" مشاعر مُقيده "

2.1K 63 0
                                    



أيـن ذلك الإهتمام الذي أغريتني به حين كُنا غرباء ! ،، هل ذهبَ سُدي في غياهب ظلمات قلبك الذي أصبح بارداً مؤخراً .. أم أنني لم أعد أشعر بحُبك الذي حكم بالمؤبد علي قلبي ، لإرتكابه جريمه عشقي لك ؟!
،،،،،،،
كان شارداً فيما حدث ، فـ ذلك الإسبوع لم يكن بالهيـن عليـه ولا علي سيـف القابع أمامه شارد الملامج بوجههٍ شاحـب ، وهيئه غير منمقه كما لم يعتد عليه ، كانت النظرات التائهه هي سيد الموقف ، اما الصمت الذي عمَّ المكان إختزله سيف بتنهيده حاره إنبعثت من صميمه ، قبل أن يُردف بحُزن جلي
- مبقتش عارف أصدق مين و إيه
مسح بعينيه المكان قبل أن يرمق صديقه بشفقـه ، فما أخبره به سيـف مؤخراً جعل الدم يغلي بعروقه فما بال ذلك الذي قد أرخي عمامته قليلاً حتي يهنأ بحياته قليلاً ، لكن أتت تلك الضريه التي أصابته بمقتل حينما علم بوجود يوسف بمصر قبل أربعه شهور ونصف ، أي وقت مقتل كاريمان .. لقد فتحَ القضيه مرهً أخري ، سيعمل تلك المره بجد لأن شكه الآن أصبح يقيناً !
،،،،،،،،،،،،
- اممممم ، طب إيه رأيك تديني رقمك
هتفَ بها عُمر بضيق وهو يزفر بشده مُتناسياً هيبته... فهو يُحايلها أكثر من نصفِ ساعه بأن يتواصل معها ، بينما وقفت تطالعه بإبتسامه واثقه ، ثم حكت ذقنها بتفكـير مُضيقهً عيناها
- امممم هفكر
مسح علي وجهه بعصبيه ، ثم اصطنع الهدوء هاتفاً بإبتسامه بلاستيكيه
- متخافيش مش هاكلك ،، أنا هتطمن عليكـي بس ،، إنتي خطيبتي
ثم زيّلَ حديثه بسؤال ؟ رافعاً حاجبه الأيمن
- ولا مش من حقي؟!
رمقته بهدوء قبل أن تُجيب بنبـره بارده ، ودون أدني شعور بالجالس أمامه ،
- أنا مبقتش أثق فـ حد !
لو كانت النظرات تقتل لكانت نظراته أردتها قتيله الأن ، فنظراته المصدومه القاتمه التي كانت تقبع خلف قناع الهدوء والحنيه ، قد ظهرت وفي موضع لا يقبله أي شخص ،، فهي أخبرته صريحهً أنها لاتـثق به ... وأنها مازالت ماكثه في ماضٍ سرمدي ليـس له ملامح إشراق ، لم يفعل شيئ سوي أنه إلتقط نظراته وهاتفه الموضوعين علي الطاوله الرخاميه ، وهبَّ واقفاً وهو يتمتم بكلمات مُقتضبه سمعتعا جيداً
- طالما إنتي مش واثقه ... وافقتي ليـه ؟!
ثم إنصرف من أمامها سريعاً ولم يبقَ إلا طيفه ورائحته التي خلفها ، قبل أن تجرحه ذات الشعور المُتبلد بما تخافه !
،،،،،،،،،،،،،
أضاء غرفته في الليل ليجد جدته -التي عاشت من أجله سنواتٍ عده - تنام علي فراشه ، لعلها غفت في النوم حينما كانت تنتظره ، فلقد أصبح يأتي بعد الثالثه صباحاً كُل يومٍ بسبب عمله الذي لا يتوقف سوي بضع ساعات يمكن عدهم علب أصابع يدٍ واحده ، أصبحت حياته روتينيه بشكل مُبالغ ، كاد أن يغلق النور ويذهب للخارج .. لولا أن تلك الغافيه إستيقظت ونطقت إسمه بلهفه
- هشام ؟!
طالعها هو بأسي ، فهو يشعر بخوفها الشديد عليه ، رأف بحال تلك العجوز ،وتقدم منها ثم جلسَ تحت قدميها هامساً
- إيه اللي صحاكي دلوقتي يا مريم
إبتسمت لسماعها إسمها منه ،فهي قد إشتاقت لسماع صوته .. كما عودته دائماً أن ينطق إسمها دون ألقاب ، مدت يدها ومسدت علي شعره بحنو ، وهي تُعاتبه
- عامل في نفسك كده ليه يا حبيبي ، مش غلط عليك يا هشام ؟!
زفر بحراره ، وهو مرتاح لفكره أنه يمكن أن يُدلي بمكمون صدره لشخص يثق حتماً بأنه يخاف عليه ،نجح في إظهار إبتسامه مُجهده علي شفتيه ، لكنه لم ينجح في اخفاء لمعان عينيه بالدمع ، إمتدت يدها الأخري لكتفه مُربته عليه بخفه ، فتحدث هو بحُزن غلفَ صوته
- مفيش حاجه عايش عشانها .. غيرك إنتي ، إكتشفت إني ضيعت سنين عُمري بشتغل وبس ، مفكرتش في آ حاجه غير في الشغل وإنتي
ثم تابع مُتنهداً بقوه ، أفضت بمشاعر لطالما أخبر نفسه بها فقط
- وكاريمـان ، أيوه هي يا مريم ... الوحيده اللي قدرت تشيل قناع البرود والعمليه ، خلتني أبقي هشام تاني خالص ، محستش بالحُب غير معاها
ثم إرتسمت إبتسامه موجعه علي جانب شفتيه وهو يُعدل كلامه
- أو حسيت إني بحبها بعد ما ماتت ، كنت حاسس إني هوازن بين هشام اللي بيشتغل علي طول وبين هشام الحقيقي اللي ملقاش نفسه غير مع كاريمان ،، بس للأسف غروري منعني وسيستم شغلي إتغلب علي حياتي الخاصه ... وسيبتها تمشي ، وفعلاً مشيت ومش هترجع تاني !!
تذكر تلك اللحظه كاريـمان وهي تترجاه أن يتمسك بها ولا يسمح لها بالرحيل ، رغم رغته الشديده في التمسك بها إلا أنه أخبرها بتكبر بأن تفعل ما يحلو لها ، وحينئذٍ سقطت دمعه حارقه من مُقلتيه ، بادرت مريم بمسحها علي الفور ، لينتبه ليداها الحانيتان تُربت علي وجنتيه بلطف
أردفت تلك العجوز ، وهي تشعر بما يحدث داخل طفلها الصغير ، الذي يأبي الخضوع لقلبه مره أخري
- يبقي مينفعش تدفن نفسك في الشُغل تاني ، كفايه اللي ضاع من عُمرك .. وبعدين كاريمان مكنتش تنفعك دي كانت متجوزه ،، ومتبقاش أناني يا هشام ،، انت كنت عارف من أبوها إن جوزها بيعشقها مش بيحبها بس ، علاقتكو كانت شبه مستحيله
أغمضت عيناها لوهله ثم إسترسلت
- وبعدين انا مكنتش موافقه علي علاقتك بيها من ورا جوزها ،، مش عايزه عيشتنا في اليونان تأثر علي أصلك الشرقي يا هشام
إلتقطت وجهه بين كفيها ، وهتفت بنبـره تذللت للحنو
- يا حبيبي أنا عايزاك هشام الحقيقي ، هشام إبني اللي ربيته .. مش رجل الأعمال اللي بقالي أكتر من شهر مش بشوفه في البيت ساعتين علي بعض ،، متخليش قلبك متقيد بماضي مبقاش موجود
متقلقش يا هشام أنا معاك لسه مموتش عشان تتغير وتبقي كده
في تلك اللحظه لثم يدها بقبله إحترام ، فجدته تلك التي تبقت بعد موت والديه أصبحت كأم تشعر به .. وتعلم بمكنون صدره
فالأم هي من تُربي ، لا من تلد
،،،،،،،،،،،
نظرات إليه نظراتٍ عاشقه ، ووقفت تتأمله وهو يضع لمساته الأخيره قبل أن يذهب لعمله، لاحظَ هو نظراتها الشارده نحوه فتقدم منها، وفرقع أصابعه بخفه أمام وجهها .. لتفزع هي بشده قائله بصوتٍ رقيق
- خضتني يا سيف
وضع يدان في بنطاله كما إعتاد أن يفعل ، ثم إنحني لمستواها هاتفاً بزهو
- لا والله ، عماله تراقبيني من الصبح وأنا عامل نفسي مش واخد بالي هااا
تطلعت إليه بخجل ، ليقطب حاجبيه مُتسائلاً
-صحيح إنتي مش وراكي شغل ؟ ، ملبستيش ليه أوصلك في طريقي
تحركت في الغرفه كتير
ن ، وهي تخبره بأنها لن تذهب اليوم
- لا مش هروح إنهارده .. بُكره إن شاء الله
رفعَ حاجبه ، وهو يردف بدعابه
- بتدلعي يعني .. إممم ، ده أنا أخلي أبويا يرفدك بقي
تابعت بغرور مُصطنع ، وهي تتقدم نحوه مُضيقهً عيناها
- ولا تقدر ....
