البارت 20

22.2K 323 7
                                    

كانت مدثره داخل غطائها تخفي دموعها عن العالم , عندها سمعت صوت وصول رساله علي هاتفها
اسرعت تفتحها بلهفه علي امل ان تكون من حبيبها اسامة و التي باتت بمشاعر متخبطه لعلاقتها معه
وكان ظنها بمحله , ففتحت الرساله بسرعه فوجدت كلماته جادة " نور , انا وماما هنيجي نزوركم يوم الجمعه الجايه , بصراحه نجحتي في الاختبار اللي كنت عملهولكك و اثبتيلي ان التزامك حقيقي و ليس انصياعا لأمر حازم , ولكن عاوز منك تقوليلي حازم هيبقي موجود امتي و ايه الطلبات هيكون عاوزها علشان اجهز نفسي , فياريت لو نقدر نتقابل علشان نحط النقط علي الحروف علشان منضعش من بعض
صدقيني التزامك حببني في الالتزام انا كمان , فياريت نحط ايدنا في ايد بعض و نساعد بعض في طريق الدين , وعاوزك تيجي باسدالك ووشك الجميل بدون اي شئ يغضب ربنا"
قرأت تلك الرساله ثم ترك العنان لدموع الفرحة تتدفق بشدة من عينيها و هي تردد ببهجه عبارت الحمد و الشكر لله بأن استجاب لدعوتها و عوضها حبيبها في الحلال
قرأت كلمات الرسالة مرة ثانية ثم ضمت الهاتف بقوة إلي صدرها وكأنها تريد ان تزيد اطمئنان قلبها بأن زمن الفرحة و السكينة قد حان
ثم ظلت تفكر بأي الكلمات ترد علي اسامة علي اسعد خبر سمعته في حياتها
وبعد تفكير دام دقائق وبعد ان حاولت تجميع بعض الكلمات المتفرقه بعقلها المشتت بعدما قرأت رسالته , بدأت تكتب بأنامل مرتعشه و انفاس متسابقه و قلب يلهث من شدة فرحتها
" السلام عليكم .... ده اجمل خبر سمعته في حياتي يا اسامة و بدعي ربنا يوفقنا و يجمعنا علي خير وطاعه و يبارك في حبنا لأننا اتخلينا عنه في الحرام ...وحازم بيكون موجود يوم الجمعه ...واهم حاجه في الموضوع هي طلباتي انا مش طلباته هوويكفيني انت مش عاوزة اي حاجه غيرك...ومتخفش اهم حاجه عند حازم الشخص نفسه وادبه مش فلوسه ... وده رقم حازم 000000 كلمه في اي وقت , وتشرفونا انت ومامتك في الوقت اللي هيشوفه مناسب"
ضغطت علي زر الارسال و هي تغمض عينيها و تحبس انفاسها , ثم ظلت بانتظار وصول رساله منه ردا علي كلامها , كانت فرحتها ترن داخل قلبها بأعلي النغمات , ظنا منها ان كل ما يحدث لها مماثل لما يحدث لأسامة ولكن ظنها كان خاطيء , فمجرد ان رأي اسامة تلك الرسالة حتي ألقي السيجارة التي بيدها ثم فرمها تحت قدمه بعنف عله يفرغ جزء من بركان الغضب الذي سببته تلك الكلمات الغبية من تلك المتخلفة نور من وجهة نظره
قال بشئ كبير من الغضب : ايه التخلف ده , وبعدين ههبب ايه مع التتتتتت دي
ظل يحدق بغضب في الفراغ و جبهته شديدة الانحناءات من شدة غيظه ثم قال : طيب انا مش هرد عليها دلوقتي , دي محتاجه ازلال , الموضوع يا نور معدش رهان بيني وبين عبدالله , الموضوع بقي رهان بيني و بين نفسي اني ارجع ازلك زي الأول و اعرفك انا مين , اصل شكلك نسيتي
..................................
كان السهر في تلك الليلة ونيسا لحسناء التي ولأول مره تشعر بكل ذلك الكم الهائل من الرضا عن النفس و السعادة و الامل
كان موقفها مع حازم يدغدغ مراكز السعادة داخل قلبها باستمرار فمع ان موقفها من وجهة نظرها هو الواجب تجاهه ولكنها كانت فرحة بأنها قامت بما عليها من واجب , بل و اعطاها أملا كبيرا بنت علي اثره سلسلة من الاحلام داخل عقلها بان يكون ذلك الموقف سبب في لفت انتباه قلب حازم لها و ايقاظه من غفلته تجاهها و تجاهله لها
ولم يكن ليل حازم يختلف عن ليلها كثير , فتلك المره الاولي بحياته التي يري فيها بشر من نوع تلك الفتاه والتي لاتقدم له كل ما تملك من اجل احلامه فقط بل وايضا لاحظ رجاحة عقلها و شدة ذكاءها في انتاج الافكار النيرة والتي بها سيكون صاحب مؤسسه كبيرة و يستعيد زمن امجاده و ازدهار اسمه في سوق التجاره للمره الثانية و يحقق حلمه الذي ضاع منه لاحقا
.....................................
تسللت نسمات الصباح الباردة تداعب اوراق الاشجار و تنتشر بنعومه في الارجاء , معها لفحة أمل ونقاء لا نجده ولا نستشعره الا في ذلك البكور, نستشعره مع رائحة الندي العطره و هواء الصباح النقي العليل و مع اصوات زقزقة العصافير الفرحة المنطلقه في الفضاء بسعادة و كأنها اشتاقت لذلك الفجر منذ أذل بعيد وكأنها لم تعشه صباح اليوم السابق , حقا انه لأنسب وقت لأخذ جرعات من الامل و الصفاء
كان حازم مازال مستغرقا في نومه علي غير عادته , فسيطرة موقف حسناء علي عقله ليلة أمس حال بينه و بين النوم كثير و أخذ وقتا طويلا حتي استطاع ان يصل النوم لجفونه المتعبه
استيقظ بكسل علي صوت منبه هاتفه , مد يده بعيني ناعستين ثم أغلقه و دس رأسه تحت غطائه ثانية و اكمل نومه
ولكن تلك الفتاه التي سببت له الأرق ليلة أمس جاءت ثانيه لتضيع عليه المزيد من الراحه , حاول طردها من عقله و الاستسلام للنوم ولكنها طردته هي من جفونه و سيطرت علي تفكيره
وبعد ان تيقن من ان لا ملجأ للنوم ثانية : استوي علي ظهره و شبك يديه خلف رأسه , يعيد سرد موقفها معه ليله أمس و مواقفها معه في الفتره الماضية و التي تدل علي انها نوع فريد من الفتيات و التي صعب الحصول علي مثيل لها في ذلك الزمن الاناني
كان عقله يعمل و يبعث بإشارت لشفتيه لتزداد ابتسامتها تدريجيا , ويبدو ان هناك جهازا عضويا داخله ايضا يتشرب بهدوء كل تلك الاشارات , حتي تشبع منها و بدأ يبث منها عبر نبضاته لدماء جسده لتسير داخل عروقه وتغذي جميع ارجاء جسده
وبعد ما يقرب من الساعه , قام بتعب , يتثائب بشدة ويتمدد بكسل
تناول ملابسه و هو يسير بخطي متمايله من شدة ارهاقه , تجهز للذهاب لعمله , ثم امتثل أمام المراه ليضبط شعره
وبعد ان انتهي , نظره علي مظهره الخارجي ليتأكد من طلته النهائيه , نظر لوجهه بشدة و ظل يتأمله وكأنه يراه للمره الاولي
سأل نفسه سؤالا غريبا , قال بنبره مستفهمه : هو ممكن حسناء تحبني
اعاد النظر لوجهه ثانية و هو ينظر داخل مخيلته لوجه حسناء ويقارن بينهما
قال وهو يميل شفتيه بخيبه امل : ده فرق شاسع بين الشكلين , ههههه معقوله ممكن واحده فاتنة زي حسناء تحب الراجل الغليظ الاسمر ده , بس انا مش اسمر قوي يعني وبعدين شعري حلو
اممممممم أكمل باستهزاء : بعيدة قوي يا حازم ان واحدة زي دي تقع في حبي
لا يعرف لما شعر بحجر يسد حلقه و سكين يغرس في قلبه , مهلا مهلا يا قلبي , أفجأه تشعر بكل ذلك الألم ليقينك انها لن تحبك , ماذا حدث لك
ولكنه لم يسمع اي اجابه من قلبه , يبدو انه في حالة موجعه من شدة قسوة ذلك الخاطر
ارتد بظهره و جلس علي سريره , لا يعرف لماذا شعر بأن امر حب حسناء له اصبح شئ ذات اهميه كبيره له , ولأول مره يشعر بالعجز التام في تحقيق مبتغي له
فكل احلامه يتحدي نفسه والعالم في تحقيقها ولم يقف اي عائق في اثباته لذاته في الحصول علي مبتغاه في اي مجال وكل ذلك باجتهاده و عمله و جده
ولكن تلك المره الأمره مختلف تماما , فليس نيل حب حسناء يأتي بالاجتهاد و الجد و السهر والتعب كما هو معتاد , ياله من احساس صعب خاصة انه تلك المره الاولي لتلك التجربه والتي هو علي يقين بفشله بها
فاق من شروده بعد دقائق, نظر لصورته المنعكسه مقابله بالمرآه للمره المائه , ثم قال : ممكن تكون زيي مش بتهتم بالشكل الخارجي واهم حاجه عندها الجوهر, فمع انها جميله جدا بس انا مشدنيش جمالها علي قد ما شدني أدبها ودينها و شخصيتها و عقلها وقلبها
دقائق ورد علي سؤاله لنفسه : اه ممكن , وممكن يكون تصرفاتها معايا ده حب ؟ مش عارف
بس لو بالشكل ده يبقي حبها ليا مش حب حقيقي , ممكن يكون حب لعطاءي ليها مش لشخصييتي والدليل انها بتحاول تردل جميلي بأفكارها وفلوسها او ممكن يكون حب لإحساسها بالامان معايا
كان قلبه ينقبض و ينبسط كرد فعل لكلماته , حتي فاق من شروده ونفض رأسه يمنه و يسره لإبعاد عن رأسه تلك الافكار التي اعتبرها طوال حياته " كلام فارغ " وها هو يقع في ذلك " الكلام الفارغ " ويصبح مما يدعوهم " بالفاضين و دماغهم فاضية " , فلو يعلم انه سيأتي يوما و يتذوق بدوره من ذلك الكأس لما ظل طوال عمره يسخر من تلك الاحاسيس السامية لو استغلت بالحلال
التقط هاتفه و مفاتيحه من علي المنضدة ثم خرج من الغرفة متجها للأسفل , تناول افطاره مع والدته كالعادة و هو يحاول ان يبدو طبيعيا , فكان يخفي علي الجميع أمر شركته الجديدة حتي لا يسخروا من اخفاقه وفشله ان حدث
تناول فنجان قهوته المفضل من يد والدته ثم خرج لبدء يوم حافل بالاعمال الكثيرة و التي كانت متعطلة بسبب عجز المال
بدأ في المرور علي الشركات المتخصصه في اكمال بناء شركته و دفع الاموال اللازمة و أتفق مع كل منهم علي موعد بدء العمل
كان كلما انتهي من اتفاقه مع شركة يظل يدعو لحسناء و يمجد موقفها في قلبه حتي تشبعت خلاياه بها وبحبها
ذهب للمبني الذي كان بفكرتها و بدأ في متابعه العمال القائمين عليه وقلبه منشرح , مليء براحة وهدوء بسبب خروجه من ضائقته علي يد حسناء ... و بعد ان انهي متابعته اتجه لشركته القديمة لينهي ما لديه من اعمال بها
حضرت حسناء بعقله فاتصل عليها علي الفور : وبعد دقائق اتاه صوتها: السلام عليكم
حازم و قلبه يشعر بنبضة قويه من سماعه لصوتها : وعليكم السلام , ازيك يا حسناء
حسناء و صوتها يهتز فرحا : الحمد لله
حازم : طيب يلا يا حسناء اجهزي علشان نروح نكتب العقد زي ما اتفقنا امبارح
حسناء : لا مش هنكتب حاجه الا لما تخلص الشركة خالص
حازم : بقولك اجهزي
هذا هو اسلوب حازم دائما تكرار الامر مرار حتي يتم تنفيذه , لم تجد حسناء مخرجا من بين حواجز اصراره الا تغير مجري الحديث فقالت : المهم عملت ايه مع الشركات اللي هتكمل ديكور الشركة
حازم بفرحة و امتنان شديد : الحمد لله , خلصت حساب الكل و العمل واقف علي الوقت بس
حسناء: الفلوس كفت اهم حاجه
حازم : اه كفت وازادت كمان , بجد مش عارف اشكرك ازا ي يا حسناء
رفرف قلب حسناء بفرحة من وقع تلك الكلمات علي اذنيها وقالت : ده واجب يا بشدمهندس , دي اقل حاجه اقدر اعملها , هيجي ايه جنب اللي بتقدمهولي
امتغص حازم لردها هذا , فهو يؤكد له خاطره ان مواقفها معه ما هي الا احساسها بالواجب تجاهه في رد جميله معها
شعر بضق يضغط علي صدره فأنهي حديثه معها وقال : ماشي يا حسناء , ان شاء الله اول بس لما اخلص زحمة شغل الشركة هنكتب العقد علطول
أغلق الهاتف وهو يشعر بضيق شديد بل واحساس شديد بالعجز بسبب شعوره بعدم استطاعته بالحصول علي قلبها فلا احد يملك القدره علي اجبار احد علي الحب
بينما هي كانت تختلف عنه تماما , فكان سماعها لصوته في بداية يومها بمثابة جرعه حب اضافيه تسمو بها في عالم الاحلام السعيدة
أغلقت الهاتف و ظلت تنظر لشاشته دقائق تتأمل اسمه بحب حتي فاقت علي صوت ضميرها وهو ينهرها حتي لا تعود للغرق في حب حرام , لا تستطيع حتي الآن من ضمان نواتجه وعواقبه
فقامت من فورها و وضعت الهاتف في مكانه و قالت برجاء: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك , اللهم اكرمني بحازم في الحلال و ارزقه لي زوجا صالحا
ثم تابعت تأمر نفسها : اظن ده احسن من اني اشغل وقتي في التفكير فيه في الحرام , ان شاء الله كل ما حازم يجي في بالي هدعي الدعوه دي و اقرأ جزء قرآن تقربا لله رجاءا له انه يرزقني حازم في الحلال عن قريبا
.................................................. ..................
كان حازم يجلس بشركته هو ابراهيم , يراجع بتركيز شديد بعض الوريقات علي عجله حتي ينهي ما بيده و يعود لشركته الجديده , سمع صوت هاتفه , وعندما وقع نظره علي اسم المتصل حتي ابتسم و اسرع بالاجابه : السلام عليكم علي الناس اللي كبرت علينا خلاص
محمد : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته , ازاي بس طول عمرك الكبير يا باشا , بس اعذروني مشاغل الحياة , انا عارف اني مقصر بس كنت علي وشك اني اناقش رسالة الماجستير وكنت مشغول
حازم بفرحة : وناقشتها ولا لسه ؟
محمد : اه الحمد لله
حازم : ألف مبارك يا دكتر , وعقبال ما نبارك الدكتوراه
محمد بصوت يحمل الكثير من التعابير الغير مفهومة : لا نبارك الجواز الاول
حازم : اخيرا نويت تعملها
محمد : اللي يسمعك يقولك انك عملتها من بدري
حازم : هههههههه دعواتك
محمد : ربنا يطمني عليك يا ابني
حازم : انتي بتدعيلي ولا بتشحت عليا
محمد : ههههههههه
حازم : المهم هتججوز امتي
محمد بتوتر: اتجوز ايه يا عم انا لسه هخطب
حازم : لسه هتخطب؟ انا فكرت خلاص هتتجوز , عامة ربنا يتمملك علي خير و ابقي اعزمنا بقي علشان نيجي نعمل الواجب ومتبقاش بخيل علي عادتك
محمد باحراج : انت اللي هتعزمنا بقي
حازم باستفهام : ليه انت هتستني لما اخطب الاول و بعدين تعمل شبكتك يبقي عليه العوض
محمد : حازم , انا وماما هنيجي عندكم النهارد بالليل نزوركم
حازم : تشرفنا يا باشا حتي مامتي و مامتك يتعرفوا علي بعض
ضحك محمد علي حازم وقال له : يتعرفوا و يبقوا اهل ان شاء الله
حازم : احنا اهل من غير حاجه يا حمادة
محمد بنفاذ صبر: حاااازم , انا جاي اخط نور اختك
ساد صمت المفاجأه بينهم لحظات , انفرجت اسارير حازم بتلقائيه من كلام محمد و قال بشكل مغيب : تنورنا يا باشا , ده يشرفني يا محمد , انت انسان محترم
محمد : ربنا يخليك يا حازم , ده انا اللي ليا الشرف
حازم : بس اعذرني مش هقدر اعطيلك الاوكيه النهائي من غير رأي نور
محمد بتفهم : اكيد طبعا , ان شاء الله الوقت اللي يناسبك ايه النهاردة
حازم :تشرفنا في اي وقت ,
محمد : خلاص ان شاء الله هكون عندكم بعد العشاء
حازم: ماشي يا باشا في انتظارك
أنهي حازم اتصاله و هو غير مصدق لما يسمع , وعلي الفور اتصل علي والدته
سناء: ايوا يا حازم
حازم : ماما , اجهزوا علشان في عريس جاي لنور بعد العشاء
سناء بصوت محتقن من شدة فرحتها : عريس , ياااارب اكرمك يا نور , مين يا حازم اشجيني
حازم : ده دكتور عندها في الكليه صاحبي من ايام الثانوي بس انسان كويس جدا جدا ومحترم وخلوق و اهم حاجه فيه انه باله رايق و اعصابه تلاجه وهيستحمل شعننه نور
سناء: يعني انت موافق يا حازم
حازم : انا مش هلاقي حد افضل منه لنور ,واي حد يتمني واحد زيه لأخته بس اهم حاجه رأي نور فعرفيها كده و خليها تجهز , واهم حاجه خليها تفكر كويس وتاخد وقتها
سناء: مادام انت شايفه كويس يبقي منضيعوهوش , انا هطلع اصحيها و اقولها , اكيد هتفرح و مادام عرفاه هترفضه ليه؟
حازم : ماشي ياماما , اسيبك بقي علشان اخلص اللي ورايا و ارجع بدري , هو ومامته هيكونوا عندنا العشاء
سناء: ماشي يا حازم و انا كمان ألحق انضف كده و اعمل صنينتين حلويات نقدمهم
حازم : متتعبيش نفسك ياماما انا هشتري و انا جاي , جهزوا بس نفسكم
سناء : ماشي ياحازم
اغلقت سناء الهاتف , وأسرعت تهرول الخطي بفرحة الاطفال, صعدت لغرفة نور, وجدتها مازالت نائمة
فتحت الانوار وقالت بفرحة كبيرة : يا نور, قومي بسرعه , مفيش وقت
نور بكسل : في ايه يا ماما
سناء: جايلك عريس النهاردة بالليل
صعقت نور من كلمة والدتها و جاء بخاطرها رسالة اسامة التي ارسلها من يومين , رغم تجاهله لردها ولكن يبدو انه يحضر لها مفاجأه
اعتدلت جالسه , وقالت بخجل و هي تكتم فرحتها بالقوة : عريس , مين سعيد الحظ ده
سناء: ده انتي اللي سعيدة الحظ , ده دكتور في الجامعه
تجمدت نور , وتصلبت ملامحها , اذن ليس اسامة , يا لفرحتها الذي تبخرت في الحال
قالت بعصبيه : لا مش موافقه
سناء بغيظ : ليه
نور: لما اخلص كليتي
سناء: مش لما نقعد مع الناس و نشوف ظروفهم ايه , ما جايز يقول مفيش جواز الا لما تخلصي كليه , وبعدين انتي لسه ليكي سنه واحده وتخلصي
نور بعناد : حتي ولو انا مش عاوزه اتخطب دلوقتي
سناء بغضب: نور , متركبيش دماغك في دي كمان , حازم بيقول انه انسان ميتعوضش و اي حد يتمناه
نور بغضب : يبقي يتجوزه هو
استشاطت سناء اكثر من كلام انتها وقالت : نوووور , حرام عليكي , انتي ليه دايما تخلفي كلامي و تفوري دمي
نور: يعني المطلوب ايه اني كل حاجه اقولكم حاضر حاضر حتي لو ده ضد رغبتي , اظن في الجواز مينفعش اقول حاضر وانا مش عاوزة , دي حياتي وانا حره فيها
سناء : مش هنغصب عليكي و الدليل علي كده ان حازم قالي خدي رأيها بس قالي انك لما تعرفي مش هترفضي
نور: هو مين اساسا
سناء: بيقول دكتور عنكم في الكليه و صاحبه من ايام الثانويه
اتسعت عيني نور بدهشه و قالت بشرود وتعجب: الدكتور محمد
سناء: يا نور الانسان الكويس في الزمن ده نعمة , مرتفضيهاش من غير سبب علشان ربنا ميحرمكيش من نعمته , وجايز ربنا اكرمك بيه علشان انتوا صبرتوا علي غدر ابوكم بيكم , ففكري كويس وبما انك عرفاه يبقي تقدري تقرري كويس , بس لو شيفاه انسان محترم متفضيهوش من غير سبب علشان ميبقاش حرام عليكي وربنا يعاقبك بذنبه بواحد مش كويس يطلع عينك وترجعي تندمي
