البارت 16

24.5K 312 8
                                    

مر اليوم بسلام , قضته حسنا برفقة نرمين و نور و سناء , كانت تشعر بالحرج إلي حد كبير ولكن حنان سناء و دفء كلماتها جعلتها تتناسي حرجها بعض الشئ بالاضافة إلي مرح نرمين و وجمال رفقتها التي يملأها المزاح جعلتها تحب فكرة الانضمام لهم بعض الأيام في طعامهم.....
وفي نهاية اليوم عادت لمنزلها و هي تكاد تجزم بأنها مهما بحثت في العالم فلم و لن تجد مثل تلك الأسرة النادره بأخلاقها و كرمها و سخائها
بعد ان عادت بمرافقة حازم لمنزلها , وصارت وحدها بعد يوم وسط اسرة حازم , جلست قبل ان تسافر لأرض الاحلام تسرد علي عقلها شريط احداث اليوم
حقا كان يوما ممتع , وبعد ن كانت تعاني الاحراج من الاختلاط بهم بشكل كبير و لكنها بعد ذلك اليوم تمنت لو وطدت العلاقة بهم اكثر و أكثر , وذلك بسبب وجود نرمين والتي اشتاقت اليها ولمرافقتها بالرغم من ان رؤها لم تغب عنها سوي يومين فقط, ووالدتها سناء والتي تتسم بكل ألوان الحنان و العطف و كيف كانت تهتم بها و كأنها إحدي بناتها و اكثر و كيف تلح عليها في تناول الطعام و لا تتركها الا عندما تتأكد من انها انهت ما قدمته لها , و ولكن نور لم تستسغ جلستها ولا مرافقتها بالمره , ولم يرق لها اسلوب تعاملها و تجاهلها , كما يظهر ذلك في عيني نور و نظرتها تجاه حسناء, ولكن ليس بالضرر الشديد معاملة نور , فلم تلفت لتلك المعاملة بشئ من الاهمية
أما الاخير حازم و التي لم تره مطلقا سوي في رحلتي الذهاب و الاياب اثناء توصيله لها بالسيارة , وكانت اثناء تلك المدة القصيرة تقيم حملة مراقبة مكثفة علي قلبها تراقبه لحظه بلحظة كي تتأكد انه لن يحيد عن الشروط والتعليمات التي فرضتها عليه مستخدمة في ذلك غض البصر بالإضافة إلي القراءة بالمصحف والذي يحتوي علي تفسير ميسر كي تستنفذ كل تركيزها بالقراءة
عندما جاء بعقلها شعرت بإهتزاز اوتاد قلبها , وفي نفس اللحظة التقط رادار عقلها تلك الهزة فأعلن بدء قذائفة الحارقة الجالدة له كي يتراجع عند حدوده التي رسمتها و حددتها حسناء له
................................
.
خرجت من المسجد و قلبها ممتلأ بنور القران و لذه الإيمان و التي لن يتذوقها الا من ذاق طعم الايمان و تغذي بحروف القرآن , كان حازم ينتظرها بالخارج كما اتفقا مسبقا , عدما خرجت كانت تبحث بعيونها عنه , حتي لمحته , وكان هو الاخر يقوم بما تقوم به و ما ان وقع نظره عليها حتي غض بصره ووقف كالصنم ينتظر وصولها , رأت حسناء موقفه هذا و الذي تعودت عليه فغضت البصر عنه هي الاخري و اتجهت ناحيته و هي تتأمل الأرض أمامها , يبدو انها بدأت تتبع استراتيجيته في تجنب الوقوع في الهوي , فهي و التي يفتن بها كل من وقع عينيه عليها لم تتحرك شعره في حازم اعجابا بها و بالتأكيد السر في ذلك هو اسلوبه في غض البصر و عدم التحدث معها الا بالضرورة
تابعت سيرها و هي تفكر بإسلوبه في التعامل معها و الذي اعتبرته بتفكيرها انه حصن منيع يحفظ قلبه , حتي ادركته فألقت التحيه وهي محتفظة بوجهة عينيها للأرض , رد التحيه و بدأ سيره تجاه الشركة و هي تتبعه علي بعد خطوة
تلقائيا بدء يحتل تفكيرها , وبدأت خلايا قلبها تتحدث عنه بهمس و لكن رغم صوتها الهامس لاحظ عقلها تلك الهمهمة و الهمسات و هجم عليه بسياط التبويخ و التحذير و التهديد
واثناء تلك المذلة الشنيعه التي يصبها عقلها علي قلبها سمعت صوته يقول: ايه اخبار الدرس
لم تستوعب بأنه يتحدث اليها ولكنها اختطفت نظره نحوه فوجدته يقلل سرعته نسبيا حتي اصبحت خلف يمينه ببعد ضئيل ثم التفت اليها بنظره سريعه و سألها ثانية : ايه اخبار درس القرآن
ردت من بين شرودها : الحمد لله , كله تمام
قال لها بنبره مشجعه : كويس قوي انك بتفكري في حفظ القرآن , بس اهم حاجه انك تستمري و متكسليش , وحاولي تبدأي بقصار السور
ردت حسناء: لا انا بدأت بسورة البقرة ان شاء الله
حازم : طيب ليه مبدأتيش بقصار السور علشان تحسي انك حفظتي كتير خاصة انك في البدايه علشان تحفزي نفسك لأن سورة البقره هتاخد منك وقت كتير
ابتسمت بفرحه وقالت له : انا حفظاها قبل كده , انا براجعها
قال دون ان ينظر لها و لكن بنبرة اعجاب: ما شاء الله ماشاء الله , انتي علي كده حافظة اجزاء بقي
ردت باندفاع و كأنها تريد ادهاشه اكثر و أكثر مثلما يدهشها هو بأخلااقه و تعاملاته دائما : انا حافظة المصحف كله
لم يستطع منع نفسه من منحها نظرة اعجاب مبالغ فيها , بل نظرة تعظيم و اجلال و قال لها بحروف مليئة بالاندهاش : بجد؟ مااااا شاااء الله , ما شاء الله
شعرت بحمرة تغمر وجهها تصاحبها فرحه تغمر قلبها , جعله يتراقص بعنف علي نغمات الفرحة التي سببتها وقع حروفه علي اذنيها وكأنها سمعت منه كلمة حب او هيام او ماشابه تفلتت عينيها من تحت حراسة ضميرها و عقلها وظلت معلقه بوجهه تبعث له رسائل رجاء وكأنها تقول له : ارجوك زدني من تلك الكلمات , حقا انا بحاجه شديده لجرعات و جرعات من تلك النظرة وبالمزيد من تلك اللهجه التي تحدثت بها الي للتو, اروجوك بث في المزيد و المزيد اني احتاجها شديدا لكي استطيع اكمال روحي الفارغه من الكثير مما احتاجه
ولكن عقلها استشاط غضبا و زجر عينيها بقسوة وخاصة عندما شعر حازم بنظرتها نحوه فالتفت ليتأكد مما يشعر به , وعندما لمحته يخطف نظره نحوه انتفضت بأكملها و حولت عينيها للأمام و سارت بآلية الريبوت الألي من شدة صدمتها , ببشرة شديدة الاحمرار و وجة صلب و مشية عسكرية وعيني محدقتين للأمام
ابتسم داخله علي مظهرها العبثي الذي يوحي مدي شدة حيائها , حاول تهدئة حالها فقال : بما انك ماشاء الله عليكي بتحبي دروس المسجد عاوز منك خدمة
لم ترد سوي بإيماء برأسها و هي مازالت مثبتة علي وضعية المشي الألي مما سبب لحازم عدم سيطرته علي ابتسامته وتفلتت من داخله لتطفو علي ثغره و هو يتابع كلامه لها : عاوزك تحاول تقربي من نور و تجبيها معاكي المسجد
ردت عليه بإقتضاب : حاضر
حازم وهو يبتسم اكثر: وربنا يجازيكي خير و يجعله في ميزان حسناتك
ثم انهي حديثه و تابع سيره و علامات اندهاشة ممزوجه بإعجابه تكسو وجهه مما اكتشفه عن حسناء , سارت خلفه و هي تشعر بخفه تنتشلها من الأرض لتسمو بها في عالم سعادتها , شفتيها تغتزل في شكل ابتسامة فرحة عذبه بسبب حديثه معها في امور جانبيه و التي تعد المره الاولي منذ ان التقيا قدرا
وصلا للشركة , وجدوا نور بإنتظارهم , اقبلت نحوها حسناء لتصافحها و لكن نور فاجأتها بأن اكتفت بتحيتها عبر كلمات الترحيب الروتينيه : اه حسناء ازيك , عامله ايه
حسناء و هي تتوقف حتي لا يتحول موقفها للاحراج : كويسه الحمد لله
نور لحازم : يلا يا حازم علشان توصلني البيت
حازم : اوك ثواني
انتظر الي ان دخلت حسناء غرفة مكتبها و تبعها و ما زالت علامات الاعجاب تكسو ملامحه , طرق الباب و دخل بعد ان اذنت له وقال : حسناء, انا هروح نور و هاجي علطول, اقفلي الباب عليكي كويس و متكلميش حد , انا مش هتأخر عليكي ولا تحبي تيجي معايا
حسناء بتعجب: ليه هو في ايه
حازم ليطمأنها : لا متخافيش مفيش حاجه , بس انا عاوز ابقي مطمن عليكي بس , خاصة انا لسه برضه مش عارف الموظفين هنا قوي
حسناء بتردد : طيب حاضر, هخليني هنا و هقفل عليا الباب
حازم : ماشي و رقمي معاكي لو احتجتي حاجه رني عليا
حسناء: حاضر
حازم : سلام
و خرج و هو يسحب الباب خلفه و انتظرها تغلق الباب علي نفسها ثم انصرف , ظلت واقفة تتابعه بعينيها حتي خرج من الباب و الذي كاد ان يصل برأسه إلي حافته العلويه من شدة طوله
ابتسمت و هي تعود لمكتبها و تقول: بجد انسان لا يمكن يتكرر , شوفي قلقان اني اكون لوحدي في الشركة
شردت لحظات ثم تنهدت تنهيدة طويله و قالت بصوت هامس: يارب قدرني اني احافظ علي قلبي و ما افتنش بصرفاته زي ما انت محافظ علي قلبه ,
هنا انتبه عقلها والذي اتقن فن اللوم و الزجر و التوبيخ وادرك ما يحدث حوله فقام مشمرا ليصب عذاب اللوم عليها و علي ضميرها و يوبخهم اشر توبيخ , فلاذت بالفرار منه من خلال انصبابها علي الاوراق التي تركتها بأحد الادراك في يوم العمل الماضي تكملها و هي تردد الاستغفار و تطلب العفو الثبات من الله
وانهت ما بيدها و قبل ان تعود بتفكيرها إلي ما يسبب لها معركة داخليه بين اجهزة جسدها , فتحت مصحفها و بدأت في قراءة الجزء الذي الزمتها به المحفظة
واثناء ما هي عليه , سمعت صوت هاتفها واذا بالمتصل حازم , استعاذت من الشيطان ثم ردت : السلام عليكم
حازم : وعليكم السلام , ايوا يا حسناء , انتي كويسة
حسناء: الحمد لله
حازم : كله تمام يعني
حسناء بتعجب و اعجاب: اه كله تمام
حازم : اوك انا كنت بس بطمن , انا وصلت نور و جاي في الطريق مش عاوزة حاجه اجيبهالك و انا جاي
حسناء و صوتها يملأه صدي ابتسامة: شكرا
حازم : ماشي يا حسناء سلام
حسناء: سلام
أغلقت الهاتف و وضعته امامها و هي مازالت مبتسمة و فجأ قالت لنفسها : هييييي تاني يلا استعيذي من الشيطان و كملي قراءة
.................................................. ...............