إبتسم بتعب لاحظته هي الأيام الماضيه ، فرفعت عيناها إليه .. لعلها تسبر أغوار ذلك الذي يخفي عنها شيئاً كبيراً ،، وإستطردت بتساؤل ملهوف
- بردو مش هتقولي مالك؟ ،، هتفضل مخبي عليا كتير
نظرَ إليها بأعين زائغه ، وهتف زافراً بحنق
- مش وقته يا ياسمين ، صدقيني أنا لما هلاقي وقت مُناسب هقولك
أرادت أن تستدرجه ، فـ أردفت وهي تتوق أن تكون إجابته نافيه
- حاجه بخصوص قضيه كاريمان صح !
وما كان إلا أن آماء برأسه ، فأغلقت عيناها هنيهً ، ثم أمسكت يداه ضاغطه عليهم بخفه ، وهي تُحدثهُ بهدوء
- متقلقش وإن شاء الله كل حاجه هتتحل
أسبلَ جفنيه في أسي ، ثم تمتم وهو يلثم يدها
- إن شاء الله يا .. ياسمينه
،،،،،،،،،،،،،
كل شيئٍ أصبحَ بارداً ، غرفتها ، أدوات الزينه ، ملابسها أشياءها التي إستعملتها .. أصبحت بلا قيمه فصاحبتها فنت من الدنيا ، تأملت شحوب الغُرفه التي كانت تماثل شحوب وجهها
، فقد إعتادت إيمان أن تبقي في غرفه كاريمان صباحاً لكنها ، كانت تنام في غرفتها ليلاً ، فما تعلمته خلال الفتره الماضيه لم يكن هيناً ، لقد ذاقت أشد أنواع الألم وهو .. الفقد
وبينما هي شارده أذا بيدٍ توضع علي كتفها ، إلتفتت لتري من الذي إقتحمَ خلوتها ، لتجد أصغر فرد في البيت ، والتي لم تعطي بالاً لوجوده يوماً هو .. أكمل
إبتسم لها نصف إبتسامه محاولاً أن يلطف عنها ، ثم جلس بجانبها مُتحدثاً بدعابته المعتاده
- قاعده لوحدك ليه يا إيموز ، كلنا قاعدين تحت
ورغم أنها لم تتحدث معه يوماً إلا قليلاً ، لكنـها شعرت بالدفئ ، أجابته هي بحزن طغي علي ملامحها وصوتها
- كلكو مين ، إنت وباباك وعمك ؟ ، فين الناس اللي المفروض كانت عايشه في البيت ده .. فين سيف وكاريمان يا أكمل
زمَّ شفتيه بأسي ، لكـنه لم يستسلم ، وتابع بنبـره تأثر مُصطنعه
- يالهووويز أمال أنا إيه يا إيموز ، أنا اللي هملي الفراغ ده بعد كده
ثم سحبها من يدها قائلاً بخفه ، وعيناهإيموز
من السعاده
- دول عاملين سمك تحت ، وما أدراكي ما السمك بقي
إبتسمت بهدوء ، وقد إنشغلت بحديثه ، وهتفت بهدوء
- أنا كمان بحب السمك
نظر للغرفه قبل أن يخرج منها ، ثم أغلقها خلفه وهو يتحدث لإيمان
- واااو بتحبي أي نوع بقي ، أنا عن نفسي بحب الجمبري
طالعته بدهشه ،وقد ضحكت بعدما فهمت مغزي كلامه ، وأردفت بتساؤل
- هو الجمبري سمك يا أكمل ، إنت سخن ولا إيه
- لا منا هفهمك يا إيموز
