الفصل 18

37 3 1
                                    

يغلق عمر الهاتف فوراً دون اي وداع وأية اضافات،  متجهاً نحو سيارته بالموقف مديراً المحرك بسرعة ،  يريد تغيير مكانه ليختلي بأفكاره بعيداً عن اصوات البشر لعله يحضى بصفاء الافكار لوهلة،  متجهاً كمن حُرِمَ من ضميره تركوا له قلبه،  جله احاسيس قلب يفكر عقل مدمر، يوقف السيارة جنب منزله دون علمه،  حتماً لم يصطحب جهاز تحديد المواقع بعقله،  يطفئ المحرك مسنداً رأسه على مقعده مغمضاً عيناه،  لتأخذه موسيقى الكمان المنبعثة من مكبرات صوت السيارة،  الى صور لحسناء بعقله،  مشهد امير يتكرر لا ارادياً يقاطع كل ابتسامة ترتسم على وجهه،  يفتح عيناه فجأة مخاطباً نفسه قائلاً ": سأجد حسابها على الفيسبوك اقسم انني سأكلمها رغماً عنه لن اسمح لشيء ان يقف بيننا"،  ينزل من سيارته متجهاً الى غرفته،  تجري الاحداث بسرعة حين يتعلق الامر بالقلب وتوابل المشاعر التي تزين كل دقيقة، يرتمي على فراشه فاتحاً هاتفه،  يدري جيداً ماسيفعل،  يذهب الى حساب نزيم مشاهداً الاعجابات على صوره،  يحاول ان يلاحظ من له ردة فعل غريبة او تدل على الحب في صوره لعله يجد حساب منار ليقوده الى صديقتها،  صورة نزيم الشخصية خالية من التعليقات،  لكن نلاحظ في الاعجابات هناك قلب احمر واحد يضغط بأصبعه بسرعة ليجد اسم منار، تزداد نبضات قلبه بسرعة يكاد ان يطير فرحاً، لكن اجنحته تنتظر رؤية الحساب المنشود لتحلق،  يبدأ جولته في واجهة حسابها داخلاً في منشورات خارجاً من الصور و الاعجابات،  في طريقه لتغيير المنشور يلمح اسم حسناء بصورتها تترأس التعليقات على منشور حديث لمنار ينزل اصبعه لا ارادياً على اسمها ليخرج حسابها في الشاشة فينفجر قائلاً ": واخيييراً!!! "، لا اراديا يلمس كأساً كانت موضوعة على جنب سريره فتسقط على رجله،  لم تنكسر لحسن حضه، "تباً لك يا الهي كل لحظة جميلة يجب ان يسود عليها الالم او ان تزول؟! لم لا يمكننا ان نحضى بالسعادة في هناء و راحة نفسية لمدة اطول عن المعتاد كأن يبقى المرء سعيداً لشهر متواصل مثلاً!!! لماذا تمشي الامور بهاته الطريقة لمن يملكون عقلاً"،  يضيفها كصديقة له متبعاً طلبه برسالة قائلاً ": مرحبا يا حسناء اريد ان احادثك قليلاً ان امكن! ،  من فضلك عند مشاهدتك لرسالتي هاته لا تترددي في الرد علي،  ارجو ان تكوني بخير، سلام!"،  يخرج من الفيسبوك بنقراتٍ متتالية يتجه نحو ركن المكالمات متصلاً بنزيم قائلاً  ": هيا رد علي يا احمق - الهاتف يرن - ليس من عادتك ان تطيل هكذا!"، تنتهي المكالمة دون ان يجيب نزيم،  يعيد عمر الاتصال الاتصال بعدها ثلاث مرات متواصلة،  مستغرباً!  لأمر صديقه الذي صار غريباً فجأة،  قلقٌ ينتاب عمر رفقة شعور ما لكنه ليس جيداً على كل حال،  يتجه الى سيارته مديراً المحرك وجهته منزل نزيم على الفور،  يصل هناك في غضون عشر دقائق بقيادة جد متهورة،  امر غريب هنا زاد الطين بلة،  والد نزيم واقف امام الباب بيداه على رأسه عينان شاردتان لا يمكن حتى ان تحزر مابه،  يتوقف الصديق امام الوالد قائلا ": مرحبا بك عمي،  مابك!! "،  لا يرد الوالد لعله اصطحب ذهنه ووعيه الى مكانه ما، ببوق ِالسيارة يعيد عمر الوالد الى رشده، فيقول ": اهلاً بني كيف حالك!؟ "،  يجيب عمر بجدية قائلاً ": لست بخير،  مابك انت يا عمي"، يصمت الوالد لثواني مجيباً ": نزيم، لا اعلم اين هو،  كان بغرفته قبل ساعة والان لا يوجد بالمنزل،  ترك هاتفه هنا،  سيقتلني هذا الطفل اقسم لك انه سينهي حياتي بيديه سيجن جنوني.. " يقاطعه عمر قائلاً": لا تقلق عمي  على الاطلاق انا هنا،  اعرف جيداً اين يتواجد الان،  سأحضره و اعود اليك، اعتبر الامر منتهي "،  ينطلق عمر بسرعة فائقة،  عينان مصوبتان على الطريق ذهن بالوجهة ادرينالين يتصاعد اكثر فأكثر،  حرارة بالقلب تشعل الكيان،  تزداد سرعته، يتجاوز السيارات كسائق محترف في سباق ما،  يصل الى بلدة ليست ببعيدة عن المنطقة،  يلمح في مرآة السيارة شخصاً يشبه صديقاً لنزيم، اعتاد عليه الاثنان لشراء المخدرات سابقاً،  يتوقف عمر انتباه يصرف نحوه بسبب صوت المكابح واحتكاك العجلات بالارض،  يصرخ عمر منادياً الصديق قائلاً ": هاي!! -يستدير الشاب فيتأكد عمر انه الشخص المنشود مضيفاً -هل رأيت نزيم! انا ابحث عنه منذ الصباح!! "،  يجيبه الصديق قائلاً ": قد اتى الي قبل ساعة تقريباً طلب مني الكثير من تلك الحبوب المهلوسة التي تعلم مسبقاً ماتفعله بانسان ضعيف،  تخلق منه وحشاً قد يقتل لأتفه الاسباب، لايكترث لشيء،  يعيش في دائرة لوحدة يسمع سوى كلام نفسه "، يجيب عمر برعب وغضب يختلطان في صدره قائلاً ": و هل اخبرك بوجهته!؟  "،  " لا، لكني اذكر انه اتجه على متن دراجة نارية اعرف صاحبها يملك وكالة لكراء مثل هاته المركبات " الشاب مجيباً،  يستغرب عمر وكأن الذي يحدث لا يعلم نتيجته او حتى وجهة صديقه، ينطلق بهدوء افكاره تملئ جو سيارته،كل الاحتمالات موضوعة امامه،  يتفقد الاحياء ببطئ باحثاً عن صديقه..
من ناحية اخرى، نجد الاصدقاء الثلاثة قد انهوا طعامهم منذ مدة ليست بطويلة،  هم الان خارج المركز يتماشون بخطوات متباطئة متبادلين اطراف الحديث حول الوجهة التالية وبعض المشاريع المستقبلية، يقطع امير الموضوع قائلاً ": وأنت يا منار اترين هاته الابتسامة على وجهك،  هل انت ممتنة لوجودها؟ -تومئ الفتاة برأسها - لم تكن لتوجد لو اتبعت قلبك وواصلتي الاستماع لنفسك،  نعم يحق لنا ان نحب بسر لكن عندما تكثر الاقاويل حول الشخص نتحرى بأنفسنا، اقصد الاقربون ايضاً وهم نحن من يثقون فيك ويخافون عليك كخوف والديك،  الذين لا يريدون منك شيئاً سوى ان تكوني سعيدة، اعدك واعي ما اقول،  سيأتي يوم يأتيك فيه ملكٌ وليس شاباً ابله كذاك،تستحقين الافضل،  دوماً ضعي هذا الكلام في ذهنك واحفظيه، مهما اقترب قلبك من انسان ما اخبري نفسك انك دوما تستحقين الافضل،  وان ذهب هذا الشخص لا تسمحي لضميرك بالقيام بأي تحرك، فقط اجيبي نفسك ب' أخبرتك انني استحق افضل'،  كوني مع من يقترب منك كمن ملك الدنيا في عيناه،وفي نفس الوقت لا تنسي ان تفكري كما اخبرتك"،  تبتسم منار بنضرة بريئة الى امير،  حسناء تلامس بكتفها منار مشيرة لها ان تتوقف عن النظر اليه بتلك الطريقة الغريبة التي تبعث على الوساويس فهي ذات قلب قد يتعلق بك اذا بدوت له بصورة مريحة وكأنك الكمال بعينيه،  هؤلاء ليسوا ضعفاء بل هم من تم اهمالهم دوماً من عانوا من النفاق طويلا لكن ليس بالنسبة الكافية لتجعلهم يعتزلوا البشر نهائياً، وصل الاصدقاء الى محطة الحافلات لتمسي الوجهة منازلهم ليرتموا في احضان افرشتهم بعيداً عن كل تلك الضجة والخرافات و الضجيج واصوات السيارات وصراخ الفتيات وكلمات الشبان البذيئة التي تشعر الحجر بالخزي والعار،  لا يلزم البقاء وسط العالم قوة كبيرة  فقط ان تسمع ماتريد وتفكر فيما تريد وتعمل ما تهدف اليه دون ان تكترث لأحد.

هيَ (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن