غابة مسكونة

328 63 21
                                    


_"انها متحمسة اكثر من وقت رأيتها فيه، لن افسد ذلك! اتمنى فقط ان يمضي الامر على خير...." قالت رينا في نفشها وهي تركب السيارة.

بعد مايقارب العشر دقائق، توقفت سيارة التاكسي، فنزلت آن ورينا. ولكنهاما تفاجأتا لان المكان المطلوب هو غابة ، ولكن سيارة الاجرة تلك توقفت في مكان آخر... طريق قليل المشاة يطل على متجر بقالة كبير ،نظرت حولها وهي تحاول كتم غيظها، ثم اتجهت الى السائق وقالت:
_ ماهذا يا سيدي؟ لقد طلبت منك ان تأخذنا الى غابة إينُوي لا الى متجر بقالة!
نظر السائق اليها و حرك شاربه الصغير بتردد:
_أنا آسف يا آنسة، لا أحد يتجرأ على دخول غابة تامورا، انها مسكونة اتفهمين؟! اعتذر عن هذا ولكنه امر مستحيل بالنسبة الي.
تفهمت آن موقف السائق الذي غادر بسيارته معتذرا، ولكن رينا تشبثت بيد آن بقلق.
_لا داعي للقلق ايتها الطفلة الجبانة!
_ج..جبانة ؟ لست كذلك!
_اذن ما خطبك؟
_كلما في الامر اني لدي ماض سيئ مع مصطلح "مسكون" ...
_حقا؟ اخبريني عن ذلك بعد ان نذهب لشراء شيئ ما من البقالة.
_من البقالة؟ حسنا..
_ولاداعي للقلق، يقولون انه يوجد مكان للاستراحة هناك ، اضافة الى منزل للاستضافة العامة، سنمكث هناك ليوم ثم نعود الى هنا.
توجهتا إلى البقالة ، فرحبت بهما آنسة لطيفة قصيرة الشعر ،انحنت قليلا فارتفع فستانها الاحمر القصير.
بقيت رينا تتبع آن التي ذهبت الى قسم المشروبات، لتقتني قارورتي مياه كبيرتين. دفعت الثمن، ثم خرجت .
_لم اشتريت قارورتي المياه؟
_اليس من البديهي ان نحمل قارورتي مياه في رحلة؟
شعرت رينا بالخجل من سؤالها السخيف ، ثم اخرجت من حقيبتها الصغيرة خريطتها . امسكت آن قلما ثم استعارت الخريطة منها ، واخذت تدون وتحيط اماكن مختلفة عليها...قامت بوضع خطوط متقطعة من مكانهما الحالي الذي حددته بدائرة ، الى غاية الغابة ، تحديدا الى منزل صغير رسم كتب اسمه تحت رسمة منزل مثلث في الخريطة.
_سنذهب الى هذا المكان!
_ ولكن يا آن، المكان في وسط الغابة، سنكون بخير؟
_اجل ، سنكون بخير تماما .فقط اتبعيني.
سارت آن نحو "المجهول" ، بينما طلبت من رينا ان تحكي لها عن قصتها مع كلمة "مسكون" .
في وسط تلك الغابة ، سارت الفتاتان بين ألأشجار الطويلة التي غطت المكان بأسره، الهدوء شديد لدرجة ان كل خطوة تخطوانها تصدر ضجيجا وصوت انكسار الاغصان المترامية على الأرض...
_إذن؟ ما قصتك مع المسكون؟
تنهدت رينا برعب ثم قالت قول المجبر للحقيقة:
_كنت في الصف الأول في الابتدائية في ذلك الوقت، حين كنا انا ورفيقاتي في آخر يوم للمدرسة قبل العطلة الصيفية . كان الدوام المسائي قد انتهى عندما كنا نغير أحذيتنا، وفجأة نطقت إحدى رفيقاتي وكان اسمها يوتا ثم قالت لنا :" هل سمعتن آخر الأخبار؟ مدرستنا مسكونة! " ذعرنا قليلا ثم اعتبىناها تمزح ولكنها تابعت وهي ترتعب" انا لا أمزح!! تعرفون اسطورة إينوي؟" وفي تلك اللحظة تسمرنا في أماكننا لمجرد سماع هذه الإسم.
_أسطورة اينوي؟ أليس نفس اسم الغابة؟
_أجل، دعيني أنهي القصة وعندها ستفهمين لم سميت هكذا...لاحظت يوتا خوفنا فتابعت كلامها وهي ترتعب:" تقول الأسطورة ، أن ابنة أحد الملوك كانت تدعى بإينوي، كانت شديدة الجمال لدرجة ان العديد من الأمراء تقدموا لخطبتها ، ولكن والدها رفض تزويجها لشدة حبه لها ، وكان يمنعها من الخروج منعا باتاّ، مما أحزن الأميرة إينوي وجعلها تحبس نفسها لعدة أيام في غرفتها . ولما لاحظ الملك ذلك ، أراد اخراجها بأي طريقة، فذهب الى باب غرفتها و حاول اقناعها بالخروج ولكنها رفضت، واشترطت أن يسمح لها بشيئين: الاول أن يدعها تخرج الى الغابة المجاورة للقلعة من دون مرافق لها، والثاني ان يزوجها ان وجدت من تحبه"
_يالها من قصة طويلة ...
_اجل، ولكنها مفزعة في النهاية ، كما قلت ، فإن الأميرة إينوي اشترطت على والدها ذلك، فرأى نفسه مجبرا على القبول . جهزت الأميرة نفسها و لبست لباسا قرويا متواضعا، وخرجت من غرفتها فعانقت والدها وشكرته بشدة ، فشعر بالفرح و الأسى في الوقت ذاته. ذهبت الأميرة الى الغابة وبقيت تلهو وتستمتع هناك بمفردها ، الى أن سمعت صوت أحدهم يعزف على قيثارة سحرت الأميرة بهذا العزف ثم راحت تتتبع مصدر الصوت. وصلت الى نهر فلمحت خلفه شابا وسيما ...حاولت الاقتراب اكثر فسقطت في النهر وراحت تصرخ ، سمعها الشاب فقز الى النهر وراح يخرجها. إستفاقت الأميرة فوجدت الشاب يوقظها . شعرت بالخجل ثم شكرته. اثنت على عرفه ثم تحدثت اليه قليلا حتى أن العلاقة بينهما اشتدت.تبين ان الفتى من عائلة فقيرة ، وأنه تعلم العزف في صغره . تعلقت الأميرة به وطلبت منه ان يتقدم لخطبتها وأخبرته بحقيقتها فدهش ولكنه رفض امر الخطوبة بحجة فقره ولكنها اصرت فوافق. عادت الى القصر برفقته وعرضت الامر على والدها ولكنه رفض و نقض العهد الذي قطعه عليها . حزنت الفتاة حزنا شديدا الى أن مرضت بعد ان حبستةنفسها في غرفتها لأسابيع...فاضطر الأب لأن يكسر الباب ، ووجد ابنته قد فارقت الحياة وتركت رسالة تحكي فيها عن حزنها الشديد ومرضها، وطلبت ان يضع آلة كآلة الشاب في غرفتها كذكرى. ومنذ ذلك اليوم والأميرة تأتي تارة على هيئة شبح وتعزف على تلك الآلة بحزن ،و تارة أخرى لتكسر بعض الأغراض و تخيف الملك وخدمه.
_وما علاقة هذه القصة بقصتك؟
_آاه؟ يبدو اني أطلت الحديث عن الاسطورة!
أومأت آن برأسها إيجابا، قتابعت رينا :
_بعد ان اخبرتنا يوتا بالأسطورة شعرنا بالغموض و الحيرة وسألناها عن علاقة القصة بالمدرسة. فأجابت " أمس...سمعتُ صوت آلة القيثارة
فذهبت الى القاعة ولم اجد أحدا! " فزعنا جميعنا فقررت يوتا أن نتفحص المكان قبل أن نغادر المدرسة....
_وماذا حدث بعد ؟
_في الواقع.........

******************************

 02 : ميراث الحمقىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن