Ch. 2 "بداية الألم "

181 12 2
                                    

1864

كَبُرت لورين و غدت صبِيَّة جميلة مليئة بالحيوية لا تفارق الابتسامة وجهها، كانت ذات الأربعة عشر عاماً ذاهبة في جولة على ظهر جوادها الأبيض الذي أسمته ألكسندر، أوقفها و هدأ من حماسها السائس العجوز بينما هي كانت على وشك الذهاب و الانطلاق مع الريح، و لكنه أخبرها بأن هناك خطباً ما في الداخل، و أن والدتها كما سمع لم تكن بحالة جيدة، اتسعت عيني الفتاة و أسرعت بالركض عبر الممرات و علامات الذعر تعلو وجهها حتى وصلت إلى حيث غرفة والدتها، كان والدها يقف خارج باب الغرفة في انتظار الطبيب، قالت لورين بهلع بينما التعب جعلها تلهث من شدته: ''ما بها أمي؟''

أجاب والدها محاولاً أن يخفي قلقه و ذعره: ''لا تقلقي يا صغيرتي هي ستكون على ما يرام''

- ''هل أستطيع الدخول إليها؟''
- ''كلا ليس بعد، إن الطبيب ما زال في الداخل''

خرج الطبيب أخيراً بعد طول انتظار ثم همس لإدوارد بأن يتبعه و على بُعد بضع خطوات عن لورين وقف إدوارد و الطبيب يتحدثان على إنفراد و كانت تحاول جاهدة قراءة تعبيرهما حتى تفهم ما يجري حولها و لكنها قرأت ما لم يشعرها بالراحة، فلمْ تُطل النظر إليهما حيث شعرت أن لا جدوى من ذلك فهي لم تتمكن من سماعهما و اندفعت إلى الداخل لرؤية والدتها.

كانت ماري متعبة و لكن رغم ذلك التعب الذي أنهك قواها و أضناها ابتسمت لابنتها الصغيرة، قالت لورين بقلق و تمسكت بيد والدتها: ''هل أنتِ بخير يا أمي؟ ما الذي حدث؟ إنني لا أفهم شيئاً''

- ''لا تقلقي يا عزيزتي، إني بخير''

ثم صمتت و أغلقت عينيها لوهلة ثم فتحتهما و قالت بحزم و لطف: ''استمعي إلي يا عزيزتي كوني قوية لا تضعفي أبداً، و إذا ما أحسستِ بأنك ستضعفين فقط تذكري أنني دائماً معكِ، كوني لطيفة مع الجميع لكي تصبحي سيدة قوية، راقية و لكي يحبك كل الناس، و مهما حصل حاولي أن لا تستسلمي''

شعرت لورين بالدموع تترقرق في عينيها و الخوف يهز قلبها فقالت لوالدتها: ''لمَ تقولين ذلك؟... أمي أنتِ بخير أليس كذلك؟ و ستبقين معي صحيح؟''

ابتسمت ماري بمحبة لابنتها و أجابت: ''تذكري كلامي جيداً، لا تخافي يا عزيزتي أنا سأبقى معكِ طالما أنك تتذكرينني، و سأراقبك عن قرب''

اندفعت لورين تعانق والدتها و دفنت نفسها في حضنها و هي تبكي و الخوف و القلق يلفان قلبها، بينما ماري ربتت على رأسها بهدوء.

ارتعشت وجدان لورين من الهم و الاضطراب كلما فكرت بحالة والدتها، كانت تحس أنها ستفقد الحنان و العطف في حياتها و أنها ستبقى وحيدة تصارع الحياة، وحيدة تواسي نفسها، وحيدة لديها نفسها فقط لكي تحادثها، كانت لورين تبقى مع والدتها معظم الوقت و خشيتْ فراقها و لو للحظات قليلة، كانت تحس بأن شيئاً سيئاً سيحدث بالرغم من أن والدتها كانت دائماً تبتسم و تضحك و لمْ تبالي بمرضها، و رغم تعبها كانت تنشر الراحة بكلماتها.

كان إدوارد يبكي كل ليلة وحده و الجدران الصامتة تحدق به، فهو الوحيد العالم بحقيقة مرض زوجته و حب حياته و كان يفرغ ما بجعبته للظلمة حتى لا يراه أحد خصوصاً ابنته الصغيرة، قام بجلب أمهر الأطباء لمعالجتها و لمْ يعطه أياً منهم أملاً.

نامتْ ماري بعد أن طلبت من ابنتها أن تغني لها تهويدة بصوتها الناعم فتنام بهدوء، ظلت لورين تراقبها لدقائق ثم تبسمتْ و نهضت عازمة مغادرة الغرفة، اتجهت لورين إلى الطابق الأرضي و هناك وجدت زوجة أبيها صوفيا و ولداها يحتسون الشاي معاً و الصمت يلف المكان، لم يكلف أي من الثلاثة رفع نظره نحوها فشعرت بالحيرة منهم و حيتهم بارتياب: ''مساء الخير''

عندها وجه جين نظره نحوها بكل هدوء و بشبح ابتسامة رد عليها: ''مساء الخير لورين''

بادلته الابتسامة ثم اتجهت لغرفتها.

***

فتحت لورين عينيها بفزع على صوت صرخات كابوس مرعب، أخذت تلتقط أنفاسها بصعوبة لتستوعب ما الذي حدث، أخذت تغسل وجهها بجنون لتستعيد نشاطها استعادت ذكرى الكابوس و أسرعت و في نيتها الذهاب لتحتضن والدتها، جرت مسرعة حتى وصلت إلى غرفتها لترى الباب مغلقاً فطرقته طرقاً خفيفاً لتجيب عليها ماري بصوتها الدافئ الحنون فشعرت لورين بالأمان لسماع صوتها فدلفتْ إلى الداخل و اتجهت لحضن والدتها مباشرة و شرعت بالبكاء، سألتها أمها متعجبة: ''ما بك يا ابنتي؟''

- ''أمي لقد رأيت حلماً مزعجاً''

- ''ما هو يا عزيزتي؟ لا تقلقي إنه مجرد حلم''

- ''رأيت أنك تسافرين و لم أستطع توديعك''

تنهدت ماري بأسى ثم واصلت: ''أنا ما زلت هنا يا عزيزتي لا تقلقي''

ثم استلقت ماري لتريح ظهرها للخلف و تسترخي، ثم استلقت لورين في حضنها و هي غير عالمة إن كانت هذه هي المرة الأخيرة التي تحتضن فيها والدتها أم لا.

~~~

مساء الخير .. نعتذر على التأخير و نعتذر لأنه كمان هالبارت قصير، لكن إن شاء الله نوعدكم بالأفضل  في الأيام القادمة ..
و نتمنى لو عندكم تعليق سلبي أو إيجابي ما تترددوا تكتبوه... 😉

عشقتها فآلمتني | BTS - Maknae Lineحيث تعيش القصص. اكتشف الآن