دائماً ما يكون الإنتقامُ شرساً ، فما بالك بمن سينتقـم لثأر الحُب بين جنبات الحُزن
،،،،
إنفرج جِفناه بِبطئ شديد ، حتي أبصرت عيناه غُرفته ، إعتدل في فراشه ، وفرك عينيه الناعستين .. ثم أرجع ظهره للوراء زافـراً بحنق ، وقد عصفَ التفكير برأسه .. نظر للساعه القابعه بجانبه ليجدها الحاديه عشر صباح يوم الجُمعه .. هتف بحذر وعيناه زائغه في الأرجاء
- لازم تعرف ، مش هقعد أنا أغلي كده لوحدي
إلتقط هاتفه ، وبأنامل سريعه وأحرُف مُنمّقه بعث برساله لياسمينته .. ثم أغلق الهاتف ، وقام ليتجهز للصلاه .. وما سيفعله لاحقاً !
،،،،،،،،،،
- إزااي ! ، كاريـمان بنتي تعمل كده
أردفت بدهشه ، والدموع تكاد تهرُب من مُقلتيها ، ونظراتها المشوشه المُثبته علي يوسف الماثل أمامها .. ليُتابع الأخر حديثه بقلب عاشقٍ مكلوم
- وطبعاً كان مُشتبهه فيه فـ قتل كاريمان
لوي ثغره ، وإبتسامه سُخريه تشُق جانب شفتيه
- بس طلع براءه ، لعدم وجود دليل .. طبعاً هشام بيه اليوناني
ظلت هي مصدومه لا تستطيع التفوه بشئ ، تجمدَ عقلها لوهله ، وشعرت أن الدُنيا تدور حولها ، فـ هوت علي المقعد وقد تحـررت أدمُعِها لتُشكل مجري متوازي علي وجنتيها ،، بصـوتٍ مُتقطع ، وريقٍ يُبتَلع بصعوبه هتفت
- أكيد إتعرف عليها لما كُنا فـ أمريكا ، كان دايماً بيبقي موجود في الحفلات
مسحت بأنامـل متوتره وجهها بصعوبه ، ثم حّولَت نظرها ليوسف ،، وإستطـردت من بين شهقاتها المُتعاليه - التي جاء علي إثرها أسامه-
-طب أعمل إيه دلوقـتي ، إحنا السبب .. إحنا السبب
نطـق أُسامه أخيراً وهو يقترب من إيمان - الهاويه علي الكُرسي-، ونظره هلـع تُحيط بؤره عينيه
- حصل إيه يا إيمان ؟؟
ثم حَوّلَ نظره ناحيه يوسف الذي يُتابع الموقف صامتاً ، مُستنداً بظهره علي المكتب وجهه خالٍ من التعابير
- في إيه يا يوسف ! مالكم يا جماعه
هبت واقفه ، وصـرخت بوجه أسامه بشراسه ، تُحيط بـه نظراتها الناريه لو كانت حقيقه لأردَتـهُ
قتيـلاً
- شايـف أخره معرفتك اللي ودتنا فـ داهيه ، هشام البيه المَحترم اللي انت شغال معاه . ضيّع بنتي
قالت جُملتها الأخيـره بوهنٍ شديدٍ ، والدموع في عينيها تحجُب عنها الرؤيه ، بينما هو ظلت نظرات الإستغراب مرسومهُ علي ملامحه .. حتي تحدث يوسف موضحاً بنبـره مشوبـه بالحقد الشديد
- هشـام كـان عشيـق كاريـمان
تدلي فكه السُفلي بإستغراب ، ما إن لبثَ حتي تذكرَ إلتصاق هـشام الشديد به في الفتـره الأخيره ، فـ كيـف لم يعرف .. شاب ، وسيم ، لم يتزوج حتي الأن ، وإبنته كـ ملكه جمال ، علي الأقل قد حفظت ماء وجهه زوجها ، ولم تُقدِم علي تلك الفَعله
أردف بصوت مُتحشرج، ما إن لبثَ حتي تحولَ للغضب
- إزاي حصل الكلام ده وإمتي ، وأنا أخر من يعلم
هدرت هي مُكمله ، حديثها التي ودت أن يُصيبه في قلبـه كـ وخـزات قلبها المُتدفقه
- محضرتك لو متابع قضيه بنتك كُنت عرفت ، إنما إزاي ! إحنا مش فاضيين للكلام ده
إشتدت نبره صوته للـصُراخ وهتف مُعترضاً
- إسكتي ، إسكتي مش عايزه أسمع كلمه
كان يقف يعبث بهاتـفه ، ودَ بأن يقتص من والد زوجته ، أن يُشبع نيران حِقده االتي تكادُ تنبثـق من عينيه القاتمتيـن .. تصنعَ اللامُبالاه وفي داخله يُريد الفتك بأحدهما علي الفور
،،،،،،،،،،،،،
جلست علي الفراش بعد أن قامت بترتيب الغُرفه ،وما إن أمسكت بهاتفها حتي أعلن عن وصول رساله من "سيف" ، قرأت الرساله بصوت عال وبسمتها تتسع شيئاً فـ شيئاً
" هعدي عليكـي بعد صلاه الجُمعه .. جهزي نفـسك "طارت فرحـه .. فـ هي لم تره أو تسـمع صوته منذُ يومين ، حتي ظنت أنه قد سافرَ ولم يُخبرها ، تكاد تقفـز وهي تتجهه لوالدها الذي يقرأ الجريده .. وتحدثت بأدب وثباتٍ مُصطنع
- بابا ، مُمكـن أخرج مع سيف بعد الجُمعه
ضيّقَ إبراهيم عيناه ، رأي السعـاده تكـاد تقفز مـن عينيها ، فـأجاب بإبتسامه رخيـمه وهو يُزيح نظـاره القراءه من علي عيناه
- روحي يا ياسميـن ، بس متتأخريش طبعاً
قبّلت جبهته بفـرحه عارمـه ، ثم إتجهت مُسرعه لغرفتها لتنتقي ما ترتديه .. رغم أنها لا ترتدي سوي الأسود ،
كانت الساعه الثانيه ظُهراً حينما صدع رنين جرس المنزل ، وظهر هو من خلف الباب بعدما تولت أمينه مُهمه الفتح ،،
تقدمت لهُ بفُستانٍ أسود وطرحه طويله من القُطن سوداء ، وحقيبه بنفسجيه اللون
" في السياره "
عيناها مملوءه بالدموع ، تنظُر له بعتاب .. يداها تهتز بإضطراب شديد ، بينما هو ينظر لها بحُزن طاغٍ علي ملامح وجهه .. أرغمت شفتاها المُتهدجه علي الكلام قائلن بلـوم
- إنت بقيـت تشُك فيا يا سيف ، وحاسـه إنك بتتهمني
أسرع بالإجابه ، ويداه تلتقط كفها بين يديه ضاغطاً عليه بخفه
- لا والله ، بالعكس أنا بسـاعدك يا ياسمـين .. أنا بـس إتخضيت بما شُفت الڤيديو ده طبيعي
ثم إستطرد بعينين تآكلهُما الخجل ،،
- إنتي عارفه بالنسبـالي إيه ، ولا يُمـكن هفرط فيكي مهما حصل
أسبلت جفنيها بوهـن ، ثم إستعادت رباط جأشها وأردفت بشئ من الثبات ،،
- وريهُم الڤيديو يا سيف
فـغر فاهُه ، وقطب جبينه بضـيق .. وهمَّ بالتحُدث ، لكنها قاطعتهُ مُكمـلمه بتفُهم
- أنا عارفـه إنه شُغلك ، ومش هينفع توقفه لأي حد .. وكمان أنا معملتش حاجه فـ أكيد ربنا مش هيسبني
ظل يرمُقها بنظرات تساؤليه ، ثم تحولت نظراته لحُبٍ دفيـن عصف بعينيـه حتي إنعكس لها ، فترائت هاله الحُب المُنبثقه في عينيه
هتف بنبـره حانيه
- ربنا ميحرمنيش منك أبداً ،
ردت هي بمثلها ،
- ولا منك يارب
،،،،،،،،،،،،
جالسُ يتجرع من نبيذه الأحمـر القانـي ، أسكرتهُ صورتها الموضوعه أمامه .. عيناها التي كانت تنظر بكبرياء مُحتد ، لطالما إستطاع كسر أنفها المُتعالي بـغروره .. أردف بهذيان وعيناه تكاد تنغلقان علي بعضهما ،،
- شوفتي اللي حصل بعد ما مشيتي ، يحبسوني أنا
ثم إستطرد بسُخريه .. هازءاً بمن حوله
- تشا ، كان مُمكـن أستحمل وإنتي موجوده ، بس مبقاش عندي طاقه أتحمل حاجه تاني ..
قاطعهُ رنين هاتفه ، وجده حارس البيت يُخبره بوجود ضيف إسمه " يوسـف"
ذهب ليغسل وجهه حتي يفيقَ من سُكره، وعاد وهو يُتمتم بجمـود
-كُنت مستنيك من زمان ، ده إنت حتي إتأخرت! ،، دلـف يوسف بوجهه مُكفهر ، ونظرات التعالي بعيـنيه تجوب أرجاء المنزل .. ليُقاطعه هشام بتهكُم
- عجبك البيت ؟
إبتسامه سُخريه إرتسمت علي جانب شفتي يوسف الذي أردفَ بدوره ،،
- لولا إني مُضطر ، مكنتش جيت أي مكان بتكون فيـه .. لأنك بتلوثه
تجهمَ هشام ، وإستطرد حانقاً
- مكنتش متوقع منك حاجـه أحسن !
ثم تابع بحـده ، وهو يرمُق المُتعالي أمامه بنظراتٍ ثاقبه
- جيت ليـه يا يوسف؟
إقترب الأخر بـدوره ، وتساءل وهاله الكُره قد غطت المكان بأكمله
- ليـه ؟ .. إشمعنا إنت !!
ردَ هشام بثقه ، بعدما إستنبط أن السؤال يخُص علاقته بكـاريمان
- عشان إنت كُنت بعيـد عنها .. وجـاي تسألني انا ! ، وانت حياتك كُلها سفر؟!
هدر يوسف ، وهو يري الإنتصار في عينيه
- لا ، أنا مفهمها وقايلها إن السنه دي مُهمن جداً في حياتنا .. هي اللي مستحملتش وراحت للي ميسواش
إشتعلَ هِشام من حديثه ، وصرخ به
- مسمحلكش ، وكون إن إنت غلطان وعايز تلبس غلطك فيا .. مش هيحصل يا يوسف
باغته يوسف بلكمه في وجهه ، جعلته يتراجع للخلف بضع خطوات ، وهتف قائلاً
- دي عشان خدت مراتي ،
ثم أمسكه بتلابيب قميصه مره أخري وقام بضربه مره أخري ، وهشام مُستسلم تماماً ، سيعرف كيفيه الرد بطريقته
أردف يوسف بشر
- ودي عشان كملت الخيانه
تركه يوسف بحـده ، وخرج سريعاً من المنزل الذي ضاقت فيه أنفاسه ، بينما هشام ظل واقفاً لا يتحرك .. أذهله عدم الرد ، لكَنّه رغم كُرهه ليـوسف إلتمس له العُذر ، فبـشاعه الخيانه من أقرب الناس لا تُقدر بثمنٍ ،،
،،،،،،،،
في الصباح كانت تتجهه لعملها الجديد في شركه الأدويه ، حينما وقفت سياره تعترض عبورها الطريق ، فُتِح الشباك الأماميّ ، فـظهر نائل بإبتسامته المُعتاده ،،
- صبـاح الخير ، تعالي أوصلك
ردت هي بزهو ، تُحاول العبور
- صباح النور ، شُكراً هروح لوحدي
نظر لها نظره ثاقبه ، وهو يفتح الباب الأمامي .. وهتف بأمر
- إخلصي يا أمينه ،
ركبت علي مضض ، ولكـن قلبها لم يعُد شغوفاً بذلك الواثق دائماً ،
تولي هو زمام الكلام ، قائلاً
- عامـله إيه فـشغلك الجديد
أردفت بلامُبالاه ، وهي تنظر من النافذه مُجتثه ما تبقي له من أمل الحديث معها ،،
- كويس
ضاق به ذرعاً ولم يَعُد يتحمل ، فتحدث من بيـن أسنانه مُغيظاً إياها
- بس إيه رأيك فـ روان خطيبتي
شددَ علي كلمه " خطيبتي " حتي يجعلها تشعر بالغيظ ، وقد نجح لكنها إستعادت قوتها .. وهتفت بثبات وصدرها يحتدم بالنيران
- جميله
-جميله!
أجابت بإبتسامه بلاستيكيه
- أيوه جميله ورشيقه كمان ، مش ده اللي إنت
عايزه
قطعت حديثه ، بتساؤل جعل وجهه يتجهم
- إنت مبتكلمش يوسـف ليه يا نائل ؟ ، حتي بعد ما كاريمان ماتت مرحتش غير العزا بس
نظر أمامه شزراً ، وهتـف بضيق
- عشـان حذرته من ناس بيتعامل معاهُم وهو مسمعش كلامي ، وأدي أخرتها مراته اتقتلت ! فغرت فاهها ، وظلت مُحدقه به لثوانٍ قبل أن تهتف بصدمه ،،
- يعني إيه ! السبب فـ قتل كاريمان ناس يوسف كان شغال معاهم ؟!
يتبع..
أنت تقرأ
" جريمه علي قيد حُبك " .. بقلم سارة عاصم....
Romanceإنهارت الحصون , وتبدلت الأقدار .. وتحدث الموت آسفاً ,بالعدل أعظم .. والشرف أبقي ,, والقصاص أحكًم إستمدت قوتها من ربيعها,, وقفت كـ الفولاذٍ امام ماضٍ سرمدي لا يعنيها ,, رياح عاتيه أثقلت بهم لكنّ القـدر يتلاعب قدر ماشاء علي هواده ,, وتُنفذ القرارات...