جزء بلا عنوان 70

8.7K 763 128
                                    


( الخوف من الحرب اسوء من الحرب نفسها .. سينيكا ) هذا ما سمحت لنا الظروف بكتابته .. معذرة .. والعذر عند كرام القوم مقبولُ .زمــــــــــــن الضيـــــــــــــاع الحلقة – 25 – جزء الثــــالث #قصص – واقعية – عراقية – قدوري - الدوري

مشت الايام رتيبة .. واحيانا حلوة .. واللي كان محليها وجود علي و فاتن بحياتنا ..

الامر الوحيد اللي كان ينغص علينا حلاوة الحياة, هو تاخر فاتن بالحمل .. هذا عدا عن الاحساس المستديم بالندم لتصرفي الاهوج بيوم العرس مع هضيمة وغازية .. واللي داريته بالصمت والاعتكاف والابتعاد عن ذكر يوم العرس وما حصل خلاله ..كنت اعيش صراع داخلي مرير .. يجعلني احيانا افكر بالتصريح عن ندمي امام جميع اولادي واكاشفهم بالحقيقة, واريح نفسي .. رغم قناعتي التامة بان الاولاد عرفوا نصف الحقيقة, وربما كلها .. ولكنهم فضلوا السكوت, وتظاهروا بعدم الاهتمام حتى لا يحرجوني ويحرجون ابوهم .. واحيانا اخرى كنت افكر اطلب من علي يوصلني لبيت خالته هضيمة .. اعتذر منها واترجاها توصلني لبيت غازية حتى اضمها على صدري واكفر عن خطيئتي وياها .. وبالنهاية اتراجع وابقى محافظة على سكوتي بعيدا عن هضيمة وغازية, حتى احتفظ بكرامتي واحافظ على سمعة اولادي, وادفن الماضي الى الابد . كنت خايفة لا اروح لهضيمة وتتصرف وياي بنفس الطريقة اللي تصرفتها وياها بيوم العرس, وتهيني گدام علي وگدام زوجها واطفالها ..بنفس الوقت بديت اشك بمراجعة علي وفاتن لبيت هضيمة .. الى الحد اللي وصلت الى قناعة تامة بان هضيمة حاچيه لعلي ولفاتن تفاصيل كاملة عن حياتي السابقة .. لهذا من كانوا يرجعون للبيت متاخرين .. ما كنت اتجرأ وسألهم عن الاماكان اللي كانوا رايحين لها .. خوفا من ان ينفتح موضوع هضيمة والاسباب اللي خلتني انكر اخوتها سنين طويلة .. وينتقل الحديث الى غازية وغازي وتتكشف كل صفحات الماضي .اما فاتن فكان كل ما يعدي شهر بلا ما تظهر عليها علامات الحمل استشعر بقلقها .. واشاركها محنتها, واخاف لا تتزعزع علاقتها الطيبة بعلي .. وبنفس الوقت اتجنب الحديث وياها بهذا الامر, حتى لا تتحسس وتاخذ على نفسها, وتنجرح مشاعرها .. الى ان فد يوم بادرت هي وفاتحتني بالموضوع, وطلبت من عندي اقنع علي بالسفر للاردن من اجل زرع الجنين .. على عادتها .. كانت جدا صريحة وجريئة بطرحها .. وذكرت لي من بين اسباب عدم قدرتها على الحمل .. افراطها بتناول حبوب منع الحمل ايام ما كانت بعصمة ابن عمها .. واللي تاكد من خلال مراجعاتها لمستشفى الدكتور كمال السامرائي, ولاطباء اخرين من اجل علاج حالتها – حسب ما ذكرت لي – ولكوني قليلة خبرة بهذا المجال, بديت الومها على فعلتها .. ووعدتها احچي وي علي واقنعه بالروحه للاردن .. طبع علي مثل طبع ابوه .. عنودي ويكره مراجعة الاطباء .. من حچيت ويا, تنرفز من شكوى فاتن .. وخفت لا يسوي لها مشكلة .. فتحايلت عليه وطلبت منه ان ما يفتح الموضوع وياها .. ووعدني .. بس ما وفه بوعده .. بالليل , ولاول مرة, على صوتهم على بعضهم .. وطلعت فاتن من غرفتها وتوجهت للمطبخ وبدت تغسل بالگدور والمواعين .. حتى تفش غلها وتخفف من عصبيتها .. رغم ان الگدور والمواعين كانت نظيفة ..طلعت عليها حتى ابرد على خاطرها .. من شافتني عافت المواعين وحضنتني وبدت تبچي بحرگة .. حسبالك صايبتها مصيبة .على حچينا صحى ابو فيصل وتدخل حتى يعرف اسباب الخصومة .. ومن عرف صاح على علي وطلب منه يرضيها لفاتن وينفذ مطاليبها .. وبكل صرامة طلب من عنده يسافرون للاردن حتى يجرون العملية .. تمنع علي وتذرع بعدم قدرته على تحمل تكاليف استصدار جوازات السفر اللي كانت بذاك الوقت تكاليفها تساوي اربع مية الف دينار للنفر .. وكان هذا المبلغ يعادل رواتب علي وفاتن لاكثر من ثلاث او اربع سنوات .. هذا عدى عن التكاليف الباهضة للعلاج ومراجعة الاطباء والمستشفيات .. كانت فكرة فاتن .. تبيع مصوغاتها الذهبية .. وتستعين بابوها عسى ولعل يمنحها قسم من تكاليف العلاج .. اما علي فرفض هذه الفكرة جملة وتفصيلا .. واعتبرها مساس بكرامته .. بعد اخذ ورد تعهد ابو فيصل يوفر لعلي مصاريف السفر والعلاج بطريقته .. ***سافروا علي وفاتن للاردن بالعطلة الصيفية بسنة الالفين وواحد .. بعد ان وفر لهم ابو فيصل مصاريف السفر والعلاج .بقوا بالاردن بحدود الشهرين تقريبا .. ما عاد اتذكر بالضبط المدة اللي بقوها هناك .. رجعوا فرحانين بعد اتمام عملية الزرع بنجاح .. من وصلوا قدمت فاتن اجازة من دوامها, استنادا لنصيحة الطبيب .. بعد شهرين او ثلاثة من عودتهم من الاردن بدت فاتن تشكي من آلام بظهرها وبطنها .. وفجأة حصل عندها نزيف, واسقطت الجنين .. ومن بعدها تغيرت كل طباعها .. ما عادت فاتن مثل ما هي .. كل شي بيها تغير .. قطعت اجازتها المرضية والتحقت بالدوام قبل ان تحصل الموافقة على قطع الاجازة .. وبدت تتردد على بيت ابوها بكثرة .. واحيانا تبقى عندهم عدة ايام ومن يروح علي د يرجعها, تتذرع بالمرض او بحجة مراجعة الاطباء .. ومن تجي للبيت تعتكف بغرفتها وما تطلع الا اذا صحنا لها .. ولا عاد تهتم بحالها .. واهملت نظافة البيت .. وتوقفت عن مدارات علي . بالبداية ما كان علي يشكي من الحالة .. وكان يغطي عليها ويحاول يبين لنا بأن وجودها في بيت اهلها بموافقته ورضاه .. واحيانا كان يتغيب عن البيت يومين او ثلاثة ايام ومن يحضر يدعي بانه كان بايت ابيت ابو فاتن .. بعد اشهر اتضح لنا بانه كان يبات عند خالته هضيمة .. حتى لا يحسسنا بوجود مشكلة بينه وبين زوجته .. وبنفس الوقت كان يتواصل ويا فاتن بالتلفون ويحاول ارضائها واقناعها بعدم تكرار التغيب من البيت .. ولكن كل محاولاته بائت بالفشل .. من واصل وياها لطريق مسدود, شكى لي الحال, وطلب من عندي التدخل والوقوف على اسباب التحول اللي طرأ على تصرفات فاتن بالاونه الاخيرة .. وترجاني ان اخبي الامر عن ابوه, مراعاة لحالته الصحية اللي بدت تتدهور .. مع بقائه على عناده الاول برفضه لمراجعة الاطباء, او تناول العلاج .بايامها كانت فاتن رايحه للدوام ومناك طالعة لبيت اهلها, وتاركه رسالة لعلي عند وحده من زميلاتيها ذاكرة بيها بانها متوجهة لبيت اهلها وناوية تبقى عندهم لنهاية عطلة نص السنة .. تصرفها هذا فاجأ علي وفاجأني .. والمفاجأة الاكبر كانت من رحنا لهم للبيت وتلگتنا بكل برود وطلبت من علي يطلگها .. بلا ما تبين الاسباب, ولا توضح لنا دواعي طلبها .. حاولنا اني وامها وخواتها نثنيها عن عزمها بالطلاگ ولكن بدون جدوى .. علي .. من صدمته ما فك حلگه بكلمة طيلة وجودنا ابيت ابو فاتن .. طلع مكسور الخاطر .. وحتى على مجاملات ام فاتن اللي كانت تطيب خاطره وتوعده بقدرتها