البارت الثامن عشر

503 19 3
                                    

- أنا هنا. قال شيومين وهو يجلس على الكرسي المقابل لها.
عقدت الدهشة لسان جانغ مي ولم تعرف ماذا يحصل. سألته بصوت منخفض ونبرة متقطعة:
- ما...ما الذي تفعله؟
نظر شيومين نحوها بابتسامته المطمئنة وقال:
- ثقي بي! وبسرعة أخذ ملفها وملفه وسلمهما للموظف. في الوقت الذي كان شيومين يتم إجراءات الزواج، كانت جانغ مي متجمدة في مكانها من الدهشة. لدرجة أنه لما طلب منها الموظف أن تبصم على دفتر الزواج لم تعي ما طلبه منها. فما كان من شيومين إلا أن يحمل يدها بنفسه ويجعلها تبصم. بانتهاء الإجراءات الإدارية التي لم تدم طويلا، استخرج شيومين من جيب سترته علبة صغيرة مخملية في اللون الأزرق الداكن. فتحها وكشف عن خاتمين من الذهب الأبيض.
- هـ...ذا...! قالت جانغ مي في ذهول ولم تستطع إكمال جملتها.
برؤيته لذهولها هذا، ألبسها الخاتم ولبس خاتمه بنفسه دون أن ينتظرها لتفعل ذلك. ووقف ليقول:
- انتهى الأمر الآن! وأمسك يد جانغ مي الضائعة ليجرها خلفه. فجأة توقف واستدار نحو الموظف:
- هل يمكن أن أطلب منك طلبا؟ أريد نسخة عن عقد زواجنا لو سمحت.
ابتسم الموظف وقام بنسخ واحدة له. شكره شيومين وخرجا ليجدا تاي غوك يبحث عن جانغ مي. أمسك شيومين بيدها وشبك أصابعه بأصابعها وتقدم منه ليقول بتحدي:
- أرني الآن كيف ستتزوج زوجة رجل آخر. ورفع يديهما المتشابكتين أمام وجه تاي ليريه خاتميهما. ثم وضع له نسخة من عقد زواجهما في جيبه وأخذ جانغ مي خلفه وغادرا.
"وقعت في الحب..." 💓
كان شيومين يجر جانغ مي خلفه وهي تتبعه كطفل صغير يتبع والدته. يده شدت بقوة على يدها. استمرت بتأمل ما ظهر من ملامحه وهي تسير خلفه: بشرته شديدة الصفاء، عيناه حادتان ولامعتان. حاجباه دقيقان. وأنفه الصغير محدد بدقة. وجهه مستدير كوجه قط صغير. هذا الرجل لا يكبر أبدا! ملامحه تظهره بعمر أقل من عمره رغم أنها تتذكر أنها قرأت عنه في مجلة ما: لقد تجاوز الثلاثين بالفعل. كيف جمع القدر دربيهما يا ترى؟ هل هذا حلم؟ هل تزوجها الآن؟ لماذا؟ ابتسمت بدفء وقررت ألا ترهق عقلها بالتساؤلات. هي وقعت له بالفعل. تعشقه ويمكنها القول أنها تعشقه بجنون. وأيا ما كان سبب زواجه منها فهي لا تهتم. ستحتفظ بحبه مدفونا في قلبها. "آمنا". تاي غوك ما عاد يخيفها. ليست وحدها بعد الآن. فهذا الذي يسير أمامها يكون "زوجها"
تاي غوك لم يفهم شيئا مما حدث للتو. توقف عقله عن العمل كما توقف عالمه عن الدوران في هذه اللحظات: " هل سخرت منه هذه المرأة مجددا؟ هل أهانته مجددا؟ لم يسبق لأي امرأة أن أهانته. فكيف بحشرة عفنة كهذه الجانغ مي أن تهينه. ليس مرة واحدة بل مرتين." اعتلاه غضب حارق وأحس بدمه يتبخر من شرايينه. اقترب منه أحد رجاله وأراد فتح فمه ليقول شيئا فوجد قبضة تاي غوك تحطم له أسنانه. لم يكتف بذلك بل انقض عليه يصب عليه جام غضبه. لم يتوقف إلا بعدما تعب من لكمه. ثم تمتم بصوت مسموع:
- لم ينته الأمر أيتها العـ***ة! كل شيء سيبدأ الآن. قال وهو يبصق ما تجمع في فمه من لعاب. وقف بعدها وعدل سترته وغادر ليغادر خلفه رجاله...
عادا للشقة بنفس الصمت الذي رافقهما في رحلة ذهابهما. وقفا مقابلين بعضهما عند مدخل الشقة. شيومين يعرف أن ما يفعله مع هذه الفتاة ليس بدافع الامتنان أو الشفقة. يعرف أن قلبه الذي يتخبط بعشوائية عندما يقترب منها أو يشم عبقها ليس ملكه بعد الآن. لكن، لكن "يبدو أنه تسرع". هذا ما كان يفكر به. أحس أنه استغل ضعفها وحاجتها لسند يبقيها واقفة على قدميها. عليه أن يريحها من هذا الثقل. بصوته الهاديء حدثها مبينا لها أنه تزوجها فقط لكي يتوقف تاي غوك عن مطالبتها بذلك ويعرف أنها ليست بمفردها.
أحست جانغ مي بقلبها يعتصر في تلك اللحظة. "هل كان عليك قول ذلك! أعرفه تماما"
رغم حزنها لكنها نجحت في رسم ابتسامة على ثغرها واحتضنته ممتنة:
- أعرف. ليس عليك أن تشرح أي شيء. أفهم تماما وأنا ممتنة جدا لك.
أراد بشدة أن يبادلها الحضن. لكن ليس من حقه هذا. إن هو أخبرها الآن بما في قلبه فسيجعلها تشعر بالعبء. ستضطر لقبول مشاعره كدليل على امتنانها. لكن هو لا يريد امتنانها؛ كلا، هو يريد قلبها. هو يريد حبها. ابتعدت عنه جانغ مي وهي مطأطأة الرأس بسبب الإحراج ثم تشجعت ورفعت بصرها نحوه. نظر إليها شيومين للحظات كأنه على وشك قول شيء ما، فابتسمت له بامتنان وأحنت رأسها جانبا لتقول له:
- لا داعي لقول أي شيء، يمكنك الذهاب الآن.
أغلقت باب الشقة خلفه ولم تستطع منع نفسها من البكاء. هذه المرة انتهى كل شيء بالفعل. لقد أكد لها ما كانت تخشاه بنفسه. كل ما يفعله معها مجرد "شفقة".
وصل شيومين إلى مكتبه، جاءته كوتشي بسرعة لتخبره عن الأمور الجديدة التي اكتشفتها هي وتاو:
- لدي لك خبر مفاجيء جدا سيدي. قالت كوتشي بحماس وهي تبتسم
- ليس بقدر المفاجأة التي أحملها أنا. أجابها شيومين وهو يرتمي بإرهاق على مقعده ويرخي ربطة عنقه
ارتبكت كوتشي وشعرت بقلق طفيف فهي تعرف مديرها جيدا. أرادت سؤاله عما يعنيه ليدخل تاو مباشرة ويقول بحماس هو الآخر:
- سيدي، لن تصدق ما توصلنا إليه -لقد تزوجت- من اكتشافا... ماذا؟
- كما سمعت، لقد تزوجت. ردد شيومين
توقف تاو عن الحركة بينما فتحت كوتشي فاهها من الدهشة.
- هل سمعت ما سمعته يا كوتشي؟ سأل تاو كوتشي بنبرة غير مصدقة وغير مستوعبة أصلا
- جانغ مي؟ سألت كوتشي رئيسها بتردد.
اكتفى شيومين بالإيماء برأسه وهو يغمض عينيه ويرخي رأسه على مسند المقعد.
- ما... ما الذي تقصده؟ أنا لا أفهم. كاپتشاغي وي؟ (لماذا فجأة؟)
- ما الذي اكتشفتماه؟ سألهما شيومين متجاهلا سؤال تاو.
- أنظر لهذه السندات سيدي. أجابته كوتشي وهي تسلمه بعض الأوراق التي كانت تحملها بين يديها. كنت أدردش مع سكرتيرة السيد فانيس بالأمس وذكرت لها اسم تاي غوك فزودتني بمعلومات خطيرة عنه.
- اتضح أنه من أكبر مبيضي الأموال في البلاد. أكمل تاو موضحا. كما أنه متورط بأعمال تهريب ومتاجرة بالقُصَّر. لكن... هل فعلا تزوجت؟ سأله بنبرة مستغربة وغير مصدقة.
- هل يمكننا الحصول على أدلة تثبت هذه الاتهامات؟ سأل شيومين متجاهلا تاو مرة أخرى
- إنها بالفعل هنا سيدي. أجابته كوتشي وهي تريه ملفات أخرى. لقد أرسلها السيد فانيس مع تحياته. قالت وهي تبتسم.
- هذا ممتاز! بهذه يمكننا تسليمه للعدالة، أليس كذلك؟
- أجل سيدي. أجاب تاو. يمكنهم على الأقل البدء في التحقيق معه وبذلك سنرتاح منه.
- فلتسلما هذه الدلائل وكل ما نملكه من وثائق جمعناها لحد الآن للشرطة حالا. أمرهما شيومين.
- حاضر سيدي. أجابه الاثنان وانحنيا احتراما ثم استدارا للمغادرة. فجأة توقف تاو والتفت نحو شيومين:
- هل فعلا تزوجت؟ سأله مرة أخرى غير مصدق.
ضربته كوتشي على رأسه بالأوراق التي كانت تحملها وأمرته أن يغلق فمه ويتبعها.
ساعة لاحقا كان الاثنان في سيارتهما متجهين نحو مركز الشرطة. أحضرا كل المعلومات التي جمعوها. هذه المرة سيوقفون تاي غوك عند حده. دخل الاثنان إلى مركز الشرطة وسألا عن أحد معارف تاو هناك. طلب منهما الضابط الانتظار داخل أحد المكاتب بينما يناديه من أجلهما.
- ما الذي دفع شيومين للزواج من جانغ مي في رأيك كوتشي؟ سأل تاو كوتشي وملامحه تدل على أنه فعلا لا يفهم ما وقع ولا يصدقه.
- هل فعلا تسألني هذا السؤال؟ أجابته كوتشي باستهجان. الجواب واضح جدا.
- أنا لا أراه. أين الجواب؟ سألها تاو طالبا إجابة صريحة.
- ألا ترى أنه وقع لها؟
- مـ...مو؟ (مـ...ماذا؟) متى حدث ذلك؟ لم لم يخبرني أحد؟
ضحكت كوتشي بخفة على ردة فعله البلهاء وقبل أن تجيبه فتح باب المكتب ليدخل ضابط شديد الوسامة، عيناه تشعان حماسة، وابتسامته تكشف عن أسنان بيضاء منتظمة، شعره الأسود يغطي جزءا من جبهته والإضاءة تعكس جمال بشرته السمراء. وقف الاثنان بدهشة معا وهما ينظران إليه يدخل ثم يلتحق بمقعده خلف المكتب.

The Wrong Bride (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن