تفتح "سمر" عيناها بتثاقل علي ضوء أبيض ساطع ... كانت في مكان لا تعرفه ، تبينت شئيا فشئ أنها غرفة
غرفة بيضاء كئيبة ، و لكنها حديثة جدا ، و فوق رأسها كانت هناك إضاءة شديدة تعمي البصر .. السرير الذي ترقد فوقه كان مسطح غير مريح
تأوهت بصوت غير مسموع عندما شعرت بوخز علي ظاهر يدها اليسري ، بعثت نظرة إليها لتجد الأنابيب الشفافة تحيط بها ..
و هنا أدركت "سمر" كل شئ ... فهمت أنها بالمشفي ، و في لمحة عادت إليها أخر أحداث عاشتها قبل أن تفقد وعيها ، أو كما كانت تعتقد قبل أن تفارق الحياة
لم يكن هناك متسع من الوقت ، لم يكن هناك وقت للتفكير في شئ أخر ، إنتابها الذعر و سيطر عليها كليا ، لابد أنها غابت مدة طويلة في هذه الغيبوبة و مؤكد أن الجارة "زينب" قد بدأت بالفعل تبحث عنها ..
حاولت "سمر" القيام من مكانها ، حاولت رفع ذراعها ، تحريك ساقها ، و لكن ثمة آلم جسيم يلف عظامها و يحبط كل محاولاتها
واصلت الكفاح بإصرار و قد بدأت الدموع تتدفق من عيناها شلالات تحرق خديها الشاحبين ... نجحت "سمر" نوعا ما
حيث إستطاعت تحريك ذراعها الأيمن .. إهتاجت أنفاسها و هي تستند علي مرفقيها ثم تنتقل للخطوة التالية بسرعة و ترتفع بجذعها و هي تشق الصمت المخيم علي الغرفة بصرخة حادة
حضرت الممرضة في الحال علي صوت صرختهتا و قامت بسندها بحذر و لطف بالغين ، إعتقدت أنها واجهت مشكلة أو أنها كادت تسقط من فوق الفراش ..
-علي مهلك يا مدام . بالراحة ! .. قالتها الممرضة بنبرة ودية خافتة و هي تحيط بكتفي "سمر"
سمر بعصبية ممزوجة بالتوتر :
-إوعي إنتي سيبيني . أنا عايزة أمشي من هنا . سيبيني إوعــــــــــي.
الممرضة بلهجة هادئة مهذبة :
-ماينفعش حضرتك . إنتي لازم تستريحي . لسا مش هتقدري تتحركي كويس دلوقتي !
سمر بإنفعال :
-بقولك إوعي سيبيني . إوعي همشي يعني همشي سيبيــــــــني.
إحتارت الممرضة ماذا تفعل معها و هي في هذه الحالة العصبية ، ظلت ممسكة بها و هي تهتف بصوت عال :
-يا منيــــــر . منيــــــــــر . منيــــــــــــــر !
جاء المدعو "منير" مهرولا ..
-في إيه سهام ؟
الممرضة بشئ من الإضطراب :
-روح نادي دكتور محمد بسرعة . قوله جناح 203 المريضة جاتلها حالة عصبية و مش عارفين نهديها يلا بسرعة.
منير و هو يلقي نظرة قلقة نحو "سمر" :
-حاضر حاضر !
و ذهب مسرعا ، بينما تجاهد الممرضة سدى محاولة تهدئة "سمر" ...
أنت تقرأ
عزلاء أمام سطوة ماله ج ١.....للكاتبه الرائعه مريم غريب
Romansaجميع الحقوق محفوظة للكاتبة الجزء الأول أظلم الكون من حولها فقدت كل شئ و أغلقوا الأبواب بوجهها لتلتفت و تأخذ المسار الإجباري و الوحيد مديده لها نثر وعودا واهية قبلت و ضحت بنفسها و توغلت أكثر في دربه المحفوف بالأشواك و الألغام خاضت مغامرة لا يقتحمها...