البارت 13

25.3K 341 1
                                    

وانصرف بعيدا عنهم ليكمل باقي يومه و ترك خلفه نسرين ذائبه بين احلامها التي بدأت تتلألأ و تسمو بها في اعالي السماء , تطير بها من جنه إلي اخري
لاحظت هبه ذوبانها في عالمها السعيد بعد انصراف الدكتور محمد فقالت لها : نسرين فوقي انتي كمان هي ناقصة جنون مش كفاية الهبلة نور
مي : متعلقيش نفسك قوي يا نسرين علشان متفوقيش علي صدمة
نسرين غير مهتمية بنهرهم لها وقالت بهيام : اوووووه ااااااااه هييييييييح كويس انك غبتي النهاردة يا نور
مي : والله انت وهي متختلفوش عن بعض وانت اللي عاملة نفسك واعية و بتنصحيها
هبه : صحيح عاوزين نروح نزور نور و نصالحها زمانها مدمره و احنا داخلين علي امتحانات
استساغت نسرين الفكره بشدة و قالت : ياريت النهارده يا بنات قبل ما نفسيتها تتعبها , خير البر عاجله
قالت لها مي و هي ترفع حاجبيها بتشكك : خير البر عاجله برضه ولا زمانك عارفه ان الدكتور محمد هيروح عندهم النهارده فعاوزة تروحي مخصوص علشان كده
نسرين و هي تحاول تصنع الجديه : علي فكرة انتي فهماني غلط يا مي
هبه : يا شيخه
نسرين : هههههههههه أيا كان نروح النهارد بالليل
هبه : تمام
مي : ويارب نروح منلقيش الدكتور محمد هناك
ضربتها نسرين بخفه علي ذراعها وهي تقول : اعوذ بالله علي النفسنه انتي مالك , ده ايه الشر ده يا بشر
هبه و مي :هههههههه
.................................................. .....
في المساء كانت الفتيات الثلاثه في طريقهم إلي صديقتهم نور يحاولون نيل رضاها و مسامحتها , ليس من أجل انفسهم و لكن من اجل مصلحتها هي , فهكذا تكون الصحبة الصالحة , استأذنت الفتيات بعد ما سلموا علي سناء و صعدوا لغرفة نور ليفاجئوها بقدومهم
كانت نور تنام في فراشها مختبأه بغطاء خفيف يحيطها الظلام الدامس ليغلف جسدها مثل قلبها المغمور في ظلمة القهر
سمعت طرقات علي باب الغرفة فلم تجيب , فتح الباب و دخلت الثلاثه بصمت تام وفتحوا مكابس الكهرباء ليملأ النور الغرفة
صرخت نور من تحت الغطاء: اقفلي الكهربا ياماما قلتلك مش عاوزة اتعشي
فجأة وجدت الغطاء يسحب من فوقها و اصوات هتاف صديقاتها حولها
نظرت لهم شذرا و اكملت نومها بغضب
نسرين : قومي يا بايخه و بلاش شغل العيال الصغيرة ده
هبه : طيب قومي سلمي و بعدين نامي علي الاقل كواجب ضيافة يعني
اقبلت مي نحوها و أحاطتها بذراعها من الخلف وقالت لها : تصدقي يا بت يانور السرير بتاعك ده مريح وطري قوي مش زي السرير الاسفلت اللي بنام عليه
لم تتمالك نور ضحكتها ولكنها خبأت وجهها بوسادة صغير
نزعتها نسرين من بين يدها وقالت : قومي اعمليلي الايس كريم اللي كنتي عملتهولي المره اللي فاتت وكتري الشيكولاته لو سمحتي وياريت لو حبايتين فسدق ولوز
اعتدلت نور وهي تمسح وجهها , حقا هي فرحه بزيارة صديقاتها لها فقد شعرت بالوحده و الضياع بدونهم
نظرت لهم وقالت وهي تحاول التحكم في ابتسامتها : لو سمحتوا اخرجوا يلا علشان عاوزة انام , ومش المفروض اللي يجي يزور حد يستأذن الاول
هبه : قومي يا بخيلة قومي
نظرت نور لنسرين : وانتي مالك كده متظبطه كأنك جايه فرح
مي : جايه ترسم علي حازم اخوكي
نور: ميتهيأليش
نسرين : اصل حبيب القلب جايز يجي عندكم النهارد , فيلا ننزل نقعد تحت
نور: بالعند فيكي هنقعد هنا
هبه : يعني سمحتينا , وصافي يا لبن
نور بوجه عابس مبتسم : صافي يا لبن
هلل الاصدقاء في صوت مازح
هبه : وخدي دي المحاضرات و السكاشن اللي فاتتك و دي تلخصيات جبناها من المكتبه
نور بإمتنان : شكرا يا هبه
هبه : بس متضيعيش فلوسي في الفاضي وذاكري ده انا و الله مصوراهم ب 3جنيه و نص بحالهم
نور : ههههه اللي يسمعك يقول 3الاف و نص
وهكذا عادت علاقتهم كما بالسابق بفضل اخلاصهم لبعضهم البعض و تخليهم عن الانانية و حب المصلحة الذاتيه
وبعد ان قضوا معها ليلتهم استأذنوا للرحيل قبل ان يتأخر الوقت, فاصطحبتهم نور لبوابه الحديقه تودعهم
ظلت نسرين تتلفت في ارجاء الفيلا فم تجد مبتغاها فقالت لنور بصوت منخفض: هو اخوكي مجاش له ضيوف دلوقتي
نور : حازم اساسا في مشوار من العصر
نسرين لهبه و مي: انت وشكوا فقر
هبه : ربنا يهدي
وغادرت نسرين مع صديقاتها وعلي وجهها خيبة أمل و حسرة
ولكن يا لحظها السئ فقد حضر الدكتور محمد بالفعل و لكن بعد مغادرتهم بساعه , فاتصلت بها نور لتخبرها و تزيدها حسرة و تستمتع بإستفزازها
.................................................. .............
