سَنْدرِيلَّا فَلَسْطِيْن

~الفصل الثالث عشر~

العائلة___
ليس بشرط أن يحمل أشخاص نفس محتواك الوراثي ليكونوا عائلتك، فهناك أشخاص دومًا نعتبرهم عائلة ويعتبروننا عائلة وهم لا يمُتون لنا بصلة وراثية ولكن هناك ما هو أقوى من المحتوى الوراثي ليربطنا بهم

هناك دومًا أصدقاء يختلفون عن بقيتهم، تشعر معهم بالألفة، تشعر أنك فرد من العائلة، تشاركهم لحظات حزنهم وفرحهم، تشعر بالإنتماء والمسئولية تجاههم وقطرات دمك تكاد تجزم أنهم لا يمتون لك بصلة

هناك عائلة تشعر معها بالألفة والمحبة، عندما تكون ضائع في متاهات نفسك يضمونك ويعتنون بك، عندما تكون وحيدًا يشعرونك بالألفة، لا تشعر بأنك وحدك، يعتبرونك واحدًا منهم كان ضائعًا ووجدوه ليولوه جل الاهتمام

هناك دومًا عائلة كنت منها خارج إرادتك، وعائلة ستكون منها بمحض إرادتك، وبين هذا وذاك يتأرجح إنتمائك

ظلت ترنيم مستيقظة لم تشعر بالنعاس بسبب الساعات القليلة التي نامتها عندما أغمي عليها، وبما أنها لن تذهب للجامعة فقررت أنه لا داعي للنوم

اشرقت الشمس وجاء موعد استيقاظ والدته لتذهب لها ترنيم وتوقظها بهدوء لتفتح عينيها الهادئتين اللتان استولى عليهما المرض والشيب

"صباح الخير"
قالتها ترنيم مبتسمة

"صباح الخير ابنتي، هل أنتِ بخير؟"
قالتها والدته قلقة عليها

"أنا بخير، فقط اهدأي أمي"
قالتها ترنيم تربت على شعرها بحنان

كان هناك من يقف بعيدًا مستندًا على حافة الباب يراقب كلاهما بصمت، ربما يحمد الله على ما وهبه من النعم ومن حنانهما واهتمامهما

المرأة.. إحدى نعم الله التي لن يسع أحد من الرجال شكره عليها، فهي تدخل في كل شيء يقوم به في حياته، هي سبب انتصاراته وربما انكساراته، لكن هذا لا يقارن بذاك

كره المرأة أمر بغيض ويملأه النفاق، فكيف تكره كل نساء العالم لأجل قلبك المكسور وثم تُقَبّل كفيّ والدتك لأنك تعشقها، جميعهن نساء وجميعهن يخطئن ويصبن كالرجال تمامًا ولكن دائمًا ما تُمحى وتُسامح خطيئة الرجل لتبقى خطيئة الأنثى وشم لا يمحى بل يصيبه بالعقدة ضدهن

الرجال وعُقَدِهم.. معقدون حقًا

كان هو لديه نعمة واحدة ليهبه الله الأخرى في حياته لا يعلم لها مكانة أو ترتيب أو درجة فقط موجودة وغيابها يخل بأركان البناء

"أنتما أعظم شيء في الوجود"
قالها آدم شاردًا فيهما، لتنتبه كلاهما موجهتا بصرهما على الباب

"تعالى هنا يا بني"
قالتها والدته تفتح ذراعيها ليهرول هو تجاهها ويأخذها هو في عناقه وليس العكس

وقفت ترنيم بعيدًا تشعر أن لا مكان لها هنا وأنها دخيلة ولا يحق لها التواجد، رغم ما شعرت به تجاههم هي لا يحق لها