الوطن___
هو كل ما ننتمي إليه، نُنسب إليه حتى قبل النسبة لأبائنا، ربما لا نختاره ولكننا ملزمون بحبه والسعي من أجله لأنه آوانا رغم الصعابربما بدأ يتخلل البعض عدم الإنتماء لوطنه، ولكن هناك أفراد رغم جحيم وطنهم مازالوا يكنون له الحب والإنتماء وسيفعلون أي شيء ليحرروه ويرفعوا راية وطنهم في الأفق، سيُسَخرون مستقبلهم له، سيعيشون من أجل هذا ويموتون من أجل هذا
كانت تحتاج والدته اليوم لبعض الراحة الزائدة فتركتها تنام بعد الرابعة بعد أن انهت معها ما تفعله، وثم أخذت كتبها وذهبت لحديقة المنزل لتدرس قليلًا
"ماذا تفعلين هنا؟"
قالها آدم وهو قادم من بعيد مبتسمًا"ظننتك غاضب ربما منذ البارحة"
قالتها ترنيم بسخرية لم تظهرها"حسنًا، عن ماذا سنتناقش اليوم؟"
قالها آدم لها، لم يلقي بالًا لردها، هل يتهرب أم لا يريد الخوض في هذا النقاش فقط؟أصبح كثير الصمت أكثر مما هو عليه، لا يرد على جميع الأسئلة الموجهة له، أصبح يتغاضى عن الكثير من الأشياء بإرادته
"لقد تأخرت عن موعدك"
قالتها تنظر في كتابهاجلس هو مقابلًا لها على العشب وسحب منها كتابها وأغلقه، لتنظر هي له..
"حسنًا سنتحدث اليوم عن أهم شييء بالنسبة لي وربما أكثر خصومة بيننا لليوم.. وطني"
قالتها بشغف ولمح هو لمعة في عينيها"ولدت في فلسطين وعشت بها وترعرعت بها، ذقت حلوها ومرها، رغم أن مرارتها كالعلقم لكنها أحب إليّ مما سواها، تربيت على كره إسرائيل وأنهم ليسوا إلا قوم محتلون لن أخضع لهم يومًا، ربما تعلّم الأغلبية التعايش معهم لكن وإن كنت أخر شعبها لن أفعل لأن هذه بلدنا ولدنا لندافع عنها وسنموت في سبيلها وليس لنستسلم، أتعلم أنهم ليس لهم وطن أو أرض من الأساس نبذهم الله من جميع بقاع الأرض ولأنكم لا تريدون أويتهم ألقيتم بعبئهم علينا لأنكم لا تريدون وهب أرضكم لأحد ففرطتم بأرض غيركم التي لا تخصكم في شيء إطلاقًا، لا أعرف حقًا ما الحق الذي أعطيتموه لأنفسكم واسكتم به ضمائركم لتعطوهم أرضنا وبدون حرب حتى؟!"
قالتها ترنيم بحنق شديد وقد تصاعدت الدماء لوجنتيها، ثم ابتسمت وحلق بصرها في أفق السماء وعقلها في أفق الذاكرة"أتعلم لما أردت دومًا منذ صغري أن أكون طبيبة؟ لأداوي جراح بلدي لأكون نافعة لها، فإن كنت لا أستطيع حمل السلاح والدفاع عنها فعلى الأقل فلأضمد جراحها، وجراحها غائرة حقًا منذ أكثر من سبعين سنة وهي تنزف ولا أحد يبالي، لذا قررت مساعدتها ورد بعضًا من جميلها عليّ"
قالتها ترنيم حالمة تدور في مخيلتها وطنها الجميل، ثم تحولت نظرتها إلى سخط ولمعة عينيها انكسرت"وهناك من يدعون أنهم اخوتنا، وهم لا يسرني أن أخبرك أنهم العرب ورؤسائهم، طوال الوقت يدّعون أنهم يساعدوننا يتخذون قرارات ضدنا ويتحالفون مع اسرائيل وكل هذا تحت مسمى حمايتنا، أي حماية تلك المزيفة بل الكاذبة، نحن العرب لسنا أقلاء بالمرة فإن كانوا حقًا يبغون مساعدتنا لساعدونا منذ زمن سحيق مضى، لو اجتمع العرب يومًا يدًا بيد لكنا دمرنا إسرائيل وكل من يدعمهم ولكنا نلنا الحرية، لكن الحقيقة والتي ينكرها الأغلبية أننا مفككون كارهين لبعضنا البعض وحاقدين لن أتعجب إن قامت حرب أهلية بيننا، فلما يرتدون أقنعة المحبة وهم يوقعون صفقات بينهم ويدعون أنهم قوة واحدة، إن كانوا كذلك حقًا لتحركوا خطوة واحدة للأمام، على الأقل كانوا ليرفضوا أن تكون قدسنا عاصمة لإسرائيل وليس بالقول فقط بل بالفعل ولكن ماذا أخبرك؟ هل أخبرك أن من سلموا عاصمتنا التي لا تخصهم بأيديهم هم العرب! اخوتنا! هل أخبرك أن من دافعوا عنا هم بعض الدول الأجنبية القليلة جدًا، ولكن في النهاية لم يتحرك أحد خوفًا من قوم أقلة سَهُل إبادتهم عندما كانوا كثرة وصَعُب عندما أصبحوا أقلة، هل أخبرك عن وجعي ونزيف قلبي عندما أرى اسم وطني على الخريطة أصبح اسمًا أجنبيًا، هل أخبرك عن وجعي عندما أرى عاصمتي لم تعد عاصمتي، هل أخبرك عن وجعي عندما لا استطيع الصلاة في مسجد كان لنا يومًا سوى بتصريح، هل الصلاة تحتاج لتصريح! هل لك أن تشعر بإدماء قلبي حتى تدافع عنهم وتنعتنا بالضعف؟ هل لك؟"
قالتها ترنيم وقد فرت بعض الدمعات من مقلتيها رغمًا عنها، لقد اشتاقت لوطنها أشد اشتياق، ولكن صبرًا يا وطن سأعود لك يومًا لأداوي جراحك
أنت تقرأ
سَنْدرِيلَّا فَلَسْطِيْن
Non-Fictionكيف تعتذرين عن ما لم يكن خطأكِ فالخطأ يقع على عاتقي يا وردتي يا من تسكن وردة المدائن كيف تعفين عني وأنا لم أعفو عن نفسي يا سندريلَتي بين الدماء يا ملاك الرحمة هل لكِ أن تداوي ضلعي النابض؟! تحبين وطنك! أحبك بمقدار حبكِ له، هل تسمحين لضئيل بحجمي أن...