البارت 9

27.4K 386 2
                                    

كانت الشمس تتهادي, تلف الكون في غلالة, حتي اصبحت اشعتها تتعامد علي الرض, رفع أذان الظهر, انتزعها صوت المؤذن من بين ظلمة الذكريات الأليمة التي كان تائهة بها
قامت من علي ماكينة الحياكة بفتور, محملة بآلامها الجسدية و النفسية, فمنذ أن عادت إلي المنزل من يومين , واندلعت حرب الذكريات الظلماء في رأسها , وأزعنت أن تتركها لحظة, تتقاذفها بين ماضي قاسي و حاضر محمل بالألم و مستقبل مجهول , فكان الحزن حليفها لحظة بلحظة , حتي أصيبت بعلة الأرق من جراء ما حل بها و ما تنتظر أن يحل بها , لجأت للحياكة ليس للهروب مما يطوف بخلدها فقط , ولكن أيضا حتي تستغل خبرتها في ان تعتمد علي نفسها و ألا تكون حملا علي كاهل احد
وقبل ان تذهب للوضوء , استدارت لتنظر للعبائتين التي صنعتهم بأناملها , ظلت تدقق النظر بهما , وتميل رأسها يمنة و يسرة لتتأكد من منظرها من كل الإتجاهات
وضعت يدها بمنتصف ظهرها علي مكان الألم , قالت برضا : تمام , ألحق اتوضي و أصلي و أخلص العباية التالته بسرعه قبل ما نرمين تعدي عليا
وبعد أن أدت فريضتها , اتجهت للمطبخ و صنعت سندوتش من الجبن و كوبا من القهوة يساعدها علي مواصلة يومها بصحبة ذلك الصداع الناتج من الأرق و كثرة التفكير
اتجهت نحو ماكينة الحياكة لتكمل عملها و لكنها شعرت بعدم رغبة و انها بحاجه لبعض الراحه حتي تستطيع اكمال يومها
تمددت علي الفراش , علها تحظي ولو بسنه نوم عابرة ولكنها للأسف وجدت الذكريات مقبله عليها لتطبق علي صدرها المثقل من كثرة الهموم الذي اضنته بشدة فعاقتها عن الراحة و النوم
جاء بعقلها موقفها الأخير عندما كانت حبيسه دون طعام في ذلك المنزل حتي كانت علي قيد انملة من الموت , حتي بعث الله لها النجاه
رددت بهدوء : الحمد لله الحمد لله , انا عاوزة افكر في ايجابيات حياتي و ما اركزش علي الحاجات السيئة علشان ما اغلطش غلطة زمان و ارجع اندم بعد ما حياتي تبوظ خالص, انا عارفة ان حياتي غريبة شوية و اكيد وضعي ده مش هيستمر كده, بس استغل كل لحظة و اوفر علشان اعرف اعتمد علي نفسي, لحد ما اشوف موقف ماما ايه و جوزها ربنا ينتقم منه هيوصلني لحد فين
و اثناء استلقاءها علي السرير غلبها النعاس من كثرة الم رأسها و لم تشعر بشيء حولها حتي فاقت علي صوت المنبه الذي كانت ضبطه لتقوم لتتحضر للذهاب للعمل
فهبت وقفة بفزع وهي تقول : يا نهار انا نمت , يارب مكنش اتأخرت
نظرت للساعه فوجدتها ما زالت الواحدة و النصف فعادت لهدوءها ثانية و قامت لترتدي اسدالها لتنتظر نرمين
.................................................. ............
