دخل منزله بعد يوم شاق بأوله وآخره فمازال ماحدث
بسيارته يشغله .. بعدما أنزلها بمكاناٍ ما وقد فعلت
مافعلت وأخفت الشيئ الغريب الصغير بأسفل المقعد
كما أنها قامت بتعارف صريح بعض الشيئ فهي عرفّت
عن نفسها باسم ماهينار ولايعرف حتي الآن هل هو
إسمها الحقيقي أم لا ؟ ولكنه خمنه "بلا" كما سألته عن
إسمه ملحقة سؤالها بسيادة المستشار ، إذن هي تعرفه
وهم يلاحقونه ويراقبونه ولكنه لايحقق بالقضية بشكل
رسمي ولايعرف بها أحد غيره وخالد فقط فلماذا إذن
مايحدث ولماذا وضعوا له جهاز التنصت هذا أسفل
المقعد المجاور .. نعم هذا هو الشيئ الصغير
الذي أخفته الحية ماهينار فأقل مايقال عنها أنها يمكنها
التلاعب بأعتي عقول الرجال بأصابع كف يدها بمنتهي
السهولة ولكنه قال لنفسه وهو يغلق باب الشقة : بس
مش عليا أني .. دا أني نودوها البحر وبردوا هترجع
عطشانة .. لما نشوفوا أخرتك إيه يا ... نار .
كان يحدث نفسه بصوت مرتفع نسبياً ولكنه غير مسموع
للذين يجلسون بغرفة الإستقبال المفتوحة علي الصالة
الموضوع بها مائدة الطعام ذوات الأربع مقاعد حيث
يطل منها من الداخل ممر صغير يوصل غرف النوم
الثلاثة ببعضها وبآخر الممر حمام جماعي لأفراد الأسرة
جميعهم أما المطبخ فهو يتواجد بجانب باب الشقة مقابلاً
لغرفة الإستقبال .
نادت عليه أمه بتعجب فقالت : أيووه ياحمادة أنت
بتكلم نفسك يابني؟!
محمد وقد ألتفت إلي صوت والدته : مساء الخير يا أمه
معلش مشكلة كده في الشغل وبنفكروا فيها بصوت عالي .. إزيك ياعمتي .. عاملة إيه يابت عمتي ؟
عمته إحسان : الحمد لله يابن الغالي عامل إيه أنت وأخبار شغلك إيه؟
محمد بتعب : الحمد لله كويس .. أستأذن أني أحسن هلكان النهاردة أوي .
حنان بدلال واضح : يعني معقول نكونوا جايين نشوفوكوا
وتدخل تنام ؟
هزت إحسان رأسها بإستحسان لكلام إبنتها فهي من
ربتها علي أن محمد لها وهي له ولابد من لفت نظره لها
بأي ثمن .. أما سناء فقد نظرت لإبنها لتري رد فعله
والذي يستدعي الضحك الآن ولكنها لن تفعل فإحسان
تمتلك عقلاٌ صغيراٌ جداً بمواقف كهذه ويمكنها أن تقلب
الكل عليها بلحظة فتماسكت وقالت لابنها :
معلش ياحمادة تعالي أقعد معانا شوية وبعدين روح نام
علشان بت عمك ماتزعلش .
ابتسمت حنان لقبوله الجلوس معهم وحين تحرك ليصعد
الدرجتين التي تفصل بين الصالة وغرفة الإستقبال رن
جرس الباب فقال أنه سيذهب لفتحه وما كانت إلا
بياضة هي من تقف علي الباب وتتلاعب بخصلات
شعرها الأسود الطويل والذي يود الآن أن يذهب
للمطبخ ليحضر مقص ويقصه حتي آخره .. نظرت إليه
بياضة ثم بدا علي فمها شبح إبتسامة سخرية .. كأنها
تخبره بقرأتها مايدور بخلده فأمسكت بشعرها كله
وضمته بكف يدها ثم رمته بإهمال علي كتفها الأيسر
ودخلت وعندما كانت تسير من جانبه حركت رأسها
بحركة دائرية مستفزة كي تُطير شعرها للخلف مرة
أخري فلفح وجهه بعطره المثير فأشعل فتيل غضبه أكثر
فأخرجه علي باب الشقة حين صفعه بقوة ودخل خلفها ..
سارت بسرعة لتحيي والدته كما تطلب حمايتها أيضاً
وعند إلقائها تحية باردة لكلاً من إحسان وحنان اللتان
يرونها دائماً مدللة ولاتصلح لشيئ غير الفجور
والإنحراف ردا عليها التحية بأبرد منها حين قالت حنان
مصاحبة للتحية : أني مش عارفة إزاي يسموكي
بياضة بصراحة مش شايفة أي جمال يساويه .. عادية خالص حتي بشرتك مش بيضة أوي كده .
نظرت لها بياضة شزراً ثم رفعت حاجب وعين وقالت
ترد لها الصاع صاعين : والله أني اللي مش عارفة
اسمك مش لايق علي شخصيتك خالص .. أصل حنان
دي لازم تبقي كلها حنية وطيبة والصراحة مش قادرة
نحددوها فيكي .
جزت حنان علي أسنانها بغضب كما عاتبتها إحسان
بحدة فقالت لهما : والله اللي يبدأ بإهانتي مايفرق عندي
... ده مبدأي يا ... أنطي .
أنهت كلماتها بطريقة مستفزة ثم استدارت بقوة
وهبطت الدرجتين حينها لمحت شبح إبتسامة علي
شفاهه وكأنها تدل علي الإعجاب من قولها ثم عاد
لطبيعته العدائية مرة أخري وأجاد رسم الجدية
علي ملامحه ثم أستأذن منهم لأن الإجهاد حل علي
جسده تماماً ولايمكنه المكوث بعيداً عن فراشه أكثر
من هذا ... كان يسير مباشرةً خلف بياضة التي تذهب
للوزة بغرفتها والتي كانت هي الأخري قد أستأذنتهم لتستذكر دروسها فلايوجد وقت لغيرها ..
تنحنح محمد وهتف من خلفها بإستهزاء : مش كنتي
حالفة ماتيجي هنا وأني موجود .. غيرتي رأيك ليه ؟
لم ترد عليه ولم تلتفت فأغاظه ذلك كما كان يفعل دائماً
فأسرع خطاه ووقف أمامها ليمنعها من إستكمال سيرها
فلم يتحرك لها جفن وكأنها تعلم أن هذا سيحدث
فكيف لاتعلم وهما يكرراه يومياً !!
شبك يديه بداخل بعضهما ووقف ينتظر إجابتها
فتأففت بنفاذ صبر وقالت : عايز مني إيه دلوقتي ..
عادي مش أول مرة نحلف ونرجع فيه .. ممكن بقي
ندخل ؟
ضحك محمد بتلذذ ثم مال عليها وهمس : ومش هتبقي
الأخيرة .. ياعقلي ياعقلك يابت العوايسه .
ابتسمت له بياضة بسماجة ثم تركته وذهبت للوزة
وبعدما دخلت أنفجرت من الغضب فقالت وهي ترتمي
علي الفراش بجانب لوزة : أخوكي ده يا إما هيخليني
نرموا نفسي في البحر ومانرجعوش تاني يانرميه هو
ونخلصوا ابتسمت لوزة من مناكفتها اليومية مع أخيها
والذي دائماً مايري بها العيوب الصغيرة كبيرة فقالت :
أيووه أنتوا هتفضلو كده زي القط والفار نفسي نشوفك
عقلتي بقي .
بياضة بحنق : قولي لأخوكي الكلام ده عامل عقله بعقل
عيلة من دور عياله .
لوزة بإستنكار : أخويا اللي مش عاجبك ده بنات
المنشية وراس التين كلهم هايتجننوا عليه .
بياضة بسخرية : أه ما أني شوفت العينة برة .. بت
عمتك حنان اللي مافيهاش ريحة الحنية .. مش عارفة ليه
كل ماتشوفني تتغاظ مني وكأني قاتللها قتيل .
لوزة بخبث : مش يمكن بتغير علي أبيه حمادة منك ؟
نظرت لها بياضة بدهشة لقولها هذا ثم انفجرت من
الضحك حتي أدمعت عينيها وقالت من بين ضحكاتها :
مين أني وأبيه حمادة سوا .. ده لو حلم ، عمره ماهيفكر
حتي يجيني وأني نايمة .
ثم أنهت الكلام بهذا وطلبت منها أن تريها ماذا
تستذكر واكملت معها المذاكرة .
***
يجلس المعلم قدورة بغرفة المعيشة والتي تتكون من
مجموعة من الوسائد الكبيرة الملقاه علي الأرض بإهمال
وأمامها شاشة التلفاز الكبيرة كما يوجد بها شرفة كبيرة
بالحائط الذي يجاور الوسائد كما
توجد الشيشة بأحد أركان الغرفة .. يجلس بجانبة
زوجته تقشر له البرتقال وتفرط له بعض حبات العنب
ثم تناوله موزه بعدما قامت بإزاله قشرتها ويجاورهما
نوسة تمسك بهاتفها المحمول تتصفح الإنترنت بلا هدف
محدد .. دخل حسن لتوه فقد كان يجلس بغرفته
يستذكر فالإمتحانات قد أوشكت علي البدأ ولكن
هناك موضوع يشغل باله هو من قطع عليه حبل
إستذكاره وهو من جعله يقرر محادثة والده به الآن
وقبل أن ينتهي من الدراسة الثانوية حتي ..
جلس بجانب والده وبدأ الكلام : أبويا كان في موضوع
عايز نكلمك فيه .
المعلم قدورة بشرود : أممممممم .
حسن بنحنحة وخفوت : أني عايز نتجوز بياضة بعد ما
نخلص ثانوية عامة.
لم يجد رداً من والده غير أنه حوّل نظره لوجهه بعيداً عن
التلفاز فشجعه هذا ليستكمل كلامه : أني هنشتغل
معاك في الإجازة وفي الوقت اللي هايكون فاضي من
المحاضرات كمان بس هنعيشوا معاك هنا أني وهي لحد
مانعرف نكون قرشين ونعيشها في شُقة تانية ها قلت
إيه ؟
أعتدل المعلم قدورة بجلسته بعدما كان يضطجع
بذراعيه علي إحدي الوسائد بأريحية وقال له بسخرية :
عايز تتجوز بالثانوية العامة .. أممم وياتري أمها هتوافق
عليك وأنت ماحلتكش شهادة ؟
وكمان هتعيش معاك هنا .. يعني بدل مانصرف علي
تلاتة رايح تجيبلي الرابعة نصرفوا عليها معاكوا .. ناقص
أني .
حسن بدفاع : يابا ماهو خير ربنا كتير هو إحنا فقرا
وبعدين ما أني بنقول هنشتغل وهناخد مرتب .
نظر المعلم قدورة لزوجته كي تجعل ابنها ينهي هذه
المهزلة نهائياً فاستجابت له وقالت : بنقولك إيه ياحسن
جواز دلوقتي مش هينفع لما يبقي معاك شهادة الجامعة
نعرفوا ندخلوا علي الناس وإيدنا مليانة .. مش هتكسفنا
علي آخر الزمن يابني .. قوم ياحبيبي شوف مذاكرتك
أفيد .
نهض حسن بدون أن يزيد كلمة فمهما تحدث الآن فلن
يجد نتيجة ترضيه .. إذن لننتظر حين ينهي الثانوية العامة وحينها سيفاتح والده مرة أخري لعله يلين .
أما المعلم قدورة فقد بدأ بالشرود بعيداً عن الفيلم الذي
كان يشاهده بتركيز منذ قليل فقد بدأ بالقلق الآن ..
هل مخططاته ستفشل ؟ لا لن يسمح لأحد بإفشال ما
يصبو إليه وهو رضا بياضة .. نعم فهو يضع عينيه عليها
ليطلبها لنفسه فكلما رآها تتغنج بجسدها الممشوق
المستدير بملابسها التي تبرز أكثر ماتخفي من أسفلها
تثير جنونه وتستفز خلاياه الذكورية البحتة لينالها فهي
ستكون له مهما كانت النتائج حتي لو إضُطر أن يزوجها
لابنه لينالها هو فسيفعل .
فالشيطان حين يطرق الباب ويجد له مجيب فسيفعل
الأفاعيل حتي يخرج من زيارته منتصر وبقوة .
***
في اليوم التالي كانت تقف نوسة بنفس المكان الذي
تقابل به السيد يومياً لتضغط عليه بدلالها ليتزوجها فقد
كانت تداعب بأصابع يدها ذقنه المشعثة بالقليل من
الشعيرات التي وجدت طريقها بصعوبة لتنمو حين
سمعت صوت همهمات بالقرب منهما وكأن هناك من يمر بجانبهما فانتفضت بخوف وهلع من أن يراها أحد في
هذا الوضع وكادت ان تركض خوفاً حين أمسكها
السيد من خصرها لتقترب منه بقوة ومازالت تنتفض
خوفاً فهمس بخبث بأذنيها : ما أني قولتلك نروحوا شقة
الواد محسن وبلاها يابت الناس الفزعة اللي إحنا فيها
دي وكأننا بنعملوا الغلط .
