لاحظ ريتشارد معاملة سالي مع مارك و التي كانت تحمل الكثير من الود، كان يجلس في غرفة المكتب هو و ابنه عندما رأى مارك و سالي يتمشيان في الحديقة متأبطان الأذرع، أسدل الستائر ثم التفت لابنه: - هل لاحظت كيفية تعامل سالي مع مارك؟ و كأن بداخلها الكثير مما كان بينهما.
ابتسم ديفيد: - قد تكون فقدت الذاكرة إلا أن هناك في مكان ما بداخلها كل الذكريات... ما مرا به سوياً ليس بالقليل، لقد غيرت سالي ابني بشكل لم نكن لنحلم بحدوثه.
بدت معالم القلق على وجه ريتشارد: - لكن أكثر ما يرعبني أنه كما توجد الذكريات الجميلة بداخلها توجد... قاطعه ابنه: - أعلم... جميعناً نخاف من لحظة عودة ذاكرتها لأنها إذا تذكرت ذلك اليوم الذي سبق اختفائها سوف يتكرر نفس السيناريو.
قال ريتشارد شارداً: - لن يتحمّل ابنك فقدانها مرة أخرى... كنت أظن أن لا شئ يمكنه أن يطال روحه في هذا العالم، لكنها أزالت المرارة من قلبه و حلت محلها.
- لذلك يجب أن يخبرها مارك قبل أن تتذكر.... عندما قرأ الرفض في عيني والده قال بإصرار: - عاجلاً أم آجلاً ستعلم.
***
دخل مارك الغرفة و وقف يتأمل سالي التي أمسكت بكتاب و بدت منهمكة فيه، لقد حاولت في فترة قصيرة أن تتأقلم مع واقعها الجديد، استفاقت فجأة لتجد نفسها متزوجة من رجل لا تتذكر أنها رأته من قبل حتى...كانت تعامله بلطف كبير كأنها تعوضه عن نسيانها له، لطف آلم قلبه لأنه هو السبب فيما حدث لها، كانت صدمتها أكبر من أن تحتمل لذلك قرر عقلها أن يمحو ما حدث لتستمر في الحياة دون أن تعاني من ذلك الجرح، رفعت رأسها من الكتاب و نظرت له، تأملت وجهه الذي بدا عليه ألم كبير فاجأها حتى أنها لم تنبس بكلمة و هي تتأمله في شروده، بدا أنه غارق في أفكار تعذبه كثيراً، تنحنحت فنظر لها و ابتسم: - كنتِ غارقة في القراءة فلم أشأ أن أقطع عليكِ استغراقك.
- بل أنت الذي بدوت لي غارقاً في أفكارك... ما الذي كنت تفكر فيه و يجعلك بهذا الحزن؟
فكر... آه لو علمتِ بماذا أفكر : - لا شئ... لقد كدت أنسى ما جئت لأخبرك به، الآن وقد انتهيتِ من عملية التعرف على كل سكان الفيلا و نجحتِ في إيقاعهم في سحرك مرة أخرى يجب أن نوسّع نطاقنا.
ابتسمت: - سوف أتغاضى عن مجاملتك و سأسألك عمّا تعني بتوسيع النطاق.
- أريدك أن تتعرفي بـ باتريك و جوليا... هل أنت مستعدة للقدوم معي إلى الشركة؟
قالت بحماسة: - بالتأكيد.
ما أن رأتها جوليا تدخل المكتب مع مارك حتى قفزت من وراء المكتب و احتضنتها: - لا تعرفين كم قلقت عليكِ عندما اختفيتِ... صمتت عندما تنحنح مارك، ابتعدت عن سالي و احمر وجهها: - أنا أعتذر... لقد نسيت أنكِ لا تتذكريني.
مدت يدها لتصافح سالي: - أنا جوليا سكرتيرة مارك... و كنا صديقتان.
ابتسمت سالي و تجاهلت يدها و احتضنتها: - طالما كنا صديقتان فلا داعي للرسميات يا فتاة.
ما أن انتهى العناق و ابتعدت الفتاتان حتى امتلأت عينا جوليا بالدموع، نظر مارك إلى سقف الغرفة: - يا إلهي... دموعكن حاضرة في كل المواقف.
لكزته سالي ناهرة إياه: - إنها دموع التأثر التي لا يفهمها أمثالك من الرجال... لابد أن جوليا سعيدة برؤيتي سالمة.
أومأت الفتاة برأسها بقوة بينما قالت سالي:- لكن ما الذي تقوله جوليا عن اختفائي؟
لاحظت الارتباك على جوليا و مارك لكنها قالت: - ألن أرى مكتبك؟
كان مارك يعرف أن زوجته دقيقة الملاحظة و لن يمر ما قالته جوليا عليها مرور الكرام، شهقت سالي عندما دخلت غرفة مكتبه ...اتسعت عيناه عندما أسرعت لتجلس على الكرسي الخاص به، بدت طفلة اصطحبها والدها في زيارة لمكتبه، و أخذت تدور بالكرسي الكبير الذي ابتلعها بداخله... تماماً كالمرة الأولى : - مكتبك بسيط لكنه في نفس الوقت به لمسة من الفخامة.
جلس على أحد الأرائك: - يسعدني أنه أعجبك.
أشار إليها: - أتعلمين أنكِ أخذتي تتأرجحي بهذه الصورة عندما أتيت إلى هنا المرة الأولى.
احمرت وجنتاها و تركت مكانها و جلست بجواره: - إذن فالطفلة بداخلي لم تتغير... يجب أن تتحملها لآخر العمر.
قال مازحاً: - يمكنني أن أتحمل هذا.
أخرج مجموعة أوراق من حقيبته و انهمك في مطالعتها، بينما جلست تراقبه: - مارك....
- ما موضوع اختفائي التي تحدثت عنه جوليا؟ لم تخبرني من قبل ما حدث قبل فقداني الذاكرة و لا أعلم كيف لم أسأل... لقد ركزت جهودي على التعرف على الجميع و محاولة تذكرهم و لم انتبه.
توقع أن تسأل عن هذا الأمر لذلك حضّر قصة سريعة ليخبرها بها: - لم يكن اختفاء بالمعنى المتعارف عليه... لقد خرجتِ للتسوق وحدك و لم تعودي للبيت و عندما تأخر الوقت قمنا بإبلاغ الشرطة و بدأنا في البحث عنك، حتى وجدناكِ في المستشفى .... يبدو أنه أصابك حادث و وجدك زوجين عجوزان على جانب الطريق.
أنقذه من الدخول في مناقشة مع سالي دخول باتريك الذي طرق الباب ثم دلف إلى المكتب بسرعة: - مارك ... لقد أهملت الشركة مؤخراً.... صمت عندما رأى سالي.
وقفت سالي و تقدمت منه: - لابد أنك باتريك... من خلال حديث مارك عنك أنت الوحيد الذي يمكنه أن ينهره بهذا الشكل.
ابتسم باتريك و التقط يدها مصافحاً: - كيف حالك يا سالي؟ هل أنتِ بخير؟
- باستثناء الإحراج الذي يتملكني كلما اضطررت إلى التعرف على أشخاص من المفترض أنني كنت أعرفهم و أنهم أصدقائي أنا بخير.
ربت على يدها: - لا عليكِ... قريباً ستتذكرين كل شئ.
التفت لمارك: - أريد تلك الأوراق التي كانت تحتاج إلى توقيعك.
بعد أن ناوله مارك الملف :- ها هي أيها اللحوح؟
- لحوح؟.... نظر لسالي: - زوجك هذا قبل أن تدخلي حياته لم يكن يعرف إلا عمله، و الآن يقول علي أنا لحوح.
ضحكت: - يجب أن يتصرف بهذه الطريقة أمامي ليشعرني بأنني أهم شئ في حياته.
نظر لها مارك أحد تلك النظرات التي تتكلم، و كأنه يقول لها "إنكِ حقاً أهم شئ في حياتي" ارتبكت بينما قال باتريك و هو يلوّح بالملف : - ما رأيكما أن نخرج لتناول العشاء اليوم يا عصافير الحب؟
- يوم آخر يا باتريك... لقد سبق و حجزت لي أنا و سالي في أحد الأماكن الرومانسية... أريد أن أؤثر عليها قليلاً.
***
كانا يجلسان على طاولة منعزلة يتحدثان عن عملهما... أخبرها عن الصراع الذي حدث بينهما في موضوع عملها في كتابة القصص و كيف حسم الموضوع بلصق روايتها قطعة قطعة، ضحكت: - لكن لماذا مزقتها من الأساس؟.
قبل أن يبحث عن إجابة هبطت عليهما كارولا كولنز : - مارك... عزيزي.
التفت مارك لها: - كيف حالك يا سيدة كولنز؟
وقف و صافحها، وقفت سالي بدورها و نظرت لتلك المرأة التي بدت كأنها على وشك القفز على مارك، شعرت تجاهها بكراهية و تحفظ لم تفهم سببهما و هي التي لم تتبادل معها كلمة حتى الآن، نظر مارك إلى ذراعه التي شدّت عليه سالي و شعر بقلبه يعتصر، ترى هل شعرت بشئ لدى رؤية كارولا، قالت الأخيرة: - لقد سمعت أن زوجتك المسكينة فقدت ذاكرتها... يبدو أن الخبر صحيح فيبدو أنها لم تتعرف علي.
صر على أسنانه و قدمها: - عزيزتي... إنها السيدة كارولا كولنز، لقد سبق و التقيتما من قبل.
شعرت سالي بمطارق في رأسها لكنها تمالكت نفسها و ابتسمت: - رغم أنني لم أتذكرك لكنني شعرت ذلك الشعور الذي ينبئك بأن هذا الموقف حدث من قبل... هل أحتاج أن أعرف ما حدث في لقاءنا الأول يا سيدة كولنز؟... ربما كنتِ أكثر وداً من الآن.
اتسعت عينا كارولا: - ماذا تقصدين؟
- يمكنك أن تفهمي ما أقصد جيداً... في المرة المقبلة أنتظر منكِ أن تبدي تعاطفاً أكبر تجاه فقداني للذاكرة هذا في حالة عدم استعادتي لها قبل مقابلتنا التالية و الآن أستمحيك عذراً فأنا منهمكة في التعرف على زوجي الساحر الذي للأسف نسيته.
كان مارك يكتم ضحكت حتى اختفت كارولا كأن الشياطين في أعقابها، ضحك بعدها بقوة: - ها هي سالي القديمة... يبدو أن فقدان الذاكرة لم يؤثر على مهاراتك القتالية ،مرحى لكِ يا فتاة.
شعرت بقدميها ترتجفان تحتها، ترنحت فجأة فنظر لها مارك ليجد وجهها فقد لونه فجأة، أمسك بها بقوة ثم ساعدها على الجلوس، سألها بقلق و هو يبعد شعرها عن وجهها: - هل أنتِ بخير؟
تمتمت: - إنه لا شئ... مجرد صداع، رأسي يؤلمني قليلاً.
عندما قرأت في عينيه قلق يقارب حد الذعر تمالكت نفسها و رسمت ابتسامة على وجهها: - كوب من الماء سوف يساعدني.
جلس مكانه عندما بدأ وجهها يستعيد لونه، سألته: - هل حدثت بيننا مشادة من قبل؟
- أجل... حاولت مرة أن تتهجم علي أنا لكنكِ هببتِ للدفاع عني، كما لم يسبق لأحد أن يفعل... كنتِ حاميتي الصغيرة.
فكرت أن شخص مثل زوجها لا يحتاج أن يدافع عنه أحد، لكنها شعرت بالسعادة الغامرة لوصفه لها بحاميته.
![](https://img.wattpad.com/cover/139935109-288-k595799.jpg)
أنت تقرأ
أنت بذاكرة قلبي - للكاتبه فاطمه الصباحي (زاهره)
Romanceكل حقوق الملكيه خاصة للكاتبه فاطمه الصباحي (زاهره) ملخص "أنت بذاكرة قلبي" تزوجته بناءاً على طلب جدها الذي طلبت منها والدتها قبل أن نموت أن لا تعصي له أمراً، تزوجته و كل ما يجمعها به مودة تكنها فتاة لابن خالها الطيب، كان زواج يسوده التوتر و الصراعا...