سأل ريتشارد ابنه: - أين مارك؟
- إنه في شقته لم يخرج منها منذ أسبوع... منذ انتهى التحقيق.
قرأ ريتشارد اللوم في نبرة صوت ابنه: - أعلم أنك تلومني لكنني فعلت ذلك من أجله... لا أريده أن يندم، ديفيد... إن ابنك يخاف الالتزام لذلك لا أريده أن يخطئ بالارتباط بالفتاة الخطأ ذلك من شأنه أن يدمره.
دخلت سالي غرفة المكتب فوجدت جدها و خالها واجمان فسألت: -هل لأحد منكما أن يخبرني ما يحدث... لم يعد أحد يبتسم في هذا المنزل و مارك... منذ خرج في تلك المشكلة الخاصة بالشركة لم يعد للمنزل مرة أخرى... ماذا حدث؟
نظر خالها إلى جده فصاحت:- لا يريد أحد أن يخبرني... حسنا سوف أبحث عن الإجابة بنفسي.
كانت يدها على مقبض الباب عندما ناداها جدها:- انتظري يا سالي... ديفيد... اتركنا وحدنا قليلاً.
بعد أن انتهى جدها من الكلام تمنت أنها لم تعرف، سألته بعدم تصديق:- الفتاة التي كان يحبها سرقته؟ لكن هل الأمر أكيد؟
- نعم التحقيقات أكدت أنها الفاعلة.
- ماذا حدث لها؟
- لقد هربت...هربت بكل شئ.
نظرت له برهبة:- كل شئ ؟ ماذا تقصد بكل شئ.
- لقد سرقت الخزنة الرئيسية... كان بها أربعة ملايين.
شهقت : - ماذا؟ أربعة ملايين؟ لماذا؟ و كيف؟
- مارك يمتلك شركتين... شركة تجارية و شركة إنتاج فنية... يقضي أغلب وقته في شركة الإنتاج لذلك كل الأموال الخاصة بكل أعماله تورد إلى تلك الشركة... يضعها في خزنة في مكتبه الخاص ثم يودعها في البنك.
- لكن كيف وصلت إلى الخزنة... كيف فتحتها؟ كيف علمت بأمر الأموال؟
- فيكتوريا أحد المواهب التي اكتشفها مارك و ساعد على شهرتها لكنها قبل ذلك كانت سكرتيرته و تعلم كل أمور عمله.
- لكنه مبلغ كبير.
- نعم كبير لدرجة أضرت بأعماله.
- و الآن ماذا سيفعل؟ .
- لا أعلم... لا أحد يعلم عنه شئ... بعد انتهاء التحقيق اختفى في شقته و لم يرد على أي اتصالات.
فكرت: - حسناً أعطني عنوان شقته.
- ماذا ستفعلين؟.
- لا أعلم بعد لكن أعطني عنوانه يا جدي.
لم تكن سالي تملك فكرة عن سبب ذهابها إلى مارك أو ماذا ستفعل لكن كل ما أحست به أنها تريد أن تسانده و تواسيه... فمصيبته ثنائية... خيانة حبيبته و دمار أعماله التي يتمسك بها بكل قوة... تمنت أن تضع يدها تلك الفيكتوريا لتقتلها.
************
أعطت اسمها لحارس البناية و بعد أن تأكد من مارك سمح لها بالدخول، دفعت الباب المفتوح و دخلت: - مارك... أين أنت؟
وجدته يجلس على أريكة...في الوهلة الأولى لم تتعرف عليه... كان يجلس ساهماً يحدق في الفراغ، نادته: - مارك... مارك.
التفت لها بحدة ثم نظر لها متسائلاً: - ما الذي أتى بكِ إلى هنا؟
تساءلت... ما الذي أتى بي إلى هنا؟ حقاً لا أعرف... هل لأواسيه؟ لكن كيف تقدم المواساة لذلك الرجل الفخور بنفسه دون أن تجرحه؟، قال بحدة: - هل أرسلك جدي ليعرف كيف ألملم بقايا نفسي؟
نظرت له بدهشة...أيظن أن بإمكان جده أن يكون قاسياً إلى هذه الدرجة...يشمت به، أجفلت و تراجعت للخلف عندما ضرب بكفه على الطاولة بقوة أطاحت بالمزهرية و هب واقفاً: - لن يراني كسيراً أبداً... أبداً
- لكنه لم.... قاطعها و هو يمسك بذراعها: - أخبريه أنني لن ألجأ له مهما حصل هل تفهمين.
شعرت كأنها تقف أمام إنسان مختلف... ليس ذلك الشاب الذي تعرفت به منذ يومين كابن خال طيب و متسامح و راجح العقل، شعرت بذراعها على وشك التهشم تحت ضغط يده... انتزعت ذراعها منه و صرخت به: - لم يرسلني أحد أيها المغفل.
