البارت التاسع عشر

509 23 5
                                    

في قصر تاي غوك، قام هذا الأخير بجمع رجاله وأمرهم بصوت غاضب:
ـ أريد معرفة كل شيء عن ذاك الوغد حالا! لن يفلت من العقاب. من يتدبر أمر نهايته فسيـ...
جاء عندها أحد رجاله مسرعا وعلى وجهه بدت علامات الذعر.
- سيدي هناك أخبار سيئة بالفعل... قال وهو يلهث
- ما الذي تقصده؟ ما الذي حدث؟ سأله تاي غوك بقلة صبر.
- لقد اتصل رجلنا في الشرطة... وقال أن هناك مذكرة بوقفك تم إصدارها.
- ماذااا؟ صرخ تاي غوك ساخطا. ما هذا الهراء الذي تهذي به؟
- أجل سيدي. وقال أن هناك رجلا يدعى كيم مين سوك هو المسؤول عن صدورها.
- اللـ**ـة! سأقتل هذا الوغد. قال تاي غوك والسخط باد على وجهه. لقد جاء إلي بنفسه. كنت أنوي تأجيل عقابه لوقت لاحق لكنه يستعجل نهايته على يدي.
صرخ برجاله أن يخرجوا جميعا وارتمى على كرسيه ممسكا رأسه بين يديه يعتصر دماغه ليجد حلا لما يحدث. ليجد طريقة بشعة ينتقم بها من شيومين ومن جانغ مي...
- كوتشي. تحدث شيومين عبر الهاتف وهو يقود سيارته.
- نعم سيدي. ردت كوتشي على الطرف الآخر من الخط.
- فلتحجزي مطعم "شيكدانغ" الليلة.
- لشخصين فقط؟ استفسرت كوتشي.
- أجل. أجابها شيومين. و... أراد أن يكمل لكن لم يتمكن بسبب الإحراج.
- حاضر! فهمت سيدي. أجابته وأقفلت الخط.
شيومين يحب العمل مع كوتشي كثيرا. هي مثال "السكرتيرة المثالية". تفهمه دون أن يحتاج للشرح كثيرا، كما أنها لا تسأل إلا عما تحتاج معرفته. وقدرتها على قراءة تعابير الآخر ونبرة صوته مميزة تزيدها احترافية وعملية. لا يحتاج شيومين لإخبارها بالكثير لتفهم ما عليها فعله.
اتصلت كوتشي بالمطعم المقصود لتحجزه وتملي عليهم ما يجب تحضيره فهي بحدسها قد فهمت أن شيومين سيعترف لجانغ مي الليلة. بمجرد أن فرغت من ذلك حملت بعض وثائق العمل وغادرت لزيارة بعض شركائهم في جيجو. تحتاج لإنهاء ما جاءت هي وتاو لأجله إلى هنا على أكمل وجه.  في الحقيقة، العمل لم يكن سوى حجة: هي تريد الهرب من الأفكار التي تستوطن عقلها الآن. تريد الهرب من شعور الغيرة الذي يسكن قلبها في هذه اللحظة.
" متى سيحين دوري ويعرض علي ذاك الأبله الارتباط؟"
نزلت نحو مركن السيارات وهمَّت بفتح قفل سيارتها عندما سمعت صوتا مألوفا يناديها:
- كوتشي! هل أنت مشغولة؟ سألها تاو بصوت مرتفع قليلا إذْ أنه كان بعيدا عنها بمسافة.
- أجل. أجابته ببرود وهي تفتح باب السيارة.
- أوه! اكتفى بالقول وأنزل رأسه نحو الأرض. يده اليمنى في جيب سرواله الخلفي تضغط على علبة سوداءَ مكعبة الشكل مغلفة بغلاف مُخملي.  ركبت كوتشي سيارتها وهمّت بتشغيلها لكنها عادت وأطلت من نافذة السيارة لتنادي عليه:
- يمكنك مرافقتي إن لم تكن مشغولا؟
نظر نحوها وقرر أن مرافقتها أفضل من قضاء المساء بمفرده في غرفته بالفندق. ومن يدري؟ قد يتمكّن من إيجاد الفرصة المناسبة وإخبارها بما لديه...
وصل شيومين إلى الشقة في حدود الخامسة. كان كل شيء هادئا. لابد أن جانغ مي نائمة أو منغمسة في قراءة رواية ما في زاوية ما. هذا ما لاحظه شيومين عليها خلال الفترة الأخيرة التي عاشاها معا. رغم كل القلق والضغط الذي كانت تعيشه، بعض عاداتها القديمة لم تستطع الاختفاء. ابتسم شيومين وهو يتذكر كل تلك المرات التي كان يفاجؤها ويتفاجؤ هو الآخر عندما يجدها في وضعية غريبة في مكان غريب من الشقة تقرأ رواياتها. دفع باب غرفة النوم بهدوء ليجد جسمها متكورا على السرير؛ كقطّة صغيرة. لم يستطع منع نفسه من التفكير كم هذا "لطيف ^^". بوجهه المبتسم، جلس قربها على السرير. يد حانية حطت على كتفها وصارت تهزُّها برفق. استدارت فهي بالكاد كانت نائمة. رأت شيومين يبتسم لها في حُنُوّ. اعتدلت جالسة ومسحت بكفيها آثار الدموع من على خديها.
– متى ستتوقفين عن ذرف هذه الدموع الغالية؟ سألها شيومين وهو يمد يده ليمسح على وجنتيها هو الآخر.
اكتفت جانغ مي بإنزال رأسها لتستتر بخصلات شعرها كالعادة.
– ألن تخبريني هذه المرة أيضـاً ما يبكيك؟ سألها شيومين وهو يرفع ذقنها لتتقابل نظراتهما مجددا.
ما الذي عليها إخباره به؟ أنها شعرت بالغيرة من إن ها؟ أنها شعرت أنها تفقد ما لم يكن يوماً ملكها؟ ما الذي عليها إخباره به بالضبط؟ كيف أنها واقعة في حبه وهو لا يلقي لمشاعرها بالا؟ كيف صارت تتمنى لو أن تاي غوك يبقى يهددها كي تظل بجانبه؟ هل تخبره بأحلامها الوردية التي يستوطنها شيومين كل ليلة؟ كيف تستذكر قبلاته المعدودة ولمساته القليلة قبل النوم؟ ما الذي ستخبره به بحق الخالق؟ أنزلت رأسها مجددا، مثقلة بأفكارها ومشاعرها وآلامها...
بحث مجددا عن نظراتها يريد أن يقرأ ما تقوله عيناها. عبثاً. أمسك يديها الصغيرتين بين يديه، وضغط عليهما برفق وهو ينظر إليهما. ليقول دون أن يرفع عينيه:
- ألن تسأليني عما دار بيني وبين إن ها؟
أحست جانغ مي بقلبها يعتصر داخل صدرها في تلك اللحظة. تريد أن تعرف وفي نفس الوقت خائفة جدا مما قد تعرفه. قبل أن تستطيع التفوه بأي كلمة، سبقها شيومين والابتسامة على وجهه:
- على كل، أريد دعوتك على العشاء الليلة. في كل مرة أردت فعل ذلك حدث شيء ما منعنا. هل تقبلين دعوتي؟ قال وهو يشدد قبضته على يديها الصغيرتين لتتسلل رجفة لذيذة جعلت شعر قفاها يقف. نظرت نحوه لتجد عينيه تبتسمان بعطف، وشيء آخر لم تعرف ما هو؟
- ام! اكتفت بالهمهمة والإيماء برأسها دليلا على موافقتها.
- سأكون خارجا بينما تجهزين نفسك، اتفقنا؟ طلب منها وهو يتهيأ للوقوف والمغادرة.
- ام! همهمت جانغ مي مرة أخرى وعيناها تتبعان ظل ذاك الرجل الذي يغادر الغرفة ويقفل الباب خلفه.
لم تستغرق جانغ مي الكثير من الوقت لتتجهز. ورغم ذلك حرصت على الظهور بأبهى حلة أمام "زوجها". قد تكون هذه آخر فرصة لبناء بعض الذكريات معه. ارتدت ثوبا زهريا متوسط الطول يغطي ركبتيها دون ساقيها. جلست لتضع بعض لمسات مساحيق التجميل على وجهها. لم تحتج الكثير، فقط ركزت على إخفاء آثار البكاء. انتهت بسرعة بعدما صففت شعرها بشكل عشوائي ولكن أنيق. همت بالوقوف عندما جذبت قنينة العطر انتباهها. ترددت قليلا: هل تضع منه؟ أغمضت عينيها وبسرعة وضعت منه على جانبي عنقها وخلف أذنيها.
لأن ثوبها مصمم دون ذراعين والجو بارد قليلا في هذا الوقت من السنة فقد ارتدت فوقه كنزة قطنية قصيرة موحدة اللون. انتعلت كعبها العالي ذا اللون الأرجواني. وعلقت حقيبتها البنية الصغيرة على كتفها لتلقي نظرة أخيرة على انعكاسها في المرآة: بسرعة تصاعد اللون الأحمر إلى وجهها. حاولت تنظيم أنفاسها، شهيق - زفير، شهيــــــــق - زفيـــــــر. هي مستعدة الآن.

The Wrong Bride (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن