الفصل 3

81 14 2
                                    

طريق العودة تنتهي من بداية مشحونة بالافكار,  ناحية حسناء كعادتها،  مشاعر مبعثرة من جهة منار، أنثويتها تمنعها من التفكير بصواب و كأنها تنظر الى هدفها امامها لكنها لا تعلم ان كانت واقفة اطلاقاً!! ،  بعد وصولهما الى منزليهما تكملان اشغالهما وواجباتهما كالعادة،  لكن الاختلاف يكمن في منار اذ تذهب كمراهق صوب هاتفها تتفقد الرسائل،  لب الصدمة منقوش بعبارة عريضة فحواها " لا توجد اي رسائل "،  ولم يفتح حسابه كالعادة،  لم تطق الانتظار اكثر لتباشر بالكتابة لاشعورياً قائلة " : لقد انتضرتك لوقت طويل لكنك لم تظهر كعادتك!!  اين انت؟  هل انت بخير!  انني في المنزل الان اعذرني ف صديقتي لم تحبذ الانتظار اكثر!  ".. 'ارسال'،  تمسي الرسالة عالقة جنب مشاعر الامسية الفارطة،  من ناحية مشابهة وليست ببعيدة تجد حسناء رسالة من عند امير تقول ": مالجديد اخبريني!؟ "،  لتجيبه بكل حسرة ": لا يوجد جديد لم يظهر بعد! ،  كما انني سألتها ان كانت تريده فصدمتني ب اجابتها نعلم دون الالف انها ستحبه وستتعذب،  لقد فعلنا كل ما بوسعنا لإيقافها،  لكني سأتمعن اكثر في حكايتهما لأترقب الجديد"،  يجيب امير بكل ثقة ": لا تحملي نفسك كل ذلك العناء فهي لن  تخبرك اطلاقاً،  تبدأ في اخفاء اهم التفاصيل عنك لأنها تعلم بخطأ..ها لتصل الى مرحلة مفادها انها 'تعلم انها على خطأ لكنها تصر على ان ترغب فيه اكثر رغم علمها ب اخطائه المتكرره و بشرّه لا تقلقي انها تعلم انه ليس كفيل بكل تلك الثقة لكنها ستهديه اياها على طبق من ذهب! ،  بعدها تبدأ علاقتكما في التدهور ليس الان بل بعد اسبوعين  كأكثر تقدير،  اذ انها ستتخلى عن اغلب مواعيدكم.مختلقتاً حججا عن غير عادتها لتفر من حصارك الى عذابها نزيم،  لا تخافي فهي ليست على دراية بكل هذا،  سيساعدها بالتنويم المشاعري ليخدر عقلها خالقاً اشكاليات رأسها انتي يا حسناء على سبيل المثال ان يلتقيا لأول مرة.على انفراد خارج الجامعة ربما بعيداً عن ذلك الجو الورقي الرسمي اللعين،  فتجيبه هي " اسفة لا استطيع سأكون مع حسناء نتناول الغداء بعدها نعود سوية الى المنزل" ليجيبها بكل انانية ": ذلك  برنامجك.القديم قبل ان  يلتقي هذين القلبين، فضلا وليس اجباراً مني،  تخلي عن هذا الشيء الصغير لأجلي ف انا في امس الحاجة اليك لأخبرك.عن مكنوناتي و ووو.. الخ" من مداعبات لعقلها الصبياني لأنها جديدة تماماً في هذا المجال،  ستجيبه دون تفكير كعادتها الجديدة ": حسناً.سأرى مايمكنني فعله! "،  لن تعلمي بهذا الامر يا حسناء ولن اعلم ولن يعلم العالم اجمع سواهما ولن تترك لك مجالا قدره احساس صغير لكي تشككي بفعل ما يجري خلفك،  لا تقلقي فبمجرد ان حددا موعدا افتراضياً دون ان يلتقيا حتى و ان التقيا فمكانه في قلبها اصبح مضموناً وواضحا،  صورته الان جميلة جدا صدقيني ستمضي تلك الليلة تفكر كيف ستواجهه  و كيف ستقف معه،  في ماذا سيتحدثان! ،  اين سيذهبان،  اين وكيف وماذا وانت سترددين " لماذا "،  الاجابة موجودة عندها واجابتها موجودة عندك لكنكما لن تتشاركانهما بل ستمضي كل واحدة في طريقها،  بعدها ستتخلف عن لقاء اخر معك رغم انه سيؤجل موعدهما الاول لأنه اختار وقتا غير مناسبا وضغط عليها ليجعلها تضخ فيه امكانية الحدوث،  بعد ذلك سيحدث شيء لم يحدث اطلاقاً الا وهو " ستشتاقين لصديقتك لأول مرة! ،  ستشعرين بغيابها،  سينتفض قلبك خارجا ويبدأ في البحث عن شيء ما صدقيني سيعود لك بخبر زفافه مع عقلك سيكون ملحمياً،  لن يروق لك الا وهو " صديقتي تغيرت تماما ً،  تبدأين في الاحساس بضياعها منك،  لن اواصل الان لأنها ستبدو مبالغة مني وكأنني اتجاوز حدودي معك،  لنترك الامر للوقت،  تجاوزي كلامي دون ان تنسيه في نفس الوقت لا تعلّميه على رأس افكارك لأن ذلك.سيجعل دماغك.يصدق الامر ونمسي في رواية التشكيك وافتعال الشجارات لتتطاير الوساوس في الاجواء وتمسي الصداقة ضحية جريحة مليكةً لنسبة ضئيلة من العيش،  حسناً حسناً سأصمت! "،  يسكت امير لكن حسناء لم تكن تتكلم اطلاقاً بل كانت يدها تحت فكها وهاتفها باليد الاخرى منغمسة في هاتفها الذي اصبح ثقباً.اسوداً ترى من خلاله  ما لا يراه غيرها،  احلام.اليقظة ياهذا!، صعبة هي الصداقة،  معقدة جداً بقدر ماتبدو سهلة،  مليئة بالحذر بقدر ماتبدو مطرّزةً بالثقة وحلي المجاملات والضحكات،   لا بأس فكلنا اتينا لنتعذب ونعذب ونتناول التحلية بطبق تملؤه دماؤنا بقلوب بعضنا موضوعةً بين شوكة الامل وسكينة الثقة في مائدة المافيا الحبيبة..
اضاءة خضراء صغيرة تحت اسم نزيم على حسابه في الفيسبوك تلاحضها منار التي كانت تنتظره بصبر فارغه بممتلئ عن اعلاه وفي قاعه حفنة من المشاعر المالحة دون ان تحركها بأصبع عقلها فيتخثّر المحتوى وتمسي العلاقة خاوية،  "اهلاً" كبرق ينزل عكسياً من الاسفل ليشغل مكاناً اسفل رسالة اعلاه لا تزال تنبض وتضرب وتبني املاً على لؤم،  تتهيئ اصابع المسكينة للعزف على الشاشة الملساء بحروف باكية متألمة في اطار الغضب والصمود،  تحاول تجميع نفسها امامه متجاوزة كل اعقاب الحديث قافزة الى الموضوع قائلة ": اين.كنت؟! "،  ليجيب قائلاً :" اهدأي!!  "، بالتأكيد لن يتكفل بعناء كتابة رسالة طويلة بل اكتفى بالقول ": لقد المني بطني ذهبت الى المنزل مباشرة "، عداد الكذب اضاف رقما الى آحاداه وزاد عن حده،  تجيب المسكينة بهدوء ": لقد انتضرتك.مطولاً!!  "  يظهر خجلها بين كلماتها في تلك الفراغات!  لا تستطيع معاتبته او لومه لتقفز مباشرة الا " هل انت بخير؟  " فيجيب متجاوزا الموضوع ": نعم.انا بخير "،  وهاته خدعة اخرى اعترف بها " نستعملها كلنا نحن الذكور (لا استثني نفسي وكذلك الاناث) نجيب عن الثاني بصيغة تجعل السؤال الاول يبدو تافهاً،  ثم يضيف دون ان يترك لها المجال للتفكير في السؤال الاول اوالعودة اليه ": تعلمين انك نوري وانت قلبي لا استطيع الابتعاد عنك او كرهك.بل هناك.شيئ ما يجذبني اليك يوماً بعد يوم وكأن شيئاً ما بداخلي يخبرني ان اتقدم مغمضا عيناي فالجنة ترحب بي،  عن فردوس عيناك اتكلم "،  لو قرأ شاب ما هاته الكلمات لتأثر فما بالك الضعيفة المرتمية بين كفيها وعيناها تلمعان فرحاً وسروراً..

هيَ (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن