في البداية ... كان الأمر أشبه بالحلم
عندما غدت الرؤية معتمة لدي "سمر" و السمع بالكاد كان واضحا ، حيث أتاها صوته كما لو أنه علي بعد مسافة سحيقة
كان يدوي غاضبا ، مروعا ، مفزعا ... و من بين سيل الكلمات السريعة اللاذعة التي خرجت كالقنابل من فمه ، لم تلتقط أذنها سوي كلمة واحدة متكررة منذ البادئ .. "خاينة" ..
ياللعجب ! .. لماذا ينعتها بالخائنة ؟ .. ماذا فعلت ؟ في الحقيقة لم تكترث "سمر" كثيرا بالإجابة ، و لم تتوق لمعرفتها
فقد كانت سعيدة ... البرد الذي أصابها و خدر جسدها بالكامل ، و الدوار المسكر ، و العجز المسيطر عليها تماما .. كل هذه الأمور أنبأتها بأن الأمر علي وشك الإنتهاء
كل هذا العذاب سينتهي قريبا ، الآلم الذي شعرت به منذ فترة طويلة ، الذل ، القهر ، المهانة .. كل شئ صار مرهونا بالعد العكسي لعدد أنفاسها الأخيرة
كانت مسالمة علي نحو غريب ، لم يكن لديها أي ميل للحياة ... أرادت أن تتخلص منها سريعا ، و بالفعل كان لها ما طلبت
غلبتها الغفوة الثقيلة في هذه اللحظة ، إنسحب الهواء كله من رئتيها هاربا ، شدها الظلام أكثر فأكثر ... نحو القاع اللانهائي ، و قبل أن ينطفئ بصيص حياتها للأبد شعرت بالإمتنان لأن أخويها سيعيشان في راحة و هدوء من بعدها ، قضي الأمر ..
لم تعد تشكل النقطة السوداء في حياة كلاهما ... "ملك" ستكون بخير ، "فادي" سيعتني بها جيدا و غدا سيكون له مستقبل زاهرا و سيحظي بزوجة تسعده و تكون أما لـ"ملك" عوضا عنها
أخر فكرة راودتها كانت ... تري هل سيكون لها حظا من رحمة الله ؟ هل سيغفر الله ؟ هل ستنال عفوه ؟؟؟
إستسلمت و نفسها تزخر بالرعب و الفزع ...
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
رغم برودة الجو ... كان جسد "عثمان" يتصبب عرقا ساخنا بعد هذا المجهود البدني و العصبي الهائل الذي بذله خلال الدقائق المنصرمة التي بدت و كأنها عقود بالنسبة لها و له
ما زال يضربها بوحشية ، ما زال يتحدث ، مازال كيانه ينضح حنقا و هو يهدر بأعلي صوته بلا وعي :
-خاينة يا سمر . خونتيني زيها . كنت واثق فيكي . أفكاري كلها كانت بدأت تتغير من ناحيتك . كنت فاكرك مختلفة فعلا . كنت فاكرك غيرهم كلهم . لكن طلعتي ممثلة . ممثلة هايلة . خدعتيني . بعتيني !
يتوقف "عثمان" أخيرا عندما شعر بالإنهاك ، يتنفس بصوت مرتفع ، ينظر إليها بإحتقار و لم تخالجه ذرة شفقة عليها
بل ألقي بالحزام الذي يقطر منه دمائها علي الأرض ، ثم إلتفت و مضي إلي الهاتف الرابض فوق طاولة بجانب الفراش
أنت تقرأ
عزلاء أمام سطوة ماله ج ١.....للكاتبه الرائعه مريم غريب
Romanceجميع الحقوق محفوظة للكاتبة الجزء الأول أظلم الكون من حولها فقدت كل شئ و أغلقوا الأبواب بوجهها لتلتفت و تأخذ المسار الإجباري و الوحيد مديده لها نثر وعودا واهية قبلت و ضحت بنفسها و توغلت أكثر في دربه المحفوف بالأشواك و الألغام خاضت مغامرة لا يقتحمها...