(6)

3K 129 5
                                    

بقلم نهال عبد الواحد

مرت الأيام ولا جديد سوى انشغال سليم بعمله أكثر و أكثر، بدأ بالفعل ينفذ تصميمات المناقصة لكنه كان يرهق نفسه أكثر من اللازم، يذهب صباحًا إلى الكلية و منها للمكتب، لا يعود إلا ليلًا يأكل ويجلس يرسم بعض التصميمات.

وذات يوم غلبه النعاس من كثرة الإرهاق فسقط أرضًا على ذراعه وقد آلمه بشدة ولم تكن سوى مجرد كدمة لكنها شديدة، تحتاج إلى علاج و راحة، حزن بشدة لأنه لن يستطيع إكمال رسومه وتحقيق حلمه؛ فهو محكوم بوقت محدد وعندما تُشفى يده سيكون الوقت قد مر، جلست سلمى تخفف عنه و تهدهده حتى نام.

بعد أن نام دخلت سلمى إلى حجرة مكتبه، جلست و أكملت كل رسومه حتى جاء الصباح وقد انتهت من الرسم و انتهت هي تعبًا، ذهبت لفراشها تنام فاستيقظ سليم وكان مصرًّا أن يخرج للكلية.

و فشلت محاولات سلمى في إقناعه بعدم الخروج، ارتدى ملابسه، علق ذراعه، لكنه لاحظ الإرهاق الشديد على وجهها و أنها متعبة للغاية فقلق و سألها فقد خشى أن تكون مريضة ولم تخبره.

وبعد إلحاح منه اضطرت في النهاية أن تخبره أنها كانت جالسة طوال الليل تكمل عمله حتى انهته و صار على أتم استعداد فأثار ذلك غضبه وثار ثورة عارمة، لولا أنه سيتأخر لاستكمل ثورته، خرج لعمله و ظلت هي تبكي، جلست أمام التصميمات تفتشهم و تراجعهم لاستخراج أخطاء وتصوبها لكنها لا تجد فتزداد بكاءً.

ظل هو يتصل بها طوال اليوم فلم تجيبه فظن أنها نائمة، كان قد أرهق فقرر العودة للمنزل بعد الكلية ولا داعي للمكتب اليوم.

توقع سليم أنها لم تصنع أي طعام فاشترى طعامًا جاهزًا عائدًا به للمنزل، ما أن سمعت صوت الباب يُفتح حتى انتفضت من مكانها في حجرة المكتب.

لم تكن سلمى فعلت أي شيء طوال اليوم إلا أن تبكي أمام تلك الرسوم فلم تأكل أو تشرب أو تنام انتفضت من مكانها، خرجت من حجرة المكتب لكن لم تحملها قدماها، خارت قواها وسقطت مغشيًا عليها ففزع، جرى عليها حاول حملها لكن لم يستطع بيد واحدة وحاول إفاقتها.

لاحظ سليم جسدها البارد، ضعف ضربات قلبها و عيونها المتورمة من كثرة البكاء فاحضر كوبًا من العصير وحاول أن يشربه لها.

سألها بلهفة: مالك إنتِ عاملة كده ليه؟

أجابت وسط شهقاتها: أنا آسفة يا سليم.

- آسفة على إيه؟

- إني رسمتلك شغلك من غير إذنك.

فغضب رافعًا صوته: يا شيخة هتموتي نفسك عشان رسومات أخش أقطع أمهم دلوقتي! إنتِ عارفة إني كنت متضايق أد إيه اتنرفزت عديها يا سلمى مش كده!

ثم قال بهدوء: طب يعني أزعأ لمين؟ افش غلي ف مين؟ أستلف ناس من برة يعني؟

- طب انت مش زعلان مني؟

(ولا في الأحلام  2)  الجزء الثاني    By:NoonaAbdElWahedحيث تعيش القصص. اكتشف الآن