الفصل 10

33 6 1
                                    

يخفض عمر صوت الراديو قليلاً مخاطبا نزيم ": اتعلم مالامر الذي يشغل بالي الان؟!  "،  يشعل نزيم سيجارة مومئاً برأسه، ليكمل عمر ": اريد من تحبني،  اريد ان تكون هناك واحدة وسط هذا الكون لي خصيصاً، تحب عمر ولا احد غيره، تحترمني واكون لها سنداً لا يتزعزع طوال عمرها،  ابقى وفيا لها ماحييت! ،  اريد تلك ان كنت تفهم ما ارمي اليه!  "،  يضع نزيم يده على كتف عمر قائلاً ": انظر ياصديقي الى السماء،  اترى كل تلك النجوم؟ ،  اقتطف واحدة، والان اتبدو لك بقية النجوم مشعة؟ اتبدوا لك كلها متماثلة؟"،  "نعم!"عمر مجيباً،  يواصل نزيم" : حسنا،هؤلاء كل الفتيات في نظرنا يا صديقي،  لا توجد الصالحة،  كلهن طالحات،  لا توجد التي تقوم بما قامت به سندريلا، لا توجد من ستنتظرك مائة سنة لأن تعود،  لا ولن تكون التي تقابلك بوفاء وبقلب نقي! ،  ان وجدت من تحب فسيبقى الخلل ان اردت تسميته كذلك، فينا نحن،  لن نكتفي بواحدة بعد كل الذي مررنا به ثق بي،  بعد كل تلك الفتيات اللاتي رقصن معنا الازلت تعتقد انه هناك زهرة لم يؤخذ رحيقها؟ ،  فكر بعقلك ولا تتبع قلبك في هاته الامور،  اتتذكر تلك الشقراء الجميلة مرة حين توقفنا بالسيارة وناديتها انت فأتت اليك دون تردد؟ بعدها غيرت انت الموضوع سائلاً عن الساعة كأبله ابكم! ،  تلك كانت ستكون من نصيبك هي ايضاً،  مهما بدت لك الفتاة مستحيلة انها ممكنة بقدر استحالة وجودها بجنبك،  يعتمد ذلك عليك وعلى لسانك،  ان اخترت كلماتك بحرص شديد وبتلاعب تحبه اللعينات،  ستسقط من تريد في فخك "،  يقاطعه عمر قائلاً ": ان لا تفهم قصدي يا احمق،  لا اريد فخا ولا مصيدة ولا ضحية،  اريد من تحبني واحبها ونعيش بصدق ووفاء مللت من التلاعب بالمسكينات والخروج معهن دون فائدة  سوى نقودي التي صرفتها هباءً في المحرمات "، يرد عليه نزيم قائلاً ": لا،  بل فهمتك تماماً،  لكن ان كنت ملحاً على حب من طرفين فأنت تعيش خلف الشاشة،  اخرج من ذلك الاطار اللعين وتعال الى الواقع،  لسنا في فيلم رومنسي وليس مخرج مشاعرك هندي مبدع،  لا تسرف في اخراج مكنوناتك بهاته الطريقة حتى و ان خاطبت الفتاة المثالية،  ليست لك حتى وان بدت لك كذلك،  اتبع حدسك في كل شيء الا في الحب انه فخ!  ستقع فيه انت وليست الفتاة،  لهن حاسة ما تمكنهم من تحسس الكذب في كل من تقرب اليهن،  لذا كن حذراً اتبع نيتك وحين ترى فرصة واضحة اغتنمها،  لكن فيما يخص الاستقرار والعيش مع بعض الى ان تفرقكما الموت،  لا ولا والف لا،  يبقى هذا رأيي قادم من قلبي اليك كرفيقي واعز صديق الى قلبي! "،  يجيب عمر ": اعلم يا نزيم انك تريد لي الخير وكذا مصلحتي، لكني تائه في هاته الدوامة القلبية "، يقاطعه نزيم قائلاً ": اذا توقف عن التفكير وعش وقم بما تحب قبل ان تباغتك سكته قلبية "، يجيب عمر ": حسنا حسناً تبا لهذا الموضوع من اوله لآخره ناولني الولاعة "،  هو فقط ادعاء لأن عمر لن يتوقف عن التفكير، بل سيواصل بحثه حتى يقع في شيء ما ليشعر بالفخر و لن يأبه بعدها مالذي يمكن له ان يحدث فقط جل مايهمه هو ان يعيش ذلك الشعور الطاهر الملقب بالحب،  نسي ان الحب الا