مر يوم منذ تشاجرت بياضة وتظاهرت بمخاصمتهم
حتي يشعرون بالذنب ويدللونها كما السابق وبالتالي
تستطيع طلب ماتريد من أحدهم ويتكفل بإقناع محمد
بعد ذلك ... كانت تريد الخروج بضعة ساعات قليلة
من هذا المنزل الذي تشعر بداخله وكأنها محبوسة
بالإجبار علي جرم لا تعلم متي وأين فعلته كما لاتعلم
ماهيته .. ولكن حتي الآن لم يأتيها أحد ومن الواضح أنه
لن يأتيها .. كانت تجلس علي مقعد خشبي موضوع
بجانب نافذة صغيرة تطل علي الشارع الرئيسي حيث
حركة السيارات والمارة أمامها فشردت معهم وهي تقول
لنفسها : يظهر يابياضة أنك مابقيتيش غالية عند حد
حتي لوزة اللي كنت بتعتبريها أخت فضلت أخوها
عليكي .
سمعت صوت طرقات عنيفة علي الباب فنهضت
مسرعة لتسأل عن ماهية من يطرق ثم مالبثت أن
امتعضت حينما سمعت صوته ففتحت الباب وهي تقول
لنفسها : وأخيراً حد جه عبرني .. كويس أنه هو خلينا
نجيبوا من الآخر .
ولكنها وجدته يتجه إلي الدولاب دون أن ينظر إليها
وبعد أن أخرج بعض قطع الملابس التي تخصه مال
عليها وقال بنبرة مغيظة إياها : أصل هدومي مش
نضيفة كلها فقلت نجي ناخدوا من هنا شوية هدوم علي
ما مراتي تغلسهم .
ابتعدت بياضة عنه قليلاً ثم قالت بحدة وقلة صبر : أني
مش مراتك ولايمكن هنكون .
ابتسم بسخرية وهو يلملم ملابسه التي تفيض عن حجم
ذراعيه : ما أني عارف وهو حد جاب سيرتك .. أني
بنقول باعتبار ما سيكون .. لما نتجوزوا يعني .
ثم تركها وخرج تجز علي أسنانها بغيظ لماذا هذه الكلمات دائماً ماتثير غيظها وتزيد عصبيتها لاتعرف ..
ولكنها تعرف أنه مستفز وستجعله يدفع ثمن إستفزازه
هذا قريباً : ياأني ياأنت ياحمادة .
***
صعد محمد لشقته بالدور الخامس والذي أصبح يعيش
بها الآن ولكنه لم ينقل كل ملابسه وإحتياجاته إلا
الضروري منها فقط ..
كان يرتدي قميصه باللون الأزرق الفاتح أمام المرآه وهو
يبتسم من إثارته لغيظ بياضة كما السابق وهو يقول
لنفسه : يظهر ياواد ياحمادة أنك أدمنت نرفزتها
وعصبيتها .. مالك سعيد كده ليه علشان وقفت قدامك
النهاردة زي زمان ..
تنهد بحيرة وهو يكمل إرتداء ملابسه الرسمية ثم خرج
من شقته متجهاً لشقة والدته لتناول الفطور معهم كعادة
كل صباح ..
كانت تجلس لوزة وسناء بالصالة ينتظران محمد حتي
يأتي ويتناولون الفطور معاً حين قالت سناء : حاولي
تقنعيها يابتي أنها تبدأ معاكي السنة دي في الجامعة
بلاش نشوفية الدماغ دي .. حرام تضيع سنة من
عمرها .
لوزة بيأس : والله يا أمه حاولت كتير بس أنتي عارفة
بياضة بقي لما تصمم علي حاجة مفيش قوة في الدنيا
هتغيرها أبداً .. دي بتجيب آخر أبيه حمادة ، حتي أبيه خالد مابيعرفش ينطق قدام لسانها .
ضحكت سناء فهي رغم كل مايحدث أمامها من بياضة
إلا أنها تعشقها وتعشق جرئتها أمام أبنها وهي تعلم
بداخلها أنها لن تكون إلا له وهو سيعشقها بكل ما بها
وكل مساوئها التي يراها هو وقريباً جداً فهي أعلم الناس
بإبنها ذو القلب الطيب وهي ستعرف قريباً من
يستحقها حقاً ..
وصل محمد وجلس علي مائدة الطعام بمكانه المعتاد كما
جلسا كلاً من لوزة وسناء أمامه وما أن بدأوا بتناول
أول لقمة خرجت بياضة من حجرتها مرفوعة الرأس
تسير بدلال بجلبابها الواسع الذي أجبرها علي إرتدائه
أمامه .. تتلاعب بخصلة من خصلات شعرها الليلي
والذي يثير غضبه دائماً دون مبرر واضح .. ولكنه اليوم
تغاضي عن غضبه هذا بمقابل أنها خرجت أخيراً
وستشاركهم الطعام حتي أنه أشار للوزة بالصمت حين
جلست بياضة علي المقعد الذي كان مخصصاً لوالده
رحمه الله ولو فعلها غيرها لكان ثار وغضب عليه ..
نظرت لهم بطرف عينيها ثم نظرت للطعام بدون
شهية ولكنها مجبرة علي مشاركتهم حتي تكسب خطوة
في التقرب منهم وتنفيذ مخططها .. وبعد ان بدأت بوضع
أول لقمة بفمها أستحسنت طعمها ثم فُتِحت شهيتها
وتناولت قدر كافي أشبعها ..
كان محمد يتناول طعامه بابتسامة حقيقية عندما رآها
تتناول الطعام بشهية جيدة وبعد إنتهائها مما كانت تفعله
نهضت من مكانها لتقول لسناء : تسلم إيدك يا خالتي
.. أني هنلم السفرة معاكي ثم بدأت بالفعل تحت نظرات
لوزة وسناء المندهشة ونظرات محمد المستكشفة لحقيقة
ما تخفيه فهذا ليس طبعها وعندما أقتربت من مكان
جلوسه همس لها بتحذير : شكلك بتخططي لحاجة
بس علي مين هنعرفوها .
نظرت له وهي ترفع حاجباً بكبرياء وتقول بتظاهر
للبراءة : حرام عليك دايماً ظالمني كده .. أني مش هنرد
عليك الله يسامحك .
ثم تركته لتدخل ما تمسكه بالمطبخ فأغلق عينيه للنصف
وهو يفكر فيما تريده هذه الشقية التي تثير جنونه بكل
ما تفعله منذ كان عمرها عشرة سنوات .. منذ أن
بلغت عمر الأنوثة .. منذ أن بدأت بالشعور بنظرات
الإثارة من أي رجل يمر من أمامها .. منذ أن رأي
نظرات الفرحة بداخل عينيها الواسعة المتلألة حينما يعلن
أحد الرجال عن إعجابه وإفتتانه بجمالها .. نعم تثير جنونه
وحنقه منها ومن هؤلاء الرجال .
***
يجلس قدورة خلف مكتبه الصغير يدخن النرجيلة
وأمامه يقوم صبيانه بإكمال المزاد اليومي الذي يتم بالحلقة
علي كافة أنواع السمك التي يتحصلون عليها من
رحلاتهم في شواطئ الإسكندرية وخارجها.
تتواجد حلقة السمك بالأنفوشي بمنطقة الجمرك حيث
تجاورها قلعة قايتباي وعلي مقربة منها يتواجد قصر
راس التين العظيم الشاهد علي رحيل آخر ملوك مصر
" الملك فاروق " .
لقد شيدت هذه الحلقة منذ عام 1834 إلا أنه تم
تجديدها عام 2000 ميلادياً ومن الطريف أنها لم
تسمي بالحلقة لشكلها الهندسي المستطيل والذي يمتد
أفقياً ، وإنما جاءت تسميتها لتجمع التجار والباعة علي
شكل حلقة حول طاولات الأسماك .
يبدأ المزاد بالحلقة من الساعة الرابعة فجراً ويستمر حتي
الساعة التاسعة والنصف صباحاً حيث تتعالي نداءات
الصبيان لفتح المزادات علي أنواع الأسماك المختلفة
والجميلة والتي تتفرسها عيون عشاق المأكولات البحرية
حيث يأتي إليه السياح من مختلف البلدان وخاصاً
الخليجيين هم من أبرز العرب المتوافدين علي الحلقة
.. كما أنه يتواجد للحلقة مسؤول إداري ينظم حركة
البيع والشراء بها وتأجير مساحة محددة لاتزيد عن 90 متراً تقريباً لكل تاجر أو معلم بدون حواجز تفصلهم .
تأتي وداد الصخر بالقرب من المعلم قدورة ولقبت
بالصخر نسبة إلي السمكة الصخرية والتي يصل طولها
من 30 إلي 40 سم حيث لها زعنفة ظهرية بها 13
شوكة وكل شوكة يوجد علي قاعدتها كيسين يحملان
السموم وإذا أصابت الإنسان قد تعرضه لصدمة عصبية
تصل إلي الشلل وموت الخلايا كما انها تعيش بالبحر
الأحمر وداد هكذا غرق زوجها منذ عشرة سنوات
وترك برقبتها أربع صغار لتعولهم وحدها حتي أن والديها
لديهما من الحمل مايكفيهما فهي لديها أختان لم يرزقهما الله
بالزواج حتي الآن لمرضهما بخلل بالدماغ ... إرادة الله
ولذلك تعلمت وداد أن تكون ذات قشرة قاسية جداً
وسامة لكل من يحاول أن يأتي عليها أو علي أهلها
وأولادها رغم قصر قامتها وحجمها الضئيل إلا أنها
أصبحت معروفة بالحلقة كلها من انها من أمهر البائعين
للسمك وأسرعهم وبمكسب مُرضي كما أن ضيق حالها
جعل الكثير من حولها يتعاطفون معها وييسرون لها
الذلل حتي تستطيع تصريف حالها فيرضون بإعطائها
القليل من الأسماك كبيرة الحجم بسعر زهيد .. ولكنها
اليوم غير راضية فوجود قدورة بجبروته كتاجر من
أكبر التجار بالحلقة بعد أن كان صبياً صغيراً لدي أفضل
المعلمين وأحسنهم أخلاقاً جعل من المكان مرتع للرعاع
الذين تسلقوا علي أكتاف أسيادهم .. هي تمقته وبشدة
فياكثرة الأيام التي طلب فيها أن تقيم معه علاقة غير
شرعية حتي قبل أن يتوفي زوجها ولكنها كانت تصده
دائماً دون أن تعاديه فهي تخشي علي أولادها من
بطشه رغم صلادتها وقساوتها الظاهرية ومع مرور
الأيام نسي هو غرامه بجسدها كإمرأة كانت مثيرة وفاتنة
قبل أن تملئ الشحوم جسدها وتخلع ملابس النساء
وترتدي ملابس الكادحين المتسخة والتي يملئها رائحة
السمك بدلاً من رائحة العطور .. أقبلت وداد بعبوس
وقالت : صباح روايح البحر يا قرش .
قدورة وهو ينفث دخان النرجيلة : صباح الصباح ياوداد خير مش عوايدك يعني تصبحي .
وداد بنبرة دفاعية وهي تخبط علي قدميها : ماهو مش
معقول ياقرش كل يومين كده زيادة في السعر نكسبوا
إيه إحنا في الحتة الواحدة ؟! والله مايرضيش ربنا .
السيد بعدما أتي يأخذ صندوق آخر من السمك
بعدما نفذ ماقبله : وإحنا نعملولك إيه يعني يا صخر
ماهي الأسعار بتزيد علينا إحنا كما والإيجار و .......
قطع قدورة كلامه بحدة شديدة وهو يقول : نقوم أني
وتيجي مكاني بقي .. وفر لسانك ده للناس بره .. يلا
ياخويا يلا روح شوف شغلك .. مش ناقصين قرف
علي الصبح .
جز السيد علي أسنانه بمقت ثم خرج مجبر ليكمل
المساعدة بالمزاد الذي شارف علي الإنتهاء .. توجه
قدورة بنظره لوداد والتي لن تتأثر أبداً بما فعله قدورة
بصبيه فهذا المتوقع من شخص مريض بالسيطرة
والسطوة مثله وقال : يعني عايزة إيه يا وداد دلوقتي ..
هاتي من الآخر علشان دماغي مش ناقصة لت .
وداد بجدية : يعني نمشوا بسعر امبارح .
قدورة بإستسلام فما هو فيه أهم من قروش سيخسرها
فوافقها علي ماتريد وبعدما أنصرفت بسعادة لتوفيرها
هذه الجنيهات القليلة نادي قدورة علي السيد بعد
قليل وعندما أتاه مسرعاً امره بأن ينادي علي المعلم عبد
المعطي من جواره فأطاعه السيد وبعدما أتي عبدالمعطي
إليه تحدثا عن عرس إبنته وما تم تجهيزه بالفيلا الذي
وعده عبدالمعطي أن نوسة ستعيش بها .. كان السيد
يستمع لحوارهما ويضحك بداخله عما سيحدث بعد أيام
عندما تنهار أحلام قدورة بالفيلا وبالمال الذي يريد
ضمانه ورث لابنته من زوج مسن عندما يعلم عن
زواجها بصبيه .. سأنتقم من إهاناتك لي ياقدورة
أمام الناس وتقليلك لشأني دائماً ..سأنتقم لأبي الذي
مات بسببك بالسجن بعد قتله لأمي وخيانة أمي لأبي
معك وبفراشهما وأمام عيني صغيراً تظنني لا أتذكر
ولذلك جعلتني أعمل كالخادم لديك حتي تخمد ضميرك
بفعلتك ولكنك لم تري شيئاً بعد وأنا لم أفعل شيئاً
بعد .
***
يستيقظ محمد علي صوت رنين هاتفه الموضوع علي
الكومود بجوار الفراش .. يجيب عليه مغمض العينين
وبصوت ناعس فالساعة لم تتجاوز الثالثة فجراً : ألو .
يفتح عينيه بالتدريج وهو يسمع صوت محدثته المدلل
بدرجة تصيبه دائما بالغثيان ولكنه مجبر علي التحمل
حتي تنتهي المهمة ويعرف منها عن بقية أفراد عصابة
الفنادق التي تثير غضب الداخلية كلها فمن يسرقونهم
ليسوا إلا العرب الأثرياء القادمون بسياحة من الخارج
فيميلون علي هؤلاء من تدعي ماهينار لإغرائهم ثم
يسرقون ما يمتلكون من أموال ومصوغات وإذا تطاول
أحداٌ منهم علي أفراد العصابة قتلوه بلارحمة .. ولذلك
قرر محمد أن يتقرب منها متظاهراً بحبها حتي تضعف هي
وتقول عن مكانهم ولكنه لم يكن بحسبانه أن هذا
الموضوع سيطول هكذا كما أنه يخشي أن يتطور لأكثر
من ذلك وخصوصاً أنها تراوضه عن نفسها كثيراً وهو
يقاومها بكل السبل فمهما حدث هو لن يفعل الحرام أبداً
وإذا أجبر علي الزواج منها فسيفعل بدلاً من أن
يرتكب ذنب هو في غني عنه .
محمد : أني مش قلتلك قبل كده ألفين مرة ماتتصليش
بيا أني اللي هنتصل بيكي .
ماهينار بإستياء : أنت عارف بقالك كام يوم ما
أتصلتش بيا .. وحشتني أوي ياحمادة أوي أنا بحلم بيك
في حضني كل يوم وأنت حتي مش معبرني بمكالمة .
زفر بحنق منها ومن محاولتها لإثارته التي لاتنتهي : أيوووه
يا ماهي كام مرة نقولك الظروف هنا مش مناسبة أني
نكلموكي .. بنقولك إيه الساعة لسه 3 الفجر سيبيني
ننام شوية .. يلا سلام وبكرة أني هنكلمك ماشي ؟
سلام .
أغلق الهاتف ثم عاد إلي نومه تاركاً إياها بغيظها من
بروده كيف لا يتأثر بكلماتي حتي الآن لقد أنهيت معه
كل الكلام الذي كنت أثير به أي رجل يقابلني كما أن
هناك رجال لاتحتاج إلي الكلام فقط نظرة مني ويقعون
تحت أسري فماذا أفعل معه أكثر من ذلك حتي يشتعل كما أشتعل أنا حتي ببعده عني .
***
استيقظت بياضة من نومها بكل نشاط حتي أن
إبتسامة انتصارها لم تفارق وجهها حتي من قبل أن
تستيقظ فقد وضعت خططتها التي بدأت بتنفيذ جزء
منها أمس عندما تنازلت وجلست معهم علي مائدة
واحدة واليوم ستدخل المطبخ تساعد بعمل الطعام
حتي تقترب أكثر وتزيل بعضاً من البغض الذي يحمله
لها محمد ولو حتي ظاهرياً فقط أمام والدته وأخته ..
نهضت ومشطت شعرها وعقصته للخلف كذيل فرسه
جامحة ثم خرجت لتجد سناء تختم صلاة الضحي وتلملم
سجادة الصلاة فأقتربت منها بياضة بإبتسامتها المصطنعة
وتقول : صباح الخير ياخالتي .
سناء بإبتسامة : صباح الفل يا قلب خالتك .
بياضة بنفس الإبتسامة : أمال البت لوزة لسه
ماصحيتش ؟
سناء بإستياء : لأ لسه أني عارفة مالها كسلانة ليه
النهاردة ؟
وما أكملت سناء جملتها حتي خرجت لوزة تتثاءب
بكسل من الداخل وتقول : أني أهو يا أمه لا كسلانة
ولا حاجة .. أصلي نمت متأخر شوية امبارح .
أقتربت منها بياضة وهمست بمشاكسة كما الماضي : إيه
بتفكري في الجميل ؟
ضربتها لوزة بخجل ودهشة بكتفها فضحكت بياضة
علي خجلها هذا ولكنها ضحكت من قلبها هذه المرة فمهما
حدث لوزة تظل أخت وصديقة لها هي فقط تستاء
من إبتعاد الأخيرة عنها وتملصها من الوقوف بجانبها أو
حتي الإعتراض علي زواج أخيها منها .
طرق محمد الباب فذهبت سناء لفتحه حيث كانت هي
الأقرب له .. ألقي تحيته علي الجميع دون أن يبالي
بوجود بياضة مما زاد من إستياءها لإهماله وجودها
فقالت بصوت عالي ينم عن الغيظ : بنقولك إيه ياخالتي
أني هنعمل معاكوا الأكل كله يعني أينعم منعرفش نعمل
الأكل أوي بس بنتعلموا بسرعة أني لهلوبة .
ابتسمت سناء بإستحسان لعودة بياضة لطبيعتها
الخفيفة مرة أخري وقالت لها : وماله يابتي تنوري
المطبخ وأكيد حمادة هيتبسط أوي لما يدوق أكلك .
محمد بهمس لنفسه كأنه يجيب علي تقرير أمه بسخرية :
أه أوي .. مش لما تعمل حاجة عدلة الأول ؟
ثم نظر إليهم وابتسم إبتسامة سمجة موجه لبياضة
بالطبع .. أستقر علي مقعده بمائدة الطعام وقال لأمه :
يلا ياأمه فين الفطار عايز نروح شغلي .
سناء : حالا ياحبيبي يلا يالوزة يلا يابياضة ورايا علي
المطبخ .
أنتهي محمد من تناوله لطعام الفطور بصحبة أسرته ولم
تشترك بياضة بالفعل بصنع أي صنف من هذا الطعام
فقد كانت ضيفة شرف بالمطبخ ولكنها عزمت قرارها
بصنع صنف يحبه محمد علي الغذاء حتي تكسب وده
اليوم وتؤكد لأمه بانها تريد الصلح معه وليس العداء ..
وبالفعل عرفت من سناء أنه يعشق الملوخية جداً
ويفرح جداً عندما يراها وسط الطعام كطفل صغير
صُنعت الحلوي لأجله .. ولذلك صنعتها بياضة علي
الرغم من عدم معرفتها بطريقة صنعها وبالرغم من شرح
سناء لها الطريقة .
وصل محمد من عمله متأخراً مجهداً ولكنه جائع والغريب
أنه وجد بياضة بإستقباله وهذا أثار ريبته منها إذن هي
فعلاً تخطط لشيئاٍ ما وسيعرف كهنه قريباً .
***