الهروب___
نحن دومًا نهرب، نهرب من كل شيء، من حياتنا ومشاكلنا وواقعنا وعائلاتنا وأصدقائنا حتى من أحبونا بصدق نهرب منهم، لكل هروب سبب معين ولكن هناك هروب حقًا بدون سبب فقط غير مبرر، نحن نهرب لمجرد الهرب لأننا نكره المواجهة، نهابها، نبغضها حد النخاعسنواجه مهما هربنا ولكن نستمر بذلك، لا يزيدنا الهروب راحة وبُعدًا كما نتصور ولكن يزيدنا خوفًا وقربًا واشتياقًا
في نهاية كل طريق هرب مواجهة كانت في بدايته ولكننا هربنا منها ليس للتخلص منها بل لتأخيرها ولكن في نهاية الطريق يكون الهرب قد أثقل كاهلنا بكل شيء فنغدوا ضعفاء أمام المواجهة
لما لا نواجه ونهرب رغم معرفتنا بالنهاية المحتمة، لما نحن مصرون على اختيار الأصعب على أنفسنا، لما نطعن أنفسنا ونشتكي بعدها، وكأنك تسأل الإنسان لما خُلِقت من طين، فطرته التي يعلمها جيدًا ولكنه جُبِل عليها
'لماذا' السؤال الذي ليس له جوابًا مطلقًا...
تسير بين القتلى والدماء تملأ الأرض في كل مكان، على جانبيها دماء ومقتولون وقُدُسها يبهت لونها من الحزن وتسير هي برداء أبيض ناصع تبكي وطنها وينزف قلبها لما آلت إليه الأمور
ترغب في الجلوس على الأرض وتقبل تراب وطنها المتشرب بالدماء حد الشبع، ترغب في السجود في أقصاها وترمي جميع أحمالها التي أثقلت كتفيها في سجدة، ترغب أن تبكي وتبكي حتى تغسل دماء شهدائها
سقطت كسقطة وطنها ووضعت يدها على صدرها تشهق تطلب الهواء والأخرى على فمها تكتم صوتها فوطنها به ما يكفي لن تزيده بآلامها، أغمضت عينيها بشدة تبكي كل شيء
فتحت عينيها ليقابلها السحاب وهي فوقه، للحظة حاولت استعادة وعيها لتتذكر أنها بالطائرة المتجهة من كندا إلى فلسطين وكانت تستند على زجاج الطائرة حتى غفت.. هي كانت تحلم، كان حلم! لكنه بشع بقدر بشاعة مسببِه
حاولت استعادة كل ما حدث بعد قرائتها للورقة التي أعطاها إياها الخادم..
بعد أن انتظرت السائق رحلت ترنيم إلى المطار، لم تخبر أحدًا أنها ستغادر البلاد ظن الجميع أنها بمنزل آدم وهو ظن أنها عادت لسكنها ولكنها قررت قطع البعثة والعمل وإنهاء كل شيء فقط لأجل شعور صدر بالخطأ
ألتلك الدرجة لا يصلحان للحب؟! لقد خُلق الحب لترنيم ولآدم ولكن لم يُخلق لكليهما معًا
توجهت إلى المطار لتحجز طائرة ولحسن حظها وجدتها بعد ساعات قليلة، وأثناء انتظارها دق هاتفها مرات ومرات من مايكل ولكن وضعته على وضع الطيران، هي لن تدع شيء يعرقلها عن قرارها فهو صائب ليس لكليهما ولكنه الأفضل للجميع
تنهدت ترنيم وهي تتأمل السحاب من النافذة وقد آلمها قلبها كما لم يفعل من قبل وكأنه يؤنبها لتحطيمها قلب لم يكن ذنبه أنه وقع في الحب، شعرت بأشياء غريبة لم تكن لتشعر بها أبدًا، هي لا تريد الشعور بهذا حاولت السيطرة على ما ينمو بداخلها منذ لحظة مغادرتها البلاد، ولكنه ليس بالأمر الهين لتتجاهله
أنت تقرأ
سَنْدرِيلَّا فَلَسْطِيْن
Non-Fictionكيف تعتذرين عن ما لم يكن خطأكِ فالخطأ يقع على عاتقي يا وردتي يا من تسكن وردة المدائن كيف تعفين عني وأنا لم أعفو عن نفسي يا سندريلَتي بين الدماء يا ملاك الرحمة هل لكِ أن تداوي ضلعي النابض؟! تحبين وطنك! أحبك بمقدار حبكِ له، هل تسمحين لضئيل بحجمي أن...