هدوء يلف المكان سوي من صوت صفحات احدي الروايات الذي يصدر من وقت لأخر , تثاءبت نرمين بكسل و هي تقول : هو حازم اتأخر كده ليه النهاردة؟
وما ان نطقت بتلك الكلمة حتي سمعت صوت سيارته بالخارج
قالت بمزاح: جبنا في سيرة القط
انتظرته حتي اقبل للداخل , وجدها تجلس بريسيبشن الفيلا , دنا نحوها و جلس علي كرسي مقابلها , كان يبدو عليه الشرود , اذن فهو يفكر بأمر ما هكذا طبيعته
قالت بمزاح : هو ليه يا حازم لما بجيب في سيرة اي حاجة بتيجي علطول ما عدا الفلوس مهما اجيب في سيرتها مش بتيجي
ابتسم حازم بجانب شفتيه استهزاءا علي اخته و قال : حاول تاني و تالت , حاولي ما دمتي حيه
ظلت نرمين تردد بسرعه برجاء و مغمضة العينين : مليون جنيه مليون جنيه ملون جنيه
ظهرت اسنان حازم و هو يبتسم علي موقفها و قال لها : نرمين , معدتيش تسهري تاني
نرمين وهي تنظر نحوه : ليه , انا مستنياك
حازم بسخرية : لا يا ستي معدتيش تستنيني , انتي حالتك بقيت صعبة قوي و وصلتي لمرحله متأخره , وبعدين لا الولد اللي في بطنك يطلعلك ولا حاجة
نرمين و هي تقذفه بوسادة : يا خفة
تفادها حازم بإنحناءة جانبا و قال لها : لا وبتتأخري كمان و كمان و ووصلتي لمرحلة استخدام الأيدي
ضحكت نرمين عاليا و قالت : ماشي يا حازم , معدش ليك كلام معايا
ضحك حازم و قال : لا ده انا جايه عاوزك في موضوع مهم
نرمين بلهفة : موضوع ايه
حازم : ههههههههه مش انتي قلتي معدتيش هتتكلمي معايا
نرمين : بدءا من بعد الموضوع ده , هخاصمك بس لما نتناقش
حازم : ماشي , موضوع العقد بتاع حسناء اللي قلتلك تكلميها فيه و انتي اتحرجتي
نرمين : يعني انت نفسك محروج وانا مش هتحرج اكلمها
شرد حازم و هو يبرم شفتيه بشدة, كأنه يفكر في أمر دولي ثم قال بتساؤل: خلاص اسيبها كده وربنا يسترها
نرمين : ويا سيدي لو حسيت بأي خطر واو حاجه هضرك كلمها واساسا هي متفاهمة و مش هترفض
حازم باستسلام : ماشي , انا بصراحة محرج اكلمها
صمتا قليلا وكلا منهم شاردا في جهه مختلفه و لكن في نفس الشخص, واول من تحدث منهم كان حازم , قال بنبره متحمسه بإندهاش: تصدقي يا نرمين ان حسناء حافظة المصحف كله
نرمين و هي متعجبه من نبرته : اه ما انا عارفه , انت مالك مندهش قوي كده
جازم : مندهش, دي حافظة المصحف كله , ومن يعظم شعائر الله يا بنتي
نظرت نرمين له بنظرة مكر و لكنها لم تتحدث بشئ عنها
حازم : طيب انا هقوم انام بقي علشان هقوم بدري ورايا شغل كتير
نرمين و هي تنهض ببطئ: انا كمان هقوم انام علشان هروح شقتي بكره , ابقي عدي علي ماما في اوضتها عرفها انك وصلت علشان تقدر تنام قريرة العين
حازم و هو يتجه للدرج: حاضر
استلقت نرمين علي فراشها وهي مبتسمة الثغر وبدأت تحدث نفسها : معقوله ممكن يكون حازم التفت لحسناء, يارب يكون حصل , صحيح ازاي مش هيقدر يعجب بيها دي تمتلك كل انواع الاسلحه الفتاكة لأي قلب رجل ههههههههههه , بجد فعلا ربنا يحفظها تشد اي حد يتعامل معاها مش شكلها وبس لا هدوءها و حيائها و طيبتها , اكيد حازم هيعجب بيها و المسأله مسأله وقت بس و – تابعت و هي تتراقص و بنرة الفراحه تملأ صوتها – وهنزف حسناء و حازم وهنزف حسناء و حازم وهنزف حسناء و حازم لولولوولي
.................................................. .......
دارت الكرة الأرضية حول نفسها أكثر من مره , كل مره تأتي الشمس لتقضي مع الكائنات يوما جميلا ثم يبتلعها الظلام ليفظها ثانيه مع قدوم فجر اليوم التالي
كانت حسناء تتابع حملتها الرقابية علي قلبها , ولكننا لم نستطع ان ننكر علي حضور صورة حازم بعقلها علي مدار اليوم بأكمله لحظة بلحظة , رغم وجود المعركة الدامية التي تحدث بين قلبها و ضميرها و عقلها دائما و التي نتاجها هو ادماء قلبها المناضل و حبسه في زنزانه اللوم و العتاب و مكوثه خلف قضبان التوبيخ و الزجر الا ان حازم كان دائما موجود بعقلها , يقف مقابل قلبها ينظران لبعضهما بأسي بضعف بإستسلام امام جبروت العقل و سطو الضمير و عذابهمها المسمتمر له
...............................................
كانت الشمس تبدأ في الظهور من وراء استرة الظلام , حينها انهت حسناء صلاة الضحي و اسرعت تجهز الأكياس التي تحفظ بها انجازها الأخير في الحياكة , جهزت كل ما صنعته و نظمته حتي انهت كل الكميه بعد ما يقرب من الثلاث ساعات
جلست بتوتر شديد كانت قلقه من تسويقها , فالمرة الماضيه نرمين حلت لها تلك المشكله ولكن تلك المره هي دون نرمين , كيف تتصرف , هل سيكون حازم بجوارها و مساند لها ايضا في ذلك ام انه سيعتبر ذلك ليس من مسؤلياته و لا من بنود العهد الذي وثقاه معا
قالت بنبرة الحيرة و القلق : انا هتحرج اطلب من حازم , هتصل علي نرمين تطلب منه , وربنا يستر
قامت في الحال تجري اتصالا مع نرمين والتي رحبت بها بشدة و عبرت لها عن مدي اشتياقها لرؤيتها ولم يخل كلامها من مزاحها الدائم فعتابتها علي عدم وفيها لوعده بأن تحضركي تطيل النظر لها كي تلد طفلا مثلها
وبعد ان انتهبا من حديثهم الودي قالت حسناء بلهجة الطلب المستحي: نرمين معلش هتعبك معايا في طلب
نرمين : اتفضلي
حسناء: انا خلصت خياطة الكمية اللي عندي و عاوز اوديها المحلات , ممكن تطلبيلي من حازم يجي ياخدني اصلي هتحرج اطلب منه
نرمين : والله ماشي من غير ما اشوفهم
حسناء: انا فصلت قصة واحد بس بألوان مختلفة و مقاسات مختلفه
نرمين : زي اللي وديتيها الملجأ؟
حسناء: اه
نرمين : جميله , ربنا يوفقك , بس انتي هتوديها المحل اللي كنا رحنا له و الراجل اتهبل علي شغلك ولا محل تاني
حسناء بحيرة : مش عارفه انا هروح المحل اللي كنا رحناه الاول وهشوف كده
نرمين : ماشي ربنا يوفقك ويكتبلك القبول, حاضر هتصل علي حازم حالا
...........................
انهت حسناء الاتصال و جلبت سجادتها تصلي ركعتي لله بنية اكرامها و توفيقها بتلك المره
وبعد ان انتهت همت بأن تعد كوبا من القهوة لتشغل نفسها وتقلل توترها , ولكن صوت الهاتف سبقها و علي ثانية
اقبلت تحمله وترد علي حازم بتوتر
حازم : السلام عليكم
حسناء: وعليكم السلام
حازم و كأنه مشغول بأمر ما: انا جاي في الطريق , جهزي نفسك علشان تروحي مشوارك
حسناء : حاضر
شرعت حسناء في ارتداء ملابسها و هي تشعر بإلتواء امعائها من كثرة توترها , ظلت تردد الدعاء و الرجاء لله حتي سمعت صوت سيارة حازم
حملت الأكياس و خرجت , لمحت حازم يقبل نحوها وعلامات التجهم تكسو وجهه , لم يقفز قلبها قفزته المعتادة عندما يراه و لكنه قفز قفزة من نوع آخر ,
رآها قادمة نحوه حامله بعض الأكياس , اقبل نحوها بسرعه و التقط منها الاكياس و قال لها بلهجه خاليه من اي تعبيرات : لسه في حاجه
حسناء بحذر: اه
ظنته سيثور بها و لكنه قال لها : طيب متجبيش حاجه , هحط دول و اجي اشيل انا
يا إلهي ما هذا الرجل , حتي وقت غضبه لم يتخلي عن شهامته معها
لم تعترض علي سبيل المجامله و اكتفت بأن سبقته تدل علي مكانها , وبعد ان نقل كل الأكياس للسيارة , ركبا و اتجها نحو العنوان الذي املته عليه , كان الصمت هو الحديث القائم بين الثلاثه الذين يمكثون بالسيارة , خلاف الايام السابقه فدائما ما كان حازم يتناول اطراف حديث مختلفه مع السائق و لكن اليوم يبدو ان شئ يعكر مزاجه أول كما قالت نرمين عنه سابقا , شئ يشغل باله
وصلا للمكان المقصود واتجها معا للمحل , كانت حسناء في قمة توترها , حتي انها شعرت بلحظة خوف وانها تريد ان تتراجع و تعود ادراجها من حيث أتت
دخلت حسناء تحمل كيسا به بعض قطع الملابس , ولكن البشري رحبت بها عند دخولها للمحل , حيث تهلل وجه صاحب المحل عندما رأي حسناء تدخل و قام يستقبلهم بترحاب مبالغ و قدم لهم بعض المشروبات
صاحب المحل: انا منتظر حضرتك من يومها الطلبيه اللي فاتت مغبتش عندي و كلها خلصت , وكنت عاوز اوصلك بأي شكل علشان اطلب طلبية تانيه
لم تجد حسناء ما ترد به فقد كان غضب حازم المبهم سبب في توترها ولكنها فتحت الاكياس بتردد شديد و هي تقول لصاحب المحل : بس المره دي مش معايا طلبك- تابعت و هي تجول بعينيها في المعروضات التي بالمحل – انا معايا ملابس اطفال مش عبايات حريمي
رد الرجل مطمئنا لها : انا عندي محل ملابس اطفال , انا لا يمكن ارد ليكي طلبيه
ظل يشاهد ما تريه من ملابس بإعجاب شديد , ثم اتفق علي السعر و طلب من العمال احضار باقي الاكياس , ودفع الثمن و قبل ان ترحل حسناء برفقه حازم الذي يبدو انه منشغل العقل بشكل كبير قال لها : طيب عاوز رقمك علشان لما الطلبيه تخلص اكلمك
وقبل ان تتفوه حسناء بحرف رد حازم : اتفضل رقمي و لما تحب تكلمها رن عليا
................................
أعادها حازم حسناء من حيث جلبها تركها بين الجدران برفقه تفكيرها القلق و تخميناتها المزعجه و هواجس خوف مريب
عندما وصلت كان في قمة جوعها , اتجهت نحو المطبخ تحضر سندوتشا تسد به ألم بطنها ثم عادت تجلس امام التلفاز
وقعت عينيها علي باقايا بعض قصاصات الاقمشة التي تنتشر بفوضي حول ماكينة الخياطة , قالت : أقوم انضف المكان
ولكن مللها كبلها و جلست مكانها بفتور , فقد كان عقلها مشغول بدرجة تمنعه من منحها فرصة لاي عمل أخر سوي التفكير
ظلت تقلب التخمينات داخل عقلها عن سبب عبوث حازم
لم يكن قلقها من تجهمه تحديدا بل كان كل خوفها من ان تكون هي سبب ذلك التجهم وان يكون صدر منها ما عصبه دون قصد
قالت بشرود ممتزج مع نظرتا في اللاشئ و صوتها المختنق : ممكن يكون مضايق اني ببهدل بيته بالخياطة , او ممكن يكون فاكر ان مرتبه مش مرضيني وبلجأ للخياطه علشان محتاجه فلوس
شردت بروح تكاد تفارق جسدها من شدة الخوف: لا انا مستعدة اخسر اي حاجه الا حازم , ولو الخياطه مضيقاه انا هلغيها خالص اهم حاجه انه ميضايقش مني
لزمها القلق و الظنون السيئة طوال النهار حتي قضت يومها كله في جو خالي أي المذاق سوي من مذاق الخوف و القلق و الرعب من المستقبل و ما شابه ذلك من الكثير من الاحاسيس السيئه
ظل طوفان التخمين يقذفها دون رحمة من تخمين سئ لأسوأ , ظل يعبث بها مع كل لحظة تمر بها في ذلك اليوم الكئيب , حتي غرقت في لجة افكارها و بقيت بأعصاب مفتته تجلس مكانها بسكون
ظلت علي وضعها حتي دلتها تخميناتها علي المخرج من ذلك النفق الضيق المظلم الذي تعيش به منذ صباح اليوم عن طريق الاتصال بنرمين , علها تخبرها بما يقلل نيران الحيره و القلق داخلها حتي تستطيع علي الأقل تذوق طعم النوم في تلك الليلة
وفي الحال قامت لتتصل علي نرمين
حسناء : السلام عليكم
نرمين :و عليكم السلام , نونه طمنيني عملتي ايه في الهدوم سامحيني انشغلت و نسيت اتصل عليكي
حسناء: تمام الحمد لله , الطلبيه كلها اتباعت في نفس المحل بتاع المره اللي فاتت
نرمين بتعجب: مش تقريبا كان محل عبايات
حسناء: هو قالي ان له محل ملابس اطفال
نرمين : طيب كويس و الله , وهتبدأي في الطلبيه الجايه علطول و لا هتخدي اجازة شوية
حسنا ء: ان شاء الله علطول , بس يومين كده احسن حاسه ان حازم مزاجه مش تمام النهاردة
قالت حسناء تلك الكلمات ليس من اجل الاجابه علي كلام نرمين فحسب بل كانت تحاول الحصول علي اي طرف خيط يوصلها لسبب تجهم حازم
ضحكت نرمين عاليا من كلام حسناء مما اثار تعجب حسناء و قالت : الله يكون في عونك يا حسناء الايام الجايه
حسناء بتعجب: ليه؟
نرمين : حازم لما بيكون في حاجه شاغله باله بيكون مش طايق حد يكلمه , وكان بيكلم ابراهيم جوزي امبارح انه عاوز يفتح فرع جديد للشركة و ابراهيم قاله سيبني افكر , فهيفضل قافش كده لحد ما يفتح فرع جديد او يلغي الفكره من دماغه
حسناء براجاء مازح: طيب يا نوبك ثواب خلي جوزك يفكر بسرعه و يرد عليه
نرمين : ما هو ابراهيم فكر , وهي دي المشكله ان ابراهيم مش موافق
حسناء: طيب كويس
نرمين و هي تضحك: لا مش كويس خالص , حازم ممكن الفكره تكبر في دماغه و يفضل كده لحد ما ينفذها لوحده من غير ابراهيم
حسناء: طيب و جوزك ليه مش موافق ممكن تكون فكره كويسه و الشركه تبقي سلسله شركات
نرمين : حازم هيموت نفسه يا حسناء , مش عاوز يقف عند حد معين في النجاح دايما عاوز اكتر و اكتر و المشكله بقي انه بياخد الشغل علي اعصابه , وهو لسه خارج من عمليات و غيبوبه يعني مش ناقص تعب , غير انه صرف ما يقرب من 200 ألف للمستشفي يعني الوقت ده مش مناسب خالص له لا صحيا و لا ماديا , لكن هو عاوز يستغل الفكره بتاعة الشركة دي و يفتح كمان شركة
حسناء : طيب ما تحاولوا تتفاهموا معاه وتقنعوه ان الحياه مش نجاح في العمل بس و ان لجسدك عليك حقا
نرمين : زهقنا فيه والله بس هو دماغه مختلفه كده و مهما هنقنع فيه فكره مش هيتغير , اذا كان لما كان عاوز يخطب مكنش عاوز اي شروط فيها غير انها تكون قد المسؤلية و تساعده في بناء مستقبله – ثم اكملت كلامها ببعض الضحكات الخفيفه-
حسناء بتفهم : اه , عامة ربنا يقدرله اللي فيه الخير , ده انا فكرته متنرفز مني علشان طلبت منك او اني بخيط
نرمين : لا لا حازم من النوع اللي بيعطي كل واحده المساحه اللي هو حاببها في حياته مادام مش هيضر نفسه او غيره
حسناء : ربنا يصلح حاله و يرضيه , ماشي يا نرمين اسيبك ترتاحي بقي انا بس كنت قلقانه ليكون مضايق مني
نرمين : لا متقلقيش خالص بس حاولي تطنشي الايام دي وتستحملي , وتوقعي اي حاجه منه
حسناء: هههه ماشي هطول بالي علي الاخر
نرمين : ماشي يا نونه مش عاوزة حاجه
حسناء : لا ربنا يخليكي
نرمين : مع السلامة
كانت كلمات نرمين تلك بمثابة الشعلة التي فجرت قنبلة النشاط و الحماس و التفاؤل بل و الامل في قلب حسناء
فبعد ان انهت حسناء مكالمة نرمين جلست مكانها و هي تفكر ليس في المكالمة بل في جملة واحدة منها وهي " اذا كان لما كان عاوز يخطب مكنش عاوز اي شروط فيها غير انها تكون قد المسؤلية و تساعده في بناء مستقبله"
حقا لقد فكت تلك الجملة شفرة مبهمة كثيرا ما أتعبت عقل حسناء و كثيرا ما سببت له الشرود و الحيرة , فقد كانت دائما ما تريد ان تعرف ما المواصفات التي يحتاجها حازم في شريكة حياته و كثيرا ما كانت تخاف علي نفسها بأن تتهورو يتفلت لسانها من سيطرتها و يسأل هذا السؤال لنرمين ولكن يا لحظها لقد عرفت الإجابة دون ان تسأل
فجأة قفزت بعقلها فكرة خطيرة , قامت واقفه و هي تضع سبابتها علي رأسها و ترفع احدي حاجبيها و تقول بلهجه فرحه و كأنها عثرت علي كنز نادر : طيب ما احاول اثبت انا اني قد المسؤلية
سمع عقلها تلك الكلمات فقام من فوره ينهرها ويوبخها بل هم بأن يلطمها من صدمة ما سمعه منها و لكنها شرعت بهدوء تساومه عن سبب رفضه
ارتمت علي الكرسي خلفها تناقش عقلها الصلب : هو انا قلت هوقعه , انا قلت هثبت اني قد المسؤليه و هكون سند ليه في الشركة الجديده اللي عاوز يفتحها و هشجعه و هكون جنبه في الوقت اللي الكل اتخلي عنه , واساسا ده واجب عليا اني اقف جنبه و يبقي رد و لو جزء ضئيل من موقفه و شهامته معايا , ويبقي في نفس الوقت اكون عملت اللي عليا و جايز جايز ربنا يحقق حلمي و ميضيعش حازم مني و لا اتحرم منه ولو محاوله محاوله
صمت عقلها امام كلامها المقنع هذا و لكنه هب مشترطا : أهم حاجه معملش اي حاجه تغضب ربنا يعني من بعيد لبعيد يعني لا اختلاط و لا كلام من غير فايدة و لا اي حاجه من الحاجات الفارغه دي ولو منجحتش المحاوله مفيش اعادة
رد قلبها بحماسة : اوك موافق
مع ان موعد سفرها لعالم الاحلام قد حان و لكن تلك الافكار الملونة بألوان الامل و التفاؤل بخرت النعاس من جفونها و شحنت قلبها و صدرها بالحماس و البهجه و قامت تشمر ساعديها و هي تقول : من اللحظه دي اقوم اشوف ورايا ايه قدامي مهمه صعبه و مستقبل حبيب محتاج دعم
اسرعت تجري للأسفل تبدأ في تنظيف المكان كي تعد المكان لبدأ صفقه جديدة من الحياكة فليس لديها متسع من الوقت لتضيعه ويجب عليها الآن الحصول علي المزيد من المال لكي تكون الساعد المادي الذي سيتكأ عليه حازم ان احتاج , وبعد ان انتهت من تنظيف المكان وجدت رصيد الحماسة داخلها مازال فائضا فأكملت تنظيف كامل المنزل و تعيد ترتيب أثاثه بشكل مختلف ليكون دافعا لها للتغير في خططها كلها
.................................................. .......
فوضي عارمة و صيحات فرحه ومصافحا ت و سلامات و قبلات , مشهد يشبه قاعة عرس بهيج , انه اليوم الأخير من اختبارات الفصل الدراسي الاخير من العام
كانت الأربع فتيات يسيران متجاوران و لم يقلوا فرحه عن باقي من حولهم من طلاب
نور: مش مصدقه نفسي ان التيرم خلص , كان تيرم كئيب , يلا عاوزين نفرفش و نعوض التيرم كله النهاردة
هبه معترضه : لا يا اختي , انا بتأسف و هستأذن للرحيل , فرحي بعد عشر ايام و عاوزة اروح اراجع قائمة المشتريات كده و اشوف ايه اللي ناقص غير ان ميعاد كورس ماسكات البشرة بالكوافير النهاردة
نور : ماشي يا ستي , معذوره يا عروسة , ها هنروح فين بقي يا بنات
نسرين بفرحة و هي تربت علي ذراع نور: معلش يا نور خالتي جايه بكرة من الكويت عاوزة اروح اظبط النهارده في الكوافير جايز محمود ابنها يتخبط في نظره و يعملها
نظرت لها نور شذرا ثم التفتت لمي و قالت : اوعي تطلعيلي انتي كمان بحجة
مي بفرحه تتراقص معها نسمات الهواء حولها : بتقولك فرحها بعد عشر ايام , اومال انا اللي شبكتي بعد بكرة و فرحي كمان شهرر
هبه : وخطيبك مستعجل كده ليه
مي : مش كفايه صابر بقاله سنين مش عارف يخطبني الا لما ميادة اختي تتخطب
نور : طيب يا اختي انتي و هي , اروح بقي اقضيها نوم
غمزت نسرين لهبه ان تخبر نور عما رأت من اسامة و لكن هبة قالت لها لا
وهنا افترقت الصديقات نور تجاه شركة اخيها و الثلاثه تجاه موقف السيارات
......................
استعدت حسناء كامل الاستعداد و ظلت بإنتظار حازم ليصطحبها , كان قلبها مكدث بالحماسة و الاستعداد و ملئ بالأفكار التي يمكن ان تساعدها في ان تساعد حازم عن طريقها ولكن ما كان يعوقها هو كيفية الوصول لفتح الحديث معه
سمعت صوت السياره فأسرعت للخارج تستقبله ببسمتها التي تملأ وجهها و ملامحها يكسوها التفاؤل و الاندفاع
نظرت نحوه فكان مازال علي وضعه منذ أيام , شارد الذهن صلب الملامح , يبدو الغضب في نظرته , وكأنه يحمل هموم قبيله فوق راسه , شعرت انها تريد ان تجري نحوه بكل جوارحها و تقول له : لا تقلق فأنا هنا سأكون معك , لا يرتاح لي بالا حتي أري الفرحة تملأ وجهك و ان تنظر لحلمك محقق أمام عينيك , انا هنا بكل ما أملك و سأجتهد حتي تملك ما تحلم به
ركبت السياره خلفه و بدأت تشرد فيما ظلت تخطط له من يومين و لكنها تذكرت جزء القرآن الذي تسمعه للمحفظه بعد دقائق فأخرجت المصحف و أخذت تردد بتركيز حتي و صلوا علي مقربة من المسجد
نزلت حسناء برفقة حازم من السيارة متجهه نحو المسجد ,
, لمحوا نور آتيه من بعيد , استغل حازم تلك الفرصه و قال لحسناء: حسناء علي اتفاقنا , انا هحاول اخلي نور تدخل معاكي المسجد , دورك انتي بقي تخليها تتشجع و تكمل معاكي
حسناء: حاضر من عيني
وصلت نور لهم , ألقت تحيه باردة كالعادة علي حسناء ثم وجهت كلامها لحازم: يلا علشان تروحني
حازم بعجله : طيب ربع ساعه بس هجيب طلب ضروري و هوصلك علطول و خليكي بس مع حسناء علي ما ارن عليكي
نور و هي تنظر نحو حسناء: اخليني مع حسناء فين
حسناء: في درس القرآن بالمسجد
نور بتذمر : لا وصلني الاول يا حازم عاوزة انام , تعبانه جدا
حازم بصصرامة : بقولك طلب ضروري
نور : خلاص هنتظر في الشركة
حازم : متطلعيش الشركة لوحدك يا نور
حسناء : تعالي يا نور و مش لازم تشاركي اقعدي في جنب و خلاص
انصاعت نور أمام اصرار حازم , ودخلت مع حسناء متبرمة نحو المدخل المؤدي إلي مصلي النساء
قالت نور بتبرم : انا مش حابه ادخل انا معرفش حد جوه
حسناء مشجعه : متخافيش يا نور , انا معاكي اهو , ويا ستي متقرأيش و لا حاجه خليكي قاعدة بس
نور : أمري إلي الله , اياك بس متتأخرش عن ربع ساعه يا حازم
دخلت حسناء المسجد تتبعها نور
صليا صلاة العصر خلف الإمام, ثم اتجهت حسناء نحو حلقة القرآن ولكن لم تفعل نور , بل بقيت مكانها
حثتها حسناء بأن تقبل و تجلس جوارهم , ففعلت علي مضض
وأثناء ما كانت الفتيات تقرأ و ترتل , كانت نور تتابعهم بعينها , بل وبقلبها دون ان تدري و بعد ان كانت تشعر بالنفور من ذلك الجو الذي يعد برأيها كئيب و خنيق شعرت بإنجذاب له و شعرت نحوه بالسكينه و راحة تثلج القلب لن تجدها في اي شئ بحياتها , شعرت ان تلك الفتيات ليسوا منبوذين كما كانت تري بل مميزين بميزة إلاهيه محروم منها الكثير مما اختاروا طريق الهوي درب لهم في الحياه و للأسف هي واحده منهم
وبعد ان انتهوا من القرآن , وحان دور الفقرة التالية والتي تقوم بها فتاتان بالدور, حيث تعرض احداهن حديث بشرحه ا و دعاء و فضله و الاخري تسرد قصة بها عبرة
كانت نور تتابعهم منذ بداية الحلقة بفتور , حتي بدأت احداهن بسرد القصة فبدأت تستعين بالأذن الصاغية وتسمع بإهتمام و تركيز
قالت الفتاه :
"
عاش رجل فقير جداً مع زوجته ،
وذات مساء زوجته طلبت منه
مشط لشعرها الطويل حتى يبقى أنيق
نظر إليها الرجل وفي عينيه نظرة حزن
وقال لها أستطيع ذلك ..
حتى أن ساعتي تحتاج إلى قشاط جلد ،
و أستطيع شراءه ..
لم تجادله زوجته و أبتسمت في وجهه !
في اليوم التالي وبعد أن أنتهى من عمله
ذهب إلى السوق وباع ساعته بثمن قليل ،
وأشترى المشط الذي طلبته زوجته ..
وعندما عاد في المساء إلى بيته وبيده المشط
وجد زوجته بشعر قصير جداً ،
وبيدها قشاط جلد للساعة ،، فنظرا إلى بعضهما
وعيناهما مغرورقتان بالدموع
ليس من ما فعلاه ذهب سدى !!
بل انهما أحبا بعضهما بنفس القدر ..
وكلاهما أراد تحقيق رغبة اخر ...
تذكر دائماً :
أن تحب شخص أو أن تكون محبوباً من شخص ما ،
عليك أن تسعى سعاده بشتى الطرق
حتى لو كان ذلك غالياً ..
فالمحبة الصادقة ليست أقوااال بل أفعاااال ..
انتهت الفتاه من سردها فبدأت الأخري في إلقاء الحديث و شرحه علي مسامعهم , قالتك
قد ثبت من حديث أبي قتادة، وأبي الدهماء قالا: أتينا على رجل من أهل البادية، وقلنا: هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا، قال: سمعته يقول: ((إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا للهِ إلاَّ أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ))[1].
وهذا الحديث العظيم قد اشتمل على ثلاث جُمَل.
الأولى قوله: ((لن تدع شيئًا))، وهذا لفظ عام يشمل كل شيء يتركه الإنسان؛ ابتغاءَ وجه الله تعالى.
الثانية: قوله: ((لله عزَّ وجلَّ))، هذه الجملة بَيَّن فيها النبي صلى الله عليه وسلم أن الترك لابد أن يكون ابتغاءَ مرضاة الله لا خوفًا من سُلْطان، أو حَيَاء من إنسان، أو عدم القدرة على التمكن منه، أو غير ذلك.
الثالثة: قوله صلى الله عليه وسلم: ((أبدله الله خيرًا منه))، وهذه الجملة فيها بيانٌ للجزاء
الذي يناله من قام بذلك الشرط، وهو تعويض الله للتارك خيرًا وأفضل مما ترك، والعوض من الله قد يكون من جنس المتروك، أو من غير جنسه، ومنه الأنس بالله عز وجل ومحبته وطُمأنينة القلب وانشراح الصدر، ويكون في الدنيا والآخرة؛ كما عَلَّم اللهُ المؤمِنَ أن يدعو: ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً ﴾ [البقرة: 201].
انتهت الفتاه من سردها و لكن تركت كلماتها تتلاعب و تدور في عقل نور , يبدو ان القصة لامست شيئا في قلبها و ليس اذنيها و ايضا الحديث و كأنه رسالة موجهه لها خصيصا و كأن الفتاه تقصد ان توجه لها الحديث و ليس تسرده علي باقي الحاضرين
شعرت بدقات قلبها تعلو و تحدث ضجه في صدرها
انتبهت علي صوت المحفظة و هي تقول يلا يا بنات مين هتتطوع و تكلف نفسها بالقصة او الحديث الاسبوع الجاي
همست نور لحسناء و قالت لها : هيكون يوم ايه
حسناء: يوم الاربعاء زي النهارده
فردت نور بصوت يصل لأذان الجميع : انا وحسناء ان شاء الله
نظرت لها المحفظة بإبتسامة عذبة و قالت لها : ما شاء الله يا حببتي خلاص كلنا بإنتظارك ان شاء الله و نتمني تتابعي معانا علطول
بثت تلك الكلمات الثقه في قلب نور و عزمت ان تتابع مع حسناء ذلك الدرس و ان تختار طريق الهدايه لها مسلكا في الحياه
خرجت نور برفقه حسناء بعد الانتهاء من الدرس , وجدوا حازم بإنتظارهم فاتجهوا ناحيته , قالت حسناء بفرحه : نور هتيجي علطول ان شاء الله
نور : بإذن الله بس سيبيني بس المره الجايه علشان شبكة و احده صحبتي
حسناء: ماشي هنتظرك
نور وقد وصل صوتها لمسامع حازم : بإذن الله , الدرس ما شاء الله جميل و هتابع فيه علطول
ابتسمت حسناء و خطفت نظره نحو حازم لتستطلع رد فعل ملامحه من كلام نور و الذي يعتبر مفاجأه فوجدته يخطف نحوها نظره ممتنه شاكره , رقص قلبها فرحا بين ضلوعها من تلك النظره و شعرت وكأن مصباح أمل جديد أضاء في قلبها يبشرها بمستقبل ربما سيكون ملئ بتحقق حلمها حاملا أفراح لقلبها
اصطحبهما حازم للشركه و بعد ان جلست حسناء بمكتبها و اطمئن عليها , ذهب ليوصل نور إلي المنزل
وبعد ان وصلوا نزلت نور و هم حازم بأن يرحل لكن نور استوقفته فأتجه ليسمع طلبها
نور: حازم انا عندي فرح اتنين صحابي الاسبوع ده و عاوزه اشتري فستانين احضر فيهم
حازم : مينفعش واحد يقضي الاتنين يا نور
نور بتبرم : لا مش
قاطعها حازم فهو يعلم ان لا فائدة من الجدال معها وقال: خدي اللي انتي عاوزاه يا نور من ماما و انا هقولها تعطيكي اللي انتي عاوزاه ولو الفلوس مكفتش اسحبوا من الفيزا اللي سيبها جوة
تركها بقلبها المزرغد و ركب السياره و انطلق نحو الشركة
دخل الشركة و اتجه مباشرة نحو غرفته و هو شارد كليا و كل خليه من خلايا مخه في اتجاه مختلف عن الأخري
لم يستطع الجلوس من كثرة التفكير , فقام من كرسه يجول بالغرفة و هو يعقد كفيه خلف ظهره
كانت يسير بخطي مبعثره و نظرات مشتته و لم يلحظ تلك العيون التي تتابعه من فتره للاخري من خلف الفاصل الزجاجي
كانت تتابعه و تملأ عقلها بالمزيد و المزيد من الآمال في ان تكون سنده و مخرجه من ضيقته و يد العون له في حاجته
وقبل ان ينتهي يوم العمل شعر حازم بأنه يريد ان يستشق بعض الهواء الطلق ربما يجد بين ذراته فكره تلهمه بما يريح خلايا دماغه من التفكير و يخمد نيران الحيره داخله, اغلق حازم غرفته و اتجه نحو حسناء يستحثها بأن تنهي ما بيدها حتي يرجعها لمنزلها
واثناء ركوبهم المصعد تشجعت حسناء و قالت : ممكن لو سمحت يا بشمهندس نروح محلات القماش الجمله اشتري شوية حاجات
نظره لها حازم و كأنه يقول لها : ليس الوقت المنماسب
ولكنه عندما وقعت عينيه علي وجهها تذكر مصدر نجاحه في شركته تلك و هو مساعدته لها فلم يستطع رفض طلبها و قال لها من بين طيات فوران غضبه : حاضر
استقلا السياره ووصلوا لمقصدهم , ظلت حسناء تجول داخل المحل تبحث عما يناسب طلبها و لكنها لم تجد ما ترغبه فطلبت من الحازم أن يذهبوا لمحل أخر
فوافق رغم كمية الغضب التي تضمر داخله فلم يكن مزاجه يسمح بذلك البته ولكنه تحامل علي نفسه و ذهبوا لمحل أخر , ولكنها ايضا لم تجد به ما تريد فطلبت ان يذهبوا للأخر ولكن لم تجد به ما تريده فطلبت الذهاب للرابع فأصطحبها لهناك علي مضض
كانت ملامحه في حالة تشنج مريب من شدة غضبه من حسناء وكأنه قنبلة موقوته ستنفجر بعد لحظات و بالفعل
نظر لها و هي تجول بعينيها و ظل يراقب ردود افعال ملامحها فقرأ منها عدم الاعجاب بشئ
فلم يتمالك اعصابه و لم يشعر بنفسه الا و هو ينهرها بصوت يدوي بالمكان : حسناااااء , اخلصي متفلقنيش عشر ساعات علي ما تختاري
نظرت له حسناء بعيني محدقتين مليئتين بالصدمة , لم تستوعب ما سمعته وكأن أحدها فرغ بها مولد طاقه كهربائية بشحناته العالية
دارت بعينيها في المكان فوجدت الجميع انتبه لصوته ووقوقفوا يصفعونهاا بنظراتهم المتعجبه المستنكره
احست و كأن حازم امسك بالجرة التي ملأتها بأحلامها تجاهه و امالاها من أجله و ألقاها بعنف في ارض المحل حتي اانسكبت كل امانيها ارضا لتيمشي فوقها الحاضرين بأحذيتهم فيمزقوها و يفتتوها و يسحقونها اما عينيها بعد ان ظلت تحلم بهم ليلتين بأكملهم
شعرت بجمود غريب يسير بأوصالها وقفت كالصنم تحدق أمامها بوسع عينيها لا تشعر بما حولها لا تري لا تسمع ولا تعي شئ سوي بتلك الدموع التي تدفق لعينيها بإندفاع
تلفت حازم حوله فوجئ بتحول الموقف حوله بسبب اندفاعه تهوره في نهر حسناء
دنا منها و قال لها و هو يحاول تمالك اعصابه : تعالي ورايا و بكره كملي
سار بإتجاه الخارج ولكنه لم يجدها تتبعه بل مازلت علي وضعها المتجمد
فعاد لها وقال لها : حسناء يلا تعالي
ولكنها مازالت متيبسه , فلم يكن سبيل لإفاقتها و الخروج من ذلك الموقف الذي لن يحسدهم عليهم احد إلا ان سحبها من مرفقها في اتجاه المخرج
افاقت من قبضت يده و التي شعرت انها معصم من جهنم يلتف حول يدها فانتفضت بشده و سحبت يدها بعنف
نظر نحوها نظرة اسف مبالغة و لكنه لم ينطق بحرف
فتح لها باب السياره بنفسه و انتظر ان ركبت و اغلق بعدها , ثم ركب مكانه و طلب من السائق بان يتجه نحو منزلها
كان كل ما يشغل عقل حسناء اثناء ركوبها في السيارة شئ واحد و هو الا تخذلها دموعها و تسقط أمام حازم
لكن من كان يجلس أمامها تناسي همه الاساسي وما كان يعكر صفو مزاجه منذ ايام و ظل يجلد ذاته العصبية المندفعه علي ذلك الموقف الذي تهور و فعله من دقائق
اختطف نظره تجاه حسناء عبر الصوره المنعكسه في مرآة السيارة ليطمئن عليها و لكنه لم يستطع الحصول علي ما يشفي نيران فضوله بسبب الظلام , فزم شفتية في اسف
وصلوا اخيرا إلي منزلها , وما ان توقفت السياره حتي اسرعت حسناء و فتحت الباب قبل ان ينزل حازم و اسرعت بخطي مهروله تجاه منزلها لتخبأ تلك الدموع التي لم تستطع كبتهااكثر من ذلك
نزل حازم خلفها و هم بأن يلحقها و لكنها فتحت البوابه و دخلت مسرعه بعد ان اغلقتها خلفها , مد حازم يده في الفراغ تجاهها و كأنه يحاول ان يستوقفها او ان يلحق بطيفها قبل ان ان يختفي وراءها
انزل يده بحسره مع سماعه لصوت ارتطام البوابه و هي تغلق
زم شفتيه بأسي و اغمض عينيه بألم , وعاد ادراجه للسياره و بصدره نار مستعره علي استعداد ان تلتهم كل ما يقابلها من الاخضر و اليابس من شدة قوتها
ركبت السياره و بقي شارد صامتا لا يصدر منه اي صوت سوي صوت تلك التنهيدات المتحسره التي تصدر منه بين الحين و الاخر
وصل للفيلا فلم يجد بها أحد , فدخل و جلس علي اريكة ببهو الفيلا, جلس يستند بمرفقه علي مسند الاريكة و يضع قبضة يده علي رأسه و هو يعقد جبينه بشدة و عينيه تملأها نظرات متحسره لائمة
ظل شاردا يستمع لصوت ضميرة اللازع الملئ بالتبويخ و الاستنكار و ينزل عليه سياط عذاب لا يعرفه مطلقا الا تلك اللحظة
افاق علي صوت نور و والدته المليئة بالبهجة و هم قدامتان من الخارج
سناء: حازم انت رجعت بدري كده ليه
حازم وكأنه لم ينتبه لكلامها : انتوا كنتوا فين
سناء: كنا بشتري لنور فستان علشان فرح صحبتها
حازم : طيب انا طالع انام
سناء: مش هتتعشي
حازم: مليش نفس
ثم تحرك تحت ناظر والدته المتحسر حتي دخل غرفته
سناء: ربنا يفك عنك يا حازم يا ابني
نور: ابنك هيقضي علي نفسه بسبب دماغه دي
سناء: والله قهرني عليه
نور: كبري دماغك , انا هاخد العشا بتاعي و هطلع اقيس الفساتين دي كده و اعمل بروفه علي المظهر الاخير
ثم تركت والدتها و حملت الاكياس بفرحه و دخلت حجرتها
ارتدت فستانها الأول و ظلت تدور حول لنفسها تتأمل مفاتنها أمام المرآة
سمعت صوت وصول رسالة علي هاتفها فقالت , زمانها نسرين لما اغيظها و اقولها اني اشتريت الٍفستان
اسرعت تمسك بالهاتف بسرعه و لكن ما رأته سبب لها صدمه عصبية يبستها بالحال قد كانت رسالة من حبيبها اسامة : " حببتي....وحشتني

حبيسه قصر الوحشحيث تعيش القصص. اكتشف الآن