❁ الفـــصـــل الثاني ❁

9.4K 445 34
                                    

❁ ❁ ❁ ❁ ❁ ❁ ❁ ❁❁ ❁ ❁ ❁❁ ❁ ❁ ❁ ❁ ❁ ❁ ❁❁ ❁ ❁ ❁❁ ❁ ❁ ❁ ❁

بعد مرور سنة

حين تؤلمك الحياة و تفاجئك بما هو أسوء و ترميك لطريق مليئ بالعقبات و الصعوبات سالبةً منكَ كل شيئ حتى ذلك الضوء الذي ينير عتبة قلبك و حتى ذلك الأمل الصغير الذي يتسرب داخلك ستصبح غصبا عنك جثة هامدة و آلة قابلة فقط للعمل و العمل دون إحساس دون شعور و بلا حياة كحالها بالضبظ و هي تقف أمام مرآة خزانتها تكمل لف حجابها الأسود بعيون خالية منطفئة من شعلة الحياة و قلب بابه مغلق من كل النواحي فالوجع الذي حط على روحها دفعة واحدة كان أقوى بكثير من تحملها و تحمل قلبها البريئ .. أنهت لف حجابها و حملت أغراضها فالشيئ الجيد و الوحيد الذي حدث لها في حياتها أنها وجدت منصب عمل كمهندسة مبتدئة لإحدى الشركات المرموقة منذ أيام فقط

............................................

تبا لهذا العمل الذي لن يكتمل أبدا رمى القلم بإنزعاج من يده و هو يريح رأسه على كرسي مكتبه فبالرغم من ثراءه و نفوذه و نجاحه الذي حصده بعرق جبينه إلا أنه يشعر بالنقص داخله بشئ يريده بشدة لكن لا يعلم ما هو تنهد بإرهاق و أغمض عينيه المتعبة ليأتيه طيفها فجأة و ذلك الوجه الملائكي الذي لن ينساه أبدا ليفتح فورا عيونه الزرقاء و أمنية بداخل قلبه لو أنه يراها مرة ثانية فهي السبب في جعله يشعر بالنقص إنه نقصها هي .. طرقات على الباب جعلته يقطع تفكيره المستمر بها كعادته دائما منذ أن رآها في ذلك الزفاف و إعتدل في طريقة جلوسه قائلا بصوت رجولي خشن

- تفضل

ليدلف عليه السيد { ياسين } ذلك الرجل الخمسيني من عمره بإبتسامة شقت ثغره و جعلت ملامح وجهه تبدوا أصغر من سنه ليبادله { أوس } مشيرا له بيده للجلوس قائلا بلطف

- أهلا عمي , كيف حالك !

رد عليه الآخر و هو يرمي بجسده على الكرسي

- ألا تخجل من نفسك يا ولد تسأل عن حالي الجيد و أنت في حال يرثى لها من كثرة العمل و الإرهاق الشديد

إتسعت إبتسامة { أوس } لذلك الرجل الطيب واضعا يده على قلبه بطريقة مضحكة قائلا له بنبرة ألم مصطنعةر

- معقول ! أعزيزي ياسين يقلق بشأني ! آه قلبي لم يعد يتحمل

أطلق الآخر ضحكة من قلبه وقال بمشاكسة

- مازلت مشاغب كعادتك يا ولد

ثم تابع بجدية حين تذكر الأمر الذي آتى من أجله

- بالمناسبة أوس , قبل ان أنسى ,أصحيح أنك فتحت تدريب للموظفين الجدد كما سمعت ؟

رد عليه { أوس} فورا بطريقة عملية تخلو من مزاحه الذي كان قبل قليل

- أجل عمي فنحن نحتاج الى مصممين كُثر خاصة واننا على أبواب مشروع كبير واريدك ان تتكفل به ان, مارأيك

أجابه { ياسين} بثقة و تفهم  

- طبعا أكيد سأتكفل بذلك لا يهمك

..................................................

المكان هادئ سوى نقرات اصابعها على الحاسوب فهي تعمل كالآلة منذ الصباح , تريد الهروب من هذا الواقع وتريح رأسها من الأفكار قليلا .. وقوف ذلك الجسد الأنثوب أمام باب المكتب المفتوح جعلها تتوقف تلقائيا وتتجه بعيونها ناحية الباب قائلة  بتساؤل
-  ماذا هناك يا جواهر  ؟
قابلتها الأخرى بإبتسامة هادئة  و أجابت بلطف
- السيد ياسين يطلبنا لإجتماع من أجل التدريب الذي أخبرتكِ عنه أمس

إلتمعت عيون {فريحة} عن ذلك الخبر و تحمست منذ أن أخبرتها {جواهر} يوم أمس عن موضوع التدريب فهزت رأسها بحماس قائلة و هي تطفئ جهاز الحاسوب الخاص بها
- حسنا .. انتظريني لنذهب معًا
خرجوا فورا متجهين الى قاعة الاجتماعات و هي تدعوا الله ان يكون التدريب موفق لها لتستطيع النجاح فيه .. خرجت من افكارها و هي تسمع صوت جواهر تقول بهمس و إبتسامة شقية على ثغرها
- انظري فريحة ! كيف ينظرون اليك رجال الشركة بإعجاب كبير

ردت عليها وشبه ابتسامة ساخرة على وجهها تغطي النيران التي في قلبها فمنذ أن خانها الحب الأول و هي لا تستطيع حتى النظر في وجه الرجال باتت تمقتهم جميعا فجميعهم مثل بعضهم و طينة واحدة

- فليذهبوا كلهم للجحيم

بعد ساعتان من ذلك الإجتماع الحماسي عادت إلى مكتبها تتابع عملها من حيث تركته وهي تتوعد في نفسها استغلال الفرصة لإظهار قوة موهبتها في التصاميم والزخارف المعمارية خلال التدريب الذي سيبدأ من الغذ فخلال حديث السيد {ياسين} في الاجتماع عن فكرة هذا التدريب و من ساعتها و هي متشوقة جدا للشروع فيه .. تنهدت بتعب و هي تنهي آخر جزء من عملها و نظرت فورا لساعة يدها لتجد أن الوقت فعلا قد تأخر كثيرا فجميع زملائها ذهبوا إلا هي التي أرادت بشدة إكمال ما تبقى لها من عمل كي لا يعرقلها خلال فترة التدريب و يشتتها عنه و ها هي الآن أنتهت منه بأكمله فحملت أغراضها دون انتظار و أغلقت باب المكتب الذي تتشاركه مع {جواهر} و غادرت ناحية المصعد فوجدته معطلا لتلعن في سرها و هي تفكر أنه لم يبقى لها خيار آخر سوى إستعمال تلك السلاليم المرهقة للجسد خاصة و انها متعبة جدا لكن ليس باليد حيلة و راحت تسير ناحية الدرج و بينما هي متجهة في طريقها إصطدمت بذلك الجسد الذي أوقع أغراضها فجلست فورا تلملم اشيائها في غضب و حين شعرت به يجلس على ركبتيه ويساعدها قالت بأدب و هي تكمل لملمت أشياءها

- لا داعي لذلك أنا سأتكفل بها شكرا لك

و فعلا توقف عن ذلك لكنه بقي على حاله لتسمعه يقول بأمر هامس 

- إرفعي رأسك 

لترفع رأسها تلقائيا له و تجمدت نظراتهم حول بعضهم هي تنظر إليه بشجوب كمن ذكرها بذلك اليوم و هو ينظر إليها بقلب يخفق بجنون كمن وجد ضالته أخيرا ..... ( يتبع )

❁ ❁ ❁ ❁ ❁ ❁ ❁ ❁❁ ❁ ❁ ❁❁ ❁ ❁ ❁ ❁ ❁ ❁ ❁❁ ❁ ❁ ❁❁ ❁ ❁ ❁ ❁

الهاربة من حبه { مكتملة }حيث تعيش القصص. اكتشف الآن