على اقناع فاتن بضرورة التخلي عن قرارها ما رد, ولا شكرها ولا ترجاها .. بذاك اليوم كنت ناوية اطلب من علي يوديني على بيت هضيمة .. بس شفت حالته النفسية وتراجعت .. واحترمت صمته وما تناقشت ويا بالطريق .. ولا حاولت اطيب خاطره .. من وصلنا البيت كنت ناويه اخبر ابو فيصل بالتفاصيل .. بس لگيته حرارته مرتفعة ومتخربطة صحته, ونايم بالفراش .. كان الجو بارد جدا .. وترجيته يوافقنا الراي ونودي للطبيب .. بس هو رفض .. وطلب مني ادثره بثلاث بطانيات حتى يعرگ وتزول حرارته .. واخدر له جاي حامض حتى تگعد نفسه .. فسويت له اللي طلبه, واجلت موضوع الحديث عن فاتن الى وقت اخر..*** سبحان الله .. من تجي المصايب, تجي دفعة وحدة.. وكل ما تعدي مصيبة ننردف بمصيبه اخرى اكبر منها .. واتهون علينا المصيبة اللي قبلها .. من وحنا زعار ما نتأثر بمصايب الناس الاخرين الا بالقدر الي نشوفه ياثر بابائنا وامهاتنا, وغالبا ما نقضي كل ايامنا لهو وضحك ولعب الى الحد اللي نسخر بي من مصايب الاخرين وننظر لها وكانها مقالب مضحكة, حتى وان كانت مبكية .. ومن نكبر اكثر يتحول مركز اهتمامنا بانفسنا, ونهمل ما حولنا وننظر لكل مشكلة نمر بيها على انها المشكلة الاعظم والاكبر واللي ما ممكن لاحد ان يكون مر بمثيلتها .. ونتصور بانا فاهمين الحياة اكثر من غيرنا, وننظر للجيل اللي قبلنا على انهم ناس متخلفين وقاصرين عن فهم ما يجول بخواطرنا, بما فيهم ابائنا وامهاتنا .. ونتجاهل اهتمامهم بينا ومحاولاتهم حل مشاكلنا,ما دامدات الحلول اللي يطرحوها لا تتلائم ولا ترضي رغباتنا ونزواتنا ونوازعنا الداخلية . رغم كل ملامح الالم والغضب والسخط اللي تظهر على وجوه من يهتمون بينا و يحاولون يشاركونا حل مشاكلنا . ومن نكبر اكثر وننشا عوائل مستقلة ويصيرون عدنا اولاد ننسى انفسنا تدريجيا ويتحول اهتمامنا لاولادنا, لتربيتهم, وحل مشاكلهم, وتزويجهم, وعيشتهم ومشاكل زوجاتهم واطفالهم .. وتبدأ الماسي تتالى علينا من ورا معاناتهم .وخوفنا على حياتهم .. خصوصا بوضع مثل وضع بلدنا اللي ما شفنا بي راحة .. مثل الراحة اللي يتمتع بيها بقية خلق الله .. من يوم جينا لدنيا .. لاخر ايام حياتنا .. فعدا عن تقلبات الحياة وماسيها ومشاكلها الشخصية لفتنا الدنيا بمشاكل ما ماره على احد غيرنا .. والمصايب .. اووووف من المصايب . اما ان توگع فوگ روسنا مثل لمح البصر, بلا ما تعطينا فسحة للفكر بكيفية وقوعها او الهروب منها او تجتاحنا مثل العاصفة .. نراقبها وهي تتقرب منا ونتمنى ان تبتعد عنا وما تصيبنا .. ومن تقترب اكثر واكثر نتامل ان تكون اصابتنا لنا خفيفة, ونحتار شنسوي حتى نخفف من اضرارها , نسدسد البوب, وله الشبابيك, وله نلم الاغراض المتناثره بفسحة الدار, وله نحكم سد الاماكن اللي نتوقع ينفذ منها غبارها .. عندها تتلخبط افكارنا وما نتمكن من عمل ما كنا نامل عمله .. واذا بيها مجتاحتنا .. ومتجاوزة كل محاولاتنا لتجنبها وتخفيف اضرارها, فتضطرنا للاستسلام لها, وتحمل كل اضرارها .. رغم مكابرتنا .. هكذا هي المصايب والنوايب . واليكم ما حصل لي بالسنين الاخيرة .. من فترة طويلة انقطعت عن متابعة التلفزيون, ولا عاد ادري بالدنيا شصاير بيها .. مرات ابو فيصل يفتح الراديو ويديره على صوت امريكا او على مونتي كارلو .. ومن تدهورت صحته بالاونه الاخير همل حتى الراديو .. فما عاد اسمع