مشاعر غريبة 26

10.5K 825 75
                                    

لطفا تابعوا صفحتنا وصوتوا لرواياتنا كي تحفزونا على تقديم المزيد .. مودتي .

مشاعر غريبة

زمـــــــن الضيـــــــــــــاع
الجزء الثاني
حلقة --- 11 ---
رجعوا غازي ومرته من الموصل بعد اسبوع .. سويت لها للخاتون گعدة السبعة بالبيت .. سبعة تحلم بيها .. حضْرنها أُمها وخالاتها وعدد من نسوان جوارينهم وجوارينا .. وما قصرت وياهم باي شي .
ومثل ما توقعت .. الافندية متعودة تنام للضحى .. تگعد تتمطى وتتمعص وتثاوب .. وتفك حلگها على عرضه .. مثل حلگ الجرية .. حشى خلقة الله .. حتى بلا ما تتعوذ من الشيطان .. شكو كسل تريد تشمره علينا .. يا ستار .
اول ايام گلت عروس .. ما اريد انزع عنها فرحتها .. خليتها براحتها .. وداريتها مثل ما تداري الاخت اختها .. لخاطر اخوي طبعا ..
من اسمع غازي يصحى من النوم اعوف الشغل واتوجه للمطبخ اسويلهم ريوگ .. تتزقنب .. وتعوف المواعين على حطتها .. ويا ريت تكتفي بهذا ..!! ... بعد الريوگ تتوجه للدكان وبكل وقاحة وبلا ما تستأذن من عندي .. تلزم الحلويات بالسره .. تضوگ من هذا وتضوگ من هذا .. وتنتقل للنساتل وللببسي ..وتاكل فد اربع نساتل .. وتشرب بطلين ببسي .. حسبالك ما ضايگه الضوگ .. وبلا خجل اتريع بصوت عالي وتگول لنفسها :- عوافي .. ههههه ..
وتضرب باثنين ايديها على بطنها وترد تمسح صدرها ..
وتضحك حسبالك تكايدني ..
بعد ما تتريگ تواخذ لها فرة بالدكان .. تروح تگعد بالهول .. تنتظر التلفزيون يفتح حتى تتفرج على افلام كارتون بالفترة الصباحية .. لان صادفت جيتها لبيتنا بالعطلة الصيفية ..
تعجبت بتلفزيونا .. لان كان تلفزيونهم اسود وابيض عتيگ وتلفزيونا كنا مشترينه جديد .. E I C ملون ..
حتى بالليل تبقى مگابلته للتلفزيون من يفتح الى ان يعزل .. وحلگها ما يبطل لوك .. اقل ما بيدها تعلچ لو تكرز حب عباد الشمس .. واتفل من حلگها الگشور بكل الاتجاهات بلا ما تراعي اللي گدامها ولا تهتم لنظافة البيت .. ولا تلم وصخها بعد ما تخلص .
حتى من يروح غازي للغرفة دا ينام .. ياشر لها حتى تلحگه .. وما تهتم له .. تبقى مفرشه بالگاع الى ان يخلص السلام الجمهوري وتطلع العلامات الملونه ويبدي يوش التلفزيون .. ياله تطفي وتعوف الهول .. لحد ما خفت لا تصيبه للتلفزيون بالعين ويعطل ..
تحملتها .. گلت ايام ومفارگتهم ..
وسط كل هاي اللخبطة والهوسة اللي حصلت بالبيت من وره هناء العوبة .. بقيت مسيطرة على اعصابي وانتظر عباس .. عباس .. كل شهر ينزل اجازة مرة وحدة .. لمدة سبعة ايام .. اول اجازة اجا بيها .. مر لبيتنا هو وامه واخذني ورحنا عقدنا مهر بنفس المحكمة اللي گطعوا بيها مهر غازي وهناء .. بالكاظمية .. بلا ما يحضر وياي ولا واحد من اهلي ..
بمكان ما افرح .. حسيت بحسرة وغصة .. طيلة روحتنا وجيتنا ما فك حلگه وحچى له حچايه بيها خير .. بالروحه استلمتني امه .. سوالف وحچي وتشكي من الحال اللي هم بيها .. وبعد ما كنت مفتهمه بان البيت اللي كانوا سكنين بي بالحرية ملك .. تبين لي بانه ايجار .. كل همها من الحچي تريد مني – آنا – اقوم بتجهيز متطلبات العرس .. صحيح ما گالتها بعظمة لسانها .. بس افتهمتها من طريقة كلامها ومضمونها .. على المره الاصيلة وبت الوادم تعاون رجلها بكل شي .. اول وتالي البيت راح يكون الها والرجال يصير ابو بيته وابو ولدها .. ومن هالسوالف الناعمة .. واللي تبط الچبد بنفس الوقت .. تحملت حچيها وبقيت ساكته وما رديت عليها ..
حسيت بيها طمعانه بيَّ وتريدين اعيِّيش ابنها .. ما صدگت على ما افتكيت منها .. بس بعد ما منها مفكه .. عباس صار زوجي على سنة الله ورسوله .. وما يفيد لو حچيت كل الحچي.
وصلني عباس للبيت بعد عقد المهر .. وعافني وراح لاهله .. بحجة يرجع يساعد اخوه بشغل محل النجارة اللي فتحه جديد حتى يحصل منه على كم فلس يعيننه بتكالف زواجنا اللي حددة بعد ان يسرحونه من الخدمة العسكرية .. واللي من المقرر ان يتم بعد اربع او خمس اشهر .. وبعدها ما شفت وجهه .. الى ان نزل بالاجازة الثانية ..
واستمر الحال على هذا المناول عدة اشهر .. كل ما ينزل عباس اجازة اشوفه مرة وحدة .. ما تتجاوز الساعة .. يجي مرات جايب امه ويا .. ومرات يجي بلاها .. حتى يشوفون هناء ويسلمون عليها .. وبطريقه يسلم علي ..
من دا يرجعون لبيتهم ياخذون هناء وياهم .. تبقى ابيت اهلها يومين ثلاثة وترجع .. وهماتين يوصلها عباس للباب ويشمر السلام علي شمر ويروح .. حسبالك دا يسقط فرض .. بلا ما افتهم من عنده اي شي ..
قبل لا يتسرح عباس من العسكرية .. حبلت هناء ..
من كل گلبي فرحت لها .. بعد اخوي وراح يصير عنده طفل .. شلون ما افرح ..
بس هي ما تگعد راحة .. تجيب المغثة من جوه الگاع .. ما على فرد شي .. بس كنت انقهر من اشوف وصخها واهمالها لاخوي .. وعدم احترامها له .. وعدم احترامها لكل من بالبيت .
ففرحتنا بحبلها ما طالت ولا تمت .. من ورا سوالفها .. حتى غازي خبت فرحته من كثرة طلباتها واهمالها له ..
حسيت بي ما عاد يهتم لها ولطلباتها مثل الاول .. من تريد شي وتتحجج بالوحام يتهرب منها ويحيلها علي .. فكنت اضطر من اتسوگ اجيب لها اللي تريده ..
اهم شي خلصت من سالفة اكلها للحلويات والنساتل .. سبحان الله من حبلت گامت تكره شكو شي حلو وتلعب نفسها منه .. وما عاد تدخل للمحل ..
اما امي فضيلة فكانت تدردم من جوه لجوه عليها .. حاولت بالبداية تستميلها وتوجها وتنصحها .. بس ذيچ استغلت طيبة امي فضيلة وما اهتمت لحچيها ونصايحها ..
الشي الوحيد اللي حصل بوقتها وخله ابوي يسكت عنها وعن غازي وما يسوي طلايب .. هو انو غازي بدا يشتغل .. اجر محل زغير ابداية القطاع .. على الشارع العام واشترى معدات لحيم .. ولدن .. ومن هالشغلات اللي يحتاجوها الحدادين .. وبدا يشتغل بالمحل .. يعني يلحم له باب مكسور .. شباك .. عربانه .. يلحم سقيفه .. راد يلزم الكار القديم لابوي .. وبدا يترزق ويشتري لمرته بعض احتياجاتها .. وشال عني مصروف جگايره اللي ابتليت بيهن من يوم لبسوا عسكرية ..
بوقتها رفض غازي يستلم الدكان ويگعد بمكاني .. يشوفها عيب الرجال يگعد بدكان ويبيع .. على حچايته .. هاي الشغلات من اختصاص النسوان ..
هذا الامر صرف لابوي ولامي فضيلة .. وليَّ ايضا .. ابوي ما كان عنده ثقة بغازي .. فكان محتار المن يسلم الدكان بعد زواجي .. خصوصا .. ما كان يريد كريم ينشغل بالدكان عن دوامه بالكلية بعد ان انهى دراسة الاعدادية بذيچ السنة وقدم للكلية ..
كانت فرحتنا بنجاح كريم من الاعدادية ما تعادلها فرحة .. خصوصا فرحة ابوي .. صحيح كان يتأمل ينقبل كريم بكلية الهندسة او بكلية الطب.. بس ما تأثر من عرف بان معدلة ما كان يأهله لهاي الكليتين ..
المهم صار عنده ابن ممكن ان يفخر بي ويدخله للكلية .. وبعد ما طلع قبول كريم بكلية القانون بالجامعة المستنصرية .. طار من الفرحة .. وانطاه مية دينار .. حتى يشتري ملابس وجنطة دبلوماسية .. وطلب من عندي اوزع چكليت على جهال المحلة وعلى الجوارين ..
وطلب من كريم يشد حزامه بالدراسة ويتفرغ لها وما يفكر يگعد بالدكان ولا يلتهي بلعب الطوبة اللي كان ماخذ من وقته الكثير .
لهذا ابوي فضل – بعد ان اتزوج من عباس - تگعد بالدكان امي فضيلة .. او يعزله ..
تفكير امي فضيلة يختلف عن تفكير ابوي .. ما انت تريد يفرط بالكان تريد يبقى ذخر وسبوبة للمعيشة .. يفتحه كريم العصر من يجي من الكلية ... الى ان تنفتح بوجهه ويخلص دراسة ويتعين بوظيفه .. هذا عدى عن هاجس خوفها – خصوصا بعد ما كبر ابوي وتعب - لا يعوفها على غفلة ويرحل – يتوفى - وتبقى تحت رحمة غازي .. ومثل ما تعرفون موقف غازي منها كان دائما سلبي ..
بهاي الفترة خفّت رجل النسوان عني .. وقل شغلي .. ما عاد لي واهس اشتغل مثل الاول .. بعدين حتى مكان خاص بيَّ ما بقى .. فما ترهم افصِّل ملابس او احف للنسوان بالهول .. وغازي رايح جاي .. هذا عدى عن ابوي تمرض بذيچ الفترة وما عاد يطلع هوايه بره البيت .. ولا عاد بي حيل يراجع المؤسسة حتى تجهزونا بالمواد الغذائية وبالطحين .. اللي حصلنا على وكالته قبل فترة .. وبدينا نجهز عوائل القطاع منه على وجبات .. كل شهر وجبة ..
فاضطريت افرغ نفسي لشغل الدكان ولتوزيع الطحين .. بين ما يتسرح عباس ونتزوج ..
الحقيقة ما كان يخطر على بالي الزواج .. الا من اشوف عباس او من تجيني نبيهة او غيرها من النسوان ويسالني عن موعد زواجي ..
ذبيت كل نفسي على الشغل ولا حسبالك راح اعوف البيت ..
من تمرض ابوي اضطر يسويلي وكالة بالدكان وبوكالة الطحين حتى اراجع المؤسسة العامة للمواد الغذائية .. وشركة المطاحن وانهي اجراءات تجهيزنا بالمواد واسدد الفلوس المستحقة علينا .. ومن هالشغلات .. ومن ورا مراجعاتي قوت جراتي وما عاد اتهيب من الطلعة من البيت والابتعاد عنه ..
من تسرح عباس بدا يشتغل وي اخو بمحل النجارة .. بحجة ديوفر فلوس العرس ..
من جانا اخر مرة لزمته امي فضيلة وطببته لغرفتها وصاحتني طبيت وياهم .. وسدت الباب وراي وضربته سرگي من جوه حتى لا تلحگنه اخته هناء وتخربط عليها الحچي اللي تريد تحچي وبنفس الوقت حتى تغيضها .. لان بطت چبودنا ..
هاي طبعا بعد ما شافته لعباس ما مهتم ذاك الاهتمام لموضوع الزواج ولا شاد حيله .. ولا مهتم بيَّ .. ولا حاول مرة يختلي بيَّ حتى نسولف سويه ..
من يجينا تاخذه الخاتون وتطببه لغرفتها وما اعرف شيبقون يتبسبسون .. وحتى اذا ما تاخذه لغرفتها يبقى گاعد بصفها بالهول على القنفة ويتفرجون على التلفزيون .. خصوصا اذا كان يوم جمعة ومفتح التلفزيون ..
من بقينا لوحدنا بالغرفة شدت عليه امي فضيلة بالرزايل الناشفه والعتب .. طلبت من عنده يستعجل بالزواج وما يخليني معلگة ..
بدا يتعذر ويتحجج بضيق ذات اليد .. وبخجله مني ومن غازي واحساسه بالتقصير لان ما يمتلك شي ممكن يقدمه لي او يتمم بي متطلبات العرس ..
ما اقتنعت لا امي فضيله .. ولا آنا .. بحججه .. مع هذا مشيناها .. وبختام حچيها طلبت من عنده ام فضيلة يحضر لبيتنا باليوم الثاني ويرافقني حتى نروح لموسسة الغذائية نقطع حصتنا من المواد .. وبالطريق ممكن نتسولف على راحتنا ..
الحقيقة ما كنت محتاجته يجي وياي .. بديت ادبر امري بالمراجعات بلا مساعدة احد .. بس امي فضيله لگتها حجه حتى نكون لوحدنا .. عسى ان نتفاهم او نتقارب ..
فعلا ثاني يوم اجا عباس لبيتنا من الصبح واخذني وطلعنا للمؤسسة ..
خلصنا شغل بالمؤسسة .. واخذني مشي لشارع النهر .. اللي ما كان بعيد عن بناية المؤسسة ..
الضحى ميكون شارع النهر مزدحم بالناس مثل ما شفته باليوم اللي جهزولي بيهن النيشان .. فبقيت اتفرج براحتي على المعروضات ..
بلا ارادة مني كنت اوگف امام محلات بدلات العرايس ..
رغم كل تخوفاتي من ليلة الزفة كنت اتمنى .. واتخيل نفسي لابسه احلى بدلة موجودة بواجهة المحلات .. كل ما اشوف بدلة حلوة اگول يمكن هاي احلى من اللي سبقتها ..
گويت جرأة وسألت صاحب محل كان واگف بصف الجام خانه ويوجه عامل زغير حتى ينظف له الجام بوصلة مسح .. سألته عن سعر بدلة كلش حلوة كانت معروضة بواجهة الجام خانه .. وجاوبني من ورا خشمه .. اظن حكم على هيئتي ولهجتي وتوهم .. شافني ما مال وحده ممكن تشتري هيچ بدلة :- هاي بستين دينار ..
وضخم الحروف من نطق بالستين دينار ..
شدعواك عيني متنگ ..
ردت ارد عليه .. بس استحيت .. خفت لا يسمعني حچاية ورد عليه بمثلها وتصير مشكله بينه وبين عباس .. درت وجهي ومشيت .. وانگطع واهسي من التفرج عن المحلات ..
وي نفسي قررت من يتحدد موعد العرس اجي لشارع النهر اشتري هاي البدلة نفسها .. لو اعرف ادفع فلوسها من جيبي .. واكسر عين ابو المحل وافهمه ان الناس ما بالمظاهر .. هاي اذا تذكرني ..
كل هذا ولا فتحنا اني وعباس موضوع الزواج وعلاقتنا ما بعده .. ولا تطرقنا لموضوع العرس .. ولا لاي امر يخص التجهيزات ومعيشتنا بعد الزواج .. ولا غيرها ..!! بقينا نحچي مع بعضن بحدود الشغل .. حسبالك مجبرين على الطلعة سويه .. ودا نمثل على انفسنا ..
بقيت بيناتنا مسافة عازلة مثل ميگولون .. ما حسيت بي قريب على روحي .. حتى من يصير جسمه قريب مني ما احس بوجوده ..
حسبالك شخص غريب دا يمشي بصفي .. لحد هاي اللحظة .
مع هذا يبقى ذاك اليوم من الايام اللي ما ممكن انساها .. !!
واكيد راح تتسائلون عن السبب ..؟!!
من يوم عبرنا اني وغازي جسر الاعظمية دا نروح نزور الامام الكاظم سلام الله عليه .. بقت بنفسي حسرة شوفة الشط وعبرة الجسر مشي ..
صحيح عبرت الجسر مرتين او ثلاثة بالسيارات وفريت هوايه من شوارع بغداد بيوم عرس غازي .. بس كنت بحينها منشغلة عن الشط .. ولا جا على بالي ..
من نرفزني ابو محل بدلات الاعراس .. وبديت امشي بالسوگ بلا واهس وبلا ما اتفرج على المعروضات .. طلب من عندي عباس اتبعه .. طب بدربونه جانبية ضيقه خالية من المحلات .. بوقتها استغربت .. بس ما سئلته .. ما لحگت اسألة عن السبب اللي يخلي يفوت بهيچ دربونه خالية من المحلات وحسبالك مهجورة ..
فجأة خلصت الدربونه .. واذا بينا مباشرة على حافة النهر .. فزيت وشهگت وخليت ايدي على صدري ..
ضرب بوجهي الهوى البارد وريحة الشط انعشتني ونستني الضيق اللي حسيت بي من ورا اجابة ابو المحل ..
كزبر جسمي من البرد .. لفيت جسمي بالعبا ..
كانت الدنيا شتا والمي بلون الوحل .. ركزت نظري على الامواج .. من كثر تركيزي عليها .. تهيا لي وكانها دا تتلاطم مثل رمال الصحراء .. حسيت بدوخة .. وربما تكون نشوه .. او خوف وهيبة .. اختلطت علي كل الامور وما عاد اميز مشاعري ..
توقفت عن المشي صفنت على المنظر .. ونسيت نفسي ..
صحاني عباس .. اول مرة يمد ايده ويلزمني من ذراعي .. الظاهر كان يحچي وياي وما سمعته .. من كثر ما انبهرت بالشط وبمنظر النوارس وهي تلامس الامواج وتطفوا على سطح الشط بلا ما تغط ولا تتبلل .. تلاشت كل احاسيسي .
صحيح كنت اشوف الطيور بالمي ابرنامج عالم الحيوان وبالافلام .. بس ما كنت متصوره روعة جمال المنظر على الطبيعة ..
فزيت من لزمني عباس من ذراعي .. جرني وبقى مچلب بايدي .. طلب من عندي انزل الدرج حتى نركب بالبلم ونعبر للصوب الثاني ..
يمَّمممممه ..
تفاجأت .. عمري ما راكبه بلم .. خفت .. بس ما حبيت ابين خوفي .. صحيح شهكت وصحت يمَّه بس تداركت نفسي وتبعت عباس اللي بقى مچلب باذراعي ..
نزلنا الدرج حتى نوصل حافة المي ونركب وبواحد من بلام الخشب الراسيات على الشاطي ..
عفت التفكير بالشط وبالطيور وبالبلم وتركز كل تفكيري يم عباس ..
اول مرة ابتعد عن البيت ويكون بصفي رجال .. شنو رجال ..!! شاب بعمري .. حلو ووسيم وفوگ هذا وذاك .. محسوب زوجي .. شرعا وقانونا ومن كلها .. مع هذا ما فكرت بيوم من الايام ممكن ان ختلي بي ويختلي بيَّ .. ولا تخيلت اذا اختلينا شراح يصير بيناتنا ..
فكرة خوفي من تكرار التجربة الماضية لزواجي في النعمانية ما عاد تخطر على بالي .. او بالحقيقة اذا خطرت استبعدها بكل الوسائل .. حتى لا ينعاد الخوف ويتملكني من جديد .. طيلة فترة الخطوبة كان عباس بالنسبة لي رجل عادي .. حاله حال اي رجال اخر التقيه بالسوگ او بالدكان .. ما عادت فكرة الاختلاء بي تولد عندي اي مشاعر من خوف .. بالمقابل ما تولدت بداخلي اي عاطفه تجاهه .. كل ما في الامر انفرض علي امر الزواج منه .. بسبب الظروف اللي رافقت خطوبة وزواج اخوي غازي من هناء اخت عباس .. واللي صارت معروفة الكم ..
اجتاحني احساس غريب اثناء لزمته لذراعي واتكائي عليه وهو يسبقني بدرجة اثناء ما كنا ننزل لحافة الشط درجه درجه ..
من كثر اختلاطي بالناس .. سواء بالسوگ او بالدكان او عند توزيع الطحين .. بديت اتصرف بخشونه .. وما عاد اهتم للرجال .. بلحظة تبخر احساس القوة اللي تولد عندي جراء اعتمادي على نفسي .. واعتماد اهلي علي .. وتحول الى ضعف بين ايدين عباس ..
چف ايده الضخمة اللي احاطت باذراعي خلاني اتلاشى .. سرى بجسدي احساس غريب كنت افتقده .. احساس ما مراودني من قبل .. تمنيت يطول الدرج الى ما لا نهاية .. ويستمر چفه يحيط بذرعي .. وبعدد ما ينتهى الدرج ..!! تمنيت ياخذني بين ايديه ونغور بالمي .. نعوم ونسبح تحت المي مثل حوريات البحر ..
ما عاد اشوف الدرجات .. ولا اشوف الاشياء من حولي .. ولا اسمع الاصوات .. نبض الوريد بذراعي تحت ضغط اصابعه .. احسه اعلى من كل الاصوات ..
ما حسيت بوصولنا قريب من حافة الشط .. الا بعد ما ترك ذراعي وصعد للبلم قبلي ومد لي ايديه حتى يتلگاني ..
بلا ان اتمنع .. فتحت ايدي ومديتهن له .. لزمني برفق .. رغم شدة قوته .. سحبني عليه .. صعدت وتمايل البلم .. خفت ودخت .. بلا قصد مني رميت بروحي بحضنه .. حتى اتلافى الصقوط .. للحظات اتمنيتها تطول وتطول .. اشتميت ريحته وحسيت بانفاسه ويمكن حتى سمعت دگات گلبه .. ابعدني برفق وگعدني بصفه على حافة البلم الداخلية .. اختلط ارتجاف جسمي من الخوف من الشط ومن كوني اول مرة اصعد بالبلم .. وي احساسي بالضعف امام قوة عباس ..
رافقها احساس بالحاجة لقوة استعين بيها على ابعاد خوفي المستديم .. والاتكال عليها ..
من حرك البلم غمضت عيوني .. انشدَّت كل اعصابي .. خفت لا يطير بينا البلم .. توترت .. !!
لزمت عباس من ذراعه وتشبثت بي وخليت راسي على چتفه .. بلا ما اخجل من الناس اللي ركبوا ويانا بالبلم ..
بعد ما استعدل سير البلم بالشط .. مد ايده ورفع راسي من على چتفه وابتسم بوجهي حتى يطمني وبنفس الوقت ينبهني لنظرات الناس المحيطة بينا ..
غمضت وفتحت اكثر من مرة .. ياله اطمنت وبديت استمتع بالرذاذ المتطاير من الامواج اللي ترتطم بجسم البلم ..
انتعشت روحي بالهوى البارد وبريحة المي الموحل .. وبالرذاذ ..
تلاشى الخوف تدريجيا .. وبديت ارفع راسي وباوع على العمارات المطلة على النهر .. وعلى السيارت والناس اللي تمشي فوگ الجسر ..
كل شي حلو .. حسبالك لوحة بحديقة زاهية .. الجسر بلونه الاخضر .. مع اللون الاحمر لباصات المصلحه .. مع الوان السيارات البرتقالية .. و ملابس الناس الزاهية اللي دتعبر الجسر اثناء ما يتلاعب بيها الهوى ..
كل شي .. كل شي حلو .. ويزهي .. اللــــــــــــــه ..
سرحت واني استمتع بالمنظر من حولي .. ما انتبهت الى ان اصطدم البلم بحافة الشاطي وارتد جسمي للجانب نتيجة اصطدامه .. ومن ثم رجعت ارتطمت بجسم عباس ..
عبورنا للنهر زاح كل العوائق النفسية بيناتنا .. وقربنا لبعضنا من غير ما نقصد .. وبدون ما نخطط ..
ارتقينا درجات حافة النهر بالصوب الثاني .. وتوجهنا لمحلات وقوف الباصات بساحة الشهداء .. انقدت له وما عاد اهتم لاي مكان ممكن اي ياخذني .. ولا عاد افكر باي تسؤل من التسؤلات اللي لقنتنياها امي فضيله حتى اعرف اول خطواتي ويا ..
كل مكان ادخل له لاول مرة .. احس وكاني جاية له من عالم ثاني .. احس دا اخوض تجربة جديدة ممتعة ..
اول مرة اصعد بالباص ابو الطابقين .. صعدنا من الباب الخلفي .. اول مرة اشوف سيارة بابها من ورا ..
جرني عباس من ايدي .. وصعد بي للطابق الثاني ..
استهواه امر الامساك بايدي .. بقى لازمها ويجر بي الى ان وصلني بمقدم السيارة .. گعدني بصف الشباك وگعد بصفي ومد چفه وخله اصابيعي بين اصابيعه .. استسلمت لحركاته .. كل حركه من حركاته بدات تشعرني بنشوه .. ولا كأنه ذاك العباس اللي كنت انظر له ببرود .. واحسه مفروض عليَّ كأمر واقع ..
من تحرك الباص شفت كل الناس جوايه .. السيارات والمارة وشرطي المرور بالشارع .. وهوسة الناس .. !!
كل شي يمر من جوه نظري مثل الحلم .. كنت احس نفسي طايرة وباوع على الناس من الجو ..
ولا سالته لعباس وين يريد ياخذني .. !!
ولا فكرت ممكن اتاخر عن البيت ويحتاجوني وياسألون علي ..!!
تلاشى الوقت .. وتلاشت المباني .. وتلاشت الاصوات وتلاشى كل شي .. ما بقى بداخلي غير الاحساس بالدفأ والامان .. الاحساس بالنشوة المتولدة عن وجود من يمكن ان اعتمده عليه .. ومن يمنحني القوة ..
اول مرة يتملكني الاحساس بكوني امراة .. وبحاجة الى رجل ..
ما انتبهت للأماكن من حولي .. الى ان وصلنا محطة القطار .. عندها تذكرت بان هذا المبنى يشبه المبنى اللي ودعنا عنده غازي وهناء بيوم عرسهم ..
فسالت غازي عن المكان حتى اتاكد من صحة ظنوني ..
طيلة المسافة الماضية گضيناها ساكتين ..
ملامسة اصابع ايدينا لبعضها هي اللي كانت تنطق عنا .. بين الحين والحين يضغط على كف ايدي .. واجاوبه بضغطه خجوله ..
بعد ان اجتزنا محطة القطار بمنطقتين طلب من عندي عباس انهض من مكاني .. قبل لا يتوقف باص المصلحة ..
شفته من وكف ضغط على زر احمر مثبت بسگف الباص .. وسمعت رنت جرص خفيفه .. وعرفت هذا الجرص مخلي حتى ينبه السايق ويطلب منه يتوقف بالمنطقة اللي يطلبها ..
لزمني عباس من ذراعي من جديد وجرني وياه .. وطلب من عندي الزم بواري الستيل المثبته بسگف الباص واتبعه ..
اخيرا نزلنا من الباص .. بمكان شبه خالي .. چوله .. ما بيها لا بيوت ولا عمارات .. فد اسيجه واشجار عالية ونخلات ..
ذيچ اللحظة ياله سألته لعباس عن المكان .. بعد ان تنحنحت حسبالك صحيت من حلم :- هاي وين موديني.؟!!
ابتسم بوجهي وتنحنح .. گال:- هاي الزوراء .. ما جايتها قبل .. !!؟
وللحكاية بقية

زمــــــــــن الضيــــــــــــــــاعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن