١٦/ سنَنتصِر

32 4 2
                                    

وقفت لمدة في مكانِها تنظُر الى اللاشيء ، مكانك هو المقبرة ، هو الشيء الوحيد الذي اخترق سمعها و دار في عقلِها ، الامر الذي جعلها تنسى ان تتحرك او ابحث عن مخرجٍ لها اصلاً ، فقط اكتفت بالسكوت و معانقة نفسها كالمجانين حتى حلّ الصباح عليها و هي على حالها ، تشعُر فقط ان حواسها قد فقدت عملِها ،

" سيدّتي أأنتِ بخيّر ؟ "

" هل يعرف احدكم هذه الانسة ؟ "

" هل تسمعينني انستي ؟ "

كل هذه الأصوات كانت تستقبلُها دون ردٍ منها ، لا تريد التحدث و لا إحداث ردة فعل ، لتجد نفسها مُكبّلةً رُفقةً مُمرضتين كُتب على ردائهما ' مستشفى هانكس للأمراض العقلية ' ، لتعلم ان تفكير هذا المجتمع العقيم أدى بهم الى فكرة أنّها مجنونة فاقدةً لعقلها ، هل هي كذلك حقاً ؟ ، لا هي ليست كذلك ، هل يجب ان تصرخُ الاَن بالجملة المشهورة ' انا لستُ مجنونة ' ؟ ، هل عليها الهرب ؟ ، كيف ستُصبت لهم انها ليست كذلك ؟ ،

" اذا تحركتِ او فعلتِ شيئاً مجنوناً ستضطريننا لحقنكِ بمُهدىء حسناً ؟ "

تحدثت الممرضة الى اميليا التي لا ملامح في وجهِها ، ضحكت بداخلها لانها فكرّت في ان تصرخُ لكنها علمت 
انهم لن يصدقوها لذا وفرّت عناء ذلك ! .

تلك الغرفة البيضاء المليئة بالفراغ و الصمت ، تمعنت النظر فيها بهدوء قاتل على ملامحها ، تجولت عيناها في زوايا هذه الغرفة التي باتت حبيسة زواياها ابتداءاً من الْيوم ، كانت في نظرها  تبعث بالجنون اكثر من كونها تعالج المرضى منه ،

-----

صوت قرع الباب العنيف الذي انتشر صوته في ارجاء   المنزل كان سبباً في تشتت افكاره المتعلقة بها و النهوض لفتح الباب ،

" من تظنّ نفسك مالك ! "

تفاجأ بمظهر لوي العنيف يمسكه بشدة من ياقته يصرخ لدرجة ظهور اوداجه ،

" مالذي يحدث ! كف عن الصراخ ! "

صرخ زين بنفس درجة صراخ لوي وهن يحاول فكّ يديه من عنقه ،

" لا تحاول التلاعب فأنا قد كشفتك زين ! ، أين إميليا ! "

استجمع زين قواه ليبعد لوي عنه و يتكلم بروية ،

" ماذا تقصد ؟ تعلم طريقة التحدث بلطف أولاً ! "

" سئمتُ منك وليس لدي لطف اتعامل به معك أتفهمني ؟ والآن أين إميليا ؟ "

أغمض زين عيناه وهو ينفث الهواء بنفاذ صبر ،

" وكيف لي ان اعلم مكانها وانا لم أراها منذ مدة ! "

ضحك لوي بسخرية و عيناه لا تخلو من تلك النظرة المستفزة والموجهة نحو زين الذي يكاد يفقد صوابه ،

| حـضرَة العِشــق |حيث تعيش القصص. اكتشف الآن