وضعَ يده علي متفها ، ثم نزل بها لأسفل ليطالعه والده بنظرات رضا ، بينما إندهش عمه من قدومهم بهذا الشكل ، لترتسم علي شفتيه إبتسامه أمل فيما قد يحدث
،،،،،،،،،،،،
كانت تؤنب نفسها علي ما فعلت ، فلا ذنبَ له فيما حدث معها ، فمنذُ يومين كانت عيناه تلمع بفرحهٍ شديده حينما كان يجلس بجانبها يضع خاتمه في يدها ، يثبت لذلك الواقف يطالعهم باعين الصقر أنها أصبحت ملكـه ، ظلت تهز قدميها بعنف ، فلقد أصبحت مُقيدهً بماضٍ لا تعرف نهايته .. إستسلمت وتمددت علي الفراش ناظره للسقف بشرود ، تشعر بهاله حُبه تحاوطها ،، لكنها لا تستطيع نسيان حرق قلبها وسحقه حتي أصبح كرماد عمُتناثر علي الأرض ... تريد أن تعطيه فرصه ، وستفعل لكن عليها أولاً إصلاح ما سببته له
،،،،،،،،،،
- يا سيف يا سيف ، يا أحلي سيف
هتفت بها ياسمين في سعاده ، وهي تراه يدخل من باب المنزل حاملاً بعض الأشياء في يده ، إندفعت نحوه تأخذ منه الأكياس .. لتراه يُشاغبها ويرفع كيساً منهم لأعلي مُردفاً بدعابه
- ده لاا بقي
حدجته بنظرات مشتعله بعد أن كانت تدلله ، وهتفت بحنق
- سيف ده كيس الحلويات بتاعي
أومأ برأسه ، ومازال علي نفس وضعيته
- أينعم
رأت أن لا سبيل سوي الدلال والرجاء ، فهما سلاحها حينما تريده أن ينفذ ما تُريد
- عشان خاطري يا سيفو ، لو سمحت بقي .. يعني إنت جايبه لمين
ضيقَ عيناه ، وهتف بحذر
- امممم الكلام ده مياكلش معايا ، وبعدين هدي الحلويات دي لأخت واحد صحبي
إشتعلت عيناها غيظاً ، وتطرقت لموضوعٍ أخر ، وأردفت حانقه
- ودي كام سنه إن شاء الله
قرصَ وجنتها بخفه ، وأجاب ضاحكاً
- ست سنين يا قلبي
إستطاعت هي تلك المره أن تأخذ الحلوي من يده ، في حين أمسك وجهها بين يديه قائلاً بسعاده
- يسلملي الغيور أنا ،،
إبتسمت إليه وأردفت بهدوء لا يتناسب مع ماكانت تفعله سابقاً
- شكلك رايق ، في حاجه جديده ولا إيه
قطب حاجبيه ، ثم أردف بيأس
- لا مفيش لسه بنحقق ، بس كان بقالي فتره فـ مود كئيب ومحدش طلعني منه غيرك يا سوسه
إبتسمت وهي تري زوجها سعيداً ، فهو مُحق لم تراه يبتسم طوال الإسبوع الماضي ، تحركت خطوتين للأمام ثم هتفت سريعاً بخجل
- أنا بحبك أوي يا سيف ، إنت أحلي حاجه فـ حياتي
ثم إنصرفت من أمامه في لمح البصر ، بينما ظل هو مشدوهاً مما قالته .. لكن سُرعان ما إرتسمت إبتسامه مُحبه علي وجهن وأردف بصوتٍ عالٍ لتسمع
- وأنا كمان ،، يا أغلي حاجه في حياتي
يتبع  

" جريمه علي قيد حُبك " .. بقلم سارة عاصم....حيث تعيش القصص. اكتشف الآن