الفصل الأول & تناديه سيدي & صابرين شعبان

54.7K 1K 33
                                    

 الأول

جلست على مقعد صغير بالحديقة العامة القريبة من منزلها بتعب و هى تمسد بيدها على ساقيها المتألمة من كثرة ما سارت اليوم بحثا عن عمل كانت قد تركت عملها القديم لمضايقة رئيسها الجديد الذي أستلم مكان والده الرجل الذي كان يعاملها باحترام كابنة له فهى ظلت تعمل معه لمدة عامين ونصف منذ أصيب والدها في حادث أدى لإصابته إصابة خطرة منعته أن يزاول مهنته مرة أخرى و هى سائق سيارة أجرة و لم يستطع العمل لفترة طويلة بعدها بسبب حاجته للعلاج الطبيعي حتى يتحسن و مع ضيق الحال اضطرت نجمة لتعمل في وظائف متدنية تاركة جامعتها في سنتها الأولى اعتدلت على المقعد بعد أن أراحت قدميها بيدها قليلاً و هى تمسدها كالطفل الصغير ليهدئ متذكرة أخرجت من حقيبتها بعض الطعام الذي أعدته لها والدتها قبل خروجها صباحاً كان رغيفا جبن و بيض ملفوفين باعتناء ابتسمت نجمة فوالدتها مازالت تفعل معها مثل ما كانت تفعل و هى في المرحلة الابتدائية فضت الورقة البيضاء بعد أن أخرجتها من كيس صغير شفاف و تمسك الرغيف لتقضم منه قطعة صغيرة تلوكها ببطء و هى تنظر حولها للمارة ..هذا ولد صغير يلعب بالكرة ..و هناك ترى حبيبين يجلسان أسفل شجرة من شجر الزيتون الصغيرة فهذه الحديقة الوحيدة التي ترى بها أشجار النخيل و الزيتون و الموالح و التوت كلا يزهر في موسمه أبعدت عينيها خجله مما ترى الشاب يفعله لتقع عيناها على امرأة عجوز تنظر إليها مبتسمة برقة فقامت نجمة بهز رأسها مرحبة بابتسامة فنهضت السيدة تتوكأ على عكازها الخشبي الصلب بيده النحاسية اللامعة تحت ضوء الشمس اقتربت منها قائلة بهدوء ..

” تسمحين لي بالجلوس معك قليلاً “

أشارت لها نجمة بالجلوس مرحبة ..” أجل طبعاً سيدتي يسعدني ذلك فأنا كما ترين أجلس بمفردي و لا أمانع ببعض الصحبة“

ابتسمت السيدة العجوز التي قالت بترحاب ..” بل أنا التي أحتاج للصحبة لشعوري ببعض الوحدة أما أنت فما زلت صغيرة ماذا يجعلك وحيدة “

كانت امرأة قد تخطت السبعين عاما بأعوام قليلة ترتدي ثوب أسود طويل و حذاء بدون كعب و تضع على رأسها حجاب صغير ملامحها ناعمة بعينيها السوداء و بشرتها السمراء بها بعض التجاعيد حول عينيها و فمها و لكنها تبدو بصحة جيدة بالنسبة لعمرها ردت عليها نجمة برزانة ..” ليس بالضرورة أن نشعر بالوحدة عند تقدم العمر بنا أحياناً الإنسان يحتاج مساحة ليكون وحيداً حتى يقوم بتقييم حياته و ما فعله بها و ما سيفعله فيما بعد “

ابتسمت المرأة و قالت بدون أن تسألها ..” فريدة اسمي فريدة “

ابتسمت نجمة و مدت لها بالرغيف المغلف الآخر و هى تقول ..” نجمة “

تناديه سيدي ج1  قطعة من القلب  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن