" المقبرة ٢ "

106 11 0
                                    

امتلأت المقبرة بروائح الجلد المتقيح و العفن جراء فتح صناديق الجثث ..
جثة امرأة عجوز ترتدي اساور ذهبية و قرط واحد فقط ، جثة لمراهق في الخامسة عشر يحمل ملامح مشوهة و ابهامه قد جُز .. جثة امرأة بطنها مجوف و كأن أحدهم قد انتزع الطفل الذي كانت تحملهُ عنوة ، جثة لشاب ثري يرتدي بدلة ناعمة ذات لون قرمزيِ لكن جثته لم تحمل أي خدوش أو اصابات ماعدا خدش بسيط في باطن اليد ، جثة طفلة في الرابعة من عمرها كانت بلا جروح أو خدوش لكن بشرتها كانت تميل للإصفرار ، أما الصندوق السابع كان فارغاً .


اخذت سارا تتقيأ في زاوية المقبرة نظراً لما رأت ( اللعنة ! لا يمكن أن يكون الوضع اسوأ من هذا )
اخذ بوزنوكوف يتفحص الجثث ، نهضت أنيتا و هي تنظر الى الجثث حولها و في عقلها صورة جثة طفلة صغيرة لا تنفك عن محاصرتها .. تظن أنها تسيطر على زمام الأمور و لكنها لا تفعل ، تحاصر ذهنها بشرة طفلة ملطخة بدمائها .. عينيها مفتوحتين لكن بلا حراك و بلا روح .. شفتيها جافتين و منكمشتين ، العروق تمتد عبر بشرتها الباردة ..
تنبه ساولو لأنيتا التي سرحت بتفكيرها بعيداً ( أتثير بكِ الجثث احاسيس مزعجة ؟ )
تقدمت أنيتا تتفحص جثة الشاب الأشقر ( لا .. لقد اعتدت على الأمر ، لكن في ذات الوقت فقدت احساسي بالأمان )
يتفحص بوزنوكوف أصابع الجثة و يدخل معهما في النقاش ( الأمان ؟ لقد نسيت كيف كنت أشعر بالأمان )
نظرت اليها أنيتا لمحة باهتة ( اتقصد منذ دخلت بيكا الى حياتك )

نظر اليها بوزنوكوف بخوف و جبينه يتصبب عرقاً ، ثم مسح عن جبينه بمعصمه نظراً لارتدائه القفاز البلاستيكي ثم قال بهدوء ( عظمة اليد مكسورة و انظري عنا من ناحية الفخذ هناك تهشم في عظمته )
ابتسم ساولو و قال ساخراً ( كيف استطعت معرفة ذلك ؟ هل أنت أشعة سينية ؟ )
تحسست أنيتا الجثة ( بوزنوكوف محق ، تستطيع تمييز ذلك من خلال تحسس قدم الجثة و يديها .. جرب ذلك ! )

تقدمت اليهم كريستيل ( مالجديد ؟ )

احضر بوزنوكوف الوعاء البلاستيكي الذي يحمل مفتاح السيارة ( ماذا الآن ؟ )
( سنضعه مع الجثة و نقوم بدفنها ) قالت ذلك أنيتا ..
وضعوا الوعاء بجانب جثة الشاب و وضعوا الصندوق بالحفرة التي صنعوها تحت الشاهد الذي يحمل اسم غابي مارتن و نظراً لعمر الجثة فقد قدروها حسب الشاهد عام ١٩٩٧ - ٢٠٢٢ م .

الجثة الأخرى جثة المرأة العجوز .. نظرت اليها كريستيل ( اعتقد أنها مريضة ، ذلك ماقتلها )
قالت بيكي بتعجب ( لماذا هذا الوعاء يحمل صورتها ؟ )
توجهت أنيتا نحو جثة الشاب الثري ( شكراً بيكي لذكرك أمر الصورة .. اعتقد أن هاتان الجثتان مرتبطتان ، كمان أن هناك شاهدان يحملان اسم العائلو نفسه )
قال بوزنوكوف ( اذاً فقد قتلت هذه العجوز هذا الشاب .. ثم انتحرت باستخدام الأدوية )
قالت سارا و هي تجلس بعيداً عنهم ( ربما كان العكس ! )
ابتسم بوزنوكوف و أشار للجميع نحو رقبة الجثة ( جثة الشاب تحمل أثراً على الرقبة .. ربما حصل على الخدش اثناء شجاره مع العجوز و ذلك يُفسر وجود قرطٍ واحد على احدى اذني العجوز ، بعد قتله انتحرت باستخدام الأدوية )
( همم تحليل منطقي ) قال ذلك جاد و هو يحمل الجرافة ليبدأ الدفن .

Brainحيث تعيش القصص. اكتشف الآن