اي اخبار .. بس من يجون الولد للبيت همَّ وعوائلهم بأيام العطل او الخميس والجمعة يتناقشون بيناتهم ويتطرقون لموضوع الحرب وعزم بوش الابن على محاربة العراق .. وكانوا بين مصدق ومكذب للاخبار اللي تبثها اذاعة مونتي كارلو وغيرها من اذاعات العالم .. فكان يتملكني الخوف كل ما يجون على ذكر الحرب واستعدادات العراق المتواضعة لها .. بنفس اليوم اللي رحنا بي لبيت ابو فاتن لگيت فيصل جايب مرته واولاده للبيت حتى يقضون عطلة نص السنة بالبستان .. كان فيصل بذيچ الفترة مترفع وصاير قائد فرقة بالحرس الجمهوري . فقلت جياته علينا لانشغالة بالدوام وكثرة مسؤولياته .بعد العشا فتح التلفزيون وطلب من عدنا نتجمع بالهول حتى نشوف نشرته الاخبار .. لان كان يتوقع يظهر بيها اثناء لقائه بالسيد الريس مع مجموعة من ضباط وحدته العسكرية .. تاخر بث نشرة الاخبار نص ساعة عن موعدها المقرر وبقى التلفزيون يبث اناشيد واغاني وطنية .. وفعلا من طلعت النشره افتتحوها كالعادة بلقاء الريس بعدد من القادة والضباط .. وكان من بينهم فيصل .. وبعد ان القى الريس كلمة قصيرة طلب من فيصل – على اعتباره قائد فرقة بالحرس – واقدم ضابط بين المجموعة اللي التقى بيها .. يبين له مستوى استعدادات المقاتلين للمعركة القادمة .. تحدث فيصل بلباقة وبحزم عن المعنويات العالية عند الجنود واستعدادهم للتضحية - بالغالي والنفيس - من اجل المحافظة على تربة العراق - الطاهرة - .. بدون ان يتطرق الى موضوع السلاح والمعدات .. بعد ان اتم فيصل كلمته واللي ختمها بالقسم بشرفه ومعتقده على حتمية النصر, احتضنوا اولاده .. وشاركتهم فرحهم وزهوهم بابوهم .وبنفس الوقت تولد بداخلي خوف جديد من الحرب وويلاتها .. واستذكرت ايام حرب ايران والقلق اللي كنت اعيشه طيلة الفترة اللي يكونون بيها فيصل ونوري بالجبهة .. والوجع وسهر الليالي اللي عانيته بحرب الكويت . الى ان رجعوا سالمين الى البيت .. ولكوني كنت مشغولة البال بمشكلة علي وزوجته اجلت التفكير بمخاوفي من الحرب ما دامت احتمالات عدم حدوثها قائمة, او بالاحرى هربت من فكرة حصول الحرب .. وحچيت لفيصل عن مشكلة علي وزوجته .. ووعدني من يرجعون لبيتهم يروح لدكتور طالب ويتوسطه من اجل الضغط على ابو فاتن, بقصد اقناعها بالعودة للبيت .. ونبهته لفيصل حتى ما يذكر الامر گدام ابوه .. ولا يحرج علي ويحچي ويا بهذا الخصوص .. لان اعرف بعلي ما يقبل احد يتدخل بخصوصياته .. تذكرون من رادها لفاتن بقى سنين مخبي الامر عني وعن اخوته الى ان اضطرته الحاجة لمفاتحتنا .. بعصر اليوم الثاني راح فيصل لبغداد وجاب ويا دكتور طالب حتى يعاين ابوه وبنفس الوقت يستعين بي حتى يقنعه بضرورة مراجعة المستشفى وتناول العلاج .. مع هذا ما تمكن من اقناعه وبقى ابو فيصل على عناده ومكابرته .. وتظاهر گدام دكتور طالب بتحسن حالته الصحيه .. يبدو فيصل بالطريق متطرق لدكتور طالب عن مشكلة فاتن مع زوجها .. فمن رجعه للكاظمية .. مارين على بيت ابو فاتن وضاغطين عليه ,وعلى بنته وجانا بالليل جايب فاتن ويا.. فرحت هوايه برجعة فاتن للبيت, رغم تغير طباعها .. وانكفائها على ذاتها, ومحاولتها قدر الامكان عدم مخالطتنا . وانزوائها بغرفتها .