شارد وهو بطريقه إلي الإسكندرية بالصباح بعدما قضي
ليله بأحداث لا يشاهدها إلا بالأفلام العربية الهابطة ..
ماذا حدث وكيف حدث كل ذلك ؟!
زفر بإختناق مما آلت إليه أحداث ليلته بالقاهرة ثم مال
بسيارته قليلاً بعدما كاد أن يصدم بسيارة أخري أتت
بجواره بسرعة جنونية فأبطئ من سرعته ثم أخرج رأسه
من النافذة وصرخ به فقال : أنتوا يابهايم ، مش بني
آدمين اللي ماشيين جنبكم .. حاجة تقرف .. ثم بدأ
بالسباب بينه وبين نفسه وهو يطرق بكفي يديه
علي عجلة القيادة واللعن لحسه الوطني الزائدة التي
أوصلته لما هو فيه الآن .
وصل محمد إلي البناية فقام بركن السيارة أمامها ونزل
منها وهو متجهم الوجه ثم دخل إلي الداخل وصعد إلي
شقته حتي يبدل ملابس الأمس بملابس أخري
ويذهب لعمله مباشرة دون الحاجة إلي دخول شقة
والدته .
كانت هي الأخري شاردة بإتجاه آخر فما حدث منذ
قليل كان مثل الحلم .. هل حقاً كان حسن يحدثها من
خلف الباب .. هل حقاً أفتقدها كما أفتقدته هي ؟
ماحدث منذ قليل : تخرج بياضة من الحمام متلحفة
بمنشفة كبيرة نسبياً وتغني بدلع ودلال :
ياخارجة من باب الحمام وكل خد عليه خوخة
مشيتي حافية وخدتي زكام ورابطة راسك من الدوخة
ثم عند إقترابها من باب المطبخ لتصنع لها كوباً من
العصير المثلج سمعت صوت ينادي عليها بخفوت شديد
وكأنه لايقف علي باب هذه الشقة فإقتربت أكثر
لتنصت للصوت فعرفت أنه حسن .. نادت عليه هي
الأخري بخفوت : حسن ؟! أني هنا ياحسن .
أقترب حسن من باب الشقة وأرهف السمع حتي تأكد
من أنها بياضة نفسها فقال بعتاب : كده يا بياضة تعملي
فيا كده .. أني بنتعذب من ساعة ما بعدتي عني يا
بياضة .
بياضة وقد بدأت تدمع تأثراً بكلامه : غصب عني يا
حسن .. أمي الله يرحمها هي اللي غصبتني علي الجوازة
دي .. تعالي شوف مبهدلني إزاي .. ومنشف ريقي علي
خروج من هنا ومش عارفة .
حسن بإصرار : أني لازم نشوفك يا بياضة وإلا
هنتجننوا يابت .. أتصرفي .
تنهدت بياضة بحزن وقالت : نعملوا إيه بس دماغه
أنشف من الحجر الصوان عملت اللي عمري ماعملته
في حياتي مع حد علشان يرضي عليا ونطلب منه
الخروج .. بس علي مين أني هنفضل وراه لحد ما ينخ
ونخرجوا من هنا .. ماتقلقش يا حسن أني بنتمني نخرج
من هنا النهاردة قبل بكرة علشان نفكروا معاك في
المصيبة دي .
حسن بوله : أني بقي عايزك تخرجي من عندك علشان
وحشتيني أوي يا بياضة .. وحشتيني أوي يابت .
تنهدت بياضة بحسرة ثم قالت له بصوت حزين : بنقولك إيه يا حسن لازم تمشي دلوقتي أحسن حد
يشوفك تبقي فضيحة ..
حسن بنبرة حزن مخلوط بالقليل من الغضب : مش
عايز نمشي يا بياضة أني مالَحقتش نشبع منك لسه ..
مش كفاية أني مش عارف نشوف وشك .
بياضة بإلحاح : وغلاوتي عندك يا حسن أمشي دلوقتي
وأني قريب هنشوفك بره .. يلا بقي ولا عايزه يفضل
حابسني هنا العمر كله .
تنهد حسن بإستسلام ثم قال : ماشي يا قلب حسن
أني هنمشي بس إخلصي من الموضوع ده بسرعة .. وإلا
أني ممكن نتجن ونخطفوكي بعيد عن الكل .
ابتسمت بياضة بسعادة من كلمات الحب التي تفتقدها
منه ومن الكل حولها ثم تعجبت من نفسها لماذا كلما
نطق حسن بكلمات مثلها يظهر وجه محمد أمامها !!! لماذا ؟! لا يهم ولن يفرق فهي تكره وجودها هنا وتكره
حبستها بين جدران هذه الشقة كل هذه المدة .
عادت بياضة من شرودها علي وضعها الحالي وفي
جلستها فوق أرضية الصالة خلف باب الشقة ودموعها
تنحصر بين قلبها ووجهها ثم بدأت بالنحيب بصوت
مرتفع حسرةً علي نفسها وإحساسها بالإختناق من كل
مايحدث معها وحولها .. هي مثل الطائر الحر لايمكنه
الإحتباس كثيراً بقفص حتي ولو كان من ذهب وحتي
ولو كان يمتلئ بكل ما يشتهيه فهي تريد الطيران كما
يحلو لها .. زاد بكاؤها كلما تذكرت والدتها وتدليلها لها
وحضنها الدافئ عند بكاؤها علي شيئ .. من الآن
سيحتضنها ؟ لن يكون أحد بحنية والدتها
ودفئها مهما بلغ حبه لها .. أنتهي محمد مما يفعله بشقته ثم
فتح الباب وأغلقه خلفه وهبط بعدها درجات السلم
بسرعة حتي لا يتأخر عن عمله .. رغم إرهاقه وعدم
نومه منذ أمس إلا أنه توقف فجأة علي عتبة باب شقة
والدته من الخارج ثم أرهف السمع قليلاً وقال لنفسه :
أني سامع صوت عياط .. مين ياتري ؟! لوزة ولا ....
بحث عن حمالة مفاتيحه داخل جيب بنطاله ثم ظهرت
معه بسهولة وبعدها بثواني كان يفتح الباب ببطئ
فالصوت سمعه قريباً منه .. إذن فهي بجوار باب الشقة
وبالفعل وجدها تتكور علي نفسها علي الأرض ولكنه
وجد نفسه يتعرق وترتفع حرارة جسده فجأة بعد
رؤيتها بالمنشفة تلتف حول جسدها بشكل مثير للغاية
فقال لنفسه بصوت إعتقد هو أنه منخفض لا يُسمع
ولكنه جعلها تنتفض لتقف : هو أني ناقص ده كمان
منك .
شهقت بخوف عند رؤيتها له يمرر عينيه عليها وببطئ
كانت أقدامها تتحرك للخلف وهي تبتلع ريقها وتحاوط
جسدها بما عليه بذراعيها وكأنها هكذا تحتمي منه ومن
نظراته .. أخفض هو عينيه بإضطراب حتي تتوقف هي
عن الخوف منه وحتي لايتهور هو بالإقتراب أكثر
من ذلك .. فهي حقاً مثيرة ومغرية بجسدها الأبيض
البض .. تنحنح ثم قال بخفوت وبمحاولة جدية خشنة :
إيه اللي مقعدك هنا ؟ ومالبستيش هدومك ليه ؟ وليه
الدموع دي دلوقتي ؟
لم ترد عليه بياضة فاستفزه هذا منها فكل مايريد
معرفته لماذا هذه الدموع ؟ من ضايقها ولماذا ؟ فاقترب
خطوتين مما جعلها ترتجف وتسحب نفسها للخلف
خطوة واحدة فتوقف وقال بهدوء : ردي عليا يا بياضة
.. فين أمي ولوزة ؟
ولكنها لم ترد أيضاً فإغتاظ أكثر فقال بعصبية : ماتردي
يابت أني بنكلم الهوا !!
ابتلعت ريقها ومازالت ترتجف .. لاتعرف لماذا
لاتستطيع الكلام الآن ولا تعلم لماذا تخشاه الآن كما لم
يحدث من قبل ؟ هل تشعر بالذنب لحديثها مع حسن
أم ماذا ؟ لا لا هي تخاف منه ومن نظراته الاولي لها
عند دخوله .. ضحك عقلها من إستنتاجها الساذج
ولكنها لن تعيره إهتمام الآن .. شهقت بحده عندما باغتها
فجأة بإقترابه الشديد منها وإمساكه لذراعيها العاريتين
وهزها بعنف غضبه منها وهو يقول : مابترديش ليه ؟
في إيه مين اللي عمل فيكي كده ؟
أنت ... صرخت بها بياضة وهي تنشج بنحيبها والذي
علا أكثر فأحاطت وجهها بكفيها للأسفل .. صدم محمد
من كلمتها وظل يحدق بها لفترة ولكنه بدأ يخفف
حصاره لذراعيها قليلاً ومازال يمسك بهما ثم تسائل
بخفوت وتعجب : أني عملت فيكي كده ؟ إزاي !! وليه
!!
رفعت وجهها بعدما أزاحت كفيها عنه ثم قالت من بين
دموعها :
إزاي وليه !! عايز تقنعني أنك مش عارف اللي بتعمله
فيا ؟ أني بقالي شهور ماخرجتش من هنا يا حمادة ..
أتخنقت زَهقت مش قادرة نتفس خلاص .. عايزة نخرج
بقي .. أني مش متعودة نفضلوا في الحبسة دي كتير .
أقتربت أكثر بعدما رأت عيناه شاردة بكلماتها ثم وضعت
كفيها علي صدره في محاولة منها لإستعطافه ولا تدري
ماذا فعلت لمساتها به كما لم يكن يدري هو قبل أن
يجربها الآن ثم قالت وهي تنظر لعينيه مباشرة حيث
خرج صوتها مبحوحاً وراجياً : علشان خاطري يا حمادة
نفسي نخرجو حبه صغيرة .. عايزة نروح البحر أو
حتي الكورنيش .. هنروحوا أني ولوزة شوية صغيرة
ونرجعوا علي طول .. ها قلت إيه ؟
نظر إلي عينيها لفترة ولم يكن ينتوي الإبحار بداخلهما
ولكنه فعلها .. ماذا يحدث لك اليوم لماذا أنت متأثر
هكذا بها ولماذا داخلك يرتعش بقربها هكذا ؟ لا
لاتنظر لشفتيها الآن .. خرجت منه تنهيدة حارة ثم ابتلع
ريقه وأغمض جفونه ثم فتحهما مرة أخري وقال وهو
يبتعد عنها بقوة ويقف علي باب الشقة من الخارج : لأ
.. لما نفهم الأول سر التغيير اللي فيكي وبعدين يبقي
يحلها ربنا في الخروج واللي بنشكوا أنه هو سبب
التغيير ده .. ثم نظر لها نظرة شك بنواياها وأغلق
الباب خلفه بقوة .. هرولت هي باتجاه غرفتها وارتمت
علي الفراش وظلت تبكي مرارة عيشتها ونبذه لطلبها
بهذه الصورة بعدما تنازلت وإقتربت منه وألحت عليه
لموافقته علي شيئ ترغبه ولأول مرة تفعلها ... لماذا كل
هذا الذل لطلب الخروج من هنا ؟ الله يرحمك
ويسامحك يا سمرا .
***
يجلس خميس وينظر لإحسان أخته التي تحاول إقناعه
بزواج حنان من خالد بعدما كانت تضع صوب عينيها
علي محمد ابن أخيه وأخيها عباس رحمه الله ..
إحسان بجدية : ها يا أخويا قلت إيه موافق ولا بتي
مش قد المقام لإبنك ؟
شهقت إكرام بإستنكار مثل أي إمرأة مصرية تدافع عن
وجهة نظر زوجها قبل أن تعلم بها حتي وقالت : وده
كلام بردك يا أم حنان .. دي حنان ست البنات كلهم
وأي حد يتشرف بيها .. وبعدين دي بتنا يا إيه يا حاج
؟
تنهد خميس بحيرة ثم نظر لأخته مباشرة وقال بصوته
الرخيم وكأنه يريد أن يصلها منه ذبذبات شكه بالأمر :
هنقولوا لخالد واللي ربنا عايزه هيكون .. بس إيه اللي
غير رأيكم كده بسرعة .. مش كانت حنان لحمادة من
زمان .
إحسان بإمتعاض : وأهو حمادة مابقاش لحنان .. وإن
جيت للحق أني اللي كنت فارضة عليها الجواز من
حمادة وأتاريها كانت مخبية ميلها لخالد .. كل شيئ
قسمة ونصيب يا خويا وربنا عمل كده علشان البت ما
تتجوزش إلا اللي هي ميلاله ..
إكرام بابتسامة فرحة فهذا ما كانت تلح عليه منذ زمن
وأخيراً حقق الله مرادها : إن شاء الله دي هتبقي
قسمة زي الفل وهو خالد يقدر يرفض بردك هو
هيلاقي زي حنان فين .. جمال وأخلاق وأصل .. هو
فيه زيها أبداً ..
وما أن أنهت جملتها حتي علت شفتيها بزغروطة وتلتها
الأخري وكأنها تريد أن تنهي النقاش عند هذا الحد
حتي لا يصل للرفض من قبل خميس .
إستسلم خميس لنتيجة ماحدث فمهما كان رأيه فالأهم منه
هو رأي خالد نفسه والذي يثق أنه سيكون رأي العقل
أما إكرام فقد كانت سعيدة فأخيراً ابنها سيتزوج ومن
الفتاة التي حلمت أن يتزوج منها طوال الوقت الفائت
.. أما إحسان فنظرت لإبنتها بخبث وابتسامة نصر تزين
شفتي كلتاهما ولكن لكلاٍ منهما رأي بنصره هذا .
***
يجلس محمد بمكتبه شارداً ولا يقوي علي العمل رغم
إستعجاله بالذهاب إليه .. تنهد وزفر وسب عدة مرات
فلو رآه أحدهم لقال أنه فقد عقله .. كيف تزوجها ؟!
وماذا حدث منذ قليل بشقة والدته ؟! يا الله ماذا
يحدث لي هذه الأيام ؟ وكيف تحولت حياتي إلي سيرك
يتلاعب فيه كل من يريد ؟
تنهد بقلة حيلة ثم أرجع رأسه للخلف وأغمض عينيه
وإستعاد بذاكرته ماحدث ليلة أمس :
وصل محمد إلي شقة ماهينار بعدما أتصلت به وألتجأت
إليه لينقذها من بطش أخيها فريد وضربه المبرح لها
بعدما أحتمت بغرفتها وأغلقتها عليها فما كان منه حين
وصل أمام باب الشقة إلا أن يطرق بعنف لعله مازال
يضرب بها فيوقف ما يفعله ولكنه لم يجد رد أو حركة
بالداخل فزاد من عنف طرقه للباب حتي فتحت
له ماهينار بعدها بمدة قصيرة .. اتسعت عينيه علي
آخرها لرؤية كدمات وجهها وجسدها الظاهر من
أسفل ملابسها العارية بطبيعتها ولكنها ترنحت بوقفتها
حتي أقترب هو وأسندها ثم أوصلها إلي فراشها وأتصل
بالطبيب ليطيب جراحها الشديدة وبعد أن أنصرف
الطبيب جلس علي مقعد مجاور للفراش وقال متسائلاً
عما حدث ولماذا فعل أخيها ذلك ؟ طأطأت برأسها ثم
قالت من بين أسنانها بخجل ولا تعرف كيف سينظر
إليها بعد ذلك ؟
ماهينار بخفوت : فريد عايزني أرجع أشتغل معاه تاني
وأنا رفضت .. لأني مش عايزة أخسرك .. مش عايزاك
تبعد عني او أعمل حاجة ضدك .
تظاهر محمد بجهله لطبيعة عملهما فقال بتعجب : شغل
إيه اللي هيبعدني عنك ؟! مش فاهم .
ابتلعت ريقها بقلق ثم عضت علي شفتيها بتردد ولكنها
قالت : أنا هقولك علي كل حاجة بس وحياة غلاوة
مامتك وأختك عندك أوعدني أنك مش هتسيبني
بعدها .
ابتسم محمد لها ليطمئنها دون أن يعدها بشيئ فأصرت
هي علي نطقه للوعد وقسمه عليه ففعل مضطراً كما
أرادت .. بدأت ماهينار تسرد له عن كل حياتها وعما
فعلاه معاً منذ بدأآ بعمليات النصب علي مستأجرين
غرف بالفنادق الصغيرة وبدأها بعمليات الإغراء
للمستأجرين الرجال منهم حتي يستطيع فريد دخول
غرفهم بسهولة والسطو علي ما يملكون ثم اتسع
نشاطهم للفنادق الكبيرة حتي وصلا إلي فندق مشهور
بالإسكندرية وكانت هذه هي آخر محطة لهما بأعمالهما
المشبوهة ثم أقسمت له بأن لا أحد فعل بها أكثر من
لمسات وقبلات لزوم إتمام المهمات الخاصة بها ولم تكن
تقبل بأكثر من ذلك .. ولكن فريد إكتفي بمدة الراحة
وقرر أن يبدأ من جديد وهي رفضت لأنها لاتريد
خسارة قربها من محمد ولا تريد خيانته أبداً ..
محمد بتساؤل : وقربك مني في البداية كان له سبب ولا
كانت صدفة ؟
ابتلعت ريقها وقالت بتردد : لأ صدفة .
ابتسم محمد بسخرية ابتسامة صغيرة قبل أن ترفع رأسها
له وتقول : أنت وعدتني أنك مش هتبعد عني يا محمد
.. أرجوك أنا نضفت بعد ما عرفتك وحبيتك ما
تودينيش للزبالة اللي كنت فيها تاني .
زفر محمد بحيرة ولا يعرف كيف نطق بها : قومي أتصلي
بأي مأذون يجي يكتب كتابنا .
نظرت له باندهاش والابتسامة بدأت تتسع علي وجهها
بفرحة وعدم تصديق ولكنها نهضت بسرعة كادت بها أن
تسقط أرضاً من تعبها ولكنها قاومت حتي وصلت إلي
هاتفها النقال فإتصلت بصديقة لها لتعطيها رقم محامي
ليكتب عقد زواج بينهما وأقنعتها بأن هذا أفضل لهما من
المأذون حتي لا يشعر بهما فريد ويقتلها لذلك ..
وعلي الرغم من استنكار محمد لذلك إلا أنه وافق بالنهاية
وكأنه مخدر ليقبل بهذا الزواج منذ بدايته ولكنه شعر
بأن هذا هو الحل الأمثل لهذا الموقف ولحمايتها من أخيها
المجنون فلن يكون عليه أن يجبرها علي شيئ يرفضه
زوجها .
عاد من شروده وهو يهمس لنفسه : أنت اللي جبته
لنفسك يبقي تستحمل بقي .
دخل خالد عليه المكتب بعدما طرق عدة مرات الباب
ولم يجد إجابة وهو يقول : إيه ياعمنا لما أنت هنا
مابتردش ليه ؟ هيييي حمادة سرحان في إيه يا باشا ؟
نظر له محمد نظرة تائهة ثم قال : عايز إيه في ساعتك
دي ؟
ضحك خالد ضحكة قصيرة ثم قال بمداعبة : اللي واخد
بالك .. بياضة ولا ماهينار ؟ ثم غمز بعينه اليسري فما
كان من محمد إلا أن انفجر بغضب بوجهه فتعجب خالد
من رد فعله فهدأه وقال : طيب إهدي كده فيه إيه لده
كله .
أرجع رأسه للخلف وبدأ بسرد ماحدث كله عليه
وزواجه من ماهينار والذي عرضه هو بغيبوبة أصابته
وقتها ولم يفق منها إلا بعدما تم الزواج .
ظل خالد علي وضعية الصدمة لفترة ثم نظر لمحمد
وانفجر ضاحكاً فزفر محمد بحنق منه ومن نفسه وبعد
قليل قطع خالد ضحكاته وهو يقول له : وإيه في اللي
أنت قلته يستاهل العصبية دي كلها ؟ ده
جواز ومن واحدة تحل من علي حبل المشنقة الصراحة
.. يعني ماعملتش حاجة حرام لاقدر الله .
زفر محمد وقال : مش عارف بس جوازي منها غلط ..
أمي ولوزة هيعملو ايه لو عَرفوا ده وهنقولهم إيه مش
هينفع نحكوا عن الموضوع .
خالد : وإيه بس اللي هيخليهم يعرفوا حاجة .. مفيش
غيرك أنت وهي وأني اللي نعرفوا عن الجوازة دي يعني
مش هيوصلهم حاجة .. ولاّ أنت خايف حد تاني اللي
يعرف ؟
ابتلع محمد ريقه بتوتر ثم مال بنصف جسده للأمام وهو
يتكأ بكفيه علي المكتب وقال : أني مش بنحبوا نكدبوا
ولا بنحبوا نعملوا حاجة من ورا حد .. وكون أن
نتجوزوا واحدة غير بياضة وفي السر مش قادر نبلعها
ياخالد .
خالد بخبث : ليه ؟ خايف علي زعلها ولا علي شكلك
قدامها ؟
شرد محمد بهاتين الجملتين .. هل فعلاً أخشي غضبها أم
سخريتها ؟!!ولماذا الحيرة بياضة لا تتقبلني منذ البداية
فبماذا يهم الآن معرفتها لزواجي بأخري .. وهل أنا
متزوج من بياضة فعلياً ؟!!!!!!!!!!!
***