البارت الثاني عشر

584 25 3
                                    

لم يفق شيومين من مفاجأته حتى ابتعدت عنه جانغ مي وهي تخفي وجهها المحمر بسبب الدموع والإحراج من تصرفها.
"توقف عن الرقص أيها القلب الأحمق"
أخذت جانغ مي تمسح دموعها بكفيها وهي تبتسم وتردد: " يا لي من فتاة بكاءة! لم لا تتوقف هذه الدموع؟" رفعت رأسها وهي ترسم ابتسامة سعيدة على وجهها. كابتسامة طفل بريء.
"لسنا في سباق يا قلبي توقف!"
ثم حاولت أن توضح سبب تصرفها:
- في الحقيقة لهذا السبب أردت لقاءك سيدي.
لم يفهم شيومين ما قصدته بقولها: "إنقاذ حياتها" وعلى أي شيء تشكره بالضبط؟
- على كل، لا يهم الآن. اعتذر بصدق لأنني كنت السبب في تخريب خطتكم للانتقام. يبدو أنني قصدت خيرا ففعلت شرا.
- ما الذي تقصدينه آنستي؟ سألتها كوتشي بفضول.
أخبرتهم جانغ مي كيف انتهى بها الأمر في جناح إن ها بدلا عنها. واعتذرت مجددا قائلة بطريقة مرحة وساخرة:
- لو كنت أعلم أن هناك خطة انتقام تحاك في الخفاء لما اقترحت على السيدة إن ها المساعدة. وضحكت بمرح.
ضحك الثلاثة معها بإحراج. ليتحدث بعدها شيومين بجدية:
- رغم كل هذا، لازلت عند وعدي يا آنسة. سأرافقك لتفسير كل شيء لخطيبك وعائلتك وعائلة خطيبك كذلك.
- لا! لا! ما من داع أبدا. سارعت جانغ مي بالرفض وهي تلوح بيديها. سيكون كل شيء على ما يرام. ثقوا بي.
استغرب شيومين رفضها الشديد لكنه لم يرغب بالضغط عليها لذا اكتفى بالنزول عند رغبتها وأضاف أخيرا:
- أخبريني إذن كيف يمكنني مساعدتك؟
رفعت جانغ مي طرفي ثوب الزفاف الذي كانت ترتديه وقالت بأسلوب مرح:
- في الحقيقة، أحدهم قام باختطافي -وأشارت بعيونها إلى تاو-  و لم يخبرني، لذلك لم أحضر معي حقيبتي أو محفظة أموالي. كما لا يمكنني السير في الشارع بهذا الثوب. -على ما أظن- ومدت شفاهها بطريقة لطيفة. انفجر الثلاثة ضاحكين على طريقتها في الكلام. لتنضم إليهم هي الأخرى وتضحك بخفة. طلب شيومين من كوتشي أن تجهز للآنسة ثيابا نظيفة وجديدة فغادرت من فورها لإحضارها. وطلب من تاو تجهيز السيارة ليوصل الآنسة. لكن جانغ مي رفضت ذلك وطلبت منهم أن يساعدوها باستئجار سيارة أجرة. أمام إلحاحها الغريب أشار شيومين لتاو بأن يفعل ما تطلبه الفتاة. بقي الاثنان وحدهما في قاعة الجلوس. واقفين... بينهما بعض السنتيمترات... شعر الاثنان بحرارة الجو المحيط بهما فاقترحا الجلوس في نفس الوقت. ضحكا على هذه المصادفة الطريفة. وجلسا هناك ينتظران في صمت. بعد دقائق تكلمت جانغ مي بنبرة ملؤها المشاعر مخاطبة شيومين:
- أعتذر عما سأقوله الآن... لا أعرف ما مررت به سيدي. لكني أحس أن من واجبي أن أخبرك هذا. نظر إليها شيومين مستغربا فأضافت بشجاعة:
- إن ها كانت سعيدة جدا يوم زفافها. كانت جميلة جدا بسعادتها تلك. لابد أنها كانت تحبه بصدق. اعتذر مجددا! وأحنت رأسها معتذرة. تنهد شيومين وهو يرمي بظهره على الأريكة بفوضوية وتمتم قائلا: " أجل لابد أنها كانت كذلك!"
غيرت جانغ مي ثوبها إلى الثياب التي ابتاعتها لها كوتشي. تركت ثوب زفافها هناك في الغرفة على السرير وفكرت بينما تنظر إليه:"جميل لولا أن ذكرياته بشعة" خرجت لتجد الثلاثة ينتظرونها بابتسامة. كانت سيارة الأجرة في انتظارها في الخارج. شكرتهم جانغ مي بدعابة مرة أخرى:
- شكرا لكم! لقد كنتم ألطف مختطفين قد يلتقيهم أي شخص في هذا العالم. وضحك الجميع. ركبت في السيارة. وأعطت وجهتها للسائق. انطلقت السيارة مبتعدة عن ذلك المكان المنعزل وسط أشجار كثيفة. بقيت جانغ مي تنظر إليهم حتى اختفوا عن ناظريها...
- نحن لا نعرف اسمها حتى! قال تاو وقد لاحظ أخيرا أنهم لم يسألوها عن اسمها.
- تلك مهمتك القادمة. أجابه شيومين وهو ينظر ناحية الطريق الذي سلكته سيارة الأجرة آخذة هذا الكائن الغريب بعيدا.* وأرجو ألا تفشل فيها.* أضاف قبل أن يضع يديه في جيوب سرواله ويدخل إلى المنزل. ابتسمت كوتشي وهي تحاول إخفاء ضحكتها وتبعت شيومين إلى الداخل.
- يااا! كوتشي~اا!  لقد رأيتك. هل تضحكين علي؟ تعالي إلى هنا. صرخ تاو وهو يتبعهما إلى الداخل.
بوصولها إلى مبنى شقتها توقعت أن تجد تاي غوك هناك ينتظر هو أو أحد رجاله. لابد أنه غاضب جدا. لابد أنه يظنها قد فرت. ترى ماذا حدث في محاكمة شقيقيها؟ نزلت من السيارة بعدما شكرت السائق. وما إن حطت بقدميها على الأرض حتى دب الخوف في أوصالها. لقد عادت وحيدة مجددا. ستواجه كل شيء وحدها. للحظات تمنت لو لاتزال مخطوفة. للحظات تمنت لو لا تزال تحدق بذاك الوجه اللطيف... سرحت قليلا وهي تستذكر الدقائق المعدودة التي قضتها مع شيومين. لتضحك بسخرية عندما تذكرت أن لا أحد منهم سأل الآخر عن اسمه. هزت رأسها يمينا ويسارا لتبعد هذه الخيالات. وتنفست بعمق وصعدت نحو شقتها. ستواجه الحياة بكل ما لديها. ولم تدرك أن زوجا من العيون كانا يراقبانها من زاوية قريبة...
استغربت جانغ مي الهدوء المحيط بالمكان، باب شقتها كان مفتوحا. دخلت فوجدتها مقلوبة رأسا على عقب. يبدو كأن إعصارا قد مر من هنا. أوصدت الباب بإحكام. وصارت ترتب المكان. حاولت قدر الإمكان استعادة ما يمكن استعادته. بعض الأشياء كانت مكسورة بالفعل لكن غالبية الأثاث كان سليما. رفعت الكتب المرمية على الأرض وأعادتها على رفوف خزانة الحائط. نفضت الغبار عن الزهور الملقاة أرضا وأعادتها إلى مزهرياتها. مرت قرابة الساعة وهي ترتب الفوضى التي كانت تغلف شقتها. صارت تشبه المأوى الآن...
وضعت رأسها على وسادة مربعة من وسائد الأريكة وأغمضت عينيها لتسترسل في نوم أرادته عميقا.  لكن ما إن غفت حتى دوى طرق عنيف على باب شقتها جعلها تقفز فزعة من مكانها. لم يكتف الطارق بالضرب على الباب، بل صار يصرخ باسم جانغ مي طالبا منها الخروج. اشتدت ضربات قلب جانغ مي. لم تدر ما يمكنها فعله: ماذا لو اقتحم عليها رجال تاي غوك المنزل واقتادوها إليه؟ ماذا لو جاء تاي غوك إليها هنا؟ بمجرد تذكرها لنظراته الباردة اقشعر بدنها. لم تأت بأي حركة خوفا من أن يسمعها الرجال الواقفون خارجا. سمعت أحدهم يخاطب البقية:
- هل أنت متأكد من أنك رأيتها بوضوح؟
- أجل هيونغنيم! ( =أخي الأكبر بصيغة محترمة).  أنا متأكد من ذلك.
توجه الرجل بالحديث إلى جانغ مي:
- أنا أعرف أنك هنا فعلا. يمكنك البقاء مختبأة حتى يعود السيد تاي غوك من سفره. وأعدك أنك ستدفعين ثمن اختفاءك ليومين كاملين.
اتسعت عيون جانغ مي وهي تسمع كلماته الأخيرة. "ماذا؟ يومان كاملان؟ هل بقيت في ذاك المكان يومين كاملين؟" لم تتوقف كثيرا عند هذه الجزئية فقد سمعت أحد الرجال  يخاطب من هم أقل درجة منه طالبا منهم إحضار من يفتح لهم باب الشقة. بينما أمر رجالا آخرين بالوقوف أمام باب الشقة وحراستها. تملكها الرعب وأسرعت نحو الهاتف تلقائيا تحاول الاتصال بالشرطة. لكن، لا حرارة في السماعة! لقد قاموا بقطع أسلاك الهاتف عن شقتها. أسرعت نحو المطبخ تبحث عن أي شيء قد يساعدها في الدفاع عن نفسها. لم تجد غير المقلاة! حملتها واختبأت خلف باب المطبخ بينما الخوف يلعب بأعصابها! ماذا ستفعل؟
في المنزل المعزول، كانت كوتشي تحضر وجبة خفيفة من الطعام لمديرها بينما غادر تاو ليبحث في أمر العروس الخطأ. دخل شيومين إلى الغرفة التي كانت جانغ مي نائمة فيها. وجد فستان زفافها مبسوطا على السرير فجلس بجانبه وأخذ يتلمسه ويفكر في أمر تلك الفتاة:
- " ترى، أي نوع من الأشخاص أنت؟ رغم أنك كنت تمزحين وتلقين النكات وتستمرين بالضحك إلا أن عيونك كانت تشع حزنا! عيون جميلة! مضى وقت طويل منذ آخر مرة رأيت فيها عيونا بذلك الجمال.  -ضحك بخفة- ما الذي كنت تحاولين إخفاءه برفضك ذاك؟ هل ستكونين بخير؟" بقي شيومين يفكر  في أمر جانغ مي إلى أن قاطعت كوتشي خلوته:
- سيدي، الطعام جاهز.  وعادت أدراجها نحو المطبخ ليتبعها شيومين دون تأخير.
جلس لتناول الطعام ليرن هاتفه فاستخرجه مباشرة ورد على المكالمة لما رأى أن المتصل هو تاو
- أوه، تاو~يا!
أخبره تاو أن عليه المجيء فورا للعنوان الذي سيرسله إليه، تلك الفتاة ليست كما تبدو إطلاقا.
أنهى المكالمة دون أن يطلب شروحات أكثر من تاو، فإحساسه لا يخيب. سلم هاتفه لكوتشي وأخبرها أن تاو سيرسل عنوانا عليهما الذهاب إليه فورا. تبعته كوتشي دون تعليق، ركبا السيارة وغادرا نحو المدينة.
وصل شيومين بعد نصف ساعة للعنوان الذي أرسله إليه تاو فوجد هذا الأخير أمام باب المجمع السكني ينتظره. تدبر تاو أمر الحارس ودخل الثلاثة إلى المجمع بينما تاو يزود شيومين بما توصل إليه من معلومات:
- اسمها غين جانغ مي، 25 سنة. تعمل مصورة لدى جريدة يومية. هي الوسطى والبنت الوحيدة في عائلة غين سيدي. توفي والدها منذ شهر تقريبا. لديها أربعة أشقاء. اثنان منهما في السجن حاليا بتهمة الاستدانة والتهرب من الدفع. كانت محاكمتهما يوم زفافها تماما.
توقف شيومين واستدار لينظر إلى تاو:
- ما الذي تريد أن تصل إليه؟ سأله شيومين وواصل التقدم ليدخل المبنى الذي تعيش فيه جانغ مي.
- عليك أن تسألني من رفع ضدهما الدعوة؟ قال تاو مشيرا لشيومين بالصعود إلى الطابق الثاني. نظر إليه شيومين نظرة مستفهمة وطلب منه مواصلة الحديث. أراد تاو أن يكمل كلامه لكن استوقف حديثهم صوت رجالي مرتفع وجلبة قادمة من إحدى الشقق باقترابهم من الطابق الثاني. تاو الذي فهم ما يمكن أن يكون هذا الصوت صعد بسرعة إلى الأعلى ليتبعه شيومين تلقائيا. بوصولهما إلى الطابق الثاني وجدا مجموعة كبيرة من الرجال الضخام ببدلاتهم السوداء التي تدل على أنهم أفراد عصابة ما متجمعين أمام باب شقة محددة، أحد الرجال كان يحمل مطرقة ضخمة ويحاول كسر قفل الباب. قرأ تاو رقمها ليهمس لشيومين:
- إنها شقة جانغ مي سيدي!

The Wrong Bride (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن