مرحبًا، هُنا أنا لا أملك البدايات. أنا أسير شامخًا وأتعدّاها، ليست عيبًا لكنني لا أفضلها.
سأخبرك، فقط سأخبرك. ربما لم تكُن تعلم بذلك، لكنك في لحظةٍ ما، خسرتني، خيّرتني بينك وبين العدم. لكنك الوحيدة التي هربت دون سماعِ خياري. تعتقدين أن أفعالي واضحة بالنسبة لك، لكنك كإياهم. سترينني مبهم أيضًا. لا أحد يرى الحقيقة، لأنها مجرد كلمة فحسب. ستسمعينها هنا وهناك، سيتناقلها الجميع، الكاذب والصادق، المتلاعب والجاد، الصغير والكبير. لكن لا أحد يعلم ما هي " الحقيقة " ، أقول هذا الكلام لسبب واحدٍ فحسب. إني أصبحت أجهل الحقيقة بسببك، ولهذا أعمم الأمر. أنت كمدعيّ للنجاة، ولكنكِ الهلاك بعينه.
خوضُكِ بمثابة الدخول في معركة ملحميّة طرفاها منتهيانِ بخسائر فادحة، لا أحد منهما رابحان حتى لو أُعلن ذلك. سينتهي أحدهم بخسارة عضوٍ ما، وربما جسدٌ موجود لكن ينقصهُ الروح. وبدونها لا يكون له فائدة. سيكون ظاهرًا للعيان، غير مرئيٍّ لذاته. سيُبصره الكل ويجهل ذاته. ومالمُجدي إن كنت سرابًا؟ ككذبة كبيرة لضمآن قطع مسافة أميالٍ نسي عدّها ثم أوهمتهُ عيناه بدافع شفقة، السراب لا مآل له فحسب، إنه كسبانٌ ناقص.
—أيتها الحياة، لقد اسقطتِنا جميعًا، لكن الجميع كان يشعر بألمِه على حده، لم تشعري بذلك، فأنتِ في عينِ نفسك كطاغوت أباد شعبهُ رغبةً بتفرد في المُلك، أو جنديٍّ أراقَ دماء أفراد جيشه رغبة بجذب الانتباه المختلّ و لا يعلم بذلك أنه كالذي اقتطع ساقه و يده برغبة منه ولظنه أنه تصرفٌ حكيمٌ عاقل.
استيعابي لأذيتك المرّةِ لم تزدني إلا عقلانيةً أيتها الحياة، فلقد بتُّ أرتشِفك على مضض، لربما تكونين ككوبِ شايٍ ليس لهُ سوى عدة دقائق حتى يبدأ بالبرود فيكونُ غير صالحٍ للشرب، بل للسكب في حوض الغسيل فقط. سأمتص ما سيممكني تحمّل وطأتِه المؤذية حتى تبدئين بالتهاون والنسيان، ثم أدفعكِ على غفلةٍ منك وها أنتِ سترتطمين وتقعين مجددًا، وأنا هُنا انفث سيجارتي ضاحِكًا عليك حتى أتوقف وتستبدل بالدموع التي أجبرتِني على حبسها فقط للتظاهر بقوتي.
سرقتي الحقيقة مني، و سأميتك بغية الحصول عليها مجددًا.-عودًا حميدًا، أم وداعًا مجيدًا؟..