لمن يقدر عليه،  ليس شعوراً وليس كلاماً مطليا بالعسل،  وليس حتى مواقفاً،  بل هو اكبر من ذلك،  يتطلب صمودا كبيراً واحياناً التخلي عن بعض الاساسيات والتنازل عن الكثير،  ليس الامر كما يبدو في ما نشاهد دوماً،  لأنه وببساطة،  مشاهدة موقف ليست كالمرور من خلاله،  رغم ان الحب يمر بك ولست انت من تختاره،  يناول نزيم صديقه الولاعة ناسفا ذلك الدخان بوجه عمر ممازحاً اياه،  يمسك عمر بها مشعلا سيجارته معيداً النسفة الى صديقه متبادلين بعض اللكمات ممازحين بعضهما،  "اللعنة عليك يا احمق هل فقدت بصرك؟! "  نزيم صارخا في وجه عمر،  يجيب عمر " سامحني لم انتبه لقد دخلت في جو المباراة بحماس ناسياً تلك علامة اصولك الهندية-ضحكة ساخرة تنبعث من فمه-"،  يحملق نزيم بعمر بجدية دون ان يتكلم بعدها ينفجر ضاحكاً قائلاً ": على الاقل لم ادعي انها علامة للصلاة وجبهتي بيضاء -يلمح لصديقه ساخرا منه- "،  يضحك عمر مخفياً غضباً خفيفاً من المزحة التي يبدو وكأنها امست مزعجة بالنسبة اليه، يضيف نزيم ": امزح فقط اعلم انني تجاوزت حدودي لكنك تبقى صديقي الاحمق لي كل الحق في المزاح واغضابك -مضيفاً ضحكة شيه بريئة- "،  فيجيبه عمر قائلاً ": نعم نعم ادري ذلك "، مضيفاً ": حري بنا ان نعود الى منازلنا الان فأنا جد مرهق،  نلتقي في الغد مساءً، في الصباح لدي بعش الاوراق التي تنتظر مني اتمامها بعدها اتفرغ للمنزل والفراغ يبدأ حينها "، يجيب نزيم ": نعم كنت سأخبرك بنفس الشيء،  لكني غداً لربما احضى بقسط من النوم اريح اعصابي فأنا جد مرهق ومشوش بعض الشيء"،  ينطلق الصديقان بالسيارة عائدين الى اين تغمض اجفانهما ويملؤ بطناهما،  بمجرد دخول نزيم الى منزله ينطلق مسرعاً الى المطبخ لعله يجد بعض البقايا ليتناولها قبل ان يشاهد التلفاز بغرفته الى ان يختطفه النوم لأحلامه التي تبقى ملقية على الوسادة في الصباح ويطويها النسيان احتراماً ليوم جديد، وكأن جسمه ينتظر جديداً عكس مالكه عاشق الروتين الممل،  اما عمر فهو نائم كمن لا حياة له يعيش ليعيش جل مايشارك به في العالم هو طرح ثنائي اكسيد الكربون وتغذية تلك النباتات بنافذة غرفته.
تستيقض منار حوالي الثالثة صباحاً بعد كابوس عاشته في نومها عبارة عن مشعوذة ما تخبرها ان امراً سيئاً سيصيبها لكي تعيش الخير اللامتناهي بعدها،  تسرع لشرب كأس من الماء لتبلل ريقها قليلاً وتهدّأ قلبها الرقيق، لعل الامان يربت عليه فتخف نبضاته،  في طريق عودتها الى فراشها تنزع هاتفها من الشاحن وترتمي في سريرها، تمرر اصابعها على الشاشة لتقود نفسها مباشرة الى المحادثة بينها وبين الزيّر،  تقرأ قليلاً بعضاً من الكلمات،  تبدو لها جد معقدة بقدر ماتزيد من وحشتها لنزيم،  تقع في بحر حبه رغم ان طوف النجاة معلق بكتفها،  لكن قلبها يسحبها الى الاسفل،  تبدو كمن لا يأبه للغرق في حين يتعلم السباحة، تسدل ستائر العينان الناعستان بأنامل النوم الرقيقة لترسلها الى جزء ثانٍ من الاحلام لعل هاته المرة ستكون افضل، سواد يطغى على مخيلتها دون ان تزورها الاحلام الى غاية الصباح ليبدو الامر وكأن بين الظلام والنور رمشة..

هيَ (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن