~الفصل الرابع~

1.8K 149 60
                                    

التأقلم___
أن تعتاد شيء ليس بالسهولة التي تظنها ولكن أن تُجبر على معايشة شيء رغمًا عنك فهذا أسهل إعتيادًا

لتتأقلم عليك أن تنغمس في الشيء، تعتاده، تفعل كل ما يجعلك تحبه
عليك أن تتعايش مع كل ما هو حولك من أحداث وتقلبات وترضى بحلوها ومُرّها، عليك أن تتعايش مع ظروفك وحياتك لتعيش بدون تنغيص، فأحيانًا ما نفعله أفضل عشرات المرات مما لا نفعله

إندم على ما فعلته، لكن لا تندم على ما لم تفعله..على الأقل جربته وخضت مغامرته وعاصرته وتعلمت من خطأه واستفدت من منافعه.

"ماذا تفعلين بحق الجحيم؟"
قالها صوته الذي ظهر فجأة كظهوره

"أعمل"
قالتها ترنيم بثقة

"تعملين؟ أنتِ ستقتلين أمي، يبدو أنكِ مازلتي صغيرة لعمل كهذا وأني أخطأت وأنكِ ستطردين"
قالها آدم بصوتٍ عال

"ما يقتلها هنا هو صوتك العالي وحبسك لها في أماكن يحاوطها المرض من جميع الجهات ظنًا منك أنك تحميها، وإذا كنتُ صغيرة فماذا عنك سيد آدم..رجل أعمال في الثالثة والعشرين من العمر حقًا! أنا اجتهدت لأصبح بصغر سني أفضل الأطباء هنا وأنت كذلك لذا أظن أن كل منّا يبرع في عمله الخاص دون التدخل في عمل غيره الذي لا يبدو أنه يفقه عنه شيء، أترك دور الطبيب لي سيد آدم، وإذا أردت طردي فهيا أفعلها فقط تذكر أنك قلبت المشفى رأسًا على عقب ولم تخرج إلا بي رغم رفضي المجيء، لذا أظن على كلانا تحمل الأخر رغمًا عنه"
قالتها ترنيم تتحدث بكل هدوء وصوت معتدل وثبات وحالة من البرود وهي تعقد يديها أمامها

"ماذا أعادك بني؟"
قالتها والدته تخفف جو التوتر

"نسيت مفاتيحي، سأرحل أمي إلى اللقاء"
قالها آدم وجميع علامات الغضب تحتل وجهه وهو يغلي كالبركان من شدة الغضب، من يراه يسير يظن أن الأرض ستتشقق أسفله من شدة ضغطه عليها وهو يسير، شخص مثله لا يمكنه التحكم في أعصابه حتى وإن كان لنيل مراده

بعد رحيله جمع ترنيم ووالدة آدم أحاديث ترفيهية جعلت من والدة آدم تظن أنها ولأول مرة تحيا منذ زمن

"لأول مرة أضحك من قلبي منذ زمن نسيته، شكرًا لكِ يا ابنتي"
قالتها والدته بامتنان

"لقد قلتيها ابنتكِ، أخبريني هل تشكرين آدم في العادة؟ لا، لذا لا تشكريني، اعتبري أنني أؤدي واجبي أو أتشبع من دفء الأم الذي فقدته في الغربة"
قالتها ترنيم وعينيها تلمع من تزاحم الدموع بعينيها ثم نظرت للأسفل لتحبسها ورفعت رأسها شامخة كالعادة بابتسامة

"أسفة لفتحي جرحكِ يا صغيرة، يمكنكِ أن تعتبريني أمكِ"
قالتها والدته بنبرة حنان

"لا عليك هو ليس جرح لينفتح وهم ليسوا ذكريات لتُنسى هم دائمًا معي، أنا لا أنساهم"
قالتها ترنيم تنظر للسماء بنظرة حالمة، نظرة اشتياق لوطنها ووالديها، نظرة تتلوا عليها واجبها تجاه بلدها الذي سافرت في المقام الأول لأجله

سَنْدرِيلَّا فَلَسْطِيْنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن