الفصل 12

25 5 0
                                    

يرحب الاستاذ بالجميع ،  يشرع في القاء الدرس في حين ان امير يمازح حسناء تارة ومنار تارة اخرى محاولا تغيير الجو،  تأخذنا انظارنا الى هاتف امير اذا به يرن بنغمة دلالة على رسالة وصلته من احد اصدقائه مخبرا اياه ان يفتح حسابه على الفيسبوك ويرى ما ارسله اليه،  يفتح الغامض حسابه الذي يطغى عليه الفراغ،  يفتح الرسائل مباشرة بأصبعه يضغط على اسم صديقه لتفتح المحادثة واذا به يرى فيديو لنزيم ملقي ارضاً والجميع محيط به بضحكاتهم المتعالية بطريقة هستيرية ساخرة،  عدد المشاهدات للفيديو يتعدى الالف، امست فضيحة حقق بها المجتمع مبتغاه،  يعيشون لأشياء كهاته تجد وسط الالاف عشرة اشخاص يفكرون بطريقة صائبة اما البقية مستلقية عقولهم على وسادة التفاهة،  التعليقات متنوعة منهم من يفتي مخاطباً الجميع ليس بنية التوعية بل لكي يمسي معروفاً وينال التقدير الكثير،  اما البعض الاخر والذي يمثل الاغلبية ساخرون ضاحكون مشيرين الى اصدقاء اخرين لهم ليروا المسكين،  يستحق ماجرى له لكن الامر اتخذ منحى خطير قد يقضي على معنوياته وحياته عامةً، تأتي شاحنة الاسعاف لينزل منها رجال الحماية حاملين نزيم لينتهي بعدها مقطع الفيديو بانتشار الجمع الغفير عائدين الى حياتهم اليومية، يغلق امير هاتفه مخاطباً حسناء قائلاً ": هناك فيديو  به نزيم ملقي ارضاً والجميع يضحك عليه منتشر في كل مكان، الامر اخذ منحى اخر تماماً تباً سيجن جنونه -بابتسامة صغيرة يسكت امير- " تفتح حسناء عيناها دون اي كلمة تعيد ناظريها الى الاستاذ متتبعة ما تبقى من الدرس، منار كعادتها اخر من يعلم،  تسبح دوماً في بحر اعمق من الخيال،  دقيقة واحدة صامته كفيلة بجعل ذهنها يشرد بعيداً، ينهي الاستاذ كلامه ليجلس بمكتبه تحت نبرة يتشاركها جميع الطلاب بالقسم تتصاعد شيئاً فشيئاً مشكلة ضجيجاً خفيفاً بالقسم يلغيه الاستاذ بنقرة بقلمه على المكتب،  تقترب حسناء ببطئ نحو اذن منار معيدة ماقاله امير حرفياً، لتلفت اليها منار قائلةً : حقاً!!  اللعنة ماهذا!! لم اكن افكر بهذا اطلاقاً، جل مااردت القيام به هو تلقينه درساً بطريقتي الخاصة،  لكن يبدو ان من هو بحاجة الى محو لأميته هو المجتمع عامةً!! ،  يعيشون اللحظة بهواتفهم تاركين اعينهم مشغولة بالتسجيل،  اشتاق لأيام التخلف اذ اصبحنا نعيشها بعقولنا، عالم ثالث بالعقل ومقلد بالمظهر،  حسناً حسناً سأصمت! "،  تسكت منار لترد عليها حسناء مباشرةً قائلةً": لا نملك بايدينا اي حيلة ولا يسعنا فعل اي شيء بهذا الامر،  خارج نطاقنا جل مايجري حالياً،  الامر الجيد هو ان نيتنا لم تكن مايحدث الان، لذا دعي هذا التفكير خارج عقلك الان مادمنا نعيش وسط كومة من الهراء"،  الاستاذ حامل لحقيبته خارجاً من القسم تلتفت الصديقتان نحو امير تتكلم بإسمهما منار قائلةً": هل تظهر وجوهنا في الفيديو؟!  هل.. " تقاطعها حسناء قائلة ": هل انت مريضة بالانفصام؟ لم تمر دقيقة على خطبتك التي القيتها علي!  اصمتي حبا بالله ارجوك "،  يجيب امير مقاطعاً الكل قائلاً ": لا لم نظهر بالفيديو،  كل مايوجد هو نزيم مستلقي على الارض نائم كالجنين بعدها تحمله سيارة الاسعاف وسط صفير الجميع وضحكاتهم الساخرة،  والان لنذهب الى مطعم بوسط المدينة لتناول القليل من الشاورما التي تعادل الاكسجين بالنسبة لي، لن استثنيكما طبعاً لعلكما غارقتان في حبها اكثر مني -ضحكة بريئة يتقاسمها ثلاثتهم-"، يحمل الاصدقاء امتعتهم لتصطحبهم اقدامهم نحو الحافلة  الى وجهتهم المتفق عليها،
من جهة اخرى يستفيق نزيم بغرفة المشفى جل مايقابله هو نظرة عمر الغريبة التي تجعله ينفجر ضاحكاً،  الحقيقة هي ان عمر مستغرب هاته المرة ولم يفهم شيئاً،  دون ان يتكلم نزيم يقول صديقه مخاطباً اياه": مالذي دهاك يا احمق!  تضرب طفلة؟!  هل انت آدمي؟  حينما رأيت الفيديو تمنيت لو اطلق عليك ذلك اللعين الرصاصة عوض ان يحرق جبهتك الخرقاء تبا لك ولتفكيرك ولكل مايراود ذهنك،  اريد خنقك الان صدقني.. " يقاطعه نزيم قائلاً ": اي فيديو تتحدث عنه؟! من اتى بي الى هنا؟! "، يجيب عمر بهدوء ساخر قائلاً ": اتى بك رجال الاسعاف دون رغبة منهم بعد سماعهم لحكايتك،  لازال السائق يلعن نفسه لحد الان،  اما بخصوص الفيديو انظر - يقابل شاشة هاتفه لعينا نزيم وبها المشهد الذي يجعل النعامة تدخل بكاملها في الارض - "،  تغزو الدهشة كيان نزيم شعور بالقشعريرة ممزوج بخفة غريبة ترتفع من اخمص قدميه الى رأسه يصحبها تغير لون وجهه الى الاصفر،  باسوداد انفه يبدو كزهرة عباد الشمس تماماً، لكن دون ثمار طبعاً فالفائدة لا تزور هذا الادمي هنا،  ينطق نزيم قائلاً ": اللعنة ماهذا؟؟!  من الذي كتب بجبهتي هاته العبارة؟!!! اخبرني!!!  اذا اغمي علي بسبب ذلك الاحمق سأقتله اقسم لك اني سأقتله "،  نسي مصوره ونسي جريمته التي ادت به الى هذا المنبر تحت الارض،  كعادته يحب الانفعال وافتعال المشاكل التي لن يخرج نفسه منها على الاطلاق،  يجيبه عمر بسخرية قائلاً ": استمع الي جيداً،  لن اقف معك هاته المرة،  لقبني بما تريد،  شيطان اخرس مثلك حقير كبلاءٍ يصيب الجنس اللطيف،  وان حاولت الاقتراب من تلك المسكينتان او ذلك الشاب سأقف في صفهم اعدك بأني سأغرز لكمتي بمخك "، يقف نزيم من مكانه ليصيبه دوار خفيف يجعله يجلس على الفور فيخاطبه عمر قائلاً ": لم يسمى من ضربك ملاكماً هباءً، لا تعرف كل من تريد ضربه وهاهي النتيجة لغباءك،  اجلس لأن يغادرك الدوار،  واحمد الله انني لا ازال واقفاً هنا رغم انتشار وجهك في كل مكان،  ستجلب لي العار والخزي لكن لا بأس اعتبره تكريماً لك،  العدالة الالهية لم تنساك صدقني،  لست استثني نفسي اعلم ان دوري قادم لكني لن اتوقف عن الدعاء لكي يغفر لي الله ويخفف عني مالذي سيحدث لي.. يقاطعه نزيم ساخراً ": صلاتي لا اخليها -ضحكة طليقة فمه بيده يوازن بها رأسه ناظراً الى عمر -"، يجيبه عمر بنبرة جدية قائلاً ": كرر هذا الكلام مجددا وستجد نفسك في غرفة الاستعجالات الان،  لن تحتاج لرجال الاسعاف سأرسلك بنفسي،  لن تستيقظ بعدها لتجدني،  ستجد لسانك في علبة يا زيّر النساء "،  يبتلع نزيم ضحكته قائلاً ": حسنا حسناً اصمت دعنا من هرائك"،  يحاول النهوض مجدداً،  لا وجود للدوار يرتدي معطفه لينطلق الى السيارة المركونة خارج المشفى..

هيَ (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن