النزل

269 58 56
                                    

_وبعدها؟...
_سأكمل لاحقا ...
أرادت رينا أن تعرف تكملة القصة فقد اثارت فضولها بشدة، ولكن آن أبت أن تكملها. أخرجت الخريطة من حقيبتها الصغيرة، ثم اخذت تحدق فيها بتمعن شديد.يبدو انهما اقتربتا من الهدف... السماء لازالت ملبدة، الرياح تعوي ، بل  تنتحب كالثكلى مهددة بحدوث شيئ لايحمد عقباه، الاشجار تتراقص بسرعة اكبر من المعتاد ، والفتاتان محاصرتان بجيش سحيق من الاشجار ، الرياح من خلفهم والغابة امامهم. آن مرتبكة ، إنها تشعر وكأن وابلا من الاشياء السيئة ستمطر عليهم كما يمطر الجيوش اعداءهم بالسهام المحرقة. رينا كذلك، تتساءل في نفسها عن السبب الذي جعل آن مرتبكة هكذا، انها تعتبرها القائد ، أمًا هي فمجرد مقتاد مساعد. شيئ بارد لمس جبين آن، ثم اخذ يتغلغل الى رقبتها .. قطرة مطر؟ فجأة، صمتت الرياح، وتعبت الاشجار من الرقص والاهتزاز. صمت قاتل يشوب المكان، هذا  لا يبشر بالخير مطلقا. التفتت الفتاتان الى الخلف ثم عادتا الى وضعهما ، تمنيتا لو انهما لم تستديرا...
_رينا اخبري قدميك أننا في لعبة حياة أو موت، نحن نعتمد عليهما.
_ماذا؟
_اركضي! اركضي كما لم تركضي من قبل، واياك ان تستديري للخلف ، لاتفعلي هذا مهما كلف الثمن !اركضي واتبعيني !
اخذت آن تركض وخلفها رينا ، وخلفهما..عاصفة لم يشهدا مثلها من قبلالسحب سوداء قاتمة ، الأمطار تنتظر صفارة البداية لتبدأ سباقها مع الرياح ...افضل شيئ يمكن فعله للنجاة من الهلاك هو الركض!
إنها العاصفة!
آن تركض، لا حاجة لأن تتفقد رينا ان كانت خلفها فصوت أنفاسها  المتلهفة خارق ويسمع من بعيد. فجأة ، وصلتا الى مكان فيه طريقان ، ولافتة كتب على جهتها اليمنى "نُزُل كيوسكي" ومن الجهة اليسرى من اللافتة "بحيرة
إينوي"  شعرت آن انها تعرف إينوي التي سميت عليها البحيرة والغابة باكملها، كيف لا و هي بطلة الاسطورة التي روتها رينا؟!
_من هنا! سنصل الى وجهتنا!
_ح..حسنا!
سلكت الفتاتان طريق النزل، لانه كان المقصد من هذه المغامرة الفظيعة التي لم تبدأ بعد، ولانه كان الملجأ الوحيد من غضب الطبيعة.
تابعتا الركض الى ان تخطيتا اللافتة، ولكن ماهذا الصوت؟! انهواشبه بصوت ...بصوت آلة ما، ربما الفلوت او الناي، او حتى القيثارة ذات الصوت الهادئ!
_آن ! اتسمعين ما اسمع؟ اظنها...
تصرخ آن في ظل الرياح العاتية حتى تتمكن رينا من سماعها:
_اجل اسمعه! انسي امر الأسطورة ولا تفكري في ذلك، انها غير موجودة ، فقط تابعي الركض ! أنا ألمح النزل هناك، لم يتبق الكثير!
اطمأنت الفتاتان عندما بدأ النزل يظهر وتابعتا الجري، العاصفة اقرب من أي وقت مضى...وفجأة، خبر صاعق يجمدهما!  لقد وجدا النزل! و يفصله عنهما جسر مهترئ يترنح ويصدر صريرا مخيفا! غلطة واحدة تؤدي الى الهاوية
رينا مرتعبة وترفض ان تعبر الجسر:
_أجننت؟ انا لن أعبر قطعة الخردة هذا! خطوة خاطئة ستؤدي بنا الى الحضيض!
_ليس لدينا وقت للجبن الآن! العصفة خلفنا تماما، امسكي يدي ولا تنظري للأسفل وحسب! اكرر، لا تنظري للأسفل!
_اووه، تبا لهذه الرحلة اللعينة! حسنا أنا آتية !
_جيد! هيا اسرعي قليلا وسنصل.
امسكت آن يد رينا ، وخطت أول خطوة على " قطعة الخردة "تلك...جسر مهترئ يصل بين ارضين يتوسطهما نهر كبير ، بعض الالواح موجودة ولكن اغلبها محطم ومنزوع من مكانه.
_حسنا! لم يبق الكثير يا رينا!
_انا خائفة ! انا خائفة... انا خا...اااه !!
وفجأة تفلت رينا يد آن وتكسر احد الاواح التي كانت واقفة عليها!
_رينا انتبهي!
تتمسك رينا بيد آن  وهي تبكي بينما جسدها يهوي ويترنح أسفل الجسر ...
_سأسقط لا محالة! افلتي يدي ! ستسقطين معي إيضا
_ما الذي تتفوهين به ايتها الخرقاء؟! بدأنا المشوار معا وسنبقى معا أحياءا !
_ولكن العاصفة قادمة ، والجسر محطم ! لطالما كنت وحيدة منذ صغري، دعيني أموت وحيدة!
تشتاط آن غضبا ثم تصرخ وهي تحاول رفع رينا:
_اوقفي افلامك الدراماتيكية الساذجة وحاولي ان تدفعي نفسك للأعلى !  لن أدعك تسقطين حتى لو تطلب الأمر أن أسقط معك الى الجحيم!
   تتشجع رينا ثم ترفع نفسها وبمساعدة من آن تنجح في العودة فوق الجسر أخيرا...
_اسرعي بقيت بضع خطوات لا أكثر هذه المرة أمسكي يدي جيدا ، حا؟
_شكرا على انقاذك لي...
_لا وقت للشكر، أجلي هذا حتى نعود الى المنزل، من يعلم ما سيحدث بعد هذا!

 02 : ميراث الحمقىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن