البارت 30 و الاخير

29.9K 438 68
                                    

اصابها الهلع عندما وجدت دموع ابنتها و صوت نحيبها يصل لها عند بوابه الحديقه
ما ان رأتها نرمين حتي جرت نحوها , وهي تردد من بين بكائها / ماما حسناء انتحرت
وقعت الأكياس من يد سناء من هول صدمتها و وقفت محدقة العنين بفاه فاغر غير مستوعبة لما سمعت
فأعادت نرمين حديثها لها / بقولك حسناء انتحرت و ابراهيم اتصل عليا و قالي و قلتله يجي يا خدنا للمستشفي
سناء بحروف متبعثرة و انفاس متلاحقة / ومين قاله
نرمين / ماما بالله سيبك من ده كله , ادعي بس مش تموت احسن ذنبها يبقي في رقابتنا طول عمرنا و حازم عمره ما هيسامحنا و هتخسريه للأبد
سناء و بدأت دموعها تتجمع بعينيها / انتي متأكدده يا نرمين
نرمين / ابراهيم لسه مكلمني
سناء/ يا رب استر, يارب نجيها و الله ما هدخل في حياتها و لا حياة ابني , بس يارب نجيها و برأني من ذنبها
ثم وجهت كلامها لنرمين / والله لو كنت اعرف انها توصل للأنتحار كنت ...ثم تابعت بكائها غير قادرة علي متابة حديثها
نرمين / يارب نجيها , علي الأقل تسامحنا
سمعوا صوت سيارة ابراهيم فتسابقوا في الاسراع له , وبعد ان انطلق ابراهيم قالت نرمين / انت متأكد يا ابراهيم
ابراهيم / ايوا متأكد , حازم كان منهار و بيصرخ جامده
سناء / يااااارب استر
نرمين / طيب هي رمت نفسها و لا بلعت حاجه ولا عملت ايه
ابراهيم / مش عارف بقولك حازم كان منهار معرفتش اسأله علي حاجه
نرمين / بس هي مستاهلة انتحار
ابراهيم بعتاب/ بعد اذنك يا طنط , انتي مش سامحه لحد يفاتحك في الموضوع , بس انا مضطر اتكلم دلوقتي, ممكن تكون حسناء مظلومة من جوزك زيكم بالضبط و الدليل انها سابت بيتها و جات عاشت معاكم و الاستاذ شوقي كان قايل الكلام ده من زمان و قالنا انها كانت بتخرج تشتغل علشان متحتجش لفلوس منه
سناء/ اللي قهرني انها بنت الست اللي دمرت حياتي و سرقت فلوسي و جوزي, صدقوني و الله اي حد جرب نار قهرتني هيعمل زيي محدش حاسسس بيا ناس
ابراهيم / طيب و هناخدها بذنب مامتها ليه , و بعدين مامتها كانت ظلماها وواقفه في صف جوزها و الا مكنش الاستاذ شوقي منعها ترجع البيت , حرام تتظلم من الجميع
نرمين / بس يا ابراهيم كان المفروض تعرفنا
ابراهيم / نرمين , حلي مش تعقدي, هي لما عرفت مشيت بس حازم اتمسك بيها و فضل يدور لحد ما لقاها , وهي عرفته بس هو كان اتعلق بيها و خاف من رد فعلكم انه يخسرها
سناء / والله والله ما هدخل في حياتهم تاني
ابراهيم / بعد ايه يا طنط , الله اعلم هي هتعيش و لا هتموت
ظلت سناء و نرمين يدعون لها و بكائهم يزلزل السيارة
................
كان حازم يجلس القرفصاء بردهة المشفي , يبكي و هو مطأطأ الرأس و كفيه يغلفان رأسه , بعدما دخلت حبيبته لتختبأ خلف جدران غرفة العناية المركزة
سمع صوت هرج بالردهة , نظر تجاهها فوجد امه و نرمين و زوجها يهرولون تجاهه
نظر أمامه ثانيه و أعاد كفيه علي رأسه , وصلوا له
ابراهيم / حازم , حصلها ايه
لم يرد حازم , بل دموع تنساب فقط
سناء/ ربنا ينجيها يا ابني, وانتوا حرين مع بعض, تتجوزا تتطلقوا انتو حرين
نرمين / ربنا يستر و تعدي علي خير
أخرج حازم رأسه و رمقهما بنظرة عتاب ناريه ثم خبأ وجهه بكفيه و بدأ ببكاء هستيري شديد
بدأت نرمين و سناء يشاركانه البكاء و هم يرددان الدعاء لها
وبعد قليل و جدوا طبيبا يخرج من الغرفه , انطلق نحوه حازم بلهفه و تبعه الجميع
سأل حازم / طمني يا دكتر
الطبيب / خير يا فندم الحمد لله جات سليمة , هي بس في غيبوبه أثر الصدمة لكن الحمد لله رسم المخ تمام و مناخيرها اتكسرت و ليها سنه اتكسرت غير طبعا كانت حامل و اجهضت , فهي هتفضل في العناية لحد ما تستعيد وعيها , لكن متقلقوش
انصرف الطبيب و ظل الجميع يردد عبارت الحمد سوي حازم الذي وجه كلامه لإبراهيم نيابة عن امه و اخته / كده حلو يعني , لما اتشوهت و فقدت ابني
قالت سناء / المهم انها مش ماتت
قاطعها حازم و هو يكمل كلامه لإبراهيم / يعني عادي غيبوبه و كسر و اجهاض عادي , خدهم يا ابراهيم و روح
سناء / والله ي ابني مش قصدي , ...
لم يستمع حازم لها و تركها و انصرف بعيدا
ابراهيم / طيب يلا يا جماعه اروحكم
سناء / لا احنا هنستناها لما تخرج
ابراهيم برجاء / اعملي معروف يا طنط بدل ما حازم يتعصب و يزعق , وبعدين قاعدتنا ملهاش لازمة , هتابع حازم انا و لما تفوق هجيبكم و اجي
ثم انصرفوا
.......................
عاد حازم بعد قليل أمام غرفة العنايه بإنتظار خروج حبيبته , سمع هاتفه , اخرجه ليرد
نور بلهفة و خوف/ السلام عليكم , خير يا حازم ايه اللي سمعته ده
حازم بصوت مختنق / حسناء رمت نفسها من البلكون و مغمي عليها داخل العناية المركزة
نور/ لا حول ولا قوة الا بالله , طيب و حالتها عاملة ايه
حازم/ اجهضت الجنين و مناخيرها اتكسرت و سنتها اتكسرت
نور/ معلش يا حازم , ربنا يعوضكم خير , اهم حاجه انها تقوم بالسلامة
ثم تابعت :طيب ليه كده بس, المفروض حسناء تبقي اعقل من كده
حازم بعصبية / اعقل ايه يا نور, تقدر تستحملي تبقي مكانه ا , محمد جوزك يخاصمك شهر و انتي تعبانه و يسسيب البيت و يمشي علشان خاطر ذنب معملتيهوش
نور/ لا مقدرش , بس هنعمل ايه ,
حازم/ مش هنعمل حاجه , خلي ماما تفرح
نور/ انا هروح لها دلوقتي و هحاول اقنعها يا حازم
حازم/ ولو مأ اقتنعتش انا مش هسيب حسناء و لا هتخلي عنها و عرفيها كده
نور/ حاضر, بس معلش يا حازم اعذرني عندي امتحان بكرة و بعده مش هعرف اجي الا بعد بكرة
حازم/ عادي يا نور , المهم انها تقوم بالسلامة
نور/ ربنا يحفظهالك يا حازم
....................
مرت أربعه و عشرون ساعه ثقيلة علي حازم , لم يتوقف لحظة عن ذرف الدمع و الرجاء و الدعاء لزوجته
كان يقف أمام الغرفه يعد اللحظات و كأنها دهور , يشعر بأن الحياة فارغة من حوله ما دامت حسناء لا تزينها , تخيل حياته من دونها فشعر انه يغرق داخل بحر من الرمال , الذي سيقضي علي حياته تدريجيا
جاءه خبر افاقتها و وشوك خروجها من غرفة العناية
اسرع لمسجد المشفي و صلي ركعتي حمد لله
ثم صعد ليستقبل خروجها , وبعد ان وقف دقائق و لمح الممرضات يخرجون و يدفعون أمامهم سريرا متحركا
اندفع نحوهم , توقفت الممرضات عندما وجدوه يقبل متلهفا
نظر لحسناء بعنينه الحمراوتين من شدة البكاء و التي تقذف كميات متدافعه من الشوق , أمسك كف يدها و نظر لها بدفء و قال لها / حمدالله علي السلامة يا حببتي
اغمضت حسناء عينيها لتنبذ من بين جفونها دمعه حزينة رغم بسمتها التي ترتسم علي وجهه
تابعت الممرضات دفعهم لسريرها حتي دخلوا غرفة و نقلوها علي سرير أخر و ضبطوا من وضعها و انصرفوا
أقبل حازم بشوق عليها , انحني وطبع قبلة طويلة علي جبهتها و دموعه تتشارك مع دموعها تدفقها الصامت
اعتدل وجلس بجوارها , غلف كفها بيديه بقوه ,و هو يضمها بنظرات شوقه الدافئه , ودموعه المتواصله التي تبين مدي خوفه من أجلها , ظل ينظر لها مطولا , لا يرمش له رمش و لا تتحرك عينيه من داخل صفحة وجهها وكأن عينيه التصقت بوجهها و لا يمكن لأحد ان ينتزعها , كانت هي الأخري تبادله النظره المشتاقه , بل كانت أشد منه شوقا
قال لها هامس و دموعه تزداد : انا أسف, كنت هموت لو ضعتي مني, مقدرش أعيش من غيرك
أغمضت عينيها بحزن شديد و التفتت برأسها قليلاً للجهة الأخر , ثم قالت / مش واضح
رغم ان كلمتها طعنته و لكنه فرح بشدة لسماعه لصوتها فقال بفرحه تغمره/ الحمد لله , الحمد لله انه نجاكي ليا
ألتفتت تنظر له ثانية فرأته يغمض عينيه بوجل و خشوع شديد و هو يحمد الله علي سلامتها
ثم قال لها / خلاص يا حسناء, من النهارده اوعدك اني مش هبعد عنك لحظة , ومش هسمح لأي حد ان يبعدنا عن بعض تاني أبدا
لم ترد حسناء بحرف و اكتفت بقبض ملامحها بحزن شديد
انحني لها و قبل جبهتها ثانية و تبعها بقبله اخري علي كفها وقال لها / انا آسف
سمع صوت قدوم الطبيب فإعتدل ثانية , دخل الطبيب فسأله حازم / طمني يا دكتر , ايه الأخبار
الطبيب/ والله ما تقلق , كل شئ تمام , وبإذن الله أول ما هتخلص المحاليل دي هنكتبلها خروج
حازم بفرحة شديدة / الحمد لله , ربنا يطمنك يا دكتر
وبعد ان انتهي الطبيب من فحصه و خرج , اقبل حازم بفرحه علي حسناء وقال / حمدالله علي سلامة خروجك يا حببتي, ربنا يجعل أخر أحزانا و معدش يحصل بينا اي زعل تاني
اغمضت حسناء عينيها متجاهله لكلامه فضغط علي اسنانه بحزن و أسي ثم نظر لها نظره عميقه و قال لها بهمس/ صدقيني أوعدك
قالت حسناء و دموعها تتخل صوتها / يا ما وعدتني قبل كده
قال لها بحزن شديد/ للدرجه دي يا حسناء معدتيش بتثقي فيا
لم ترد عليه بمزيد من الصمت لتزيد ألم صدره و جرح قلبه
خرج من الغرفه , ثم اتصل علي نور
نور/ ايوا يا حازم , طمني حسناء عاملة ايه دلوقتي
حازم / الحمد لله فاقت و قدامنا3 ساعات و هنخرج
نور بفرحه / حمدالله علي سلامتها يا حازم , وربنا يديم سعادتكم
حازم بأسي/ بس لسه زعلانه مني قوي قوي يا نور, مش راضية حتي تبص في وشي
نور بأسي/ كتر خيرها يا حازم , تبقي عروسة جديده و حامل و تعبانه و تبعد عنها و تسيبها لوحدها
حازم / اعمل ايه بس لماما يا نور
نور/ يالا ربنا يصلح الحال, انت قدامك قد ايه علي ما ترجع البيت
حازم / بالكتير 3 ساعات
نور/ خلاص سيب مصالحتها عليا , انا هروح اعملك شوية افتكاسات كده في الفيلا بتاعتك بس مش تقولها انني اللي عملتها وكأنك انت اللي عملته علشانها
حازم / بس دي زعلانه جدا
نور/ صدقني يا حازم احنا الستات الحاجات دي بتفرق معانا قوي قوي, ده الحل السحري لكل المشاكل المستعصيه
حازم برجاء/ يارب تيجي بفايدة
نور/ طيب مضيعش في الوقت يا باشا , وسيبني اروح اشوف شغلي
حازم / ماشي يا نور, وربنا يقدرنا و أردلك وقوفك معايا لما تجيبي نونو جميل كده
نور/ ربنا يخليك يا حازم , جمايلك انت و حسناء مغرقاني , ويلا مع السلامة و بطل كلام
حازم / ماشي يا نور, مع السلامة
ثم دخل لحسناء ثانية , وقال لها / حسناء أرجوكي متحرميناش من بعض أكتر يا حسناء, انا معدتش اقدر استحمل
لم تعيره حسناء اي اهتمام اكثر فجلس يتابعها بعينيه المشتاقتين التي تحمل داخلها حزن كبير , حتي جاء موعد خروجهما من المشفي
كاد حازم يطير من شدة فرحته , كانت سعادته تظهر بشدة في ملامحه و طريقة حديثه و حماسته
وعلي الرغم من تظاهر حسناء بتمسكها بالغضب تجاهه ولكنها عندما وجدت فرحته الفظه و سعادته التي تشع من تصرفاته بخروجها قررت في قراره نفسها ان تبدل موقفها تجاهه
أسندها حازم و هي تنزل من السرير ثم لف خصرها بذراعه و هو يساعدها لنزول الدرج
ورغم قدرتها علي المشي ولكنها لم تمانع من اسناده لها فقد كانت في حاجه ماسه لقربه لتروي ظمأ قلبها له لمدة شهر طويل مظلم الايام
ركبت بجواره السياره , انتظرت ان يتحدث و لكنه بقي صامتا تماما , ينظر تاره للطريق ثم ينظر إليها تاره بعينين مشتاقنين و بشفتي مبتسمتين بفرحه
وصلوا لفيلتهم ففوجئوا بالورود الحمراء الصناعيه , تدراك حازم مفاجأته و حول نظرته بهيام لحسناء وقال لها بحب/ نورتي ممكلتك يا أميرة
دلف بالسياره داخل الحديقه فوجد جانبي الممر مزينه بالورود المتلاصقه الحمراء حتي مدخل الفيلا
نظر لوجه حسناء فوجد علامات الفرحة و التي تحاول بفشل إخفائها تنطق من ملامحها
وقف أمام الفيلا ثم التفت ليساعد حسناء علي النزول , أمسك يدها و دلف من البوابه المزينه بإطار من الورود
عندما دخلوا وجدوا ريسيبش الفيلا وجدوا السقف ملييء بالبلالين الحمراء و المنزينه بكلمة بحبك
و ممر من القماش الأحر الملقي عليه ورود طبيعيه ذو رائحه عطره ملقاه علي القماش
كانت مفاجئات حسناء تظهر بشدة علي وجهها و حازم يحاول كبت مفاجئته داخل ملامحه المبتسمة
صعدوا الدرج المؤدي لحجره نومهم
وجدوا لوحة مثبته علي باب الغرفه مكتوب عليها / حمد لله علي سلامة عودتك حبيبتي

حبيسه قصر الوحشحيث تعيش القصص. اكتشف الآن