دفعته بيديها ليجلس على الأريكة ثم قالت له بغضب: - إن كنت لا تريد الشفقة من أحد توقف عن الرثاء على حالك و التصرف كالمجنون.
اتسعت عيناه دهشة... إنها حقاً من عائلة فوكس، قالت: - جدك لم يرسلني أنا من طلبت عنوانك... ظننت أنك تحتاج لبعض الرفقة بعد ما حدث لكن يبدو أنني كنت مخطئة فهي لا تنقصك... سوف أتركك مع غضبك قبل أن تكسر ذراعي المرة القادمة.
استدارت و توجهت إلى الباب لكنه أسرع و سد عليها الطريق: - لا ترحلي.
تأملته قليلاً ثم قالت:- و ما الذي يدفعني على البقاء معك؟ هل أبقى لتفجر غضبك بوجهي؟
لانت ملامحه و قد بدا عليه الأسف:- لا لن أفعل... أعتذر لصراخي في وجهك.
نظر لذراعها : - أتمنى أن لا أكون قد آذيتك.
ابتسمت:- سوف أعيش... إنني أصلب عوداً مما تظن مارك فوكس.
ابتسم ابتسامة حملتها على حبس أنفاسها : - لقد كنت أفكر أنك حقاً من عائلة فوكس.
- كيف؟
- عندما دفعتني على الأريكة و بدأتِ في الصراخ بدوتِ لي كجدي عندما يكون غاضباً.
ضحكت فقال: - الآن أنت كعمتي سيلينا.... هل يعقل أن تكوني الخليط المدهش الذي حمل قوة ريتشارد فوكس و رقة زوجته و ابنه.
نظرت له بتأنيب: - يالك من متملق... حسناً إذا كنت تقصد بغزلك هذا أن أغفر لك هجومك فقد فعلت.
عندما ابتسم مرة أخرى كادت تصرخ به أن يتوقف عن الابتسام لكي تستطيع أن تتنفس بشكل طبيعي، قادها للأريكة: - تعالي لنجلس.
عاد إلى مزاجه المكفهر عندما سألته عن فيكتوريا:- حقاً لا أريد أن أتحدث عن الموضوع لكن بإمكانك أن تتأكدي أن المبلغ الذي أخذته سيؤثر على أعمالي بشكل كبير و لمدة ليست بالقليلة و جدي يعرف ذلك... صمت قليلا ثم قال كأنه يتحدث مع نفسه : - لا أدري...أشعر أن جدي سيستغل هذه المعلومة قريباً.
نظرت له... لم يتحدث عن المشاعر بل الأعمال، كانت تود أن تعرف ما الذي فعلته فيكتوريا بقلبه بعد أن خانته و هربت لا بمقدار ما سرقته من أمواله، سألته : - ألن تعود للمنزل؟
- لقد بدأتِ تتحدثين كجدي.
- مثل جدك؟
- لا تنسي أنني الآن في المنزل... منزلي فلا تتحدثي عن عودتي للمنزل كأنني في الشارع أو أنام على أريكة في شقة أحد أصدقائي.
- حسناً هذه الشقة بمثابة منزل لك.. لكن وجودك مع عائلتك سوف يعني لهم الكثير و خاصة في هذه الظروف فالكل يفكر في طريقة تعاملك مع ما حدث و كيفية إمضاءك لوقتك وحيداً.
سأل ساخرا: - وحيداً مع أحزاني و مرارتي؟
هزت رأسها و قالت بمرح : - أو مع غضبك... أياً يكن لكن عودتك للمنزل سوف تسعد الجميع.
قال مشاكساً :- سأعود يا سالي لكن ليس من أجل جدي بل من أجل هاتين العينين الساحرتين.
سيطرت على ارتباكها مذكرة نفسها أنه يمزح:- لم أطلب منك أن تعود من اجل جدي أو من أجل أياً منا بل من أجلك أنت ... أعود و أكرر لك... لم يرسلني جدك.
قال بغموض:- قد تظنين ذلك لكن من يدري قد تكتشفين في النهاية أنك مجرد أداة كان يستخدمها لتحقيق ما يريد.
- تبدو لي أنك تتكلم عن سابق خبرة.
- مؤكد... خبرة طويلة علمتني أن لا أنخدع في ذلك العجوز و دوافعه لكن حتى الآن تمر بي أوقات لا أعرف فيها ما يدور داخل عقله الداهية.
- لا أعرف لما أشعر أن هذا يشعرك بالحماس... كلغز يستفزك لمحاولة حله.
- أحسنتِ... بإمكانك أن تصفي الأمر بهذا الشكل.
************
لم يصدق ديفيد عينيه عندما رأى ابنه يترجل من سيارته أمام المنزل، أسدل الستارة و التفت لوالده: - لقد جاء مارك و معه سالي.