كانت نرمين و حسناء يجلسون بعد صلاة العصر يتناولون وجبة الغداء في غرفتهم بشركة حازم , ويتبادلون حديثهم المازح بعد ان نمت الالفه بينهم و كبر صدقاتهم حتي اصبحوا مثل الاختين التوأم
نرمين : تعرفي يا نور اني متغدية قبل ما اجي
نظرت حسناء لوجهها و كأنها تقول لها , هل ما سمعت صحيح ام انه صرير اذني فقط
ضحكت نرمين و هي تقول لها : يا بنتي بيني و بين الاكل قصة عشق كبيرة , بس انا والله باكل مخصوص علشان عارفه ان زمانك متغدتيش , مش عارفه ازاي عايشه علي عيش وجبنه بس
حسناء: انا اساسا لما برجع من الشغل مش بتعشي , بشرب كوباية شاي و بنام
لم تنتبه نرمين لكلمات حسناء الأخيرة فكانت تدقق السمع و تنصت لصوت أتي من خارج الغرفة , صوت مألوف , تعرفه جيدا و لكن لم تصدق أذنها
نرمين بدهشة : حازم؟
حسناء بتعجب: نعم؟
نرمين بفرحه : حازم بره في الشركة
حسناء و أوصالها بدأت ترتعد : طيب بسرعه نلم الأكل أحسن يزعق
نرمين : متخافيش كملي أكل انتي انا متغديه مره قبل كده
تركتها و خرجت تستقبل اخيها بالخارج , فأسرعت حسناء تلملم الطعام و تخبأه و كأن حملة مرورية ضد الاكل أتيه في الطريق ثم جلست مكانها بأدب
دخلت نرمين و معها حازم الذي ألقي السلام علي حسناء دون ان ينظر اليها
حازم : السلام عليكم , ازيك يا حسناء
حسناء بصوت منخفض: وعليكم السلام الحمد لله
جلست نرمين في الكرسي الذي أمام المكتب الكبير وقالت لحازم: اتفضل مكانك يا باشا
حازم : اتفضل ايه , انتي مالك مستعجله كده
نرمين : كل ده و مستعجلة, ده انا بقالي 3 شهور و نص , دماغي خربت يا اخي
حازم وبابتسامة : صبرا صبرا و انتي نازله عليا هجوم كده , سيبيني بس اسبوع كده و هسلمك شغل سكرتيرة في المكتب و هشيل بدل منك
نرمين بمزاح : ساعتها هتيجي تسلمني وظيفتي و تاخدني من مستشفي المجانين
حازم برجاء : ههههه معلش يا نرمين استحملي علشان خاطري
نرمين : ماشي يا سيدي
جلس حازم علي كرسه و قال لنرمين : وريني يا باشا شغلك كده اشوف هعطيكي جيد و ممتاز
قامت نرمين تقدم له بعض المستندات و الاوراق
ظل حازم يقلب الصفحات و يراجع الاوراق وبعد ما يقرب من النصف ساعه قالت نرمين : ايه الاخبار
حازم : عشرة علي عشرة و نجمة كمان , انا شايف انك تستاهلي تفضلي في مركزك و شغلتك دي
نرمين بسرعه : لا معدش في دماغ للتركيز ده
قام حازم من مكانه و هو يلملم الاوراق و يقول لها : للدرجه دي , عامة زي ما اتفقنا اسبوع و همسك بدالك و شوفي ايه اللي يناسبك في الشركة و امسكيه
نرمين : ماشي خليني سكرتيرة زي ما قلتلي
حازم : تمام , ثم وجه كلامه لحسناء: وانتي يا حسناء شغلك تمام و لا حابه تغيريه , عاوزة تفضلي هنا مع نرمين و لا تيجي معانا الشركة التانيه
لم تستوعب حسناء لبرهه ان الكلام موجه لها , ردت و لسانها يكاد يبلع : لا هو كويس - ثم اكملت بخوف - هو انت مش هتكون موجود معانا هنا في الشركة
لا يعرف لما تلك الكلمة و نبرة صوتها ذكرته بلحظة ما قال لها بالمشفي انه سيخرج للعالم , لحظة ما شعر بمدي احتياجها له في حياتها و كأنه يمثل لها العالم بأكمله
فهاهو الآن ليس مجرد يحافظ علي حياته بإهتمامه بها و لكن ايضا حفاظا علي امنها الداخلي و طمئنينتها بوجوده معها
هم ان يرد ولكن صوت نرمين سبق رده: لا الشركة التانية ايه , انا محتجاها معايا ضروري هنا
ابتسم حازم لكلام نرمين و أراد ان يشاكسها فقال لها : أصل ابراهيم محتاج سكرتيره
نرمين بحنق: ما هو معاه سكرتير هناك
حازم : لا ما هو استقال و مشي
نرمين هي تنظر له بغضب و تضغط علي اسنانها: حااازم , انا محتاجه حسناء معايا هنا
ابتسم حازم وقال : خلاص ماشي يا حسناء خليكي مع نرمين هنا
وعندما لم يسمع ردا من حسناء اختطف نحوها نظره سريعه لم تتجاوز طولها لحظة و لكنه رأي في عينيها نظرة مليئة بخيبة الأمل فأكمل كلامه : انا كده كده هكون موجود الفترة المسائية هنا
نرمين برضا: تمام
ابتسم حازم لنرمين و اتجه ليجرج و لكنه عاد ادراجه نحو حسناء و قال لها دون ان ينظر نحوها : لو سمحتي يا حسناء انا هروح البيت اللي انتي فيه ,محتاج شوية أوراق من الاوضه
وقفت حسناء تنظر نحوه مندهشة من كثرة أدب ذلك الرجل , حقا كلما تعاملت معه كلما انبهرت به اكثر و اكثر و تعجبت من أخلاقه وخصاله التي لم تجدها باحد غيره
ردت من تحت وطأة دهشتها : اتفضل
قال لها و هو متجه نحو الباب : شكرا
.................................................. .......
انتهي اليوم و حل الليل , اغلقت نرمين الشركة و استقلت مع حسناء سيارتها لتوصلها إلي منزلها
دخلت حسناء المنزل و هي مجهدة بعد يوم مليئ بالاعمال و الاعباء فقد ضغطت علي نفسها اليوم كثير في انجاز كمية كبيرة من الملابس التي تحيكها يوميا قبل الذهاب للشركه
قالت بوهن : اه كوباية شاي و ادخل انام علطول , مش قادرة
اتجهت مباشرة للمطبخ تعد كوبا من الشاي كعادتها ولكنها فوجئت بشيء لم تكن تتوقعه , شئ ذكرها بماضي مزدهر بالعطايا , مليئ بالخير بوجود صاحب الخير
وجدت المطبخ مكتظ بالاكياس المليئة بالأطعمة والفواكه و المعلبات و التسالي و الحلويات وكل ما تشتشهي الانفس , حقا لأول مره تشعر بالفرحه الحقيقه عند رؤية الاكياس
ظلت تفتحها واحدة تلو الاخريبفرحه و دهشه , بضخب و فرحة طفله مدللة , وبعد ان انتهت ظلت تتراقص كطفله صغيرة فرحة بهدية العيد التي جلبها لها والدها ,
ظلت تردد بالدعاء الصالح لحازم و هي تنظر للسماء بوجه طلق ملئ بكل ألوان الفرحة و السعادة , شعرت بقدومها علي عصر جديد مختلف , ستنتقل من عالمها هذا لعالم جديد ربيعي الالوان و كأنها وردة ستنمو من اليوم في بستان اخضر مغطي بثمار الخير وزهور العطاء الفواحه و بالكثير من الامان و الطمئنينه
كانت فرحتها طاغية كافيه لتغرق العالم سعادة , تكفي البشر اجمع لمدة اعوام و اعوام
ظلت تأكل من هذا و هذا وهذا , وهي تتلذ بسرور و تقول : بجد انا اول مره اكون فرحانه بالشكل ده , اخيرا رجعت يا حازم , مع اني كان معايا فلوس و اقدر اشتري ده كله بس و الله فرحانه بأنك انت اللي جايبلي الحاجات دي مش فرحانه بالحاجات نفسها
ملئت الاطباق بشتي الانواع المختلفه من الفواكه و الحلويات و غيرها و اتجهت للأسفل امام التلفاز وهي تقول : شكل السهره النهارده هتبقي طويله , مفيش نوم دلوقتي خالص
اشعلت الانوار و فتحت جهاز التلفاز و همت بالجلوس فلمحت بعض الاكياس علي منضدة الصالون
اسرعت نحوها تاركة ما بيدها جانبا , فتحت الاكياس فوجدت الكثير من الشامبوهات و مستحضرات العناية بالشعر و البشرة و مستحضرات التجميل و العطور و كل ما يخصها كإمرأة شابه , و كيس أخر به الكثير من مجلات نسائية و روايات و كتب دينية , و أخري بها نقود و ورقة مخط بها بعض السطور
تركت كل شئ بغ÷مال و التقطت تلك الورقة بسرعة تقرأ ما بهما وهي متشوقه لحروفها التي خطت بيده
فتحت الوقة المطويه و هي تجلس علي مقعد الصالون و تلوك بفمها قطعه من الحلوي , وبدأت القراءة
"السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اخط كلماتي تلك لأعبر لكي عن كامل اسفي و اعتذاري عما سلف مني سابقا تجاههك و اتمني ان تقبلي اعتذاري هذا , و اعدك ألا انقض معك العهد الذي تعاهدنا عليه وسأبقي .. ما دمت حيا.. أمنك و سلامتك أولي مسؤلياتي و توفير الحياة الكريمة لك أهم اهتماماتي... وارجو منك ان تخبريني عن اي شئ ينقصك او بحاجه الية و ستجيدنه رهن اشارتك"
كانت كلماته قليلة و عبارته مقتضبه و لكنها حقيقة كانت تحمل بين طياتها كل دعائم حسناء النفسية و تلمس كل حاجتها الروحيه
بعد ان مررت عينيها علي تلك الحروف حتي شعرت و كأن أحدهم دثرها برداء الدفء النفسي و الاستقرار الروحي
أعادت قراءة الخطاب مرة أخري وبتأني و كأنها تحاول تذوق كلماته حتي تتأكد من مقصد كل كلمة و تحلل ما تحمله من أبعاد
كلماته مختصرة لغاية, شئ يشعرها بالأطمئنان منه وتجاهه , وهذا يؤكد لها صدق نيته من مساعدتها فلم تكن نيته التقرب لأجل جمالها الفاتن كما يفعل الأخرون غيره مما تعودت ان تراهم طوال حياتها , اسلوبه يوحي بالجد و اهتمامه بما يشعر تجاهه بالمسؤليه
قامت من مكانها ثانيه و هي تطوي الورقة و فتحت الكيس التي بها النقود , التقتطها بأناملها و هي تقول : بس انا هحتاج فلوس لإيه بقي ماهو جابلي كل اللي محتجاه
ولكنها لمحت ورقه صغيرة وسط النقود ومكتوب عليها " راتبك الشهري "
قالت : اه راتبي
عادت تجلس مكانها و هي تقول: لما نشوف هيقبضني كام
وظلت تعد حزمة النقود التي بيدها حتي وقفت عند أخر و رقه و هي تنطق : ألف و خمسمائة
ضحكت وقالت : بس هعمل بالمرتب ايه , انا هرجعهوله بكره و هقوله كفايه اللي جبتهولي
وضعت النقود بالكيس مكانها و التقطت الورقة وبدأت تقرأها للمره الثالثه
وقفت عند كلمة " وارجو منك ان تخبريني عن اي شئ ينقصك او بحاجه الية و ستجيدنه رهن اشارتك"
ارتد بظهرها للخلف تستند علي ظهر الكرسي و وضعت ساق فوق الأخري و هي تقول بشكل كوميدي آمر : تمام , رهن اشارتي , امممممم ماشي يا عم حازم - قالت و هي تشير بسبابتها - انا ينقصني خدامة و عربية مرسيدس و فيلا أوسع شويه و امممم عامة هاتلي الحاجات دي بس الأول و بعدين هطلب الباقي
اعتدلت و هي تضحك و تقول : ده انت عليك كلمات , قال رهن اشارتي قال , ربنا يباركلك
وضعت الخطاب بأحد أدراج المكتبه مع الخطاب السابق و جلست بهدوء و سط النعيم الذي احضره لها حازم تلتقط بأناملها وتضع بفمها و تستلذ الطعم بقلبها و احساسها
و جلست تشاهد التلفاز
حقيقه لم تكن تري شئ مما تصوب نظرها تجاهه , فكانت مشغوله العقل بذلك الشخص و الذي برأيها الافضل علي وجه الأرض , رأته شخص مثاليا كامل قالت بنفسها : فعلا كمل من الرجال كثير - رأته بنظرها كامل الخلق وتناست ما بدره منه سابقا و الذي ذكرها به للتو في خطابه ولكن خيره ظغي علي مساوءه حتي محاها تماما من عقلها , ربما لأنه الشخص الوحيد من نوعه الذي قابلته في حياتها بعدما أذاقت البخل من أخوالها و التملص من تحمل مسؤليتها و استنكار أعمامها لها و لأمها و تخليهم عنها بحجه أو بأخري , و بعدما أذاقت كل انواع العذاب علي يد زوج أمها وسبب لها كرها لكل ما يحمل في بطاقته لقب (ذكر), و ايضا لم تجد من ذلك الصنف الرجولي سوي الطمع في حسنها وجمالها و لم يتقرب منها احد من قبل الا لمطامعه الشهوانيه , و في نهايتها رحلتها أتي لها ذلك الرجل المجرد من كل انواع الطمع و الجشع و الانانيه و الشهوانيه و هاهو يفيض عليها بالكثير و الكثير من العطاء دون انتظاره لمقابل
نظرت للأموال الملقاه علي المنضده و قالت : لازم ارجعهاله بكره
تخيلت نفسها و هي تقدم له النقود و تقول له : شكرا , مش محتاجاها ( لم تتوقع منه اي ردة فعل سوي الغضب و تشنج الاعصاب و ماشابه )
شعرت بطفره خوف عابره علي اعصابها , قالت : لا انا لازم اقدمها بشكل كويس
تمددت في جلستها و استلقت نصف جالسه علي الأريكه و ظلت تجمع بعض الكلمات الأنيقه و تنسجها لتكون العبارات اللائقه المناسبه لذلك الموقف
تصيغ عبارات و تمحوها من عقلها و تعيد صياغة عبارات اخري اكثر لياقه و ارقي في كلماتها
ظل علي وضعها هذا حتي شعرت بالنعاس يداعب جفونها فقامت من مكانها و اتجهت لسريرها و نامت وعلي ثغرها بسمة عذبه تتنم عما بداخلها من شعور جميل استعادته بعودة حازم للحياه بعدما فقدته منذ ان اختفي منذ اشهر
.................................................. ..............
كانت حسناء تجلس بجوار نرمين بالسياره و يجول بخلدها الكثير من الحوارات التي تخيلتها ان نتحدث بعد دقائق عندما تقدم لحازم النقود , حقيقة كلها كانت مرعبه , فكما انه مصدر أمنها في الحياه لكن هي لا تغفل عن غضبه فقد ذاقت مرارته اكثر من مره
وماهي الا دقائق حتي أصبح أمامها بشحمه و لحمه يجلس علي مكتبه بإنتظار نرمين , عندما وقعت عينيها عليه تذكرت ما ظلت ترتبه له منذ ليلة أمس, شعرت وكأن الأرض تهتز تحت قدميها الضعيفتين بشكل يرسل لذرات قدميها الضعيفتين ذبذبات قويه تهتز معها جميع اوصالها , ابتلعت ريقها بصعوبه وجلست علي مكتبها بهدوء
ظلت تتابع حديث حازم ونرمين بأذنيها فقط حتي سمعت حازم يخبر نرمين عن رحيله
أغمضت عينيها بقوه و كتمت الهواء داخل رئتيها و هي تحاول تجميع شتات شجاعتها لتقوم تواجه الوحش حازم
وفي لحظة ثقه قامت فجأه بشكل لفت انتباه حازم و نرمين ثم فتحت حقيبتها وأخرجت النقود و اتجهت بخطوات منتظمة كقائد كتيبه حربية و هي تحاول ببساله الحفاظ علي ما جمعته من ثقه داخلها , اقتربت منه تحت ناظره هو ونرمين و قدمت له يدها التي تقبض علي النقود وقالت برسميه غريبة : شكرا يا استاذ حازم , انا مش محتاجه مرتب كفايه اللي حضرتك جبتهولي و كفايه البيت اللي انا قاعده فيه
نظرت لنرمين فوجدتها تقبض يديها بقوة و انفاسها محتبسه داخلها و عينيها محدقتين مخافة ثورة حازم من كلام حسناء و كأن السماء ستنهار فوق رأسها حالا
وعندما لم تجد رد من حازم نظرت نحوه فوجدته ينظر لها نظرة محذرة وقال لها : خدي الفلوس يا حسناء و اقعد ي مكانك و اياك تتكلمي في الموضوع ده تاني , مدخليش الأمور في بعضها
حسناء بصوت الصيصان و قد اصبح وجهها كجمرة مشتعلة : بس
قاطعها حازم بحزم : حسنااااء اقعد مكانك و خدي الفلوس
اختطفت حسناء نظره نحو نرمين فوجدتها تنظر نحوها نظره محذره شديده فسحبت نفسها بهدوء و بيدها النقود و جلست مكانها بأدب تحاول تهدأة اعصابها و حرارة و جهها الملتهب من شدة التوتر
انهي حازم كلامه مع نرمين و هم بالخروج وقبل ان يخرج قال لنرمين : مش عاوزة يا نرمين
نرمين : شكرا
ثم تابع : مش عاوزة حاجه يا حسناء
لم تنتبه حسناء لكلامه من شدة توترها فأعاد كلامه بصوت مرتفع : مش عاوزة حاجه يا حسناء
نظرت له كطفل مخطأ و قالت بصوت مبحوح و نظرة خائفة : شكرا
لم يستطع كبت ابتسامته علي هيئة حسناء و التي تبدي مدي خوفها منه فاسرع في الالتفات و الخروج من الغرفة ليخفي ابتسامته العريضه عن عيونها
وبعد ان خرج نظرت نرمين لحسناء نظرة شماته و قالت لها وهي تضحك : تستاهلي , مش بتيجي الا بالعين الحمرا و انا فضلت اسابيع اترجي فيكي , انا كده عرفت طريقه , اي حاجه تنشفي دماغك فيها هقول لحازم و هو يجي يشخط فيكي شخطتين
نظرة لها حسناء و علي ملامحها باقايا الارتباك وقالت : بس يا رخمة , بس انا مش عاوزة مرتب بجد كتر خيره و كفايه اللي بيجيبهولي
نرمين : حسناء مع حازم بالذات متجادليش , حازم مش بيحس بقيمته و رجولته الا لما بيعطي و يحس انه قايم بمسؤلياته علي اكمل وجه , فلما بتجادلي معاه بيعتبره اهانه لرجولته , فمتنتظريش ساعتها الا لكمه في وشك او قلم علي خدك او ما شابه
حدقت فيها حسناء بتعجب فأكملت نرمين بمزاح : اه انا بحذرك و قد اعذر من انذر
لم تجيب حسناء عليها بغير بالمزيد من الدهشه و النظرات المتعجبه
نرمين : انت خايفه كده ليه , ههههههه انا بهزر مش هتوصل للضرب بس هيضايق
حسناء : خلاص ماشي بس انا مش عاوزة احس اني حمل عليه
نرمين : مش حمل ولا حاجه يا حسناء , انتي واحده مننا
حسناء بحياء: ربنا يخليكم ليا و يكرمكم يارب
.................................................. ..................
.................................................. ..........
انهت حسناء قطعة ملابس اخري , رفعتها بيديها مقابل عينيها تدقق النظر لها لتتأكد من شكلها النهائي ثم قالت : تمام , كفايه بقي النهارده انا انجزت ك كتير الحمد لله
نظرت للساعه وقالت : يااه الساعه بقيت 9 انا شغاله من الفجر يعني بقالي اكتر من خمس ساعات , اقوم اقرأ سورة الكهف و اصلي علي النبي 1000 مره النهاردة الجمعه
قامت من علي مقعد الحياكة و هي تتمدد بتعب وقالت : عاوزه اريح شويه بعد الظهر احسن تعبت قوي
فتحت النافذه لتتسرب اشعة الشمس داخل الغرفة , وفجأة رأت سيارة تقف في فناء الفيلا و بوابه الفيلا مفتوحه
شعرت بفزع يكاد يقتلها , من هؤلاء الذين اقتحموا الفيلا يا تري , سيارة حازم كانت سوداء ولكن تلك يغطيها اللون الرمادي و يبدو انها ليست نفس الموديل
اغلقت النافذه ثانية بسرعه و ارتد تجلس علي الكرسي خلفها بأوصال مرتعده من كثرة الخوف و يدين مثلجتين رغم حرارة الطقس
جلست تضم ساقيها بقوة و تفرك يديها بخوف , قالت : ممكن يكونوا حراميه , انا هتصل علي نرمين تعرف حازم
أخذت الهاتف و اتصلت علي نرمين واثناء انتظارها للرد أخذت تغلق في النوافذ المفتوحه و تتأكد من انها اغلقت البوابه جيدا
تأخرت نرمين بالرد نظرا بإن اليوم اجازة , مما ادي الي زيادة توتر حسناء
واخيرا سمعت حسناء صوت نرمين الناعس :ازيك يا حسناء
حسناء بصوت محمل بالخوف و التوتر : نرمين فيه عربية غريبة واقفه قدام الفيلا و بوابه الفيلا مفتوحه
نرمين بتعجب : عربية غريبة , طيب هتصل علي حازم هعرفه
حسناء بصوت اكثر خوفا : ياريت يا نرمين انا مرعوبه
نرمين : متخافيش يا حسناء اقفلي بس علي نفسك كويس و انا هخلي حازم يجيلك حالا
أغلقت حسناء الهاتف و هي تجلس علي سريرها و ساقها يهتز بشده و لسانها لا يفتر عن الدعاء
............................................
اغلقت نرمين الاتصال مع حسناء و اتصلت علي الفور بحازم
حازم : السلام عليكم , ازيك يا نرمين
نرمين بقلق : حازم حسناء اتصلت عليا دلوقتي وبتقول ان فيه عربية واقفه قدام الفيلا و بوابه الفيلا و الفيلا مفتوحه
حازم : وانتي مالك مخضوضه كده
نرمين بتعجب: بقولك عربية غريبة
حازم : مش غريبة يا نرمين , انا اللي في الفيلا
نرمين : يا نهاااار , دي حسناء ميته من الرعب , دي صوتها بيتهز و علي وشك تعيط من كتر الخوف
حازم : ههههه طيب هاتيلي رقمها علشان كل لما اجي الفيلا اعرفها علشان متخفش
نرمين : ماشي و يانوبك ثواب اتصل عليها حالا , دي مرعوبه
حازم : ماشي
.................................................. ....
كان القلق اخذ من حسناء مأخذ عظيما , اثناء اندماجها في حلقة رعبها المخيف سمعت صوت هاتفها , التقتطه بسرعه و همت ان ترد ولكنها لاحظت ان رقما غريبا يظهر بالشاشة وليس رقم نرمين , رمت الهاتف بعيد عنها بخوف و كأن احدهم سيقفز لها من داخل الهاتف
شعرت بأن احد يلعب بأعصابها و يريد ان تكون نهايتها بسبب رعبها
ظلت تنظر للهاتف بتوجس و عندما عاود الرقم الاتصال مرات
مسكت الهاتف باصابع مرتجفه وردت علي المتصل بصوت مهتز مبعثر الكلمات: السلام عليكم
جاء صوته الغليظ ليبدد غيوم الرعب التي تكاد تغرقها : وعليكم السلام , انا حازم يا حسناء و وانا اللي في الفيلا متخافيش
قالت بصوت مموج وكأنها تحاول التأكد من كلامه : انت عربيتك لونها اسود
قال لها بصوت ينم عن ابتسامه ارتسمت للتو علي شفتيه : ما هي اتدمرت في الحادثه و دي عربيه جديده لسه شاريها , متخافيش , كده كده مفتاح الفيلا مش مع حد غيري
تنفست الصعداء محاوله استعادة بعض هدوءها و قالت : ماشي
حازم وقد شعر من صوتها مدي خوفها : متقلقيش و انا بعد كده قبل ما هاجي هتصل عليكي اعرفك
قالت برجاء: ياريت
حازم : حاضر ,
.................................................. .........................
مرت الأيام بهدوء , أيام عاديه بالنسبه للجميع سوي حسناء والتي وصفت أيامها تلك بأنها أكثر الايام هدوءا و سعادة فعلي الأقل كانت أيام خاليه من الأاحزان و المفاجاءات المزعجه التي تعودت ان تزعجها بها الايام , سوي اتصالها بشوقي و الذي لا يتغير عن كل مره تسبقها , تحذيرات و تهديدات يستعد بها زوج والدها لعودتها في اي يوم و يبث سمومه السيئه تلك في عقل والدتها , حتي كرهت الاتصال بشوقي و اكتفت بأن تعيش ايامها مع تلك الاسره الغريبه و التي اصبحت بالنسبه لها اقرب من جميع اهلها وخاصة في وجود عمود الاسرة حازم
سارت قدما في مشروع الحياكه خاصتها تحاول الابداع فيه و اخراج كل ما لديها من افكار و كل ما تملك من طاقه و صبر حتي تخرج شئ مميز يساعدها في تسويق ما انتجته اناملها بشكل مرضي و لا يكون مضيعه للوقت فقط
بالاضافه لذلك تابعت عملها بالشركه برفقة نرمين و التي تركت اداره الشركة لحازم و استلمت عمل سكرتيرة له في شركته القديمة , كان حازم يحضر الفتره الصباحيه و نرمين و حسناء في الفتره المسائيه ,
ومع ان حسناء لم تكن تري حازم و لكنه كان يملأ الحياه حولها , تشعر به في كل ذرات الهواء التي تستشقه من خلال عطاياه الفائضة و التي تزداد مع الوقت و كأنه منبع العطاء في الحياه , كنهر جارف من العطاء لا ينتهي ابدا , كان يزداد في نظرها عظما و احتراما مع كل يوم يمر عليه و مع كل موقف يجمع بينهم , في الحقيقه لم تري مثله في الكون أحد بنبل أخلاقه و أدبه و حياءه , بالاضافه لكرمه
ولربما اكثر شئ يشعرها بمدي اختلافه عن جميع جنسه و يزيدها احتراما له , هوعدم طمعه بجمالها كما اعتادت من جميع الرجال , لم تذكر يوما ان نظر لها مباشر او تحدث معها و هو يعبث بعيونه في وجهها بلا حياء , بل دائما ما يعلق نظره بالارض اثناء كلامه معها , ولا يتحدث معها الا باحترام وفي المطلوب و الضروري فقط
.................................................. .....
مرت اسابيع ووصلت اختبارات الفصل الدراسي الثاني, وبدأت نور في اختباراتها في الصف الثالث من كليتها , وفي اليوم الاول وبعد ان انهت اختبارها , افترقت هي وصديقاتها فإتجهت هي لشركة اخيها التي بجوار الجامعه لكي يوصلها إلي المنزل و صديقاتها استقلوا اقدامهم نحو موقف السيارات
واثناء اتجاههم إلي بوابه الجامعه وبعد ان قطعوا مسافه كبيرة بعيدا عن كليتم , هتفت نسرين وهي تقف مصدومه و تحدق بشئ ما : بنات شايفين اللي انا شيفاه
مي : مالك كده في ايه؟
نسرين و هي متيبسه من المفاجأه : بصي تحت الشجره اللي هناك دي
نظرت مي و هبه مكان ما تشير اليه عينيها فرأوا شئ توقعوه , رأوا أسامه يحيط فتاه في قمة التبرج و السفاهه بذراعه و تستلقي هي الاخري علي كتفه بإنعدام حياء
نسرين : والله لأروح اهزأه
جرتها مي و هبه من ذراعيها بعيدا عنه حتي لا تتهور و تذهب اليه و تفرغ غضبها به
هبه : بس يا غبيه , وانتي كنتي مفكره انه بيحب نور
نظرت لها نسرين نظره توحي بشدة صدمتها و عدم استيعابها لما يحدث فأردفت هبه : كل اللي اسامه كان بيعمله مع نور و يقولها البسي واخلعي دي تلكيك علشان يشوف واحده تانيه يتسلي بيها بس للأسف نور حبها ليه عميها تماما
مي: بس انتي يا نسرين اوعي تعرفيها اي حاجه علي ما الامتحانات تعدي
نسرين : لا انا هقولها انا لا يمكن اسيبها تتعذب و تعشم نفسها وهو قاعد هنا يستمتع ويعيش حياته ولا في دماغه
هبه بتحذير: نسرين اياكي, هي خلاص أقلمت نفسها علي اللي هي فيه, متجديدش عليها حاجه علشان مترجعش متتصدمش و ترجع تعيط و تسيب مذاكرتها ولما الامتحانات تعدي نعرفها علشان متعلقش نفسها بيه اكتر من كده
ضغطت نسرين علي اسنانها و أغمضت نصف عينيها بتوعد وقالت : ماشي يا اسامة الكلب و قاعد تضحك عليا و تقولي نور بتعاند و مش بتسمع كلامي وانا اللي قاعده اقولها ارضيه و اعملي اللي عاوزه منك وانت متستاهلش الواحده تذكر اسمك و تلوث لسانها بيه
هبه : وياريت متقعديش تقوليلها بعد كده ظبطيلي الدكتور محمد و انا اظبطلك اسامة
لم ترد عليها نسرين فقد كانت تمشي كالانسان الألي تردد عبارت السب و اللعن علي ذلك المخادع اسامة وهي تمشي بجانبهم دون ان تري شئ امامها
.................................................. ................................................
وصلت نرمين برفقه حسناء للشركه , دخلتا مباشرة لغرفة المدير فسمعوا صوت مميز يعرفوه جيد ينبعث من داخل الغرفة
نرمين بوهن : كويس ان حازم لسه هنا عاوزة اتفاوض معاه اخد اجازة اسبوع كده احسن حاسة اني تعبانه
حسناء : وهو هيرفض ليه؟
نرمين : هيقولي هتعجزي من كتر قاعدتك في البيت
ابتسمت حسناء: فعلا هتعجزي أصل لو مجتيش الشركة انا مش هاجي انا كمان , فأنا موافقاه الرأي
نرمين بمزاح : يا بت يا بتاعة مصلحتك
لم ترد عليها حسناء فقد دلفتا داخل غرفة المدير بالفعل , ورأوا اشارة حازم بيديه لهم بأن يصمتوا حتي يلا يسببوا ضجيجا حتي يكمل مكالمته الهاتفيه و التي يبدو مدي اهميتها واضحا في تعابير وجهه بشدة
جلست حسناء مكانها بحياء , فهي دائما ما تشعر بقلة حجمها وضئالة شجاعتها عندما تراه أمامها و كأنها تتقلص بوجوده
أخذ حازم الهاتف وخرج يكمل مكالمته خارجا في شرفة الشركة ليستطيع التركيز أكثر , انتقلت نرمين إلي الكرسي و عقدت ذراعيها علي المكتب و ألقت بجبهتها عليهما , يبدو ان تعبها بدأ يتزايد عليها
قامت حسناء بقلق و دنت منها , ربتت علي ظهرها و هي تنحني نحوها وقالت : نرمين انتي كويسه؟
رفعت نرمين وجهها بضعف وقد انتشر اللون الاصفر يكسو وجهها و كأن الدماء هربت منه وقالت : دايخه شويه , خاصة لما طلعت السلم
حسناء : اناديلك حازم
نرمين : لا مش مستاهله انا هقوم اغسل وشي
قامت نرمين حتي توهم حسناء انها بخير , وهمت واقفه لتتجه نحو الحمام تغسل و جهها و لكن قدماها خانتاها و فقدت توازنها و سقطت ملقاه علي الارض فاقده للوعي
حاولت حسناء انقاذها و اسنادها حتي لا تقع و لكنها لم تستطع ,ف تملك الخوف و القاق اعصاب حسناء و اصابها جنون الهلع
وقفت بملامح يملأها الفزع و هي تصيح بصوت مختلط بالدموع : نرمين : يا نرمين
جلست بجوارها علي الارض و ظلت تربت برفق علي وجهها علها تفيق ولكن دون جدوي
فأسرعت حسناء تجري خارج الغرفة تطلب النجده من حازم , ودموعها تغرق وجهها وهي تنادي ببكاء: بشمهندس حازم
انتفض حازم ذعرا عندما وجدها بهذا المظهر , واقبل نحوها محدق االعينين بقلق: في ايه يا حسناء
حسناء: الحق نرمين
حازم و قد تملك القلق قلبه اكثر: مالها؟
حسناء وهي تمسح دموعها و جسدها يرتجف: مش عارفه
اسرع حازم الخطي نحو اخته حتي كاد ان يتعثر و من خلفه حسناء , وعندما دخل و رأي اخته ملقاه علي الارض اقترب منها و تحسس انفاسها وبعدها قال : مغمي عليها يا حسناء انتي رعبتيني , افتحي الخزنه الاخيره دي و هاتي زجاجة برفيوم منها
اسرعت حسناء للخزينه التي اشار حازم نحوها و أتت بزجاجة العطر وهي لم تتوقف عن البكاء و النهنهة
اعطتها لحازم بسرعه فأخذ ينثر العطر حول انف نرمين و حسناء تقف علي مقربه تضع يديها علي فمها و تحدق بنرمين بقلق و دموعها تواصل سيرانها في نهرين نحتتهم علي وجنتيها
بدأت نرمين تحرك جفونها بوهن فإلتفت حازم نحو حسناء و قال لها: تعالي اسنديها معايا يا حسناء
اقتربت حسناء وبدأت في اسناد نرمين حتي ساعدت حازم في رفعها علي كرسي و بدأت نرمين في الاستفاقه
حازم : هاتي يا حسناء من التلاجه علبة عصير
اسرعت حسناء وأتت بعلبة عصير و قد سرت الطمئنينه في اوصالها نسبيا بعد أن رأت نرمين تستعيد وعيها لحد كبير
اقتربت من نرمين و فتحت و العصير و وضعتها علي فمها و قالت لها : اشربي يا نرمين
بدأت نرمين في ارتشاف العصير من يد حسناء و ححسناء تربت علي ظهرها باليد الاخري
حازم : ده انتي ترعبي يا حسناء
نظرت بخجل للأرض و هي تقول بتوتر و جمل كلماتها غير مرتبة : انا كنت خايفه عليها , وقعت فجأه , ومش اعمل ايه
حازم بلهجه ساخره : تعملي ايه ؟ كنتي افقدي الوعي و اترمي جنبها انتي كمان , مش المفروض انك خريجه صيدله و عارفه تعملي ايه
لم تنبت شفتي حسناء و لا بكلمة واحدة من شدة خجلها و ظلت تتهرب بوجهها الدموي بعيدا عن ناظره للجهه الأخري
وجه حازم كلامه لنرمين : خير يا ستي المرعبه , البنت كانت هتموت بسببك النهاردة
ابتسمت نرمين بوهن وقالت : دايخه قوي
حازم : فجأه كده
نرمين بملامحها أشبه بالأموات : لا من الصبح و انا دايخه
حازم : طيب و جيتي ليه ما دام تعبانه
نرمين : طيب روحني و بعدين نتكلم
حازم : طيب يلا اسنديها يا حسناء و تعالوا نروح
حملت حسناء حقيبتها و حقيبة نرمين و بدأ حازم يلملم الملفات التي علي المكتب و يضعها أماكنها و يغلق الشرفه و النافذه و خرج خلف نرمين و حسناء بعد ان اغلق الباب جيدا بالمفتاح
.................................................. ..........................
نزلت نرمين الدرج بمساعدة حسناء و اتجهوا نحو سيارة حازم
ركبت نرمين برفقة حسناء بالخلف و حازم و السائق بالأمام , ساد الصمت دقائق قبل ان يسأل حازم
حازم لنرمين : تروحي شقتك و لا تروحي عند ماما
نرمين : لا عند ماما , علي ما ابراهيم يجي ياخدني
حازم : طيب استني لما اكلمه صحيح ..... ثم ابتسم ابتسامة خبث قبل ان يكمل : ولا اقولك لما نوصل البيت
وبعد ما يقرب من الربع ساعه كانوا يعبرون بوابه الفيلا و سناء تستقبلهم بوجه مرتعد و ملامح مشدوده
فما ان وقعت عينيها علي نرمين حتي خبطت بيدها علي صدرها و هرولت تجاههم و هي تقول: استر يارب مالك يا نرمين
ابتسمت نرمين ابتسامة ضعيفة وقالت بصوت منخفض : متخافيش يا ماما
سناء: مخفض ايه يا بنتي, انتي منظرك زي اللي طالع من المقابر , وشك زي الليمونه
نرمين : كا ن مغمي عليا و الحمد لله فوقت
اسرعت سناء و جلبت كرسي لنرمين فاعترضت نرمين وقالت : لا عاوزة انام علي سرير
اسندتها سناء مع حسناء و اتجهوا لغرفة نوم بالطابق السفلي
استلقت نرمين علي السرير و بسطت حسناء عليها غطاء خفيفا
جلست سناء بجوارها تنظر اليها نظرة الأم الحنون الولهانة من شدة خوفها علي فلذة كبدها و قالت : مالك يا نرمين ايه اللي حصل , مكلتيش كويس ولا ايه
حازم باستهزاء: ماكلتش ايه بس يا ماما استغفري ربنا انتي كده وقعتي في واحده من اعظم الكبائر , وبعدين مالك كده بتقولك فاقت و بقيت حلوة و انتي شيفاها ماشيه علي رجليها اهي
نهرته سناء : بس يا حازم , وده وقت هزار
حازم : اصل غريبه قوي , شويه وحاسس انك انتي اللي هيغمي عليكي , مش كفايه اللي حسناء عملته فيا
سناء بنبره حزن : من يوم حادثتك يا حازم وبقيت بخاف , بخاف قوي
حازم : خلاص يا ماما , متفكرنيش
التفتت سناء لحسناء التي كانت تقف بجوار السرير من الجهه الاخري تتابع الموقف بصمت : حسناء... صحيح يا حببتي معلش منظر نرمين خلاني نسيت اسلم عليكي
ابتسمت حسناء و استدارت حول السرير , اقتربت منها و سلمت عليها و هي تقول : لا عادي ولا يهمك يا طنط
ظلت سناء تقبلها و تحتضنها بشدة وقالت لها : تعالي اقعدي جنبي واقفه ليه
جلست حسناء بجوارها فأكملت سناء: حسناء هي كمان عملت فيك ايه يا حازم
حازم بلهجه ساخره ولكن اكثر احتراما و التزاما للحدود: حسناء , مفيش دي بس جابتلي صدمه عصبيه , اللي يشوفها وهي جايه تجري و تعيط و تنادي يقول الشمس شرقت من المغرب
ضحكت ثلاثيهم علي كلام حازم فأكمل حازم : انتوا يا ستات بتخلوا النمله فيل , قلبكمرهيف
, صحيح , اما اتصل علي ابراهيم

حبيسه قصر الوحشحيث تعيش القصص. اكتشف الآن