جزء 57

9K 687 65
                                    


زمـــن الضيـــــاع
الحلقة - 13 - الجزء الثالث


بقى علي خال راسه على صدري ويتأوه وكأنه كان يريد يتخلص من الضيق اللي كان جاثم على صدره ..
كان مخنوگ وكاتم حبه بگلبه .. طول عمره كان عازل نفسه ومنشغل بدراسته وكتبه .. ما كانوا عنده اصدقاء مقربين ولا كان يسارر احد بمشاعره .. من زغره كان كتوم وعنيد ومستبد برايه ولا يحب ياخذ براي الاخرين .. والسبب كله يعود - على ما اظن - الى طريقة تربيتنا له .. كنا مدللينه اكثر من اخوته .. لكونه اخر العنقود .. مع هذا لم يستغل دلالنا .. فما كان فاسد مثل باقي المدللين ..
من كبر وصار شاب كان يتضايق من كنا نعامله بتمييز على اعتباره اصغر اخوته .. ويحتج علينا احيانا ويخرج عن صمته .. ويطلب من عدنا ان نتوقف عن معاملته كطفل ..
بقيت لدقايق حاضنته وساكته وأمسِّد على شعر راسه وانزل بايدي على خده .. ردته يبادر بالحچي ويبوح لي بمكنونات صدره .. بلا ما اطلب منه ..
استعدل بگعدته ورفعت ايدي عن راسه .. بقى مدنگ ويباوع على الگاع ويفرك بچفوف ايديه ويطگطگ باصابعه .. كان محتار منين يبتدي ووين ينتهي ..
رجعت مرة ثانيه مديت ايدي وغلغلت اصابعي بين خصلات شعره وحركتهن برتابة باتجاه رگبته ..
من هو زغير كنت اداعبه بهاي الطريقة .. حتى من كان طفل وينام بصفي ويصحى من النوم لأي سبب من الاسباب كنت اخلي راسه على ذراعي .. ومثل ما يگولون افلي .. حتى يرجع للنوم مرة ثانية ..
كنت اراقب حركاته وتصرفاته بدقة .. فكان مرات يغمض عيونه ومرات يفتحهن وينظر گدامه ..
كنت على يقين بانه كان ينظر للمجهول .. فما كان يشوف اي شي گدامه .. بذيچ اللحظة سألته :- يمًهّ علي .. لاتخبي عن امك .. لا تستحي مني .. گول لي هاي منين البنية اللي بالصورة ..؟؟
بقى ساكت ومدنگ راسه وفاتح عيونه ويباوع على الارضية ..
رجعت سألته مرة ثانية :- معقولة صار لك عشر سنين عاشگها .. !! ومخبي علينا ..؟! بس تدري ..!!؟ مبين عليها خوش بنية .. حلوة ومزيونه وحبابة .. زين ليش ما گلت لنا نروح لأهلها ونخطبها .. ؟!
بقى محافظ على صمته .. دار وجهه عليَّ ولوى شفايفه بابتسامة ساخرة ورجع مرة ثانية لوضعيته السابقة .. گلت له :- شنو تزوجت وخلتك ..؟!! ولا يهمك .. اكو مية وحده افضل منها ..!! بس اشر وگول ..
بقيت نص ساعة الف وادور واطرح عليه نفس الاسئلة بلا ما احصل منه اي اجابة ..
اخير شي گام من مكانه .. ودنگ على راسي وباسه وتوسل بيَّ بكلمات مخنوگه حتى اتركه لوحده .. وختمها بجمله قصيرة :- يمَّه .. اتركيني هسه .. بعدين احچي لچ بالتفصيل كل شي تريدينه ..
كان بأقصى حالات ضعفة .. فما ردت اضيع الفرصة واتركه بلا ما اعرف حقيقة امره .. خفت لا من اتركه يرجع الى عناده السابق وصمته ومن بعدها ما اگدر احصل شي من عنده ..
سحبته من ايده ورجعته لحضني مرة ثانية وبديت اداعب خصلا شعره .. وطلبت منه يحچي لي كل شي عن حبيبة گلبه .. حتى اتمكن من مساعدته .. تحملت صمته الطويل لدقائق واللي ما كان يقطعه غير تأوهاته ..
فسرت حالة سكوته واجتراره للحسرات بانه كان يرغب البوح لي بكل شي .. حتى يخفف من الامه .. وبنفس الوقت كان متردد .. فالأمر كان مخالف لسجيته وطبعه ..
يعتقد بان حبه سر عذري مقدس لا يمكن ان يخرج من بين ثنايا شغاف قلبه .. حتى لا تتداوله الالسن وتدنسه ..
عدت عليه الاسئلة :- احچي يمَّه .. لا تتردد .. اذا لامك ما تحچي .. المن راح تحچي لعد ..؟!!
واخيرا نطق بالجوهرة :- اي يمَّه مثل ما گلتي .. هي هوايه حلوه وحبابة .. بس شنو الفايده ..!! افففففف .
:- ليش يمَّه ..؟! عافتك وتزوجت ..؟!! وله شنو ..؟!!
بعد صمت وتردد .. استعدل بگعدته .. واندار علي وباس ايدي .. وغيّر من اسلوبه ولهجته .. بصوت مليء بالانكسار گال :- شوفي يمَّه .. راح احچي لچ كل شي .. بس ما اريدچ تگولين بالوقت الحاضر لابوي .. خليها سر بيناتنا .. الى ان تحين الفرصة ونشوف شلون ندبر حالنا ..
:- ماشي .. اعاهدك ما راح احچي لابوك .. بس احچي لي دا اشوف شنو السالفه .. وشنو هذا السر اللي وراها ..
:- لا .. يا يمَّه .. يا سر .. ؟!! ما بيها سر بس ما اريد ابوي يعرف .. على الاقل .. بالوقت الحاضر ..
:- تمام .. احچي دا اشوف ..
:- اي يمَّه .. شوفي .. من كنت بالكلية وبالتحديد من وصلت للمرحلة الثالثة .. تعرفت على بنية .. ما اعرف شلون اوصف لچ ياها .. البنية اعقل واهدا بنية بكل اقسام الكلية .. محتشمه بلبسها وما فد يوم سمعت صوتها .. مرة او مرتين بلا ما اقصد التقت عيني بعينها .. اما جمالها فما اريد احچي لچ عنه .. صحيح ما كانت تداوم بشعبتنا .. وكانت تداوم بالشعبة الثانية .. بس كنت كل يوم التقي بيها صدفة بالممرات .. ما اعرف .. شگول لچ يمه .. مثل ما تعرفين بيَّ .. ما مثل اهل بغداد - ما عندي جرأة احچي وي البنات .. من يحچن وياي اتلعثم .. وما ارعف شيصير بيَّ .. النوب هاي البنية من دون كل البنات من التقيها بالممرات .. بدون ما اتعمد ادنگ راسي وما اگدر ارفع عيوني بوجهه .. ومن تبتعد حسبالك تاخذ گلبي وياها .. وابقى الوم بنفسي .. !! وبكل مرة اقرر من التقيها مرة ثانية اسلم عليها .. بس اااااه ..!! وتعرفين بي .. !! المهم .. باليوم الثاني من التقيها اتراجع عن قراري باللحظة الاخيرة .. وارجع الوم بنفسي من جديد .. والمصيبة لا عندي صديق اثق بي واحچي ويا حتى اكلفه يحچي لي وياها .. مثل ما يفعلون بقية الشباب .. ولا واردة باخلاقي هاي السالفة .. ولا لي جرأة احچي وياها بشكل مباشر .. بقيت على هاي الحالة سنة كاملة .. جتي العطلة الصيفية واني اتگرضم لان ما فاتحتها ..
ما صدگت على ما تنتهتي العطلة ويبتدي الدوام .. كانت اطول عطلة صيفية مرت بحياتي .. كل اسبوع كنت اروح للكلية واتجول بممراتها واتخيلها وهي خارجه من شعبتها او داخله عليها .. واحيانا اسمع صوت خطواتها .. اخيرا عاهدت نفسي ان افاتح البنية اول ما اشوفها ..
بدات الدراسة وكنت محضر بجعبتي هوايه كلام .. لكن من شفتها تبعثرت كل الكلمات .. شي وحيد تمكنت من فعله .. رفعت راسي وباوعت على عيونها .. كنت ناوي اسلم عليها واگول لها صباح الخير .. انعگد لساني وما تمكنت انطق بولا كلمة ..
اخذ نفس وباوع لسگف الغرفة وسرح بخياله .. ما ردت اقاطع كلامه .. خفت لا تنقطع سلسلة افكاره .. اول مرة تنفتح عقدة لسانه ويبدي يحچي لي عن مشاعره .. تركته ياخذ راحته .. الشي الوحيد اللي فعلته .. كنت لازمه ايده واضغط عليها بين فترة واخرى .. حتى اشجعه على الاستمرار ببوح ما بجعبته من اسرار ..
دنگ راسه وباوع علي وابتسم ذات الابتسامة .. لوى شفايفه وتاوه وبلع ريگه :- ما اعرف يا يمَّه .. هوايه حچي كاتمه بگلبي واريد احچي .. المهم حتى لا اطول عليچ .. اتضح البنية ملاحظة نظراتي .. ومراقبة تصرفاتي .. فبادرت باليوم الثاني وسلمت علي .. بيومها حسيت وكانها ملكت لي الدنيا وما فيها .. فكان بينا اول لقاء بيوم 10 بشهر العاشر من سنة 87 ..
مد ايده جوه المخدة بلا ما يتوقف عن الكلام وطلع الصورة وگلبها حتى يشوفني التاريخ اللي مثبت على ظهرها ..
:- هاي الصورة انطتني ياها بنهاية العام الدراسي .. بعد ان تعزز حبنا .. وكتبت عليها تاريخ اول لقاء .. ويا ليتها ما منطتني ياها .. ولا حاصل بينا اللقاء .
بلا ما افكر صحت بي:- ليش يمَّه ..؟ خوما صار على البنية شي .. لا سامح الله ؟!!
:- لا لا .. لا تستعجلين علي .. تجيچ السالفة .. المهم .. كنا حذرين جدا بلقاءاتنا .. ونتحاشى قدر الامكان نظرات زملائنا .. فكنا نتبادل المشاعر برسائل نوضعها بوسط دفتر او كتاب واسلمهيا .. وترجع لي اجابتها باليوم الثاني بحجة اعادة الدفتر او الكتاب .. اما من نگعد بالحديقة او بكافتريا الكلية فكنا نتناول احاديث عادية .. بلا ما يباوع واحدنا على وجه الاخر .. كنا انحس عيوني الاخرين تريد تاكلنا .. والجميع يسمع صزتنا .. الى ان حل اخر يوم لنا بالكلية .. التقينا بالكافتريا وطلبت منها بعد ان ينتهي الامتحان .. نلتقي على كورنيش الاعظمية .. تعرفين الدنيا حارة بشهر حزيران .. فكلت نروح نگعد تحت ضل شجرة .. حالنا حال هوايه من زملائنا .. ما اعرف شلون واتتني الجرأة وطلبت منها هذا الطلب ..
والله يا يمَّه بحياتي ما مسويها .. ولا فد يوم مديت ايدي ولمست ايدها ولا فكرت بهذا الشي ابدا .. ما كانت لي حتى الجرأة بالتفكير بهذا الامر .. حتى كلمة احبك او احبج ما تبادلناها .. كنا مقتنعين بتبادل النظرات .. يكفينا معرفتنا بمشاعرنا بلاما نصرح بيها .. اكتفينا بالرسائل وابيات الشعر اللي نتبادلها .. ولا فكرت فد يوم اخذ تلفونها .. ولا گلت لها عدنا بيت بالصليخ .. ما على شي ..!! بس ما صارت الفرصة اشرح لها كل وضعنا .. كل اللي تعرفه عني باني مجد بدراستي وحالتنا الاقتصادية زينة وساكنين بمنطقة الطارمية بوسط بستان .. اما هي فاللي عرفته عنها بان ابوها متمكن جدا وعنده محل صياغة بالكاظمية .
حتى لا نثير شكوك الاخرين واستغرابهم .. مثل ما گلت لچ .. بعد الامتحان مباشرة التقينا بالكافتريا .. وتظاهرنا دا نودع بعضنا .. بعد ان عزمتها على فنجان گهوة .. ما اعرف منين جتني الجرأة .. على السريع وضعت خطة .. وطلبت منها التقي بيها بالكورنيش على ان اسبقها بنص ساعة .. بين ما تروح هي وزميلاتها للفورتات المتوجهة للكاظمية وتظاهر متوجهة لبيتها .. ومن تنزل بالكاظمية تأجر تكسي وترجع لي لكورنيش الاعظمية .. بعد ان حددت لها المكان .. وتاكد من كونها تندله .. وفعلا طلعت قبلها من الكلية ووصلت الكورنيش وبقيت انتظرها .. تاخرت هوايه وقلقت عليها .. وبقيت محتار بين اترك المكان وارجع للكلية خاف ليكون صار عليها شي .. وله اصرف نظر عن الموضوع واطلع لبيتنا.. واعتبرها ضحكت علي .. لان من طلبت منها اللقاء بقت ساكته وبس تهز براسها .. فبقيت رايح جاي بين حافة الكورنيش على النهر وبين الشارع العام ..
كل ما تعدي خمس دقايق اگول خلي انتظر خمس دقايق اخرى وبعدها اغادر المكان .. وبديت الوم نفسي لان ما طلبت رقم تلفون بيتهم .. ولا عرفت عنوانها .. وخفت ليكون هذا اخر يوم اشوفها بي .
اكثر من ساعة بقيت انتظر .. كل ما تمر تكسي بالشارع اتوقع تكون بيها ..
وباللحظة اللي قررت اغادر بيها المكان, وصلت .. تجاوزت الاحباطات اللي شعرت بيها ومشيت بصفها وما مصدگ بنفسي .. تداركنا علة اول مقعد بجانب اقرب شجرة .. اول مرة اگعد بصفها .. دائما كنت اگعد مقابيلها .. او على مسافة منها .. اول مرة تكون قريبة علي كل هذا القرب .. ما كان يفصلني عنها سوى سنتمترات .. حتى اسيطر على انفعالاتي واعيد ترتيب افكاري واتخلص من حالة الاضطراب اللي سببته بتاخره ومن ثم لقاء بيها بعيد عن اعين الطلاب .. بديت استفسر منها عن سبب تاخرها .. وبينت لي بانها كانت مترددة بالجية .. وخايفة .. لان بحياتها ما مسويتها .. !!
بذيج اللحظة حصلت الكارثة .. كانت دا تحچي لي عن مشاعر الخوف اللي راودتها وهي متوجهة للقائي .. وفجأة توقف گدامنا رجال .. ما يتجاوز عمره الاربعين .. ما اعرف منين طلع لنا .. تخوصر وبقى يباوع علينا .. بالبداية مكانت فاتن منتبهة .. من شافتني صفنت واني ابوع عليه .. جمدت بمكانها .. رادت توگف وما تمكنت .. هوت واضطريت اسندها .. اللي حصل كله ما تجاوز لحظات .. صاح الرجال بي وبيها :- لج فاااااااتن .. !! هاي انتي ..؟!! لك انته منين .. ؟؟! سافل ..
باوعت عليها اصفر لونها .. تمايلت .. احترت بين اتركها توگع على الگاع وله ابقى حاضنها .. انتچت علي .. ما اعرف اذا كانت تريد تستعين بي وله كانت تريد تبعدني وتدفعني عنها ..!! من خوفي عليها حضنتها .. وي ما حضنتها تقدم من عندي الرجال وضربني براشدي على وجهي ..
:- انكسرت ايده ان شاء الله ..
:- يا انكسرت ايده يا يمَّه .. ههه .. تحملت الضربة وما عفته من بين ايدي .. بين ما گعدتها على المسطبة تلگيت منه مية ضربة .. المهم بعد ما نومتها على المصطبة .. رجعت على الرجال .. وبلا ما افتهم منه شيصير منها .. استلمته ضربات ودفرات .. حتى انتقم لكرامتي المهدورة .. واظهر لفاتن رجولتي .. الى ان وگعته بالگاع ..
:- اي عفيه عليك .. زين سويت بي ..
:- يا زين يا امي .. من العصبية ما كنت اسمع صياح فاتن اللي صحت على روحها ولا عرت اهتمام للناس اللي التمت علينا حتى تفاككنا .. الى ان جتي سيارة النجدة .. ولزموني .. ومنعوني من ضرب الرجال .. اللي اتضح لي فيما بعد بانه ابوها ..
:- يااااا عزا العزاني .. هاي شلون مصيبة .. !! وتالي .؟!! هسه يا ابني عليش تسرعت .. طول عمرك هادئ .. جيت هنا وطلعت عصبيتك بابو البنية اللي حبيتها .. معقوله من وكف كبالك ما لاحظت الشبه بينه وبينها ..
:- هس بعد صار اللي صار .. مو وقت ملامه يا امي .. يا شبه هذا اللي تحچين عنه يا امي .. ؟!! شو هذا عمره ما يتجاوز الاربعين .. فوي نفسي فكرت .. ما معقولة تكون عنده بنية بعمر فاتن .. يعني لازم يكون متجوز وعمره خمسطعش سنة وبعدي شكله يختلف جذريا عن فاتن .. اسمر وگصير واصلع ورگبته غايصة بين اچتافاته .. وفوگ هذا وذاك عنده حدبه بظهره .. اما عيونه .. فلا تحچي لي عنها چنهن عيون الزرزر .. مدورات وجاحظات .. وفاتن بيضة وطويلة وعيونها وساع وشهل ورگبتها رگبة الغزالة .. اووووف يمَّه
:- مات گلب امك يابه .. لا تتأوف ..
:- بالنتيجة اخذونا لمركز الشرطة .. والطريق كله قتلني التفكير .. شراح اگول لاهلي اذا عرفوا بالسالفة .. ؟!! بس الحمد لله .. هناك لگينا ضابط شرطة كلش متفهم .. خجلني بحچيه .. وحچى وي ابو فاتن وقنعه حتى لا يسجل شكوى ضدي .. حتى لا يساء الى سمعة بنته .. وتصوري بعد شصار بيَّ .. !! ما اعرف اتعذر من فاتن وله اتعذر من ابوها وله من الضابط .. وله الوم نفسي .. ؟!! بوقتها انمرد گلبي مرد عليها .. جمدت الدموع بمحاجرها وانخطف لونها .. من كثر الخوف صار لون بشرتها ابيض مثل الكاغد .. ولا كانه الدم يمشي بعروگها .. خفت لا من الصدمة تموت .. كان بودي احچي وياها واتعذر منها .. وانزل على رجلين ابوها وبوسها حتى يسامحني ويسامحها .. بس مثل ما يگولون اخذتني العزة بالاثم .. بعد ما رفض ابوها ان اتعذر له .. وابوسه من راسه .. مثل ما طلب مني ضابط المركز .. طلعت من المركز اتعثر برجليَّ .. ما اعرف وين اتوجه .. اذا تذكرين بوقتها تأخرت بالرجعة للبيت يومين بعد ان خلصت الامتحانات .. تدرين يمَّه وين قضيت اليومين .. !!؟
:- ولا اتذكر .. بس وين قضيتهن لليومين .. يمَّه .؟!!
:- والله يمَّه نمت بفندق تعبان بالكاظمية .. ما اعرف شخطر على بالي ورحت لذاك الفندق بالذات .. المهم باليوم الثاني من الصبح توجهت لمحلات الصياغة .. وبديت اتطلع عليها واحد .. واحد .. ما طولت هوايه .. لگيت محل ابوها .. صياغة ومجوهرات ح ... خ .. من الاسم عرفته .. من شفت القطعة عبرت للجانب الثاني من الشارع وبقيت اراقب المحل ..
:- زين عليش راقبت المحل ..؟!! شنو .. حتى تروح تعتذر منه ؟؟ وله ترجع تضربه مرة ثانية ..؟
:- لا ..لا .. كنت خايف على فاتن .. ليكون ذبحها ابوها .. من ورا خوفي عليها الليل كله ما نمته .. ففكرت اروح للمحل اراقبه .. فاذا فتح .. يطمأن قلبي .. واعتبر فاتن صارت بمنجى من ابوها .. واذا ما فتَح .. يعني .. لا سامح الله .. اهلها قتلوها .. مع هذا من شفت المحل مفتح ما تطمنت هوايه .. قررت ابقى اراقب المحل الى ان يعزل واتبع ابوها لبيتهم .. منها اندل بيتها .. ومنها ممكن ان اطمئن اكثر .. ممكن يكون خنگها بالليل وموتها .. وحتى يغطي على جريمته حضر للسوگ وفتح المحل حتى لا احد يفتقده ويشك بأمره .. وتنكشف جريمته .. مية فكرة وفكرة سوده طبت بدماغي .. صدگي يمه .. ؟!! بيومها بقيت واگف بالشارع من الصبح للمغرب .. وگعت رجلي من الوگفه .. وكتلني الجوع .. ولا شفت ابوها دخل ولا طلع من المحل .. ولا تمكنت اشوفه داخل المحل .. خفت اتقرب من الجام خانه لا يشوفني من ورا الجام .. وبقيت رايح جاي بالشارع اللي گبال المحل .. واهل المحلات بداوا يباوعون علي باستغراب .. بس يمكن خافوا يحچون وياي .. اظن شكوا لا اكون شوطي امن .. هههه ..
بعد المغرب بشوي .. من الجوع .. ضربت براسي ريحة الفلافل بالمحل اللي صاير بركن سوگ الصياغ .. گلت اروح اكل لفة فلافل وارجع .. بلا ما تفارگ عيوني محل ابوها .. وفعلا رحت لمحل الفلافل .. بين ما طلبت اللفة وناوشني ياها العامل .. باوعت على المحل دا يعزل .. عفت اللفة على حافة ميز ابو الفلافل ورجعت ركض لمكاني مقابيل محل الصياغة .. كان منزل الكبنك ودا يقفل الباب .. ما شفت هيئته زين .. رفع راسه .. ودار وجهه عليَّ .. واذا بي شاب ما يتجاوز عمره الخمسة وعشرين .. وهيئته تختلف اختلاف كلي عن هيئة ابوها .. وبديت اتسائل .. معقولة كل هاذا التعب ويطلع هذا مو ابوها ..؟!! ولبا المحل محل ابوها .. عفت الولد ورجعت لمحل الفلافل اخذت اللفلة ورجعت للفندق ..
:- سوده علي .. كل هذا صاير بيك من وراها ..!! ؟ اي وبعدين ..
:- سهرت الليل كله .. افكر .. معقولة كذبت عليَّ بخصوص محل الصياغة .. !! وان صاحب المحل بالصدفة يكون اسمه مطابق لاسم ابوها ..؟!! ثاني يوم من الصبح طلعت من وقت .. قبل لا يفتح السوگ .. وتوجهت لمحلات الصاغة .. وبقيت اراقب الرايح والجاي .. الى ان حضر الشاب اللي شفته قبل يوم وبدا يفتح بالمحل .. فقررت اعبر الشارع واساله .. عن اسمه .. اسهوتني اللعبة وفكرت انتحل صفة شرطي الامن .. بس ربج راد يستر علي .. قبل لا انزل رجلي من الرصيف شفت ابوها .. كان يتبع الشاب بعشرين خطوة تقريبا .. قبل لا ادير وجهي عنه .. لمحني .. وصاح على الولد اللي كان منشغل بفتح اقفال المحل .. :- حسن .. حسن .. لك عوف المحل والحك لي هذا .. السافل .. شوف شعنده هنا ..؟! لك اوكف .. بين ما انتبه لي حسن خليت وي رجلي اربع رجلين وركضت باتجاه الفندق .. مثل ما يكولون الهزيمة ثلثين المراجل .. بس يشهد ربي علي ما خفت من شي .. بكثر ما خفت من الفضيحة .. بالاضافة الى خوفي على فاتن .. المهم .. اركض وهذا يركض وراي .. ويصيح اوكف لك .. اوكف .. - هيچ فعلك من تركك – ويتلفظ بكلمات استحي اتلفظ بيها .. اخيرا وصلت الفندق .. ما اهتميت للناس اللي تباوع علي .. انقطع صياح الولد وراي .. وتصورته عافني ورجع .. صعدت درج الفندق وانفاسي تكاد تتقطع .. گلت اخذ جنطتي وارجع لكم ويا دار ما دخلچ شر .. وبعدها ما ارجع للكاظمية ولا افوت بسوگ الصاغة .. اخذت مفتاح الغرفة من عامل الاستعلامات المصري .. وقبل لا افتح غرفتي .. لحگ بي الولد .. طلب من عمال الفندق يلزموني .. المصيبة طلع الفندق يعود لأبو فاتن .. وهجموا علي كل العمال .. حصروني بغرفة .. وطلب منهم الولد يجيبون له صونده حتى يضربني بيها .. من فشلتي بقيت ساكت .. استسلمت لقدري مثل ما يگولون .. ورضيت بالعقوبة .. حسبالك دا اعقب ذاتي على ما اقترفته .. گلت اكيد ما رايح يقتلني وسط كل هالعمال المصريين ..- تعرفين بذاك الوقت كانوا كل العمال مصريين .. لان العراقيين كلهم بالجبهة بزمن حرب ايران .. – المهم قبل لا يضربني اجا ابو فاتن .. وطلب من العمال ومن ابن اخوه يتركونا بالغرفة لوحدنا .. وحجه الرجال وياي بهدوء وبكا ادب واصول .. بعد ما تاكد من ان ابن خوه ترك الفندق ورجع دا يفتح المحل .. سالني بصوت واطي .. عن خواتي .. گال:- ابني شنو انته .. ما عندك خوات ..؟
ومن جاوبته تصورني دا اسخر منه .. وما صدگ الا بعد ما حلفت له .. گال:- شوف ابني .. اني ما عندي غير اربع بنات وفاتن جبيرتهن .. وشفتني .. !! ما اريد غير الستر .. ولهذا عفتك بمركز الشرطة .. وانته مبين عليك خوش ولد وابن اصول .. ما اخفيك .. سالت فاتن عنك بعد ما انبتها .. وحلفت لي مية يمين بانك ما لازم اصبعها .. وفاتن بنتي واعرفها كلش زين .. ما كذبت علي فد يوم .. لهذا اكتفيت بتأنيبها .. بعد ما اقسمت لي يمين بان ما تلتقي بيك بعد اليوم ..
گلت له:- عمي .. يعني ما اذيتها ولا كتلتها .. ؟!!
غير اسلوبه وباوع بوجهي وكز على سنونه وگال لي بعصبية :- ابني هذا امر ما يخصك .. افهمني .. وراي هوايه شغل .. فما اريد تعطلني بهاي السوالف مالت المزاعطة عن شغلي .. حچيت لك اللي صار فلا تقاطعني وخليني اكمل حچي .. وانطيك الزبدة .. شفت هذا الولد اللي لحگك ..؟؟
امتثلت لامره والتزمت الصمت وبس هزيت له راسي .
:- هذا ابن اخوي .. يعني ابن عمها لفاتن .. ومن الصغر فاتن مسمية بأسمه .. فلا تبقى تلف والدور .. اريدك تطلع منا .. وبعد لا تكررها .. ما اريد اشوف وجهك بعد بالكاظمية .. زين ؟!
گلت له :- صار عمي ..
وگام قبلي واشر لي حتى اشيل جنطتي .. طلعت من الفندق قبله .. مثل ما يگولون ايد وره وايد گدام ..
:- اييييي .. والله طلع هذا ابو حدبه خوش انسان .. وهسه شذكرك بالبنية لعد ..؟!!
گال :- هو ليش اني نسيتها .. يا امي .. بعد شهر او اكثر صدرت تعيينات التربية وكان اسمها من ضمن القائمة الملحقة بالامر الادري الصادر بتعييني .. وعرفت اسم المدرسة اللي تعينت بيها .. باطراف منطقة الشعلة .. بالضبط بعگرگوف .. بين ابو غريب والشعلة .. بقرية زراعية بانيتها الحكومة من السبعينيات .. فيصعب علي اروح اوگف اباب المدرسة وانتظر خروجها بلا ما يلاحظون زميلاتها وزملائها ..
:- اي وشسويت ..؟؟
گال:- گلت انتظرت اليوم اللي تروح بي مديرتها تستلم الراتب من الكاظمية .. واسالها عنها بشكل غير مباشر .. مجرد حتى اطمئن على احوالها ..
گلت له :- كان عفتها يا ابني .. من عرفت بسالفة ابن عمها ..!!
گال :- مو بيدي يا امي .. والله مو بيدي .. گلبي ما ينطيني اعوفها ..
گلت له :- يممممه .. فدوه اروح لك عوفها .. هاي امهات الكاظم حسب ما يسولفون عنهن كلهن سحارات .. بس لا سحرت لك البنية وانته ما تدري ..
ضحك بعصبية :- ههههه .. يا سحر يا امي .. ؟!! والنسوان شدخلهن بالسحر .. ؟!! وبعدين البنية مثقة ومن عائلة محترمه وابوها كلش متدين .. مو بس متدين .. متزمت هوايه بديانته .. وهنا المشكلة ..
:- واني شعرفني . يا ابني .. شتشوفني ..؟ من الطابات من الطالعات ..؟ غير اسمع من بنات عمامك ونسوانهم ..
بقى صافن بوجهي .. حچاية السحر ما صرفت له ..
گلت له :- اي وبعدين ..
گال:- هاي القصة وما بيها ..؟!! لا بعدين ولا قبلين ..؟!!
گلت له:- شنو لا بعدين ولا قبلين .. شفتهمت هسه اني .. شو قطعت السالفة على النص .. كمل .. دا اشوف شصار من البنية ..؟ تزوجت وله بعدها ..؟
:- بعدين يمه .. بعدين .. تعبت .. وتعبتچ وياي .. ما بي حيل اكمل السالفة .. خليها غير وقت .. اكيد نعستي وتريدين تنامين .. وبعدين اني هماتين تعبان وراي دوام الصبح ..
وللحكاية بقية ..

زمــــــــــن الضيــــــــــــــــاعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن