دخل حازم الفيلا و البشري تشع من عينيه , اتاه صوت دردشة نور و والدته من المطبخ
ترك الفستان علي احد الكراسي بالريسبشن و اتجه اليهم
عندما رأته سناء قالت : خير يا ابني راجع من الشغل بدري ليه
وقبل ان يرد حازم , قامت نور بملامح مشمئزة متجاهله تواجده و اتجهت خارج المطبخ
علي الرغم من تضايق حازم من موقفها و لكنه آثر الصبر فهي في كل الاحوال اخته الصغيرة المدللة , وهو سبب ضيقها هذا
برم شفتيه و هز رأسه استنكارا لموقفها و رد علي والدته بحزن: تعالي شوفي الفستان اللي جبته بره ده
سناء بتعجب : فستان ايه؟
حازم وهو يتجه للخارج : طيب بس تعالي
خرج من المطبخ فوجد نور تمسك بالفستان بفرحة و تتأمله ببهجه
اقبل نحوها تتبعه سناء , نظر لها نظره عاتبه و هو يرفع احد حاجبيه منتظر منها لفظ اعتذار و لكنها قالت لها بتذمر : طيب و باقي الحاجات؟
حازم و قد بدأ غضبه ينشب : كل حاجه هتبقي تمام لكن في المعقول , هتفرحي و كل اللي انتي عاوزاه هتلاقيه بس بشكل ميزنقنيش
نور بتأفف : يعني ايه؟
حازم : يعني هجيب شركة حفلات تظبط الريسيبشن و الجنينه بالانوار و الكراسي والترابيزات زي القاعه بالظبط و هنجيب اكل من مطعم مستوي , ودي جي برضه ....
قاطعته نور: ده اسمه ترقيع , هو انت فاكر الفيلا دي فيلا حقيقية و لا الجنينه اللي قد الاوضة دي تنفع
وقبل ان يتكلم حازم بما لا يحمد , نهرتها سناء بلهجة حازمة : نور , انتي عمرك ما هتحمدي ربنا علي حاجه , هو ده اللي هيتعمل و لو مش عاجبك انتي حره , وسواء الخطوبه دي و لا غيرها مفيش غير كده حتي لو معانا فلوس الدنيا كلها , مفيش غير كده , يعني بدل ما تقولي شكرا لأخوكي انه بيحاول يفرحك رغم ضيقته تقولي ترقيع
ضربت نور الأرض بقدمها و قالت : اذا كان مي اللي حالتهم الماديه مش قوي عملت في قاعه و هبه و كل صحابي
سناء: هم عملوا في الفرح انما انتي لسه خطوبه
لم تجد نورما تر به فأخذت ذاتها الغاضبه و دخلت لغرفتها بعد ان صفعت الباب بعصبية
كان حازم يتمالك اعصابه بصعوبه , حتي ان عروقه برزت بوجهه الاحمر بشدة و بدأ يلهث و هو يزم شفتيه و يحدق بغيظ مكتوم لباب غرفة اخته
سناء وهي تهز رأسها بأسي علي ابنتها : معلش يا حازم هنعمل ايه ربنا يهديها , وبعدين كنا أجرنا فستان و وفرت فلوسه للأكل ولا اي حاجة تانيه
حازم و هو يجلس علي احد الكراسي: انا مشترتش حاجه , دي حسناء اللي فصلته من ورايا , شافت نور اختارت الفستان ده فراحت اشترت قماش و فصلته
اتسعت عيني سناء بدهشة ممزوجه بالاعجاب الشديد و اقتربت من الفستان تتفحصه بيديها و عينيها و هي تقول بلهجه متعجبه / حسناء , بجد , ده كأنه جاهز
حازم / هي اللي قالتلي علي اننا نحاول نعملها جو القاعه في البيت , بس منعرفهاش , هي هتفصل كسوة للكراسي و هتطبخ عندها في البيت هي و نرمين
سناء/ طيب ما ده برضه هيكلف , ماكنا شوفنا قاعه صغيره و قدمنا جاتوه و كانز وخلاص
حازم باستهزاء: هأ ... بنتك كانت عاوزة تعمل في قاعه ب60 ألف غير البوفيه المفتوح..وغيره و غيره
سناء و هي تخبط علي صدرها : ليه , لاقين فلوسنا
حازم : المهم علشان محسش اني ظلمتها و حرمتها من فرحتها , كلمي نرمين و حسناء و شوفوا هتعملوا ايه
سناء : ماشي يا ابني و هنشوف خلاتك يجوا يسعدونا في الطبيخ
حازم / بلاش خلاتي علشان هيقعدوا يسألوا علي حسناء و سبب وجودها في البيت و هيبقي موقفها محرج ليها و بعين بالنسبة لنور مش هي كانت قالت انها مش هتوافق
سناء/ لا نرمين قعدت معاها و اتفهمت معاها و قالتها انها موافقه بس عاوزة تعمل خطوبه
حازم : ماشي , لما بس محمد يجي من المؤتمر و نقرأ الفاتحه كده نبقي نشوف هنعمل ايه
.....................................
وصل اليوم التالي , كانت حسناء في شدة فرحتها , متشوقه بأن تلتهم xxxxب الساعه المسافه المتبقيه بها حتي تدق الساعه التاسعه صباحا , كما وعدها حازم بأن يأتي ليبدأ بمساعدتها في تجهيز غطاء المقاعد
كانت رأسها مزدحمة بالأفكار التي رسمتها و تخيلتها و الكلام الذي يمكن ان يدور بينها و بين حازم , حقيقة رغم شدة فرحتها الا انها كانت في قمة ارتباكها و توترها , كلما تخيلت الموقف يهتز قلبها حبا و ذعر , هاهو حال المحبين , قلوبهم متأرجحة مرتعشة
دخلت المطبخ و اطمئنت علي ما جهزته من اشياء لتبهره بثاني شئ , ثم اتجهت لتصلي صلاة الضحي و ترتدي اسدالها لتنتظر حازم
انهت ما بيدها و جلست مقابل الساعه تراقبها بملل , قالت لها بفرحة / يلا بسررررعه , انتي ماشية بالراحة ليه
سمعت صوت سياره حازم بالخارج , يبدو انه هو الأخر متعجل لتلك الجلسة التي تجمعهم
انتفضت متفاجأة من صوت السياره , قفزت بخفة الاطفال الصغار تماشيا مع قفزة قلبها المسرور و بدأت تفرك يديها بعصبية و توتر و قلبها ينبض بسرعه و ملامح وجهها تهلل بفرحة و عينيها تحدقان بشدة
نظرت للساعه بتعجب , لقد وصل باكر ما يقرب من الساعه
قالت للساعه بمزاح :معقوله حازم جه , يظهر حاسس بيا و بقلبي المسكين
وقفت تنظر له من خلف النافذه عبر الفتحات الضيقه بين الاخشاب , انها الفرصه الافضل التي يمكنها ان تراه بحريه بها و تروي روحها به , فبالتأكد ستخجل من ان تنظر له مباشرة اثناء جلوسهما
ظلت تراقبه و هو يخرج هاتفه و يتصل بشخص ما , وكان ظنها صحيحا حين خمنت انه يتصل بها
اسرعت ترد عليه : السلام عليكم
حازم : و عليكم السلام , ازيك يا حسناء
حسناء/ الحمد لله
حازم بتساؤل / جاهزة دلوقتي و لا لسه
حسناء/ لا جاهزة دقايق و هكون عندك
حازم / ماشي
اغلقت الهاتف ثم اسرعت تكمل مشاهدتها لحبيبها من خلف النافذه , تبث له نظرات مشبعه بالاشتياق و دقات قلبها تهتف مع خلايا جسدها جميعا بإسمه رافعه رايات حبه المعلن أمام عقلها المنصاع الخاضع لقلبها الشغوف
دقائق و شعرت به وقد بدأ يمل الوقوف وحده , فسحبت نفسها بصعوبه تنتزع عينيه من علية بجهد و اتجهت نحوه بقدمين متسابقتين ايهما تصل اليه اولا
فتحت الباب فأستقبلها بإبتسامته و من ثم غض بصره , فبادلته بدورها نفس العمل
قال لها / هنقعد فين , نخلينا هنا جنب البيت بتاعك و لا نروح في بلكونه الفيلا الكبيرة
حسناء بخجل وصوت يتخلله ارتعاشة فرحة مع ارتباك/ لا خلينا هنا جنب البيت
بدأ يساعدها في نقل بعض ما يلزمهم ليبدأوا عملهم , وكانت تلك فرصه مناسبه كي تسيطر حسناء علي انفعالاتها المتضاربه بشدة و مشاعرها الفياضة التي تملأ صدرها تجاهه
وبعد قليل كانوا يجلسلان متقابلان تفصل بينهم منضدة متوسطة الحجم
وقبل ان تبدأ حسناء في قص اول قطعه قال حازم و هو ينهض : اه صحيح
ثم اكمل كلامه و هو يتجه نحو السيارة / خدي يا حسناء حطي الحاجات دي في اطباق و كوبيات
قامت حسناء من مكانها تلتقط منه بعض الاكياس و هي تقول باستفهام : ايه ده
حازم / دي شوية تسالي و مكسرات نسلي وقتنا بيهم و بيبسي و الذي منه
حسناء و هي تتجه للداخل / ماشي دقايق و هكون عندك
حازم باستهزاء / دقايق و لا ساعه زي من شويه
ابتسمت حسناء بخبث و هي تتابع سيرها و تقول لنفسها / مش كنت بصبح عليك , ما هو انا مش بعرف ابصلك وجها لوجه يا مؤدب
ثم تابعت تنهر نفسها و هي تفرغ محتويات الاكياس / يعني مش مكسوفة من نفسك يا حاجة حسناء و انتي بتعترفي انه مؤدب مش بيبصلك و انتي قاعدة تبحلقيله من ورا الشباك , وا كسفتاه
افرغت ما لديها و همت ان تلقي بالاكياس الفارغة بالقمامة ولكنها لاحظت انبعاث عطر حازم منهم , قربتهم من انفها الصغير و ظلت تستنشقهم بعمق
قالت متذكره / اه صحيح , انا كنت خبيت زجاجة البرفيوم بتاع حازم يوم ما راح مقابلة الشركة , ياه انا كنت ناسياها خالص , كويس جدا دي هتعمل شغل جامد
اسرعت حاملة مابيدها نحوه حتي لا يتغيب مجيئها ,وضعتهم علي كرسي بجوارهم , كان حازم يتحدث في الهاتف , فبدأت هي في مزاولة عملها حتي ينتهي و يساعدها
انهي مكالمته قم قال لها : متحمسة قوي كده , طيب استني اشربي الحاجه الساقعه
حسناء / احنا قدامنا شغل كتير علشان نلحق نخلص
حازم / طيب يلا وريني هعمل ايه
بدأت حسناء تشرح له كيفية امساك القماش حكي تستطيع هي الاسراع في القص و يكسبوا بعض الوقت في صالحهم
كانت حسناء تلاحظ مدي حرصه الا يتماس ايديهم , وعندما تقترب هي بالمقص من يده يحاول الامساك بحذر بطرف اصابعه ,
كانوا لا يتحدثون في اي امور جانبيه , ما تطلبه حسناء من حازم فقط في انجاز عملهم حتي تحدثت حسناء وهي تخطف نظره له بعد ان انتظرت طويلا في ان يبدأ هو بالحديث / اه صحيح , الفستان عجب نور؟
حازم و هو يحتفظ بوجه نظرة / اه عجبها
حسناء/ خدت بالها انه متفصل
حازم / لا متقلقيش
حسناء / هي الشبكة هتكون امتي
حازم / ان شاء الله هحاول اخليها بعد اسبوعين , العريس في مؤتمر و هيجي كمان اسبوع و علي ما نتفق كده هيكون بعد اسبوعين
حسناء بنبره تحمل بعض الارتياح / طيب كويس , هنلحق نجهز براحتنا
حازم / ان شاء الله و انا هساعدك في كل حاجه ونخلص بس العمل ده و ماما و نرمين هيجوا يتفقوا معاكي هتعملي ايه علشان يساعدوكي و ربنا يجازيكي خير علي موقفك ده و عقبال يارب ما نعملك قريب يارب
ردت عليه حسناء بصوت يفجر بين حروفه غيظ مكبوت/ انت معندكش دم , مش عندك اي احساس دي دعوة تقولهالي , ايه يا اخي حرام عليك انا اقدملك خير و انت تردهولي بالشر , اتقي الله يا ظالم
فاقت من شرودها علي صوته / صحيح انتي جبتي فلوس الفستان و القماش ده منين
حسناء بارتباك / من معايا
حازم / مش انتي اعطيني الفلوس اللي معاكي علشان تبقي نصيبك في الشركة
حسناء / ما كان معايا حسبه احتياطي
قاطعها حازم / احسبي انتي صرفتي كام و اول ما اطلع من ظروف شبكة نور تاخديهم
حسناء باستحياء / لا دي هديتي لنور مش هاخد حاجه
حازم / نعم ؟ لا طبعا كفايه وقفتك جنبي و حرصك علي سعادتها دي اكبر هديه
حسناء / لا ده واجب عليا , انتوا ياما بقدمولي و انا عايشه من خيركم
حازم بصوت ينبض بحب مخفي بين الحروف بحياء/ عيب يا حسناء انتي واحده مننا , والله انتي عندي زي نرمين
زجرته حسناء ثانية / نرمين ؟ ؟؟ نرمين بس ؟؟؟ و انا اللي بقول انت الضحكة اللي منوره حياتي و انت القلب اللي محببني في ايامي , انت الورده اللي مجمله حياتي و انت تقولي نرمين , بجد قليل الذوق
فاقت من شرودها علي مزاحه و هو يتململ في جلسته بشكل كوميدي: طيب بما انك معاكي فلوس يعني , معكيش سلفة أحلق شعري
ابتسمت و قالت : تحت امرك , معايا ثلاثه جنيه الا ربع
تابع بجديه مصطنعه / لا ده مبلغ كبير خساره يابنتي , هاتيهم احطهملك في نصبيك في الشركة
قالت هي الاخري بنفس اللهجه / لا متقلقش انا معايا خمسه جنيه وبريزة عامله حسابي هحطهم في الشركة
حازم و هو يبتسم لمبادلتها مزاحه / يعني مسألتنيش علي الشركة و لا عملت ايه و لا وصلت لحد فين
حسناء / صحيح الشركة اللي لسه مردتش عليك , مردوش؟
حازم بلهجة تبرز مدي فرحته بنجاحه / لا ردت الحمد لله , ردت الاسبوع اللي فات و اللي انتي كنتي زعلانه فيه ومقموصه و مخصاماني زي العيال الصغيرة
ابتسمت بحياء و قالت / انا مكنتش زعلانه ولا حاجه , انا كنت بس مشغوله في الفستان
حازم معترضا بمزاح وهو يشير بسبابته بالنفي / لا لا كنتي زعلانه و مقموصه يا ام قمصه
حسناء / علي فكره انا والله مش بزعل من اي حد , الزعل ملهوش لازمة , انت بس اللي بزعل منه
رفع احد حاجبيه باستنكار بعدما احدثت العباره الاخيره صدي رنين تنبيه بقلبه / اشمعني انا ؟
تداركت حسناء زلة لسانها اللعين , فتفجرت عروقها تبعث بالدماء لوجهها الفاضح في الحال, وتوترت جلستها وتضارب انفاسها , حاولت البحث عن اي حروف تجمعهم لتحصل علي كلمة تخرج بها من موقفها الحرج ولكنها لم تجد سوي كلمة واحدة خرجت بالكاد من بين شفتيها المرتجفتين / يعني
وقف قلب حازم يرقص و يقفز و يزرغد من مظهر حسناء الفوضوي هذا , وكان كمن يتربص له ليأخذ عليه حجه بشئ يكتمة داخله ,ولكن يبدو ان التوتر ذاته بدأ يتسرب لحازم ,وأعراض الحب المكبوت داخله تتسرب عبر نظراته , تململ في جلسته و مسح شعره بيده ثم هم ان يتحدث بشئ مشابه لما قالته بل و اكثر , فكثيرا ما تمني ان تسنح الظروف له بذلك و لكنه سمع صوتها يخرج من فمها ضعيف هزيل مهتز / ببقي خايفه تتخلي عني و ارجع اضيع في الدنيا لوحدي
تبدل حال حازم فورا من الهايم الولهان و كأنه تعرض لصدمه كهربائية , فبعد ان ظنه اعتراف غير مباشر لحبها اكتشف انه مجرد سكين مغروس بقلبها يؤلمها كل لحظة و يتزايد عندما تخاف من خسرانها وجوده و بقائها و حدها
نظر لها بعدستي عينيه المتسعتين بشده و ترك مابيده علي المنضدة و قال لها بدهشة و كلماته تخرج من قلبه لا اراديا و ليس من لسانه ونبرة صوته تنتمي لعالم العاشقين / نعم ؟؟؟؟؟ حسناء ايه ايه اللي انتي بتقوليه ده ؟؟ اياك تنطقي الكلام ده تاني ابدا ابدا , انا لا يمكن اتخلي عنك في يوم و لا اقدر استغني عنك , حسناء انت جزء لا يتجزأ من حياتي , بل انت اهم ما في حياتي كلها , انا اه كنت في البدايه حاسس انك واحده غريبه لكن دلوقتي انتي جزء مني , انتي جزء من لحمي و دمي , انا حياتي من غيرك ما تكملش و انتي الوحيده اللي بتفهميني و بتقدريني و بتحسي بيا و بتدعميني في كل حاجه ... و تيجي تقوليلي اتخلي عنك؟....... ارجوكي يا حسناء امحي التخاريف دي من دماغك نهائيا , والله لو حسيت انك خايفه في يوم من اني اتخلي عنك يا حسناء هزعل جدا جدا
صمت برهه ثم أكمل بنبره كلها أسي و يأس / انا فكرت انك حاسه بالأمان يا حسناء , كلامك ده زعلني جدا , لا ده دبحني يا حسناء
كانت كلماته تخرج من قلبه لقلبها مباشرة , كانت كمثل الرواء الذي يروي بذور حبه بقلبها , مثل الضوء الذي يبعث الأمل داخل قلبها , كمثلج يثلج قلبها المحترق بنار الشوق , كرحيق ينعش روحها المحتضرة من شدة ما تعاني و تآسيه من يوم ما تعلقت به , كمنجد أنجدها من ما كانت يهلكها و يقتلها كل لحظة من حبها التي وقعت به فجأه , لم تتحكم في دموعها و بدأت تنساب علي و جنتيها من أول كلمة نطق بها
و ضع حازم أصبعيه علي جبهته المنكسه للأسفل من شدة صدمته ثم تنهد بقوه , ثم قال لها و هو ينهض : انا هروح أصلي الظهر يا حسناء و هرجع
حسناء برجاء و قلبها يكاد يموت خوفا من رحيله / بس متتأخرش
حازم و هو ينصرف للخارج / حاضر , وادخلي و اقفلي علي نفسك
حسناء / حاضر
........................................
افترقا الاثنين و كل منهم يعيش حال علي نقيض الأخر
اتجه حازم للمسجد و هو يتحدث مع نفسه و هو يشعر بدوران شديد / أنا تقريبا عشمت نفسي قوي , وظني الاولاني طلع صحيح , هي بتحبني حب احتياج مش اكتر , وكل اللي بتعمله معايا ده رد جميل مش حب ولا حاجه
شعر بغصة غليظة تسد حلقه , سحب كميه كبيره من الهواء حوله عله يزيلها و لكن دون جدوي
دخل المسجد , كان ما يزال هناك متسع من الوقت قبل صلاة الظهر
توجه لمكان الوضوء , فتح صنبور المياه و وضع رأسه تحت المياه لتختلط مع دموعه فتخفيها عن نفسه و تحافظ علي هيبته التي يجسدها مظهره الجاد و ملامحه الصلبه خافيه خلفها قلبها الرقيق الحساس
بينما حسناء كانت تقف بالمطبخ تدور حول نفسها بفرحه , تزرغد بصوت مكتوم تشارك قلبها حفلته الداخلية
شرعت مسرعه تنهي ما كانت جهزته ليلة أمس من بعض الاطعمة
حتي رفع أذان الظهر , فأنهت مابيدها سريعا و اتجهت لسجادتها تؤدي فريضتها قبل وصول حازم
انهت صلاتها و ظلت بإنتظاره ,ولكن انتظارها طال , بدأ القلق و الخوف يتخلل قلبها قالت لنفسها / ممكن يكون زعل من كلامي , ومش هيرجع , بس انا قلت ايه يزعل ؟ انا قلت الحقيقه , معرفش ماله زعل جامد قوي كده
نظرت للساعه فوجدت صلاة الظهر انتهت منذ نصف ساعه
خرجت من المنزل تنتظره بقلب مشتعل بالقلق بالخارج , دقائق و لمحته يفتح البوابه , تنهدت بإرتياح شديد وقالت بهمس / الحمد لله
أقدم نحوها , ثم قال / معلش اتأخرت عليكي
حسناء / ولا يهمك
ثم قامت تلملم الأقمشة من علي المنضده و قالت له / دقايق و جايه
دلفت للداخل و عادت بعد دقائق تحمل بعض الأطعمة التي لا تستطيع تناولها ألا بأبهظ الاسعار في افخم المطاعم
وضعته علي المنضده أمامه , فقال لها / انا مش جعان
اعترضت بثقه و قالت / لا لازم تاكل , ده الأكل اللي ناوية اطبخه في شبكة نور و عاوزة رأيك فيه و لو عجبك انا مجهزة وجبات جوه لمامتك و نور و نرمين و جوزها
نظر حازم للطعام تحت عيون حسناء المراقبه المترقبه لردة فعله
رأت نظره الاعجاب في عينيه و هو ينظر للطعام فقالت له / يلا سمي
أمسك حازم بملعقه و بدأ في تناول الطعام و حسناء هي الاخري , مضغ حازم بعض اللقيمات ثم قال لحسناء و هو ينظر لها نظرة اعجاب شديد
قال لها / انتي اتعلمتي الطبيخ علي ايد مين
حسناء بإنكسار / انا كنت بشتغل في مطعم .............
حازم بتشجيع/ شئ رائع ده المطعم ده مش اي حد يقدر يدخله ,بس بجد انتي مبدعة في الطبيخ
حسناء بإمتنان / شكرا , مادام عجبك يبقي ندوق مامتك و اخواتك
حازم / تمام
...................................
دخل حازم فيلته و هو يحمل الأكياس التي بها وجبات مغلفة بشكل يوهم الناظر انها من أحد المطاعم الفارهه من شكل تغلف الوجبات
وجد سناء تجلس مع نور في حديقة الفيلا فاقبل نحوهم
سناء / انت اتأخرت كده ليه يا حازم , مش قلت منطبخش و جايب أكل من بره ,
حازم و هو يضع الأكياس أمامها / اتفضلي
مسكت نور الكيس و ظلت تلفه حول نفسه تبحث عن اسم المطعم
فقال حازم موضحا / ده واحد صحبي كان شغال في مطعم ....... و هو اللي هجيبه يطبخ في خطوبة نور
سناء / ما كنا طبخا احنا يا حازم , ده هيكلفنا كتير
نور بأسلوب تحذير / ماما
ثم بدأت تفتح في الاكياس و هي تقول / لما نشوف الاول ألأاكل مستوي و لا ايه
فعلت سناء هي الاخري مثلما فعلت نور, ولم يستطيعا انكار اعجابهم الشديد بالطعام الشهي
نور / تمام , يبقي كده لسة الكوافير بس
حازم / ابقي زوقي نفسك بقي يا نور , الاكل هيتكلف كتير غير شركة الاناره و شركة اللي هتجهز الكراسي و غيره
نور بعصبية / لا كله الا الكوافير
حازم برجاء / بصي انا مش ناقص و لا كلمة النهاردة , لا مزاجي يسمح و لا انا قادر افتح عيني
ثم ولاها ظهره و صعد إلي غرفته حاملا علي رأسه هم كبير بعد صدمته من كلام حسناء و خيبة أمله بإعترافها من انها تخاف من تخليه عنها
دخل غرفته و بدل ملابسه و ألقي بجسده علي السرير, عقد ذراعيه خلف رأسه و ظل شاردا يحدق في سقف الغرفة و ملامحه متجهمة حزينة
ظل يمرر شكل حسناء و كلامها أمام عينيه , قال بأسي وهو يهز رأسه / وانا اللي كنت ناوي اكلم ماما و اخطبها , يظهر كنت فاهم تصرفاتها غلط
............................
كانت حسناء ملقاه بتعب علي السرير بعدما نال جسدها قسطا كافيا من التعب بعد انصبابها علي الحياكة بعدما انهي حازم معها تقطيع الاقمشة و تركها تحيكها
أعادت بعقلها كلامه الدافئ الذي ألقاه علي مسامعها بلهجة حانية تبعث في نفسها الاطمئنان و الحنان
تذكرت عطره الذي تحتفظ به , ابتسمت و هي تقوم تجر جسدها المنهك ثم اتجهت لخزنه ملابسها و اخرجته منها
نثرت بعض منه علي يدها , استنشقته بعمق شديد ثم قالت / ياه الريحه دي جميله , يكفي انها بتحسسني بوجودك
ثم بدأت تنثر منها علي ارجاء الغرفة و الاثاث و المفروشات , ونزلت بالطابق السفلي و فعلت مثلما فعلت بالأعلي, وكأنها تحاول استشعاره حولها ليزيدها حبا في الحياه
ثم صعدت ثانية لفراشها , اخرجت صورته من تحت وسادتها وقالت له / تصبح علي خير يا زومة ثم ابتسمت لطيفه في عقلها و استسلمت لنوم عميق , بإنتظارها احلام سعيده تجمع بينها و بين حبيبها........
....................
حازم بعصبيه عبر الهاتف/ تعالي اقنعيها احسن اكسر دماغها
حسناء / طول بالك و اهدي بس كده
حازم بعصبيه شديد / دماغها فاضيه , يعني وفرنالها كل اللي عاوزاه و دلوقتي تقول لو مفيش كوافير مش عارف اسمه ايه مش هكمل الخطوبه بعد ما كلمنا الناس و قرأنا الفاتحه
حسناء / سبني بس كده و هتصرف معاها , تعالي بس خدني نروح نجيب شويه مستحضرات تجميلو مسكات من اي محل و هقنعهالك
حازم بنفاذ صبر / ارجوكي يا حسناء , احسننور اختي دي هتجبلي الضغط قريب
حسناء / بعيد الشر , اهدي بسو الموضوع ابسط من كل العصبية دي
.......................
طرقت نور الغرفة و انتظرت الرد و لكنها لم تسمع شئ
قالت لها سناء افتحي و ادخلي يا حسناء
فتحت حسناء علي وجل ثم دخلت , وجدت نور تجلس و علي محياها علامات الاكتئاب
جلست حسناء بجوارها , مررت يدها علي ظهرها بحنا و قالت لها / نور اهدي و صدقيني كل حاجه هتبقي احسن اكتر ما انتي عاوزة
لم ترد نور ولكن بدأت ملامحها تنكمش بغضب , أكملت حسناء كلامها / بصي انا اعرف واحده كانت شغالة في ككوافير ....... و ممكن تيجي تزينك
نور بغضب / حازم مش عاوز يجيبها البر و مصممم ينكد عليا بأي حاجه , حتي لو جبتيله حل مثالي هيطلعلك بعد كده حاجه
حسناء / يا نور متكبريش العمل علشان ربنا يتمللك علي خير , وعلي فكره انا اللي كنت شغاله في الكوافير
نظرت لها نور نظرة تكذيب ممزوجه بأخري استحقار و قالت بلهجه غير محببه لحسناء/ مش بتقولي انك صيدلانيه
حسناء بخجل و هي تحجب نظرتها بالنظر أرضا / هوايه يعني يا نور , كنت بشغل وقت فراغي
نور / انا مش هعمل كوافير الا في......
حسناء / طيب بصي نعمل بروفه علي السريع , هعملك الميك اب و التسريحه و لو عجبك يبقي تمامو ولو مش عجبك قولي لحازم اني مش نافعه
نظرت نور بتبرم للجهه الاخري فتابعت حسناء / مش هنغرم حاجه واخيرا انصاعت نور لطلب حسناء ولكن علي غير اقتناع
بدأت حسناء في فرد شعر نور المتعرج , ولكنها شعرت بحراره شديده , فنزعت حجابها و اسدالهاحتي تأخذ كامل حريتها في العمل و تنتج من نور اجمل عروسه أنيقه
وبعد ما يقرب من الساعتين كانت نور بشكل جديد و طله جديد تشبه فنانات السينما
نظرت لنفسها بالمرآه بإنبهار و قالت لحسناء / انا مكنتش مصدقه انك ممكن توصليني للشكل ده نهائي
حسناء برجاء/ خلاص بليز حاولي تهدي و تفرحي بقي وصدقيني كل شئ بيتحل بالهدوء
نور و هي تسرع بفرحه للخارج وتنادي والدتها , فتحت الباب وتركته مفتوحا خلفها و اسرعت للأسفل
اسرعت حسناء تغلق الباب حتي لا يراها حازم و لكن اقترابها من الباب سمح لحازم رؤيتها و هو ينزل الدرج ليري ماذا أبدعت بنور
صدمت عينيها بعينيه , شعرت بإنتفاضته عندما وقعت عينيه عليها , ارتدت للخلف بسرعه و اسرعت ترتدي اسدالها و حجابها
ولكن حازم و الذي طبعت صورة حسناء بين جفونه جعلته كالمغيب عقليا , يسير ولا يري اي شئ أمامه
وقف مقابل سناء المندهشة من نور دون ان يتحدث , قالت له / ايه رأيك يا حازم
حازم بلا مبالاه دون ان ينظر لنور / تمام , المهم البرنسيسه توافق علي ان حسناء هي اللي تزوقها
نور / خلاص وافقت
لمح حسناء تقبل من الاعلي تتأمل الأرض أمامها بخجل من الموقف الذي تعرضت له , قالت لسناء / ايه رأيك يا طنط
سناء/ بجد تسلمممم ايدك يا حسناء
نور / تيجي هنا من اليوم الشبكة من بدري
حسناء/ لا انا مش حابه اجي بدري علشان الجو حر والميك اب ممكن يبوظ كل ما كان قبل القعده علطول يبقي افضل و برضه علشان مبقاش مرهقه و اقدر اطلع زي النهارده ( ثم غمزت لسناء بطرف عينيها)
نور / اوك انتي أدري بقي , المهم انا مش هقبل اي تقصير يومها
حسنا ء / متقلقيش
ثم التفتت لحازم الذي كان مازال تحت تأثير خدر النظرة التي ادهشته بشدة وقالت / بعد اذنك يا بشمهندس ممكن تروحني بقي احسن ورايا شويه شغل
حازم بلامبالاه / ماشي
...................................
أعاد حازم حسناء لمنزلها و عاد ادراجه نحو اكمال عمله بالشركة , كان يسير و شكل حسناء يلازمها
قال له و هو يسير / انتي مصممه تعذبيني يا حسناء , انا مش قادر ابعد صورتها عن دماغي لكن كلامك اللي قولتيه من ايام بيصدمني و و بيعذبني و بيخليني احس ان الدنيا سودة