الجزء الثاني و العشرون

46 1 0
                                    

تلك الورقة التي كانت مخبئة في ظرف محكم الإغلاق و الذي كان بحوزة بشرى طوال الوقت و لم يصل إليه أحد، كيف ..؟!! لا أحد يعرف !! ، بينما جمهور المسرح يصفق بإندهاش لعرض رمزي المذهل و الإستثنائي كانت لينا لم تتوقف عن الإتصال بي مرارا و تكرارا  لكن دون جدوى ! هاتفي مغلق ! فإنغمرت في نوبة من القلق و الغضب فكان من المفترض أن أكون مع ندى في المستشفى و أجيب على إتصالاتها لكن مالذي حدث ؟ لا أحد يعرف..!
أدت معظم العروض و أدى كل من المشاركين أفضل مالديه لنيل إعجاب الحكام، في تلك الأثناء كان رفيق في الكواليس يستعد للعرض في غرفة الإنتظار ينتظر دوره مع المشاركين الآخربن، جالسا أمام طاولة تارة يقرأ كتيب بيتهوفن مراجعا نوتات المعزوفة و تارة يغمض عينيه و يضرب على الطاولة بأصابعه كأنه يعزف على بيانو حقيقي ! ينتهز كل ثانية قبل عرضه لكي يتقن أداءه !! كان متوترا للغاية و يتصبب عرقا إثر  ذلك فهذه المسابقة هي فرصته الذهبية لكي يلاحظ الحكام موهبته و يستطيع المشاركة في المسابقات الوطنية ! بل حتى العالمية !! لم يتبقى لعرضه سوى القليل فقد بقي شخص واحد قبله أي عرض واحد ! في نفس الوقت كانت لينا لا تزال تتصل آملة أن أجيب على الهاتف ثم أتت و جلست بجانبها فتاة تبدو مألوفة لها، إنها دنيا زميلة ندى و لينا في القسم !! جلست ثم ألقت التحية، دنيا : مرحبا كيف الحال يا لينا !، لاحظتها لينا فردت عليها التحية، لينا : أوه ! هذه أنت يا دنيا مرحبا كيف حالك ؟ بخير شكرا ! إذا ماذي أتى بك إلى المسابقة ؟ شخص مميز ههه ؟! تفاجئت للينا بهذا السؤال الفظ و بنبرة مرتبكة و غبية قالت : ههههه ! لا لا أفسم لك لا على الإطلاق ! إنه فقط صديق و كأخ لي ! سيكون عرضه هو العرض الأخير  ... بضحكة غبية و بنبرة ماكرة أجابتها دنيا : ههه حقا ! خخخ !! إنزعجت لينا قليلا من فظاظتها المفاجئة و لكن الغريب في الأمر هو ظهورها المفاجئ فهي عادة لا تعتبرها لينا كصديقة لها بل تعتبرها كزميلة في القسم و لا تتكلم معها في أغلب الأوقات فقط في القسم أو المكتبة عندما يذاكرون أو يتناقشون عن درس ما، لذلك تملك لينا فضول لمعرفة سبب حضور دنيا المسابقة فسألتها قائلة : و أنت يا دنيا مالذي أتى بك إلى هنا ؟!.... كانت العروض كلها قد إنتهت إلا رفيق الذي كان نفسه يضيق مع كل ثانية يقترب دوره ! حتى أتى إليه موظف في الكواليس يخبره أن دوره قد حان و أن عليه إعتلاء خشبة المسرح في الحال ! فوقف و بدأ خطواته ببطء نحو خشبة المسرح و نظرة الجدية و الصرامة تعتلي وجهه إلى أن دخل خشبة المسرح و رأى ذلك الجمهور الذي أرهبه " هذه هي لحظتي ! لا أكترث إن لم العب المعزوفة تماما كما هي مكتوبة ! لا أكترث إن لم أجعلك فخورا  بي يا أبي فكل ما يهمك هو الفوز أما أنا فلا يهمني ذلك...كل ما أريده هو تقديم أفضل ما لدي و الإستمتاع بأدائي " ذلك ماقاله رفيق بكل ثقة نفس بعد أن إستجمع قواه و صار هادئا لكن في موقف كهذا بالطبع سيكون هناك كم هائل من التوتر لكنه إستطاع إخفاء ذلك و الجلوس أمام البيانو مباشرة  فشرع في فتح كتيب بيتهوفن على صفحة المعزوفة مونلايت سوناتا ثم وضعه أمامه ليبدأ عرضه !! في تلك الأثناء وجهت لينا سؤالها لدنيا بكل فضول قائلة لها : و أنت يا دنيا مالذي أتى بك إلى هنا ؟! " أنظري..أنظري !! إنه رفيق صحيح ؟! " كان ذلك ما قالته دنيا متجاهلة سؤال لينا كأنها لم تسمعها فوقفت تصفق و تصفر كالمجنونة بحماس لدخول رفيق إلى ثم إلتفت إلى لينا مباشرة قائلة : هيا إنهضي يا غبية و شجعي صديقك لا تبقي مكتوفة الأيدي !! تلتها إجابة لينا بنبرة تدل على الثقة في النفس قائلة : هيه.. ! لن يحتاج للتشجيع لأنني واثقة أنه سيفوز بكل تأكيد !! فأجابتها دنيا قائلة : هههههه حسنا ! سنرى ذلك !! جلس رفيق على الكرسي بعد أن عم الصمت المكان تماما ففتح الكتيب و وضعه أمامه ثم..شهيق...1 2 3.! بدأ رفيق بضرب أزرار البيانو بخفة و بسرعة جنونية لا تصدق ..نوتة تلو الأخرى ! في مكانها و توقيتها  المناسب !! يبدوا أنه تمرن جيدا و هو يجني الآن ثمار تدريباته الشاقة !!.... في تلك الأثناء و رفيق يسحر جمهور المسرح بأدائه للأغنية مونلايت سوناتا  كانت أشدهم لينا التي إنغمرت بالسعادة لجماله و جمال أدائه بينما إرتسمت على دنيا نظرة صارمة و جدية كأنها ستقول شيئا مهما..! فلماذا الآن..! لماذا لم تقل ذلك قبل أن يبدأ رفيق !! و بينما لينا مغمضة العينين تستمتع بسحر الأغنية نطقت دنيا فجأة : إنه يحبها صحيح ؟!!! " هيه..!.ماذا..!! " ذلك قالت لينا بنبرة غبية مجيبة الأخرى ثم أكملت بعد لحظة : من يحب من ؟! فقالت دنيا بصمت مخاطبة نفسها بعد تفاجئت لردة فعل لينا : آخخخ ! يبدوا أنها أغبى من أن تلاحظ ذلك !! ثم قالت مخاطبة لينا : إنه أنيس ! أظن أنه يحب ندى ! ألم تلاحظي ذلك ..!! يوم دخلت ندى المستشفى كيف سقط على ركبتيه ينظر إلى قطرات الدماء على ثيابه و يديه ! كيف طال صبره و لم ينتظر المسعفين و حملها ..! أعلم أن نسبة كون هذا حقيقي ضئيلة جدا لكن لا أدري ؟! شيئا ما بداخلي يقول ذلك.. لا بل أنا متأكدة  !! بينما تفوهت دنيا بتلك الكلمات تبكمت لينا من الدهشة و كأنها أيقنت شيئا مهما !! فقالت و هي تبتسم مخاطبة نفسها : يحبها ! ههه هذا مستحيل ! لقد قالت لي من قبل أننا مجرد أصدقاء لكن ربما تكون دنيا على حق فطريقة تصرفه عندما يكون بجوارها و هي أيضا....إلخ!! ثم توقفت و أكملت كلامها بقليل من الغضب و الحيرة : لكنه أطفئ هاتفه و لا يجيب على إتصالاتي فمن المفترض أن يكون مع ندى الآن ! صمتت لينا للحظة و يبدوا من تعابير وجهها أنها مشوشة التفكير، ثم قالت لدنيا محتارة : لا أظن ذلك !! فإذا كان حقا يحبها كان سيجيب على إتصالاتي فقد كانت هذه فكرته منذ البداية أن يكون مع ندى في المستشفى و يتصل بي كي ترى ندى عرض رفيق ..!! فضحكت دنيا لما قالته لينا و أجابتها : ههههههههه ! يبدوا أن غبائك جعلك لا تلحظين الكثير من الأشياء ..! لينا : ألحظ ماذا ؟! فأجابتها دنيا بإبتسامة عريضة : إستديري و أنظري إلى مقاعد الصف الأخير في الجهة اليمنى ..! و ما إن إستدارت لينا حتى توسعت عيناها من الدهشة لما رأته من بعيد !! ندى جالسة بجانب أنيس ممسكة يده واضعة رأسها على كتفه و مغمضة العينين تبتسم و تستمع إلى صوت البيانو.....يتبع

إبتسمت لي في حلم ذات مرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن