عرفتُ منذُ الوهله الأولي ، أنني سأقع إن تمسكتُ بك وتركت العالم .. لكنّي تجاهلت عقلي وسرتُ وراء أكاذيب تُعرف بـ "المشاعر"
،،،،،
أمسك الأوراق بيده ، وعيناه تُزمجران غضباً وحقداً ، برزت عروق يداه وهو يكز علي أسنانه القويه .. تبلـورت الحقيقه في مُخيلته الآن ، فـ حبيبته قُتلت بدافع الإنتقام !! ،، لعن في سره وهو يُطالع الأوراق أمامه بإمعان شديد عيناه لا تحيد عن الأحرف المُسممه ، التي أشعلت فتيل " عِشقه ، غضبه ، ندمه!"
نادم الآن وبشـده أنه تركها تذهب أخر مـره ، كان ينبغي عليه أن ينساق وراء شعوره ويتخلي عن غروره ويُخبـرها بأن تنفصل عن يوسـف ، لتبقي معه باقي حياتها ... حياتها التي إنتهت بين إثنين كُلاً منهُما يتحدي الأخـر علي حساب روح زُهقت في الأستار
.flash back
- لو قُلتلي إمشي همشي يا هشام
قالتها والدموع تُزين الزرع الأخضر في عينيها ، إختفي البريق اللامع الذي يجعل عيناها كُشعاعٍ أزرق يتراقص علي مياه البحر ،
وضع يده بجيب بنطاله -في غرور- وأجاب هو غير مُكترثاً بتلك التي تتأجج نيـران القهر داخلها -براحتك ، عايزه تقعدي كان بها .. عايزه تمشي معنديش مانع
ثم ذيل حديثه ، بجُملته الإنكليزيه المُفضله ، والتي وقعت عليها وقع الصخر هلي القلب
-as you like
إنحدرت الدموع من عينيها ، وأمسكت بحقيبه سفرها ، ونظـرت له نظره أخيـره مُعاتبه ، أرادت حينها أن تُخبرَه بما تشـعُر ، وكم أرادت أن تسمع منه أي إعتراض ليُبقيها ، بكـنه لم يتحدث ... بالرغم من رغبته الشديده في أن تبقي معه ، لو ترك العنان للسانه ، لكان عرض عليها الإنفصال عن زوجها لتبقي معه !
وأي رجلٍ يقبـل علي نفسه تلك الزيجه؟ ، أم إنعدم الضمير وأصبح الرجس هو من يقود الناس في حياتهم ! ... أي زوجهٍ تخـون زوجها الذي أعطاها ثقه لتزحف خلف ما يُبطل عمل المرء ،، ألم تعلم أنها زانيه وأنها ستُحاسب !! ،، بلي لقد عرفت لكنـها كانت أبعد ما يكون عن الدين لتعرف عقوبه الزوجه التي تزني ؟؟!
،،،،،،،،،
نظر إليها بطرف عينيه وجدها هادئه ، أنفها أحمر من البُكاء .. شفتاها ترتجفان ، هربت الكلمات من حلقها .. وتوقف عقلها عن التفكير ، لا يتردد في عقلها سوي أن يوسف كان طـرفاً في قتل صديقتها ، الأمر هكذا ..عصبه من الرجال يُتاجرون في السلاح ، إعترضم يوسف في عرضٍ ما فقتلو زوجته !! ،، ذلك ما دار في مُخيلتها بشأن ما سمعته .. أيمكن أن تكـون كاريمان علي قيد الحياه وتخبرها بما تفعل ، لأنها أصبحت ضائعه .. حينها سينتهي كُل شيئ يوسف وهِشام ، وستتزوج ياسمين ، وقتـها سيُمحي كُل الحزن الذي تكابل عليها طيله الأشهر الماضيه
قطع تفكيـرها صوت وصول رساله علي هاتفها ، تجاهلتها .. لكن عاود الرنين برساله أخري فتهيئت للإمساك بهاتفها ، وأخرجته من حقيبتها الزرقاء التي تُخالطها خطوط بيضاء متوازيه طولياً
إتسعت حدقتا عيناها ، ووضعت يدها علي فاهه لتكتم شهقه إعترتها ، لكنّها تمردت وإنسلت من بين شفتيها ،، علي حين غُره كان الهاتف بيد سيف الذي تفحصه عنوه ليجد رساله محتواها
" ياريت تكوني بعيد عن قضيه كاريمان الفتـره الجايه ، يا إما مش هيحصل كويس "
ثم فتح الرساله الثانيه ، ليجد صوره مُرفقه لكاريمان وهي غارقه بدماءها ، بوجههٍ شاحب وأعين مُعلقه .. ونفساً مقطوعاً .. وشفاه زرقاء .. ونبضاً مُختفي ،
أشاح بوجهه بعيداً عن تلك الصوره ، لئلا تُداهمه ذكريات اليوم المشؤم ،، بالرغم مز حِده عينيه ، ونظرته القاتـمه ، وغضبه المُتصاعد .. إلا أن إقتربَ من ياسمين مُربتاً علي ظهرها بحنو ، مُردفاً بخفوت :
- متقلقيش ، محدش هقدر يقربلك طول ما إنتي معايا
طالعته بحبات الكريستال بعينيها ، متوسله بأن يحميها ، قرأ حديـث عينيها الصامت ، وتحدث بحزمٍ واضح، وهو يزفر بقوه:
- إحنا لازم نتجوز يا ياسمين ، مش هينفع تبقي بعيده عني في أي مكـان .. لازم تبقي قُدام عيني طول الوقت
تزايد إستغرابها ، لكـن الفراشات بمعدتها أعطتها سعاده داخليه لا توصف ،لكـن بقدر ما أرادت هذا الزواج بشده ،، لكـنها لم تُريد أن يكون بغرض حمايتها فقط ،،
،،،،،،،،،،
- نائل بجد انا مش مستحمله وإنت بتكمل عليا !
أردفت بها أمينه بعصبيه ، وهي تُخاطب نائل بالهاتف ، ليأتي صوته من الطرف الأخر هاتفاً بصُراخ
- أمينه ! ، صوتك ميعلاش عليا .. وإلزمي حدودك
تحدثت هي بصدمه تعتريها كُلياً لتسقُط جالسه علي الفراش بعدما لم تشعُر بقدمها
- إيه اللي انت بتقوله ده ، أنا مغلطتش فيك دلوقتي ، أنا عايزاك تقدرني
أتي الردُ مُحتجاً بسُخريه
- والله الست أمينه طلعلها صوت ، وبقت تزعق في وشي
ثم تابع ، دون أدني مُراعاه لشعورها المُتألم حينها
- أنا غلطان إني اتصلت أصلاً
ثم أغلق الهاتف في وجهها ، لتقذف هي الهاتف أرضاً وتُخبئ وجهها بين يديها وتبدأ في البُكاء ،، لم تعرف معني الألم سوي معه .. لم تتحرر دموعها داخل بريقها الزُجاجي سوي معه ، لم تعرف طعماً للإشتياق والقـهر سوي معه ،،أمينه التي لا يرف لها جفن ولا تسقط دمعه من عيونها إلا عندما يموت أحداً ، الأن تتساقط دموعها بلا رقيـب ،، ليُصبح بُكاءها شيئاً مألوفاً .. يجب التعود عليـه
،،،،،
إبتسم بشـر ، وهو يزفر بتمهُل ، لقد حققَ ما أراد .. بالرغم من فـرط الألم الذي يأكل روحـه الأن إلا أن يشعُر أنه إنتقـام لكـرامته ، يتذكر هو في الأشهر قـبل وفاتها كيـف أصبحت مُعاملتها جافه .. لا ترد علي هاتفها حينما يتصل ،، تتجاهل رسائله ، إنتابه الغيـظ ، لأول مرهٍ يشعـر بالقِله ومن أقرب الناس لقلبه !!
قتلـها كانت كالمياه التي أطفئت ناره ، وعززت كرامته من جديد مُتجاهلاً كمـيه المُعاناه التي سيلقاها من الألم أو السـجن
،،،،،،،،،
كان شريف يُلملم أشياءه وعلي وشك مُغادره العمل ، وعلي حين غُرهٍ وجد سيف بمنتصف مكتبه .. فتركَ ما بيده وإلتفت إلي سيف بإبتسامه بلاستيكيه هاتفاً بترحيـب زائف
- أهلاً أهلاً سياده النقيب ، أي رياحٍ أتت بكَ إلي هنا ؟!
لاحت إبتسامه سُخريه علي جانب فم سيف ، ليُردف بعـدها بحـده مُقترباً من صاحب أعين الصقر أمامه
- هو أنا مش حذرتك قبل كده متهوبش ناحيه أي حاجه تخصني !
قطب شريف حاجبيه في تفكيـر ، يحاول معرفه ما يتحدث عنه الماثل بغضبٍ أمامه ، وتحدث بحنق عاقداً ذراعيه لصـدره مُستفهماً
- إنت عايز تقول إيه ... لأني مش فاهم حاجه خالص ؟
حلت القتامه لتغزو مُقلتيه ، وهو يهتف بغضب مُمسكاً شريـف من تلابيب قميصه ، موجهاً الهاتفه أمام عينيه
- إنت اللي بعت الرساله والصوره دي لمراتي صح!؟
إتسعت عينا شريف ،، ليُحيب بصدمه ، وهو يُزيح يدي سيف من علي ملابسه
- لا مش أنا .. أنا مش بتاع الحركات القذره دي
أشار سيف بسبباته مُحذراً إياه ، وتحدث من بين أسنانه
- لو عرفت إن ليك علاقه بأي حاجه بتحصل أو هتحصل ،، مش هيكفيني فيك إعدام
ثم إختفي مُسرعاً من المكتب ، بينما وقف شريـف مشدوهاً مما حدث لتفوه ، لكن ما لبِث إلا أن إنفرجت شفتاه بإبتسامه ماكره وهو يخط داخل ورقه عده كلمات كونت جُمله رئيسيه " تهديدات من القاتل "
،،،،،،،،،،،
- أسامه أنا مش هفضل قاعده هنا ، ومش عارفه حاجه عن قضيه بنتي .. أنا هنزل مصر
صرخت بها إيمان وهي تطرق بيدها علي مكتب أسامه ، الذي نهض بدوره وأردف بهدوء مُصطنع
- إهدي .. مش هينفع ننزل دلوقتي
أردفت بغضب
- ليه؟!
عقد ذراعيه ، وأجاب بنبـره بارده مُعتاده
- عشان عندي شُغل ، ومش فاضي للكلام ده .. هي خلاص ماتت هنعمل إيه بالقاتل
سُرعان ما تجمعت الدموع في مُقلتي إيمان ، التي إنهارت أرضاً ما إن سمعت حديثه ،هدرت بقهر وحسره لا تُضاهي قلبها المكلوم
- حسبي الله ونعم الوكيـل فيك ، أنا غلطت من الأول إني سمعت كلامك
ثُم نهضت ، وإستعاد رباط جأشها المُبعثر ، وتحدثت بصُراخ يشوبه التهديد.. والدموع تُغرق وجهها
- بُص يا أسامه ، أنا هسافـر مصر يعني هسافـر .. حتي لو لوحدي ،، وخليك إنت هنا فـ شغلك اللي خلاك تبقي واحد تاني
ثم رمقته بإستحقار ، وهي تُتمتم بصوت سمعه
- والله أنا شاكه فيك إنت يا أسامه !
هزَّ كتفيه بلا مُبالاه ، ثُم عاد لأوراقه مُنكباً كما كان
،،،،،،،
بعد مرور إسبوع
كانت ترتدي فستانها الأبيض ، مُرصعاً باللألئ بمنكقه الصدر ، ثم تتدحرج الفراشات البيضاء في خطوطٍ متوازيه لأسفل ،، تنظر لنفسها في المرآه .. فرحه هي قلبها يكاد يخرُج من بين ضلوعها ، لكنّ تلك الغُصه التي إنتابتها إثر طريقه الزواج ، تجعل قلبها يئن ،، توقعت ما هو أفضل ليس بغرض حمايتها فقط ، بل لأنه يُريد ذلك ليس مُرغماً
كانت أمينه في قمه سعادتها الآن ، علي الؤغم من حُزنها لمُغادره شقيقتها المنـزل ، إلا أنها سعدت لزواجها ممن تُحب .. إستغربت كثيراً كيف لم تُفكر بنائل الأن ، حُزنها فقط لمغادره أختها ، ليس لشجارها معه .. أدركت الآن أنه خرجَ من قلبها تماماً .. ولن يعود ...
يتيع...
أنت تقرأ
" جريمه علي قيد حُبك " .. بقلم سارة عاصم....
Romanceإنهارت الحصون , وتبدلت الأقدار .. وتحدث الموت آسفاً ,بالعدل أعظم .. والشرف أبقي ,, والقصاص أحكًم إستمدت قوتها من ربيعها,, وقفت كـ الفولاذٍ امام ماضٍ سرمدي لا يعنيها ,, رياح عاتيه أثقلت بهم لكنّ القـدر يتلاعب قدر ماشاء علي هواده ,, وتُنفذ القرارات...