عشرون عاماً مرت على الكارثة ..
انتهت و لا زالت آثارها ..
تمكن الأب من إعادة اثنين من أبنائه لحضنه , بفعل المال , بينما المغدور ظل وحيدا ..
عائلة مهدي الراجحي ..
تشهد اليوم الحدث الأكثر كارثية بين كل ما جرى معهم ..
تنهدت بتعب , بعد أن أنهت كل آثار المتوافدون للعزاء , أمسكت ظهرها بألم تتوجه إلى الغرفة المشتركة للجين و لمياء , لترى كل منهما تستلقي على سريرها منهكة , خائرة القوى ..
و قد قصمت الكارثة الأخيرة ظهورهم كلهم ..
ذهب السند الأخير ..
أغلقت الباب دون أن تقول شيئا لهما , متعبة للنقاش ..
ها قد انتهى الأربعون يوما المتعارف عليها ..
ماذا بعد .. هل من مزيد ..
لحق والدها بأمها التي انهارت بعد الكارثة الأولى و توفيت بأثر أزمة قلبية حادة , لتترك المهدي وحده مع ثلاثة بنات ..
بل أربعة ..
فالكبرى نجت من الكارثة .. نجت لتموت بعد أشهر .. أثناء الولادة !
الولادة ؟
*أمجد !
قفزت عن سريرها الذي بالكاد استلقت عليه و ركضت لغرفته ..
ابن المصيبة كما سموه بالبداية , قبل أن يتعلقن به ..
البالغ من العمر تسعة عشر سنة , نظر لها مبتسما .. ليهمهم بكلمات غير مفهومة , فاقتربت على الفور تأخذه على صدرها
*آسفة .. آسفة أني أهملتك ..
قبلت جبينه , و هو على حاله يهمهم دون أن ينطق , بينما الشيء الوحيد الذي يتحرك منه هو عنقه ...
و أحيانا حركات لا إرادية من باقي أطرافه , أشياء قليلة الحدوث ..
فالشاب الذي ولد مختلا بينما وجهه كالبدر , خلق بشلل شبه كامل , و تخلف عقلي و ذلك بسبب ما تعرضت له سمر حين طعنت نفسها و خسرت الكثير من دمائها .. كانت نتيجته هذا الطفل الذي لا ذنب له ..
و لم يكن المهدي ليحمل ذنب قتل الطفل , بل و كل أمره لله و اعتنى به و بذل لأجله الكثير , حتى فقد الأمل ..
فأصبحن بناته .. خالاته .. بمقام أمه التي لم تحتمل الإنجاب و سلمت روحها متأخرة تسعة أشهر ..
*بماذا أساعدك ؟
سمعت همس لجين التي جاءت معتذرة
*آسفة , غفلت قليلا , لكن لم أكن لأنام دون أن أرى إن كان يحتاج شيئا ..
*لا عليك ..
همست لمياء بتسامح , ترمق أختها المرهقة بتعاطف , و قد بدا عليها الإرهاق والتعب
أنت تقرأ
عادوا عاشقين
Romanceحين نتوه في دوامة العادات .. نضيع ولا نعرف طريقا للرجوع .. حين يصدق عقلنا ما سمعه ورآه .. لننسى ان الحقائق حقا .. حتى لو رأيناها قد تكوت كاذبة ..