ابتسم العجوز:- كنت أعلم.
هز ديفيد رأسه: - لن أستطيع أن أفهمك يوماً ما ...أبي كيف استطعت أن تكون متأكداً أنه سيعود معها لقد كنت أخشى أن يظنك أرسلتها له فيطردها
- حتى لو فعل فابنة أختك بإمكانها أن تتصدى له بكل جدارة... اطلب منه أن يأتيني أريده في أمر هام.
هز ديفيد رأسه مرة أخرى بعجز و خرج ليلاقي ابنه :- كيف حالك أيها الولد الضال؟
ابتسم مارك: - بخير يا أبي...كيف حال أمي؟
- بخير و كالعادة تشتكي من غيابك الدائم خاصة بعد اختفاءك الأخير.
- سوف أذهب لها.
أوقفه: - ليس الآن... جدك يريدك أن توافيه في غرفة المكتب.
- فيما بعد يا أبي... قاطعه والده :- الآن يا بني أنت تعلم أنه لا يحب الانتظار.
- حسناً سوف أذهب له.
ما أن اختفى مارك وراء الممر حتى التفت ديفيد لسالي:- كيف استطعتِ أن تقنعيه أن يعود؟
ابتسمت: - لم أفعل معجزة...حملته على أن يرى المنطق عاجلاً أم آجلاً كان سيأتي و تجنبه مواجهة جدي لكي لا يرى شماتته سوف تحدث يوماً ما كما أن أمر الشماتة التي يفكر بها قد لا تكون موجودة.
- يبدو أنكِ استطعت فهم ابني جيداً.
- في البداية يظن المرء أنه صعب الفهم لكن مع القليل من التمعن ستجده واضح... واضح بشكل غير متوقع.
- يالكِ من فيلسوفه.
- لكنها فيلسوفه جائعة هل لك يا خالي أن تدلني على ما أسد به ذلك الجوع .
تأبطت ذراعه فضحك: - هيا بنا إلى المطبخ يا فتاتي.
***********
دخل مارك غرفة المكتب و هو متأهب للقتال لكن كل ما كان ينوي أن يقذفه في وجه جده ذهب أدراج الرياح عندما وجد جده يجلس خلف المكتب يتفحص بعض الأوراق بوجه متجهم، لم تبدو عليه أي علامات للانتصار حتى عندما رفع نظره و أشار له بالجلوس لم يبتسم بسخرية أو يضيف أي تعليق.
- أخبرني أبي أنك تريدني.
- و إن لم أطلبك لما أتيت لترى جدك؟
كادت تخدعه نبرة التأنيب في صوت جده، إنه لا يشك في محبة جده له لكنه يعلم أنه ليس من الرقة بحيث يؤثر به اختفاؤه لبعض أيام: - بل كنت سأمر بك... كنت سأتفقد أمي أولاً.
- دع أوليفيا الآن... أردت أن أحدثك في أمر هام.
- ما هو؟
- فيكتوريا... قالها و صمت، لاحظ انه استحوذ على اهتمام حفيده الذي بدت عليه العدائية منذ دخل الغرفة ثم اللامبالاة.
- ما بها فيكتوريا؟
- أعرف مكانها.
قال مارك بمرارة: - لكنك لن تخبرني أليس كذلك؟
كان ريتشارد يتوقع أن يهب مارك واقفاً و يبدأ بالصراخ مطالباً بمعرفة مكان الفتاة لكنه بدا متماسكاً بشكل فاجأه: - ماذا تريد مقابل أن تخبرني بمكانها يا ريتشارد؟
ضحك:- لاشك أنك رجل أعمال ناجح يا بني.
- بدون مقدمات لا داعي لها أخبرني بالثمن.
اختفت أي أثر للضحك من على وجه ريتشارد و قال بتجهم كأنه يتحدى حفيده أن يرفض:- تزوج ابنه سيلينا...تزوج سالي.
فكر مارك أنه كان محق عندما شك بإذعان جده السريع لرفضهما فكرة الزواج قال ريتشارد:- تزوجها و بعد ستة أشهر سأخبرك بمكان فيكتوريا و أنا عند وعدي.
لم يدري مارك أيهما تفاجأ أكثر _هو أم جده_ عندما قال فوراً: - حسناً سأتزوجها.
أنت تقرأ
أنت بذاكرة قلبي - للكاتبه فاطمه الصباحي (زاهره)
Romanceكل حقوق الملكيه خاصة للكاتبه فاطمه الصباحي (زاهره) ملخص "أنت بذاكرة قلبي" تزوجته بناءاً على طلب جدها الذي طلبت منها والدتها قبل أن نموت أن لا تعصي له أمراً، تزوجته و كل ما يجمعها به مودة تكنها فتاة لابن خالها الطيب، كان زواج يسوده التوتر و الصراعا...