ابتلعت ريقها بعدما أبعدها عنه قليلاً ثم أردف حديثه
مصطنعاً الحزن : أني مش قادر نصدق أنك مخوناني
كده .. للدرجة دي مش واثقة فيا يانوسة .. بعد الحب
اللي بينقط من جنابي ليكي ده نظرت له بتأثر وقد بدأ
الشيطان يتلاعب بعقلها هي الأخري فوافقت حتي
ترضيه وتثبت له فقط أنها تستأمنه علي نفسها كما
انها أقنعت عقلها أو خدرته بكلمات كأنها تستطيع أن
توقفه عند حده أو أنها تستطيع حماية نفسها منه ...
وهكذا كان للشيطان باباً آخر قد فتح له علي
مصراعيه .
وصلت نوسة بصحبة السيد لشقة محسن والتي تقع
بشارع متطرف بعيداً عن "العمار" كما يقال .. دخل
السيد قبلها ليضئ مصابيح الشقة ثم طلب منها
الدخول فابتلعت ريقها وخدرت عقلها ودخلت خلفه
فتحرك هو ناحيتها قليلاً وأغلق الباب ثم أشار لها
بأن تجلس علي أحد المقاعد المكونة لطقم إستقبال
بوجهه باب الخروج فأطاعته .. ظلت تتلفت حولها يميناً
ويساراً حتي أتاها من داخل المطبخ وهو يحمل بيده
صينية بها كوبين وزجاجتين عصير بعدما خلطهما معاً
بالقليل من الخمر الذي يحضره لسهراته الحمراء هنا ولكن
بالطبع دون علمها بكلا الموضوعين .. ناولها كوب حتي
ارتشفت منه القليل فلم تستسغه فتركته ولكنه ألح عليها
أن تشرب منه أكثر ولكنها رفضت فلم يلح أكثر حتي
لاترتاب منه .. ثم ترك الكوب الخاص به بعدما أفرغه
وأقترب منها حتي لامسها بجلستها فابتعدت قليلاً
فأمسك بيدها بين يديه حتي أعتصرها بقوة ثم اقترب
من وجهها فلثم جيدها بحرارة وقتها شعرت بالخطر
فانتفضت لتخرج ولكنه حاصرها بقوة ثم لف يده
الأخري حول رقبتها ومال ليلتهم شفتيها بين شفتيه مرة
أخري ولكن بطريقة أكثر تملك وإثارة لها حتي أنها
بدأت بالإستجابة فعلاً معه وبعد قليل نهضت
من علي الأرض وبدأت تغلق أزرار بلوزتها القطنية
الخفيفة باللون الأبيض والتي تشف ماترتديه أسفلها
وهي تقول : أني لازم نمشي دلوقتي .
السيد بتعجب : ليه بس هو إحنا لحقنا نقعدوا مع
بعض .
نوسة بعصبية : أه نقعدوا نكمل الهباب اللي وصلتني ليه
.. لا ياعم أنت تشوفلك صرفة وتيجي تتقدملي والشُقة
هنا مش هنعتبها تاني كفاية أني لحقت نفسي منك .
أنتهت من ضبط ملابسها ثم أعادت خصلات شعرها
المنفلته من أسفل حجابها الواهي ثم نهضت من مكانها
فنهض بإثرها ثم أمسكها بسرعة من ذراعيها وقال :
طب أني عندي الحل تسمعيه ؟
رفعت حاجب عينها اليسري وقالت : قول سمعني .
السيد بخبث وهمس : إيه رأيك نتجوزوا في السر ..
جواز رسمي علي ايد مأذون بس وقتها المعلم مش هيقدر يرفضني .. ها إيه رأيك ؟
حكت ذقنها وفكرت قليلاً ثم قالت له وابتسامة تزين
محياها : سيبني نفكر فيها بس مبدئياً أني موافقة علي
الفكرة .. بس تنفيذها سيبني نتكتكله كويس ... سلام
بقي أحسن أمي حلفالي لو أتأخرت مش هنقابلك تاني
السيد بابتسامة وقد مال عليها وقال : وأني هنستني
تكتكتك للموضوع بأسرع وقت وعلي أحر من الجمر يا
نار قلبي .. ثم أختطف قبلة حارة من شفتيها والتي
أصبحت مشاعاً لشفتيه متي شاء ..
***