيد واحده من جلبابه : شايف بإيد واحده أهو إتلم وإصطبح فى يومك
حيدر بتحدى : وان متلميتش !
إنفجرت كل من ليلى وندى فى الضحك فأعتصرته ليلى فى أحضانها هاتفه : يا خراااابى نفسي فى عيل لمض زيك كده نطلع عين بعض
شحبت ملامح ندى فجأه فأنتبهت ليلى لحديثها ...
ليلى بتلعثم : أاااا أنا هروح اتمشي فى البلد شويه يا ست ندى
أومأت لها ندى بهدوء فتحركت منصرفه وكأن الشياطين تطاردها
------------------------------------------------
تسير بلا هواده شارده فى ما كانت عليه حياتها وما وصلت إليه .. لم تشأ أن يصبح زواجها من محمد رسمياً لا على الورق فقط ولكنها أنثى رغم كل شئ ... أنثى طحنت أنوثتها تحت مخالب الواقع . ورغم قوتها الظاهره إلا أن داخلها هش مثلها كمثل غيرها من بنات حواء .. ولكن ندى تلك المرأه القويه العاشقه تقتلها نظراتها التى تستشعر بها اليوم ذبذبات التوتر ... ترى هل تعلم !!
نفضت تلك الفكره عن رأسها ضاربه راسها ... وكيف لها أن تعلم
قطع شرودها صوت ركض قريب جداً وشخص يحذرها لتبتعد ... بدأت بالإلتفات وقبل أن تكمل إلتفاتها لمصدر الصوت حصل التصادم .... إفترشت الأرض بفعل دفعه الفرس الذى حاول صاحبه إبعاده عنها بعد محاولاته لتنبيهها بلا جواب فارتطمت بجانبه ووقعت على الأرض ... لطخت الأتربه وجهها وثيابها .. نظرت للذى قفز برشاقه من فوق صهوة حصانه مقترباً منها وهتف بانفعال : مش تفتحى يا حورمه واخده فى وشك إكده ومش دريانه بالى بيوحصل حوليكى
ليلى نافضه الأتربه ثم تفلت الأتربه التى دخلت لفمها : انا الى أفتح يا اعمى البصر والبصيره ماشى تدوس على خلق الله الى حطاك حصان يدينا حمارين
حمزة بانفعال : سدى بوزك يا حرمه متخلينيش أغلط فيكى أنا عمرى ما غلطت فى حرمه واصل
وقفت ليلى بشموخ رغم منظرها المضحك وكأنه مدخنه منزل إنفجرت بكامل أتربتها فى وجهها . عدلت من طرحتها وادخلت الشعيرات النافره منها وهتفت : لا إغلط ورينى هتعمل إيه ولا فاكرنى هسكتلك يا بلدينا لاااااا تبقي متعرفنيش وإنحنت متناوله فرده شبشبها رافعه له فى وجهه وهمت بضربه
أمسك معصمها قبل أن تصل إليه وهتف من بين اسنانه : يمين بالله لو كنتى راجل لكنت دفنتك موطرحك بس أشوف سبع الرجال الى آنى فى داره حرمه سعرانه شبهك متعرفش يعنى إيه تحترم الراجل
ليلى بانفعال : سيب إيدى يا جدع إنت
ترك يدها بعنف وهتف متجهاً لحصانه : حرمه بشنبات صوح
ليلى متخصره : هى مين دى الى بشنبات يا سبع الليل !
حمزة مشيراً لوجهها : لما توبجى توصلى لداركم إبجى إتطلعى فى المرايه وانتى تعرفى مين الحورمه أمو شنبات الى بجصدها ثم ركل حصانه الذى إنطلق مبتعداً
ليلى ناظره فى إثره وهى تعدل من هندامها : جاك خابط وانت عامل شبه بتوع المصارعه كده ........
------------------------------------------------
إنت بتقول إيه !!
كانت تلك صرخه حلا التى أجابت للتو على إتصال فى مكتبها
أغلقت الخط مسرعه وتناولت حقيبتها وركضت تسبقها دموعها التى أغرقت وجنتها دون إراده منها .... نظرت لها هند بتساؤل : مالك يا أستاذه حلا بتجرى كده ليه
حلا ببكاء : يوسف يا هند إنضرب بالنار !!
أنت تقرأ
خلخال ( الجزء الأول من سلسلة ألحان حوائية )
عاطفيةروايه إجتماعيه تناقش معاناه المرأه فى المجتمع الشرقى ( قيد التعديل )