ألقت سناء تلك الكلمات علي مسامع نور ثم تركت الغرفه و انصرفت حتي تعطي نور مساحة من التفكير و لا تتسرع في الرفض و العناد كطبيعتها
خرجت سناء و بقيت نور مكانها تحت تأثير الدهشة و الاسستغراب , بل ان عقلها لم يستوعب ما سمعه , وما يحدث لها
كلمات والدتها ظلت ترن برأسها و كأنها ناقوس خطر لها ان رفضته بدون سبب
قالت بنفسها : هو فعلا الدكتور محمد انسان ميتعوضش و كل بنات الكليه تتمني تبقي مكاني دلوقتي
شعرت انها بنعمة تحسد عليها , وهاهي سترفض نعمة الكثير يتمناها , فهل من العقل ان ترفضها من اجل اسامة
رغم تمنيها الشديد لأسامة وزواجها منه و لكنها لم تستطع نطق كلمة الرفض لانسان مثل محمد , بل ان احلامها لم ترتقي لتصل في يوم ما لشخص مثله
قالت : يووه صحابي كلهم مشغولين , يعني هبه سافرت و مش هعرف اوصلها ومي عروسه و نسرين اختفت.... ثم اكملت بضحك ...اه صحيح نسرين هتعمل ايه لو عرفت
شعرت بخوف علي محمد من ان تخبر نسرين بالخبر , فالبتأكيد ستلح عليها بأن ترفضه من اجل ذاتها و في نفس الوقت شرعت بالحزن من اجلها عندما تعلم
قالت لتبرر موقفها : هي اصلا مش بتحبه , هي معجبه بس و الدليل علي ذلك جريها ورا ابن خالتها و نسيانا خالص
انا هسيب الموضع متعلق كده و مش هرد الا لما افكر كويس و برضه اتأكد ان اسامة هيتقدملي مش وعود بس
انا هاجي علي نفسي و اقابل الدكتور محمد ومامته النهاردة علي ما اشوف قراري ايه , حقيقة انا قلبي مشس متقبل محمد ده خالص و متعلق باسامة وبس خايفه ربنا يعاقبني اني ارفض محمد خاصة اني عارفه ان اسامة مش كويس و دايما بيجرحني بكلامه وانه مش معجب بشكلي وبيحبني قدر
ظلت تفكر باقي اليوم بعقل مشتت , حتي كادت تفقد صوابها
حان الموعد , واذن ببصلاة العشاء .... الوضع مرتبك كعادة اي منزل يأتتي لهم خاطب لأبنتهم
أحضر حازم العديد من الفواكهه و الحلويات و المشروبات .. سناء ظلت طوال اليوم تنظف في مدخل المنزل و الحديقه و ريسيبش الفيلا , كان قلبها يعاني صراع بين الفرح و القلق , فدائما ما تجادلها نور بعناد في كل الامور ولكن تلك المره سيكون لعنادها عواقب مخيبه للآمال و حسرة علي ضيع شخص كهذا
واخيرا ..... وصل محمد و والدته ..... رحبت سناء بهم ترحيبا حافل و ايضا حازم الذي لم يقل عن والدته فرحة بقدوم محمد لخطبة نور
وبعد ان جلسوا معهم بعض الوقت المليئ بالترحيبات و عبارات الثناء و الاشادة بطيب الاصل و علو الاخلاق و الشرف الذي يناله كلا منهم بارتباطه بالنسب مع الآخر
استأذنت سناء لتجلب طلب الضيافة , وقبل ان تدخل المطبخ صعدت لغرفة نور
رفعت يديها للسماء و ظلت تهمهم بالدعاء والرجاء بان يهدي الله ابنتها , طرقت الباب و دخلت
وجدت نور تردتدي اسدالها الاسود و وجهها خالي من الزينه و تجلس بوجه غير راضي و متردد
سناء بلهجه معاتبه : ينفع كده يانور , ده منظر تقابلي بيه عريس
نور: ده شكلي لو مش عاجبه , يبقي السكة اللي تودي
تنهدت سناء بضيق ولكن ليس هناك وقت للجدال معها فقالت بلهجه حانية : طيب يلا يا حببتي الناس قاعدين من ساعتها
نور بتذمر : انا محرجه , هدخل اقول ايه
سناء : تعالي بس معايا , اشتالي صنية الفاكهه و ادخلي اقعدي و لو حد طلب منك الكلام اتكلمي بس
خرجت سناء تتبعها نور بمشاعر متخبطه بين الخجل و الارتباك و التردد و الرفض الممزوج بالخوف من عقاب الله
.................................................. ..............
وبعد انتهاء المقابلة , اسرعت نور لحجرتها , لا تعرف ما تفعل , اتبكي ام تضحك , اتحزن ام تفرح , كل شئ يجبرها علي الموافقه , اسلوبه و اسلوب والدته في كلامهم و اظهارهم لمدي اعجابهم بها علي عكس اسامة دائم السخرية من شكلها و شخصيتها الضعيفه و شخصية اخيها المعقدة
أدبه و اخلاقه و نجاحه و الذي تعرفهم جيدا من قبل , و فشل و فساد اسامة علي عكسه تماما
فرحته امها التي تملأ وجهها و صوتها و كلامها , تمسك حازم به و اشادته بمدي صلاحه و مدي معرفته بنجاحه و اخلاقه
ولكن قلبها يرفض تماما ذلك الارتباط و مازال رهينه بين يدي اسامة , فاسامة الذي ظلت تعشقه ثلاث سنوات حتي ذابت جميع خلاياها في حبه و تمسكا به
فتحت هاتفها و قرات رسالة اسامة لها و كلماته الواعدة لخطبتها و وعوده بالالتزام و حبه لالتزامها لو بعدها فتحت رسالتها له و بعدها تجاهله لرسالتها
ظلت تبكي بشدة و هي تقول : مش هقدر ابدا احب حد غير اسامة , اعمل ايه بس
وبعد ان افرغت غصة قلبها عبر دموعها قالت : انا هبعت رساله لأسامة و لو اتقدملي فعلا انا هوافق و هرفض محمد
" اسامة ... انت مردتش عليا ليه .... ياريت تنفذ وعدك بسرعه لأن جايلي عريس و اهلي موافقين بشدة و انا مش هقدر اوافق و ارتبط بحد غيرك , فياريت تنقذني من الموت و انا حيه علي ايد اهلي و اصرارهم .... انقذني "
ضغطت علي زر ارسال و ظلت تنظر للشاشه الهاتف بانتظار رد من من تعلقت روحها به و لكن انتظارها طال فعادت ثانية لتنغمس في دموعها
...............................................
اشرقت شمس يوم الجمعه ... كانت حسناء بلغت مرحله متأخره من الشوق و الملل من كثرة الحبس و الوحده بالاضافه لتجاهل حازم لها ذلك الاسبوع
كانت تحاول جاهده ان تلزم حدودها امام الله في مشاعرها تجاه حازم فكلما حضر بذهنا تظل تدعو بأن يرزقها الله حازم في الحلال و لكن ذلك كلفها فقد ظلت ليل و نهار تدعو و تضرع
جلست بملل و حيرة , لم يتصل بها احد ليخبرها بأنها ستشاركهم الغداء اليوم , حتي حازم يبدو انه نسي امرها تماما
كان هذا ظنها ولم تعلم شئ عن مدي انشغال عقل حازم بها في ذلك الاسبوع عن سابقه و لكن خطبه محمد لنور و ايضا رسائل بعض الشركات المتخصصه في صناعه الهواتف الخلوية سببت له ارتباك شديدا
قالت بملل : تقريبا مش هيجي ياخدني النهارده , بس بصراحه انا معدتش اقدر استحمل الملل
لم تكمل كلامها حتي سمعت صوت هاتفها يعلو
نظرت للشاشه فوجدت اسم حازم فقالت و دموعها تسبق صوتها : حرام عليك يا حازم
تماسك بالكاد و مسحت دموعها وبلعت غصة توقفت بحلقها حتي يبدو صوتها طبيعيا : السلام عليكم
حازم : وعليكم السلامه , اجهزي يا حسناء علشان اجي اخدك
حسناء : حاضر
اغلقت حسناء الهاتف ثم اسرعت ترتدي ملابسها و بقيت تنتظر قدوم حازم
سمعت بوق سيارته بالخارج فخرجت نحوه , جلست بجواره و هي مختنقه بسبب تجاهله لها اسبوع كامل
لاحظ حازم غضبها المختزن , نظر نحوها نظره تتمناها حسناء لولا غضبها لاغمي عليها من شدة فرحتها بها , فقال لها : ازيك يا حسناء
ردت باقتضاب: الحمد لله
حازم و هو يدير عجله القيادة وقلبه مشتغل شوقا بمن تجلس جواره رغم ذلك غض بصره عنها بأدب : معلش مقصر معاكي بس ربنا يسهل و اوول ما هبدأ افضي هاخدك تكملي شغلك في الشركة
لم ترد حسناء سوي بالصمت كأنه رساله عن غضبها الداخلي
حازم : حسناء
حسناء : نعم
حازم : مالك
حسناء : مفيش
علم حازم بأنه من سبب لها ذلك الضيق بسبب تجاهله لها اسبوع كامل , ولو تعلم مدي انشغاله بها ولكن مشاغله هي العائق
فلم يزيد من الكلام و نوي علي شئ ما وانطلق نحو فيلتهم
وبعد ان قضت معهم بعض الوقت , واثناء تجهيز سناء و نرمين للغداء و بقاءها مع نور وحدها
قالت نور بتردد : تيجي نقعد شويه في الجنينه
حسناء: ماشي تعالي
خرجتا للحديقه , ظلتا صامتتين بعض الوقت قبل ان تقول نور بتردد بالغ : حسناء عاوزة استشيرك في حاجه
حسناء : اتفضلي
نوربإرتباك و كلمات متبعثرة : في واحده صحبتي متقدملها واحد كويس جدا بس هي مش بتحبه ... اصلها بتحب شخص تاني متقدملها برضه بس بصراحه هو مش محترم قوي يعني و مش بتاع مسؤلية لكن هي مش قادره تتخيل نفسها تتجوز حد غيره ... هي عاوزه رأيي و مش عارفه ارد عليها بإيه
حسناء : بصي يا نور هسألك سؤال ... قوليلي اسم أكثر أكله بتحبيها جدا جدا
نور : البامية
نظرت لها حسناء بتعجب فأردفت : اه ...البامية اكلتي المفضله
حسناء بتفهم : ماشي , قوليلي بقي اسم اكله مش بتحبيها قوي يعني عمرك ما تشتاقيلها بس لو مضطره هتاكليها
نور : السمك المقلي
حسناء : طيب لو انتي راجعه في يوم من الكليه جعانه و دخلتي المطبخ لقيتي قدامك سمك مقلي سخن و عليه لمون و توابل و متظبط و باميه بس حامضه وريحتها وحشه هتاكلي ايه
نور: اكيد السمك
حسناء: خلاص قولي لصاحبتك تحتار الانسان الكويس حتي لو مش بتحبه , انمااللي بتحبه و فاسد هيتعبها
أومأت نور بتفهم و يبدو انها في تلك اللحظة اختارت قرارها الاخير تجاه خطبتها و تخلصت من حيرتها التي دامت ايام
تناولت حسناء غدائها معهم و قبل ان يتناولوا مشروبهم , سمعوا طرقات حازم علي الباب و من ثم صوته : حسناء, يلا علشان اروحك
صعقت حسناء من كلماته و لكنها قامت امام اصراره رغم محاولة نرمين و سناء ببقاءاها معهم
ركبت حسناء بجوار حازم و هي تشتعل غضبا منه و لكنها فوجئت به يتوقف عند المطعم الذي جلسا معا به مسبقا
ترجل و طلب منها ان تتبعه للدخل........

حبيسه قصر الوحشحيث تعيش القصص. اكتشف الآن