سيبحر الغد و ستمضي الساعة و ستتسرب من بين يدينا الأحداث ، لا شيء بامكانه ايقاف الماضي عن التوغل في تصرفاتنا و أفكارنا و حتى أشخاصنا المفضلين ..
المطر ليس مطراً بحد ذاته ، انه أنفاسنا التي حبسناها أملاً في العثور على غدٍ أفضل .
لكن لا نعيش و نتوقف عن كوننا نحن ، نُأجل ذواتنا أملاً بالحصول على فرصة بلا ضغوطات .. بلا كذب .
لكن مجدداً يتسرب كل شيء ولا يبقى لنا سوا ثاني اكسيد الكربون ليخنق آمالنا و أحلامنا.في غرفة كريستيل ذات الانارة الخافتة ، صوتُ طرقٍ على الباب .. لابد أنه جاد .
فتحت الباب فتحة صغيرة يظهر بها نصف وجهها و حسب ( لنتحدث في الخارج )
فهم جاد مخاوفها و اصطحبها حتى غرفة الجلوس حيث كانت سارا هناك تُدخن الماريجوانا و تتناول الخمر كأنه وجبة طعامٍ دسمة ، كان كفيلاً بجعلها تنام على طاولة الطعام كمتشرد .
نظر جاد الى كريستيل بعد أن جلس على الأريكة ، نظرته كانت خليطاً بين ابتسامة و بين ملامح شخص مستعد للبكاء بشراهة و كأنه البكاء كل ماتبقى له .. توقف عن النظر اليها و جمع يديه و قال بصوت متقطع ( كيف عرفتِ بحادثة الاغتصاب ؟ )
كريستيل ببرود و هي تنظر الى داخل عينيه ( لقد حلمت .. ) صمتت لوهلة .. ( أعلم انه يبدو أمراً جنونياً أن أحلم بأشياء تخص مايا ، الأمر برمته غريب لكنك للتو أثبت انه حقيقة )
أخذ جاد يمسح حاجبيه بيديه بتوتر و قال كمن لا يمكن أن يصدق ( كيف ؟ كيف تستطيع أحلامك أن تخبرك بأشياء حدثت في الماضي .. لستُ أفهم ، كيف يمكن أن يحدث هذا على أرض الواقع ! )
امتلأت عيني كريستيل بالدموع لكنها رفعت وجهها في محاولة لاعادة الدموع للمحاجر ( انني أعجز عن الفهم ، أرى مايا في كل شيء و على المرايا .. ماهي صلتي ولماذا أشعر بالألم عندما نتحدث عن هذا الموضوع ) تبدلت ملامحها و نظرت اليه ببرود ( لماذا يجب علي أن أخبرك بأي شي على كل حال ؟ انت مغتصب ..)
قاطعها جاد قبل أن تكمل ( لقد كان حباً من طرفٍ واحد )
( لهذا اغتصبتها ؟ )
نظر اليها جاد بحزن ( لم اغتصب مايا حتى .. )
( لماذا رأيتك في حلمي اذن ؟؟ )
قال جاد بيأس ( كريس انظري ماهي الأحلام ؟ فكري معي بمنطقية ! أنا اعتقد بأن حلمك بالواقع هو أمر غريب ، لكنها ليست كما تعتقدين .. لقد خلقتِ هذه الفكرة عني لا أعلم لماذا قد تعتقد مايا .. ) صمت جاد لوهلة .. و نظر الى كريستيل بغرابة ( هل كنتِ على علاقة وطيدة بمايا ؟ )
تضع كريستيل يديها على رأسها ( الكثير من المعلومات سيتسبب لي بصداعٍ مهلك ، أعني ربما ؟ لا أعلم ربما قبل أن أفقد الذاكرة ؟ )التفت جاد لناحية اخرى ( كيف ؟ لم تغادر مايا البلدة ابداً .. لقد كنا جيران لا يمكن )
( قلت لي بأنها اختفت قبل ذلك ، كم مر على اختفاءها ؟ )
نظر جاد الى كريستيل و كأنه حزر شيئاً ( عام و سبعة أشهر ، عام و سبعة أشهر كفيلة لأن تتكون بينكما علاقة وطيدة ، و حلمك كان مثلما أخبرتك مايا ربما .. )
( لماذا قد تخبرني مايا بأنك انت من اغتصبها ؟ لماذا قد تكذب مايا ؟ )
جاد بحيرة ( هناك الكثير من الأشياء لا تعرفينها عني و لكنني قطعاً لستُ شخصاً يقوم بالاغتصاب ..) صمت لوهلة ( ربما تسببت بذلك .. )
( مالذي يعنيه هذا ؟ )
( لستُ أحاول التملص من عملية الاغتصاب هذه ولكن ربما كان لي علاقة بحدوثها .. لقد كنت أحب مايا أجل ولكنها كانت ترانؤ صديقها المفضل .. أعني كانت علاقة صداقة لا محدودة .. )
قاطعته ( لا محدودة ؟؟؟ )
نظر اليها جاد باحراجٍ شديد ( لا أرغب حقاً في أن تحكمي علي لكننا كنا نجرب بعض الأمور ذلك مادفعني للتعلق بها .. .. فيما بعد تقدم لها رجل أعمال سحمل اصولاً بمنطقتنا تلك ، مايا لا تريد الارتباط .. انها شخص ينزعج من القيود لذلك كانت تهرع الي في كل مرة تضغط عليها والدتها للارتباط به ، بدأت مايا تتخلف عن لقاءاتنا تدريجياً ، أصبحت رؤيتها أمراً نادراً حتى صديقاتها .. لابد أنها تعرضت للضرب من والدتها .. و فيما بعد ،)
نظر جاد الى كريستيل التي أخذت تنزف الدم من أنفها و تتشنج بصورة مرعبة ..
وضعها جاد على جانبها ليتخلص من اللعاب الصادر من فمها ليساعدها على التنفس و اخذ يمسح الدماء من أنفها حتى هدأت نوبة كريستيل .

أنت تقرأ
Brain
Science Fiction" من نحن ؟ و لماذا نتشبث دائماً بمعرفة الحقائق التي قد تزيدنا جهلاً بذواتنا ..؟ " كريستيل ديماركوس تبحث عن ذاتها بعد أن فقدت الذاكرة اثر حادث سير ، و بعد أن وصلها طرد من شخص مجهول تقرر التوغل في عالم الحقيقة من خلال لعبة العقل .