سيــرون والتَّـحدّي

Chapter |9.2|

القَسمَ
رسائلُ المَطر (part.2)
⚫⚪⚫⚪⚫⚪⚫⚪⚫⚪

" كانَت امرأةً جميلة ، بقلبٍ نقيٍّ أبيض كالثلج ، لم أرَها تحقدُ أبداً ، ولم أسمَعها تتذمر إطلاقاً ، كانت قدوةً لي في كل شيء ، لم تترك طفلاً ولا شيخاً ولا مسكيناً إلا وزرعت على وجهِه ابتسامةً كبيرة ، لم تهتمّ للمآسي التي عاشَتها طوال العمر ، لم تلتفِت لأيٍّ من تلك المشاكِل التي تعيقُ الأشخاص العاديين عن المسير ، كانَت بطلة ، بطلةً في نظري وحاضرةً دائماً على لساني ، وداخِل قلبي سكنَت."
قالها كاورو بنبرةٍ حزينة ، رأت هارو لمعاناً يائساً في عينيه ، لو أنها لا تعرفُ شخصيتهُ لأكَّدت أنهُ سيبكي الآن.

" أردتُ دائماً أن تكونَ سعيدةً في حياتِها ، فهي قد ابتُلت بمرضِ القلب ، امتلكت دائماً قلباً ضعيفاً مريضاً ، تمنَّيتُ لو عوضتها بقلبي ، لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد ، فقد امتلكَت أُمي .. الزوج الخطأ أيضاً.."

" الزوج الخطأ؟! "

يبتسم كاورو بسخرية : " تزوجت والدتي من ذلك الرجُل تحت ضغط والدِها ، كان بينه وبين والده شراكة كبيرةٌ ستتمّ بهذا الزواج ، أُجبر الاثنان على الوقوع في هذا الموقف ، حاوَلت أمي تقبل الأمر ، لكنهُ لم يفعل."

تنظرُ هارو لكاورو بتركيز ، فهي الآن في الجزء الحسَّاس تماماً من القصة.

" ذلك الرجل أرادَ دائماً الزواج بفتاةٍ أخرى ، لكن الزواج من أمي أعاقهُ عن ذلك ، وبما أنه لم يملك سطوةً لمعارضة والدِه ، فإنه استغلّ قوته في جعل حياتِها جحيماً. "

تبتلعُ هارو ريقها بتوتر وتعطي كاورو نظرةً بعينيها تحثُّه على الإكمال.

" كان يتواقحُ على أمي كل يوم ، ويلعن اللحظة التي تزوجها بها ، كما أنه اتَّهمها دائماً بكونها سبباً في تعاستِه ، لم يرحَم ضعف قلبها ، هي لم تقصِّر معهُ في شيء .. لكنهُ كان وحشاً ، يبيتُ الليالي خارجاً ولا يتعبُ نفسهُ في السؤال عنها ، أو عنّي .. "

يبتلعُ كاورو ريقهُ بجمودٍ وعينين هادئتين عكس ما يكمن داخلهُ :
" أنا لم أعرِف شُعورَ الأبِ يوماً ، هيشيجاوا هارو .. "

تدمعُ عينا هارو وتشعُر بغصّةٍ في حلقها ، تعرفُ جيداً أن كاورو يعاني كثيراً ويحاول الظهور قوياً أمامها وأمام الجميع ، فتحاولُ الظهور مثلهُ أيضاً مع أنَّها تتمنى البُكاء بصوتٍ عالٍ والثأر لأجلِه.

" كان جامداً ، بارداً وقاسياً ، لم يُهنِّئني يوماً على درجة جيدة حصلتُ عليها في اختبار ، لم يحضُر اجتماعاتِ أولياء الأمور ، ولَم يحتضنّي بحبٍّ صباح الأعياد ، كان يكرهُني ، لأني ابنُ المرأة التي يكرهُها أيضاً ، لكنَّه أُجبر على الحصول عليّ ، لأنَّ شركة والدِه بحاجةٍ إلى وريثٍ بعدَه."