كانت نرمين تجلس خلف عجلة القيادة بسيارتها و هي متجه نحو فيلا حازم لتصطحب حسناء
كانت حسناء معها بعقلها , كانت تتذكر قبل يومين , عندما كانت تقتني معها بعض مستلزماتها, تذكرت نظرة حسناء المرعوبة تجاه اي رجل تراه , وكيف انها كانت تتحاشي التعامل مع اي رجل, لم تكن نظرتها تجاههم نظرة خجل , بل نظرة فزع و رعب
, و عندما كان سألها احد الشباب العاملين بمحل الاقمشة عن طلبها بأسلوب يبدي اعجابه الشديد بها و هو ينظر نحوها نظرة الهايم الولهان , فردت عليه حسناء بصوت مهتز من كثرة رعبها و أخذ جسدها يهتز و عندما اعاد الشاب سؤاله لها فمالت علي اذن نرمين و قالت لها طلبها حتي تتحدث نرمين بدلا منها و تركت المحل وخرجت
قالت نرمين لنفسها : دي شكلها عندها فوبيا رجاله , اكيد اتعرضت لموقف صعب و صلها للمرحلة دي, ربنا يكون في عونها حياتها صعبه قوي, وانا كنت فاكرة اني انا و اخواتي اكتر ناس اتظلمنا لما بابانا سابنا و اتجوز واحده غير ماما , فعلا اللي يشوف مشاكل غيرة بتهون عليه مشاكله
عندما وصلت للفيلا ظلت تضغط علي بوق السيارة حتي تنزل حسناء, ولكن حسناء طلت من شرفة المنزل و دعتها للصعود , فبرردت نرمين رفضها حتي لا يتأخروا علي العمل , فنزلت و ركبت بجوارها و اتجهوا للشركة
دخلوا معا غرفة المدير , وعندما دخلت الغرفة لفت انتباهها ديكور الغرفة فقد كان لا يختلف عن ديكور المنزل الذي تسكنه
قالت نرمين : اتفضلي يا حسناء, دي اوضة حازم, او تقدري تقولي دي عالم حازم , من يوم ما اتخرج و هو قاعد في الاوضة دي ههههههههه , اصله بيحب شغله قوي , يلا ربنا يكرمه و يشفيه طول عمره مجتهد
ردت عليها حسناء و هي تدور بعينيها في ارجاء الغرفة : اللهم أمين
نرمين : طيب انا هطلع أمر علي الموظفين بتوع الفتره الصباحية قبل ما يمشوا و أرجعلك علطول
حسناء: ماشي اتفضلي
خرجت نرمين لتقوم بعملها و جلس حسناء علي أحد المقاعد , نظرت حولها تتفقد الغرفه او كما قالت نرمين تتفقد عالم حازم , كان اللون الأزرق هو سيد الألوان في غرفته و باقي الألوان يطبع عليها الطابع القاتم, قالت بنفسها: اكيد اللون الازرق لونه المفضل ده طبيعي , يعني انسان سخي و كريم....يبقي اكيد لونه المفضل الازرق وشكله كتوم لان اغلب الالوان هنا غامقة, وبعدين انا ايه دخلي كريم و لا بخيل حزين و لا سعييد , مليس دعوة , انا عاوزة اعتمد علي نفسي , واركز في شغلي الجديد و اتعلمه بسرعه علشان ما احتجش لحد سواء هو ولا غيره , اكيد مستحملني النهارده بس يا عالم بكره هيستحملوني و لا هبقي تقيله عليهم , علي ما اشوف اخرة جوز امي ايه و موقف ماما هيكون ايه, بس للاسف مش متوقعه غير اسوأ التوقعات
شردت قليلا في عالمها الغريب و لكنها وجدت نفسها لا اراديا تعود بعقلها للتفكير في حازم و كيف ظلمته بظنها و لم تلتمس له و لو عذر واحد و تركت سوء الظن يحدد لها كل الاحتمالات السيئة في سبب غيابه. ولم يكن كرمه معها كفيلا بأن تغفر له تأخيره او تتلمس له عذر.......
.................................................. .......................
وخارج الغرفه كانت نرمين تسير بخطي و اثقه و بملامح الجديه و نبرة صوتها الحازم تتابع موظفي الشركة و تأخذ منهم الفواتير و السجلات الخاصه بالفترة الصباحيه للقيام بمراجعتها
وبعد ان انتهت من مهمتها اليوميه طلبت من العامل حمل مكتب صغير و نقله إلي غرفة المدير ليكون خاص بحسناء , حمله العامل و اتجه به نحو الغرفة التي تجلس بها حسناء , وتبعته نرمين , فتح العامل الباب ودخل حاملا المكتب , كانت حسناء شاردة بفكرها و عندما وجدت العامل يدخل الغرفة و يقترب نحوها , هبت واقفه من مكانها بفزع و ارتد للخلف تتابعه بعينيها المحدقتين بخوف , خاصة عندما رأت نظرات الاعجاب تنبثق من عينيه بقوة , ولكن بعد لحظات دخلت نرمين خلفه , وعندما وقعت عينيها علي حسناء تعجبت بشدة , ألهذا الحد تخشي الرجال , اذن لم يكن ظنها خاطئ , ولم يكن تحليل نرمين لردود افعال حسناء في المول خطأ
عندما رأت حسناء نرمين خلف العامل استعادت هدوءها و جلست مكانها
وتابعت نرمين أوامرها للعامل حتي وضع المكتب بشكل مناسب و مقعد لحسناء ثم انصرف بعدما طلبت منه نرمين كوبان من النسكافيه
اقبلت نرمين نحو حسناء و قالت لها بإبتسامة : ده هيكون مكتبك , علشان تبقي معايا في نفس الاوضه
بادلتها حسناء الابتسامة و هي تنظر لها بإمتنان دون ان تتكلم
تابعت نرمين حديثها : الواحد لما بيكون متحمل مسؤليه حاجه مش بتاعته بييكون حريص وواخد كل حاجه علي اعصابه و خايف احسن حاجه تبوظ او تخسر او حاجه تضيع او تتسرق و يكون هو اللي متحمل مسؤليتها , شوفي بقالي شهرين بس في الشركة بس خلاص اعصابي تعبتيني و حاسه دماغي هتفرقع من ضغط الشغل , ربنا يقوم حازم بالسلامة و يرجع لشغله و يعينه عليه
حسناء: اللهم آمين , وانا معاكي اهو لحد ما يرجع بالسلامه اي حاجه تحتاجيها هساعدك فيها
نرمين : اوك , انتي بتحبي الحساب
حسناء : اه
نرمين : كويس قوي اصلي بيني و بينك بكره الشغل علي الأله الحاسبه بالإضافه اني فاشله حساب , فقومي انتي بشغل مراجعه الفواتير و مراجعتها في السجلات بتاعة البيع
حسناء بحماس : اوكي
نرمين : تحبي تبدأي شغل من النهاردة و لا ترتاحي النهاردة و تبدأي بكرة
حسناء و هي تنهض للاستعداد بمهمتها : ومن بكرة ليه , انا جاهزة اني اشتغل النهاردة
نرمين : ما شاء الله شكلك متحمسة قوي
ابتسمت لها حسناء موافقه علي كلامها و استلمت من يدها الاوراق و الفواتير وجلست مكانها و بدأت عملها بهدوء
جلست نرمين مقابلتها تقوم هي الاخري ببعض الأعمال و تتابعها من وقت للاخر بعيني التعجب و الاعجاب , كما كانت ترغب بشدة ان تسألها عن سبب رهبتها للرجال و التي اصبحت بادية مثل الشمس في كبد السماء وقت الظهيرة , ولكن لم يكن اليوم مناسب ان تسالها فهما مازلتا تعرفتا بعضهما تواً
ومرت ساعات العمل بروتينيه , مليئة بالهدوء و الصمت إلا من بعض اطراف الحديث القليلة والتي لم تخرج عن نطاق العمل, حتي دقت xxxxب الساعه التاسعه مساءا
وجهت نرمين حديثها لحسناء: يلا يا حسناء نبلغ فرار و لا لسه في ايدك شغل
حسناء و هي تتمدد علها تقلل ألم ظهرها : لا خلصت من زمان وبقالي ساعه بقرأ في كتاب
نرمين : تمام قوي يلا بينا
وخرجتا من الشركة بعدما تأكدت نرمين من اغلاق الشركة جيدا ,ركبتا سيارة نرمين و اتجهتا نحو المنزل الذي تسكن به حسناء
واثناء سيرهم قالت نرمين معاتبه : بس انا زعلانه منك يا حسناء علشان مكلتيش معايا كويس المفروض متتكسفيش مني انا زي اختك و بعدين انتي خلاص بقيتي واحده من العيله
حسناء بإحراج : ربنا يكرمك يا نرمين بس انا فعلا دي أكلتي ومش هروح اتعشي كمان
نرمين بتعجب: نعم ؟ مش هتتعشي , ده اللي انتي اكلتيه ميكفيش عصفورة , لو فضلتي علي وضعك ده هتختفي كمان سنه بالكتير
حسناء : ههههه انا بس معدتي تعبانه شويه بسبب فترة القلق اللي مريت بيها دي , شويه كده علي ما ترتاح و هبدأ أكل طبيعي
نرمين : يا حببتي ربنا يعوضك خير, وبعدين صحيح هو انتي قعدتي كتير من غير أكل , ده انت فضلتي شهرين تقريبا محبوسه
حسناء: لا أنا فضلت يومين بس من غير أكل, اخوكي ربنا يشفيه كان فاكرني فيل و كان بيجيبلي اكل كتير يكفي عيلة كبيرة, وانا لما لقيته بدأ ميجيش بدأت اقنن أكلي و أكل وجبتين بس و شويه بدأت أخليها و جبه و احده بس كنت بصوم , لحد ما الاكل خلص ما عدا اللبن و العسل علشان مش بحبهم و اخر شوية لبن شربتهم يوم العيد الصبح لكن العسل لسه مخلصش لحد دلوقتي , اصل كان اخوكي جايبلي كتير قوي كأني كنت هشربه بدل المايه
نرمين : اصل حازم لازم ياخد معلقتين عسل علي الريق علشان مفيد صحيا , وبعدين حازم طابعه كده , هو عصبي و اندفاعي بس سخي جدا و بيبقي نفسه يجبلنا الدنيا كلها , يلا ربنا يشفيه يارب هو اللي بقيلنا في الدنيا دي
ثم اندمجتا ثانية في الصمت و الشرود , نرمين شارده بعطفها في حال اخيها و حسناء في مستقبلها , كانت ولأول مره منذ فتره طويله تشعر بهذا الشعور , شعور جيد إلي حد كبير , نفس الشعور الذي يشعر به الجميع في أول يوم عمل, شعور فرحه ممزوج بالإحساس بقيمة الذات و اهمية الشخص في حياته مع الأمل بالمستقبل و احساس بالأستقرار
كانت تحلق بروحها في عالم جديد ترسمه بعقلها وتحدد معالمه بنفسها , هي المسؤله عن نفسها فيه , تحاول فيه الاستغناء عن الجميع كي لا تحتاج لمساعدة احد و بنفس الوقت لا تتعرض لإيذاء أحد ,. فهي قد شبعت وارتوت حزن بما فيه الكفايه من حياتها القديمة و من الاشخاص الذي بها و هاهي الآن تعلن عصيانها علي الاستسلام للحياة وأو الاستسلام لأحد لا تحبه ان يكون جزء من عالمها الجديد الذي أغلقت كل مداخله حتي لا سنح لبصيص حزن الدخول فيه
ستعمل جاهده حتي تصبح انسانة ناجحه تعتمد علي ذاتها في توفير حياة كريمة تعيشها وحدها دون أحد و ياتي اليوم الذي تقدم فيه كامل شكرها لتلك الاسرة التي احتوتها ووقفت بجانبها
.................................................. ...........................
كانت تجلس في كافية الجامعه , ابعدت الشوكة عن فمها تاركة بداخله قطعه اللحم الشهيه و ظلت تلوكها بعنف و هي محدقه في الاشيء , ولم تلحظ نظرات صديقاتها الثلاثه المصوبة تجاهها بتعجب
انتبهت علي صوت صديقتها هبه: مالك يا نور انتي متغاظة من ايه للدرجه دي
مطت نور شفتيها و اغمضت عينيها لحظات و كأنها تحاول مقاومة شعور ما , وبعد لحظات ألقت بالشوكة بعنف علي المنضده و وضعت يدها علي عينيها و ظلت تبكي كالأطفال و هي تردد : معدتش قارده , بجد مش هستحمل اكتر من كده
ومجرد ان نطقت بتلك الكلمات حتي فطنت صديقتها لمقصدها فظلوا يهدوءها حتي هدأت نسبيا و أكملوا طعامهم و خرجوا من المطعم و اتجهوا إلي الجامعه
قالت هبه : بلاش نروح الكليه و خلونا نقعد شوية في ساحة الجامعه نشرب الكانز ونيتمتع شوية بالحديقه لسه ساعة علي المحاضرة
نور: لا مليش نفس
نسرين : لا نقعد شوية يا نور يعني هي الكلية اللي هتريح نفسيتك
مي: طيب يلا يا جماعه علشان نلحق نقعد الساعه كاملة بدل ما نضيعها في الكلام
وانتقوا احد المقاعد المناسبه و سط الورود و الخضرة و جلسوا يتناولون اطراف الحديث بفكاهه حتي يحاولوا تغير مزاج نور و لكن دون جدوي, فقد بلغت اقصي درجات الاشتياق لحبيبها و بلغ الصبر منتهاه من جفاءه و عناده
نسرين : انا معرفش انك دايبه قوي كده يا نور
نور : انا مش دايبه , انا بموت من غيره , أصلك مجربتيش الاحساس ده فمش حاسة بيا , مجربتيش يعني ايه تقعدي تتقلي علي نار وحبيبك و لا في دماغه و مصمم يعاقبك ببعده
هبه : اصبري شوية يا نور بكره يجي يترجاكي هو
نور : هبه , اكتر من كده صبر انا بقالي سنين صابره اهو
ضحكت مي و قالت : يا نهار فعلا شكلك بتحبيه قوي لدرجة انك حاسه ان الشهرين سنين
نور: شهرين ايه يا فاشلة حساب انتي , ده بقاله ما يقرب من سنه
نسرين : والله انتي اللي فاشلة حساب , هو مخاصمك امتي
نور: من يوم الامتحان بتاع اصول التربيه
نسرين : ووأخوكي دخل في حادثه أمتي
نور: بعد يوم ما اسامة خاصمني بيومين
نسرين : طيب اخوكي قعد شهرين في غيبوبه و فايق بقاله 3 اسابيع , يعني بقالك ما يقرب من 3 شهور بس مخاصمة اسامة
نور بحزن: والله لو 3 ايام انا معدتش قادرة استحمل اكتر من كده
مي: شوفي انتي مش قادرة علي بعده ازاي و بتموتي من غيره فهو لو بيحبك زمانه زيك مش قادر علي بعدك و هيجي يوم و يرجعلك و يستسمحك انما لو مش فارق معاه بعدك و مش بيتعذب زيك يبقي انصحك تحاولي تنسيه
نور: مش هقدر
نسرين : لا متنسيش برضه يا مي ان نور هي اللي بتعاند و مصممه متسمعش كلامه
هبه بعصبيه مكبوته : تسمع كلامه في ايه يا نسرين في انها تلبس اللي يغضب ربنا علشان ترضيه
نسرين : بس معلش يا هبه زي ما اسامة قالي إن زيه زي أي واحد بيحب يشوف حبيبته اجمل واحده في الدنيا و انها مش اقل من اي واحده بيشوفها في الجامعه و هي لازم تراعي كده و تحاول تخليه يحس بكده وكمان يحس انها تشرفه قدام صحابه
مي: لا يا نسرين المفرض ان اللي بيحب حد بيشوفه احسن حد في الدنيا و ميهموش رأي غيره فيها مدام بيحبها
هبه : عارفه يا نسرين كلام اسامة ده بيثبت انه مش بيحبها , انا هضربلك مثل بسيط لو واحد في ايده مصاصه و قام فاتح الغلاف بتاعتها ومسكها في ايده و مشي في الطريق كو خلي كل واحد يقابله سوري في اللفظ يلحس لحسه في رأيك هيجي اخر النهار هياكلها
نسرين بإشمئزاز: لا طبعا هيرميها في الزباله , بس اسامة مش قاصدة كده
هبه و هي تحاول التحكم في اعصابها : نسرين , اي واحد بيحب واحده عمره ما يحب انها تكون فرجه لكل اللي في الشارع و ان كل اللي يشوفها يتلذذ بشكلها و لبسها و جسمها المكسي العريان باللبس الضيق, اي واحد بيحب واحده بجد هيحب انها تكون ليه لوحده و هيحافظ عليها زي عنيه و مش هيحب حد يبصلها
نسرين نافيه لكلام هبه: دي اسمها غيره و تعصب ياماما انتي لسه عايشه في زمن ابيض و اسود احنا في عصر الانفتاح
مي: لا يا نسرين فعلا محمود بيعمل معايا كده و كل ما اجي خارجه الصبح رايحه الكليه الاقيه واقفلي في البلكونه علشان يتأكد من لبسي , وانا حابه النقطه دي فيه
نسرين بعصبيه : نعم؟ دي تحكم زيادة عن اللازم أمال لم تعلنوا خطوبتكم بقي
مي: لا دي حب يا ماما , عصبيه لو بيزعقلي علي اللبس انما لما ألاقيه يشتريلي لبس واسع و يقولي بهدوء ألبسي ده هيبقي أحلي عليكي علشان عيون الشباب الأيام دي بقيت زي السهام السامة و علشان ابقي مطمن عليكي و انتي بره لواحدك يبقي دي مش تحكم يا ماما ده حب
هبه : وانا خطيبي أول ما خطبني قالي برضه عاوزك تلبسي ملحفة , انا مش بأمرك بس احنا في زمن الفتنه و علشان تبقي زي الجوهرة المحفوظة من عيون الناس للي يستاهلك بس مش للي يسوي و ميسواش و انا يومها نزلت اشتريت ملحفة علطول
نسرين : انا لو جالي واحد كده مش هطيق انا حرة ألبس اللي علي مزاجي
نور: انا مليش دعوة كل واحده معجبة باللي بتحبه و مقتنعه بكلامه سواء قالها تلبس و لا لا , انا دلقوتي عاوزة اشوف حل للمصيبة دي , عاوزة اسامة يرجع زي الأول
نسرين : يبقي ترجعي انتي كمان زي الأول
نور: مش عاوزة ازعل حازم مني
نسرين : يعني هو شايفك انتي كمان
هبه: يا شيخه ساعديها علي الخير مش تبقي زي ابليس كده
نور: اصبري بس يا هيه عليا انتي مش حاسة باللي انا فيه , ركزي معايا انتي يا نسرين
نسرين : أمرك يا باشا
نور: عاوزاكي تكلميلي اسامة بالله عليكي و تشوفي هو زعلان من ايه و حاولي تستعطفيه كده و قويليله اني هوعده اخلع الاسدال و ارجع زي الأول بس شوية كده علي ما حازم يفوق و اخلي ماما تقنعه
هبه : برضة يا نور
نور: ارجوكي يا هبه محدش حاسس بيا انا همو ت لو اسامة فضل مقاطعني اكتر من كده
نسرين : بصي يا باشا , المصلحة متبادلة , تخدميني اخدمك, انا مستعدة اخلي اسامة يجي يبوس الشوز بتاعك و يترجاكي ترجعيله بس بشرط توصليني انتي لحبوبي ميدو
نور بلهفه : والله هعمل كل اللي هقدر عليه و اوعدك لما حازم يفوق هحاول اقنعه انه يكلم الدكتور محمد عليكي انه يخطبك
نسرين : يا عبيطه مش كده , لا يعني كل شوية قولي لأخوكي الدكتور محمد بيسلم عليك , هيقولك سلميلي عليه و انتي تاخديني في ايدك كده و نروح نبلغ السلام بس في يوم اكون مظبطه حالي و جايه من عند الكوافير كده
نور: طيب بس خلصيلي موضوعي و انا معاكي في اللي تطلبيه
نسرين : قشطة يا مان اتفقنا
نور: مان؟ سلامة النظر
نسرين : مش اسامة هو اللي كان بيقولك كده
نور: اه , واكملت بهيام : واحشني قوي قوي قوي
كانت هبه و مي تتابعنهم بانتقاد علي تفكيرهم و اسلوبهم و لكن يبدو انهم لا يصغون للنصائح و لا جدوي للكلام معهم فتركوهم للأيام تصفعهم بنصائحهها الحارقة
.................................................. ..........................
كانت نرمين و حسناء تجلسان متجاورتان بسيارة نرمين في طريق عودتهم من العمل بعد ان انتهيا من عملهما في الشركة حينما قالت حسناء لنرمين و نبرة التردد تعلو صوتها : معلش يا نرمين عارفه اني تعباكي معايا بس ممكن طلب
نرمين : لا تعب ولا حاجه يا حسناء انتي ليه مصممه تعملي فارق بينا , ربنا عالم انك بمثابة ختي و كل ما بتعرف عليكي اكتر كل ما بحبك و بحس انك واحده مننا
حسناء: ربنا يخليكي يا نرمين
انتظرت نرمين ان تكمل حسناء كلامها و لكن لم تتكلم حسناء فقالت نرمين : هه كنتي عاوزة تطلبي ايه
حسناء: يعني كنت عاوزاكي... تعدي عليا بدري ساعة بكرة عاوزة اروح مشوار قبل الشغل
نرمين : عنيا ليكي
حسناء بحرج : تسلم عينك ... معلشي بتقل عليك بس من يوم ما....(كادت نرمين ان تقول لها لا عليكي و لكنها صمتت حتي تتكلم حسناء علها تعرف سبب خوفها الزائد من الرجال)... من يوم ما كنت هتخطف و انا بقيت بخاف امشي لوحدي و بخاف من كل الرجاله حتي فضلت ال3 شهور في بيت اخوكي خايفه افتح شباك او بلكونه حاسه ان حد ممكن يدخلي
نرمين و مستفهمة : تتخطفي؟
حسناء: ايوا يوم ما الاستاذ حازم انقذني
مطت نرمين شفتيها بتعجب و قالت : يا حببتي زمانك مرعوبة لحد دلوقتي بس انتي ايه اللي كان مأخرك للوقت ده و بعدين مكنش حد ماشي في الشارع
وهنا وصلت نرمين لمفتاح اللغز الغامض الذ ي حيرها منذ ان رأت حسناء , وظلت حسناء تسرد لها احداث ذلك اليوم العصيب بإستفاضة و تجسد لها مدي شعورها و رهبتها في ذلك اليوم ومدي خوفها من ذلك الموقف و تأثرها به لهذه اللحظة و كيف سخر الله لها حازم بأن انقذها في اخر لحظة
وبعد ان انتهت حسناء من سردها ردت نرمين بتعاطف شديد : يا حببتي الله يكون في عونك و ممتعرضيش لأي مواقف تانية يا رب , احنا بقينا في زمن صعب
حسناء : والله من يومها و بقيت بكره كل الرجاله و معلش اني بتقل عليكي و أخليكي توصليني بالعربيه بس انا بقيت اخاف اركب اي تاكسي
نرمين : لا تقل ولا حاجه انا تحت امرك و انا برضه مأمنش انك تركبي في تاكسي لواحدك في الزمن ده
حسناء: ربنا يخليكي
نرمين : بس انا هعدي عليكي الساعه 11 علشان نلحق نخلص براحتنا و هنعدي علي ماما في المستشفي نوديلها طلب
حسناء: ماشي
.................................................. ..............
مرت ساعات الليل الصامته , الجميع ينعم بأحلامة و راحة جسده إلا حسناء فقد صممت ان تقضي باقي الليل في انهاء أخر عباءة كي تستقبل نهارها الجديد في البدء بمشروعها الجديد , انهت العباءة و تركتها و لجأت للصلاة و التضرع للخالق في ان يجعل لها التوفيق رفيق درب و الخير فيما ستقدم عليه في الغد و بعدها لجأت لسريرها تطلب بعض الراحه لجسدها المنهك
و في صباح اليوم التالي , كانت حسناء في قمة الحماسة و الأمل, تأكدت من وضع كل العباءات في غلافها البلاستيكي ثم وضعتهم في اكياس كبيرة و استعدت لوصول نرمين
حتي سمعت بوق سيارتها لذي حفظته , حملت الاكياس و خرجت لها باتسامة تشعر الناظر بأن الشمس قد تركت السماء و سكنت وجه حسناء
فتحت نرمين صندوق السيارة الخلفي كي تضع حسناء ما بيدها بالخلف و بعد ان انتهت قالت لها
حسناء: دقيقه يا نرمين هجيب لسه شوية
نرمين وهي تترجل من السيارة لتساعد حسناء : براحتك خالص احنا لسة بدري
حسناء: طيب تعالي عاوزاكي جوة
دخلت معها نرمين , وحسناء تسبقها وعندما اصبحوا بالداخل عرضت حسناء عباءه أمام نرمين , عباءة تملأها الرقة مع الفخامة و الذوق الراقي
نرمين بإعجاب: اوووووووه الله دي خطيرة يا حسناء
حسناء بثقة: طيب كويس انها عجبتك
نرمين : بس ليه مجبتيهاش علي مقاسك بيتهيقلي دي كبيرة عليكي
حسناء: دي بتاعتك , اتمني ....
قاطعتها نرمين : نعم؟ لا يا حسناء متكلفيش نفسك يا حببتي و لما تحبي تجبيلي هديه تبقي حاجه علي القد الهدية مش بقيمتها المادية لا بقيمتها المعنوية
ابتسمت حسناء و قالت لها: انا مفصلاها ليكي يا نرمين , اولا ميغلاش عليكي حاجه بس هي مش مكلفاني كتير قوي
فتحت نرمين عينيها بدهشة و أمسكت العباءة تنظر لها بتعجب: انتي مفصلة دي؟ استحاااااله , دي متتعرضش يا بنتي الا في اكبر المحلات اللي مبيدخلهاش الا الناس الحرايمة
حسناء: ههههههههه حرامية ليه يا بنتي
نرمين : بجد دي فظيعه
حسناء: مبروكه عليكي
نرمين : بصراحة مش هقدر امانع و اعمل فيها اتكيت و اقولك لا شكرا و مش مستاهله
ثم أمسكت العباءة و قالت لها : عاوزة اغير هدومي ادخل فين ؟
حسناء بفرحة شديدة لإعجاب نرمين بالعباءة و لهفتها علي ارتدائها: اطلعي اوضة النوم فوق
صعدت نرمين الغرفة و تركت خلفها حسناء بصدر مملوء بالحماس و التفاؤل و السعادة تردد عبارات الحمد و الشكر لله
وبعد دقائق نزلت نرمين و هي ترتدي العبائة و تقول : خطيرررررة يا حسناء , بجد مشفتش زيها انتي جايبه التفصيلة دي منين
حسناء: انا بتفرج من زمان علي تفصيلات من النت و لما بلاقي تفصيل معينه عجباني بحفظها عندي , ودي كانت عباية تركي و عجبتني بس مفصلتهاش بالضبط لا غيرت فيها حاجات كانت عجباني في عباية تانية
نرمين وهي تلف حول نفسها و تنظر في المرآة بتفاخر: بس بجد بجد يا حسناء يسلم ذوقك , لا و تفصيلك تفصيل فنان , هو انتي متعلمة الخياطة فين
حسناء: ماما كانت شغاله في مصنع ملابس جاهزة و لما تعبت كنت بروح معاها مع اني كنت صغيرة بس عجبتني الشغلانه دي قوي و لما كبرت حبيت اكون معتمدة علي نفسي و فضلت كل اجازة اشتغل في حاجه تفيدني في حياتي علشان اخد خبرة في كل حاجة و اطور نفسي فيها بعدين و في نفس الوقت علشان يبقي معايا فلوس لدراستي لأن جوز ماما كا رافض اني ادخل كليه و عاوز يجوزني و يخلص مني
نرمين : معلش يا حسناء , عسي ان تكرهوا شئ و هو خير لكم , المهم انتي هتبيعي العبايات دي بكام
حسناء: اعطيها انتي سعر يا نرمين , زمانك عارفه اسعار العبايات
نرمين : 1000 جنية
حسناء و هي تضحك : ههههههههه طيب خليكي عقلانيه يعني
نرمين : صدقيني العباية اولا تستاهل قمشاتها نضيفة و تفصيلتها خطيرة و مش هتلاقيها ف يمكان تاني غير طبعا عودي نفسك تقدمي خدمتك للطبقة العليا اللي بتتفاخر بأنها شارية حاجه غالية و دافعه فيها الشئ الفلاني خاصة ان شغلك فعلا مميز
حسناء بتردد: بس مش من أول مرة يعني يا نرمين و بعدين العباية الواحدة مش مكلفاني اكتر من 100 جنيه بكل اكسسوارتها يبقي انا ابيعها ب 1000 طيب خليها المرة دي ب 300 جنيه
نرمين بنظرة تحدي: سيبيها عليا, انا و انتي هنعمل اننا مندوبين مبيعات لشركة استيراد جديدة و هنروح للمحلات ....... و تحدي انهم هيتهبلوا علي شغلك و هنبيع العباية بأكتر من ألف جنيه
حسناء : مين هيشتري عباية ب1000 جنية
نرمين : الطبقة اللي بتلاقي الفلوس بالساهل فبضيعها بالساهل تعالي بس و مضيعيش وقت
حسناء: منروح محلات جمله احسن و هما يوزعوا
نرمين : وتروحي لجملة ليه و تقللي مكسبك , تعالي بس خليني اتصرف , اعتبريني انا تاجر الجمله
انصاعت حسناء لكلام نرمين و اتجهوا نحو محلات معينة تختص ببيع افخم تشكيلة ملابس , كانت حسناء تجلس بجوار نرمين تردد الدعاء لله بأن يوفقها و يرزقها الرزق الحلال الذي يغنيها به عن الجميع و لا يجعلها بحاجه لمساعدة احد و اثناء سيرهم قالت نرمين : بس بجد يا حسناء انتي مش ممتازة بس انتي موهوبة جدا و انصحك تواصلي مشروعك ده
وعندما وصلوا لمقصدهم ترجلوا من السيارة و حملت نرمين احد الأكياس و قالت لحسناء: خلي الباقي هنا وتعالي ورايا
دخلت لصاحب المحل و تكلمت نرمين بأسلوبها اللبق و طريقتها المقنعه و التي تجعلمك متلهف علي شراء ما لديها و الا سيكون خاسر و استعملت كل ما تعلمتة بالجامعه في قسم ادراة الاعمال , وبع ما يقرب من النصف ساعه بفضل الله كان التوفيق حليفهما و وافق صاحب المحل علي شراء كل ما لديهم و طلب منهم رقم هاتفهم حتي يتابعهم عند اصدارهم لاي موديل جديد

و بعد ان انتهوا و حملت حسناء المال الذي كسبته بجدها و عملها شعرت بالسعادة تدغدغ جميع ذرات جسدها و ظلت تردد عبارات الحمد لله , فما اجمله من احساس , عندما تشعر بثمار تعبك و نجاحك يتوج هامتك
نرمين : شوفتي الراجل معترضتش علي السعر هو المحلات دي بيدخلها االناس المقتدرة اللي ال1000 جنية بالنسبة ليهم مش فلوس , بس انا عاوزاكي تكملي مشوارك خسارة بجد موهبة زي دي متستفديش منها
حسناء بفرحة : ان شاء الله
نرمين : طيب دلوقتي اسمحيلي نروح لماما و حازم هنعطي ماما بس حاجه علشان نلحق نروح الشركة

حسناء : اوك
وبعد ان نطقت حسناءبتلك الكلمة و ظلت تخاطب نفسها عما يجب ان تفعله , ا اتدخل مع نرمين المشفي للاطمئنان علي حازم ام تبقي بالسيارة.......... جاوبها عقلها انه من الواجب ان تصعد للاطمئنان عليه , لكن يا له من موقف في قمة الاحراج , فعلا سيكون موقفها امام نرمين غير لائق إن لم تصعد معها لكن للاسف يا نرمين حيائي يجبرني علي ذلك
ظلت باقي الطريق تجادل نفسها عما يجب ان تفعله و في نهاية الأمر قررت ان تضغط علي حيائها و تصعد للاطمئنان علي حازم
لكن : ماذا ستحمل له معها و ماذا ستقول له , ظلت تحضر بعض العبارات العادية التي ستلقيها علي مسامعه و ايضا ماذا ستشتري له , وقبل ان يصوا إلي المشفي قالت حسناء لنرمين : مفيش محل شيكولاته قريب
نرمين : فيه بعد المسشفي بخطوتين
حسناء : طيب عاوزة اشتري حاجه قبل ما ندخل المستشفي

حبيسه قصر الوحشحيث تعيش القصص. اكتشف الآن