كانت الساعة الخامسة تقريبا وقت بدأ العروض أخذت لينا مقعدها ثم حاولت مرة أخرى الإتصال مثلما إتفقنا فلم أجب عليها، إرتبكت قليلا و إعتلتها موجة من القلق و التساؤل، قالت : ياإلهي ! لماذا لا يجيب علي !! من المفروض أن يكون مع ندى في هذا الوقت، أعادت الإتصال للمرة الثانية و الثالثة و الرابعة و لم أجب أيضا فإزداد قلقها علي و تساؤلها عني، حتى أعادت الإتصال للمرة الخامسة فوجدت هاتفي مطفئا !!! قالت : لم...لماذا أطفئ هاتفه ؟!! هل حدث له شيء ما، ما خطبه ! آخخ ظننت أنه يريد حقا إمضاء اليوم مع ندى !! سأقتله المرة القادمة عندما أراه !!!، إنها الساعة الخامسة و قد حان وقت العروض, لم يكن دور رفيق في العروض الأولى بل كان الأخير و كان العرض الأول من صالح عازف غيثار في السنة الثانية إسمه حميد بعد ندائه إعتلى خشبة المسرح بغيثارته السوداء و بدلته الأكثر سوادا و ربطة عنقه البيضاء، شديد التوتر يتصبب عرقا إثرى رؤيته للجمهور لكن ذلك لم يؤثر عليه بل أكمل خطواته بكل إصرار لوسط خشبة المسرح ثم قدم نفسه و قال إسم الأغنية التي سيعزفها و هي معزوفة قديمة من تأليف إيستاس تون إسمها التنين الذهبي، جلس على كرسيه و عدل الميكروفون و حمل غيثارته و أغمض عينيه ثم بدأت أصابعه بعزف النوتات و الحركة بسرعة شديدة ! و أصابع اليد الأخرى تراقص أورتار الغيثارة السوداء كأنه في معركة يصارع من أجل البقاء حيا أمام الجمهور و خاصة أمام الحكام حتى أكمل عرضه و تبع ذلك تصفيق حار من الحضور و تقييم من قبل الحكام، بينما لينا منكبة في التفكير و تغمرها الحيرة و يغلب عليها القلق و الغضب !! بعد بضع لحظات بدأ العرض الثاني و كان من نصيب لاعب خفة أو ساحر إسمه رمزي في السنة الثالثة، مشى إلى خشبة المسرح بخطى ثابتة و بملامح وجهه الشامخة كأنه الثقة بالنفس بأم عينها و لحيته السوداء زادت من غموضه و أبرزت شرقيته الجامحة، حمل الميكروفون و قال : مرحبا أنا رمزي تشرفت بمعرفتكم !!، قدم نفسه جيدا ثم بدأ خطابه : حسنا إذا ! عندما تسمعون كلمة ساحر أو لاعب خفة فأنا متأكد أن أول ما يخطر ببالكم هو سحر و شعوذة أو تقنيات و خفة يد في شدة الصعوبة لا تتقن إلا بالتدريب لأشهر و سنوات ! لكم حرية التعليق و تخيل الأمر كما تريدون أما أنا فسأقول أن كل ذلك لا شيء أكثر من خدعة بصرية تعتمد على مبدأ واحد و هو التضليل !! عندما يقول الساحر الخدعة تحصل هنا، في الحقيقة الخدعة تحصل في مكان آخر هكذا تتم تأديتها بكل نجاح و يتم تضليلكم و خداعكم فيما يسمى بالخدعة السحرية !! لكن ..! في بعض الأحيان لا تعتمد الخدع كلها على التضليل بل على العقل بحد ذاته فيستخدم الساحر عقله فقط لقراءة ملامح الشخص و تحليل شخصيته و ربما حتى قراءة أفكاره و كل هذا يعتمد على دراسات و قرائات نفسية و هذا ما سأفعله اليوم لذا أحتاج إلى ثلاثة متطوعين هنا معي في خشبة المسرح، ثم قال : و أحتاج إلى الفريق التقني ليحضر لي ما طلبته منه !، ظهر من الكواليس بضع أشخاص يحملون طاولة بطول ثلاثة أمتار وضعوها في الوسط ثم تبعهم شخصان كل منهما يحملان عشرة كتب فذهبوا و رتبوا الكتب فوق تلك الطاولة ليصبح العدد عشرون كتابا و يبدوا كل كتاب من سمكه أن عدد صفحاته تفوق الأربعمائة صفحة، إختار رمزي من الجمهور ثلاث فتيات و كانت واحدة منهم إسمها بشرى سمراء عسلية العيون،جمالها ملائكي صعدوا ثلاثتهم و قدموا أنفسهم للجمهور ثم أخرج من جيبه ظرفا محكم الإغلاق و أعطاه لبشرى و ثم طلب منها أن تضعه على الكرسي المقابل للطاولة التي فيها الكتب و تجلس عليه ليصبح من المستحيل أن يصل إليه أحد، فعلت بشرى ما طلبه رمزي منها بكل حماسة ثم توجه بكلامه إلى الفتاتين و قال : حسنا أريد منك أنت أن تختاري رقما لا يتجاوز الرقم 5 و أنت أن تختاري رقما لايتجاوز الرقم 10 ! إختار الإثنان عشوائيا الرقم 3 و الرقم 7 !! قال رمزي : حسنا إذا جمعنا الرقمين 7 و 3 جنبا إلى جنب نحصل على 37 أو 73 ! عم الصمت المسرح للحظة ثم عاد رمزي للحركة و ذهب إلى بشرى و وقف مقابلا إياها و كان قريبا جدا إليها، قال و هو ينظر مباشرة في أعينها : ههه إسمك بشرى صحيح ؟! إبتسمت و أصبحت كتلة من الخجل، قالت : نعم إسمي بشرى !!، رمزي : حسنا يا بشرى فلتختاري أي رقم تريدينه 73 أو 37 حتى و لو إخترتي رقما لا تترددي في تغييره، قالت له : سأختار الرقم 73 !! رمزي : لا تريدين تغييره ؟ بشرى : لا متأكدة !، رمزي : حسنا إذا إخترت الرقم 73 و أمامك في هذه الطاولة عشرون كتابا فلتختاري أي كتاب تريدين ! تمعنت بشرى في الكتب للحظات ثم إختارت كتابا فقال : أتريدين تغييره ؟! ضحكت بشرى ثم قالت : هه نعم أريد ذلك الكتاب، غيرت بشرى الكتاب التي إختارته بكتاب آخر ثم قال لها رمزي : من قبل إخترنا الرقم 73 و الآن هذا الكتاب و كانت كل الإختيارات عشوائية ! إبتعد عنها بضعة خطوات للخلف و قال : إفتحي الكتاب الآن على الصفحة 73 و إختاري أي كلمة تريدين تريدين من أي سطر تريدين لكن لا تقولي تلك الكلمة و إحتفظي بها لنفسك !!، فعلت بشرى ما طلبه رمزي منها و الجمهور في سكوت تام و حماس لا يوصف يتساؤلون عن النهاية كيف ستكون !!!، قالت بشرى : حسنا إنتهيت لقد إخترت كلمة !، رد رمزي عليها قائلا : حسنا لقد إنتهينا يمكنك الآن النهوض و إلقاء نظرة على الظرف الذي كنت تجلسين عليه منذ البداية !، وقفت بشرى و حملت الظرف في يديها فمزقته و فتحته و أخرجت منه ورقة مطوية ففتحت تلك الطيات لتجد الكلمة التي إختارتها من الكتاب مكتوبة في تلك الورقة و هي "القمر"، إصفر وجه بشرى من الدهشة و رفعت الورقة عاليا بيديها ليراها الجمهور و هي لا تجد الكلمات لوصف ما ترى أو لشرحه قالت : إ..إن..إنهاا هي !! الكلمة التي إخترتها من الكتاب !!!، بدون سابق إنذار إهتز المسرح بنهوض كل من فيه من مقعده يصفق مندهشا لرمزي و لخدعته التي لم يستنتجو لها تفسيرا أو تحليلا منطقيا فكيف إستطاع أن يقرأ أفكارها و يعرف تلك الكلمة و يكتبها في تلك الورقة التي كانت مخبئة في ظرف محكم الإغلاق و الذي كان بحوزة بشرى طوال الوقت و لم يصل إليه أحد، كيف ..؟!! لا أحد يعرف !!! .... يتبع
أنت تقرأ
إبتسمت لي في حلم ذات مرة
Romanceهكذا هي الحياة لا تستمر على حالها فترة و تنقلب مرة أخرى لحال مغاير لسابقها ... تسعدنا مرات و تؤلمنا مرات أخرى ...!! فهل ستسمو حياته بالفرحة و السعادة ؟! هذا ما سنعرفه في رواية رومنسية عن طالب في الثانوية منبوذ و معزول عن المجتمع يكرهه الجميع إلى أن...