من رجعت فاتن للبيت وتطمنت على حال علي, رجع القلق يساورني على فيصل ونوري .. وبديت كل يوم افتح التلفزيون واتابع الاخبار ويزداد يقيني بان الحرب قادمة لا محالة .. وايا كانت النتيجة , سواء انتصرنا ام لم ننتصر, فلابد من الخسارة .. طغى خوفي من الحرب على مخاوفي الاخرى .. ومن كثر تفكيري وخوفي على الولد وخصوصا فيصل ونوري, ما عاد اهتم لمرض ابو فيصل .. ................... كنت كل ما تنتهي نشرة الاخبار, اقرر الانقطاع عن متابعة التلفزيون, ومن يحكم موعد النشرة باليوم الثاني اتراجع عن قراري وافتح التلفزيون واتابع الاخبار اللي ما تخلو من خطابات السيد الرئيس ولقاءآته بضباط الجيش والقادة, اللي اصبحت شبه يومية .. وكل ما اشوفها يزداد خوفي وقلقي .اقتربت العاصفة بسرعة, وتثاقلت الايام گدامها .. قبل لا توصلنا, جابوا الولد عوائلهم لبيت البستان .. ورجعوا لدواماتهم . مثل الكابوس حل اليوم اللي بدت امريكا تقصف بينا .. وبدت الگاع ترتج وتهتز جوانا, ونيران الانفجارات يوصل ضوحها الاحمر لاخر الدنيا .. اشتعلت بغداد بنار , والسما صارت حمره , ودوي الطيارات نسمعه بكل مكان .. ومع ازدياد قصف الطائرات الامريكية بدت اصوات المقاومات الارضية تخف يوم عن يوم .. وازداد قلقي وترقبي لرجعة الولد للبيت .. جتنا عوائل مهزومة من جحيم القصف على بغداد .. وكنت اتوقع تجينا هضيمة .. لكن يبدو ان هضيمة فضلت تتحمل مخاطر القصف, على تناسي الجرح اللي سببته لها بيوم العرس, رغم مضي ما يقرب من ست سنوات على الحادثة .. وخفت لا ادز علي عليها يجيبها وبتعرض لا سامح الله للقصف .. من كثر الاحداث وتتاليها ووقع المصايب اللي حلت بينا ما عاد اتذكر كل التفاصيل ولا اعرف تسلسلها.. كنت مثل اللي داهمته العاصفة بغتة .. احترت بيمن افكر , وهمْ من اشيل, وعلى من اخاف .. اخاف على محمد وغازي اللي يداومون بالقصر واللي كان يتعرض للقصف اكثر من بقية الاماكن .. وله اخاف على فيصل ونوري اللي كانوا بالمواقع القتالية .. وله اخاف على هضيمة .. وله اخاف على البلد بحاله .. وله اخاف على ما راح يحصل لنا اذا اجتاحتنا القوات الامريكية .. وله اخاف على ابو فيصل اللي بدت صحته تتدهور . كثرت مخاوفي .. وجمدت الدموع بعيوني وبعيون نسوان ولدي .. وقضينا ليالينا بالصلاة والدعاء وقراءة القرآن .وبدت تتالى الاخبار عن سقوط بغداد .. هاااا سقطت .. هااا بعدها .. كنا ننتظر تحسن بث التلفزيون وعودة الكهرباء حتى نسمع تصريح من الصحاف, اللي بقى لاخر يوم يأكد بان بغداد بخير, وان العلوج مهزومين .. رغم الاخبار الصادمة اللي كنا نسمعها من راديو امريكا ومونتي كارلو واذاعات اخرى بدت تبث بشكل واضح ما كنا نسمع بيها قبل .. انقطع بث التلفزيون نهائيا , وبدت تتاكد شكوكنا .. ما اتذكر امته جانا غازي وتبعه بعد ساعات .. محمد .. ولا اتذكر اذا اللي حضر بالاول محمد ومن بعده غازي .. المهم بالنتيجة اكدوا لنا بان كل شي انتهى .. بلا ما يذكرون لنا اي شي عن التفاصيل .. اعتكف غازي بغرفته القديمة وامتنع عن الكلام والطعام .. ومحمد غلب عليه الوجوم وتركنا ولهى نفسه بشغل البستان .. بقيت حبيسة الخوف والحزن والقلق .. تتناهشني الظنون .. انتظر عودة فيصل ونوري .. واحاول ان اخفي خوفي وقلقي بسحابة من ابتسامة باهته ارسمها على وجهي كل ما ادخل على ابو فيصل بغرفته, اللي ما اعاد يفارگها الا لقضاء حاجته ..وللحكاية بقية

زمــــــــــن الضيــــــــــــــــاعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن