الفصل 16

28 4 0
                                    

تعود حسناء الى الناحية السعيدة من عادتها،  تشغل بعض الموسيقى الهادئة بهاتفها وتردد كلماتً خافتةً بشفتيها صوت رقيق تقشعر له البشرة بملامحها ومساماتها اجمع تملؤها كل المشاعر،  يمكنك الاحساس بالحب والهدوء في صوتها متقلبة نوتاتها كفصول اربعة جلها دافئة،  الساعة تقارب منتصف الليل،  لا تدري كيف يمر الوقت بهاته السرعة وكأننا امسينا نعيش الليل فقط،  او عقولنا هي التي غيرت طريقة تفكيرها تجاه الوقت،  لم يصبح سيفا قاطعاً بل لا يوجد ما يقطع فلا احد يبالي الان به الكل يعيش ليعيش ولا يهتم بالتفاصيل الاخير،  ابتسامة واحدة كل يوم تعلق بذاكرتنا وكأنها كل احتياجاتنا،  دون بشر ومخلوقات نحتاج شعوراً وحيداً،  سعادة هنيئة ترأف بقلوبنا امام عواصف القدر،  ترتمي الحسناء الى فراشها ملقية رأسها بثقله لتطفو احلامها  على  وسادتها مرحبةً بصباح هادئٍ،  لا ننسى زقزقة العصافير يومها تبدو جد مميزة عن غير عادتها،  سابقاً كانت الشمس تشرق في صمت ويمر اليوم دون اي جماليات ان لم يصنعها الاصدقاء،  اتصال من امير كغير عادته يؤكد استيقاظ صديقته فتنتفض من مكانها حاملةً هاتفها قائلة ً ": صلاح الخير يا امير هل انت بخير!!؟  لقد ارعبتني كنت لا ازال في تلك النومة التي تأتي بعد النوم قبل الصحوة-بضحكة ناعسةٍ تصمت -"،  ليرد امير بقوله ": لالابأس انا بخير واروع من ذلك مازاد جمال اليوم هو ان الجامعة مغلقة لا توجد دراسة اليوم تم اغلاقها لا اعلم لأي سبب ولا يهمني لطالما لا توجد دراسة اليوم،  على كل حل تناولي فطورك واتصلي بمنار لنلتقي بعد ساعة،  تجدينني خارج الجامعة جنب موقف الحافلات الذي اعتدنا النزول فيه،  لا تبطئي كثيراً "،  تجيب حسناء بحماس والفرح ينساب من نبرتها قائلةً ": يا الهي!  جل ما كنت اتمناه هو يوم راحة مجاني كهذا،  بكل تأكيد سأتصل بها ونأتي فأنا ايضاً اخبرتها بالامس في حال ما اغلقوا الجامعة سنذهب ثلاثتنا لنخرج الصبيان داخلنا،  نلتقي بعد نصف ساعة على الاكثر،  لن نطيل الغياب"،  تغلق الصديقة هاتفها متصلة بمنار مباشرةً،  تجيب منار على الفور كمن كان مستيقضاً منذ مدة طويلة ": صباح الخير يا جميلة،  اتمنى ان تكوني بخير فأنا اتربع على عرش السعادة لا ادري من اي اتتني حقاً لكنني ممتنة لقلبي على هاته الخدمة النادرة "،  تجبب حسناء ضاحكةً مرتاحةً بقولها ": الحمد لله اول مرة يأتني منك كلام غير متوقع بطريقة جميلة،  اعتدتي على اخراج قلبي من قفصه بأخبارك اللامنطقية،  انا بخير نعم،  اريد ان اخبرك ان الجامعة مغلقة لا توجد دراسة اليوم،  ارتدي ملابسك وانطلقي الى محطة الحافلات الان سنلتقي كما اتفقنا بالأمس لا تتخذي من الوقت فراشاً وتطيلين البقاء "  ،  ترد منار قائلةً ": لا لا تخافي سآتي بملابس النوم لو صح الامر -بضحكة خافته تواصل حديثها - سألاقيك بعد قليل، وداعاً " ،  تنتهي المكالمة وتنتفض الصديقتان دون فطور، مجرد تعديلات بسيطة ونقطة الالتقاء ترحب بهما امام الحافلة التي اتت في وقتها دون ان تكلفهن عناء الانتظار،  تركب الاثنتان بمقعدان متجاوران في رحلة قدرها ربع ساعة نحو الوجهة المعتادة،  للقيام بأعمال عن غير العادة،  تعيدنا انظارنا نحو رواقٍ جنب باب الجامعة، يقف به شابان وطفلة انظارهما نحو امير،  يلاحظهم الهادئ اسفل سقف قبعته كالعادة،  من نظراتهم وضحكاتهم يبدو ان محور الحديث هو الغامض،  يرفع صوت الموسيقى لتمتلئ اذناه بهدوء الموسيقى بعيداً عن الضحكات المزعجة تحت عنوان اللامبالاة المطلقة لأمير،  بعد وهلة لا تتجاوز الدقيقتان تتقدم الفتاة نحو الهادئة ملقية ً التحية كلاماً وتلويحاً بيدها لكي ينزع سماعته،  من الاخطاء التي يرتكبها الغرباء والقرباء هي اجبارك على نزع السماعة حين يكون دماغك منتشياً بتلك النوتات المتباعدة،  ينزع امير سماعة اذنه اليمنى قائلاً  ": مرحبا "،  ترد الفتاة قائلة ": اتمنى ان تكون بخير،  سامحني لم اقصئ ازعاجك،  انا اعرفك انت حبيب تلك الفتاة التي ضربها ذلك المتنمر يومها اتمنى ان تكون بخير تمزق قلبي لحظتها لكنك لملمته بهيبتك ،  راقت لي شجاعتك حقاً،  اود القول انكما تبدوان جميلان مع بعض اتمنى لكما كل الخير "، يرد امير ": خطأكم الوحيد انكم تحكمون بأعينكم،  ليست كما تعتقدين نحن اصدقاء واقوى من احباء.. "، تقاطعه الفتاة قائلةً ": اه! حقاً؟!  -بابتسامة تفضح السرور داخلها - كنت اعتقد العكس تماماً،  هل يمكنك مساعدتي في التواصل معك راق لي غموضك -تتوقف الحافلة لتنزل منها الصديقتان،  يلوّح لهما امير بيده ثم يعيد ناظريه نحو الفتاة- اود التعرف عليك اذا كنت تريد طبعاً "،  امير مجيباً ببرودة ساخرة قائلاً ": لا املك اي وسيلة للتواصل سوى هاتفي هنا،  اما عن مواقع التواصل الاجتماعي فلا استعملها للتواصل لأنها مزيفة، اكره تلك المشاعر الالكترونية"،  تصل الصديقتان لكن حسناء تقف لوهلة بعد نظرة عادت من وجه الفتاة التي تخاطب امير،  فتمسك بيد منار قائلة": توقفي لا تتقدمي،  لنقف هنا حتى ينهي حديثه "،  منار مستغربة وامير بنظرة خاطفة يلمح غضب حسناء الواضح من ملامحها فيسارع لإنهاء الحديث مقاطعاً تأهب الفتاة للكلام، قائلاً ": لا املك وقتاً للكلام الان فأنا جد مشغول ،  نلتقي مرة اخرى،   الى اللقاء "، تقف المسكينة مندهشة بفم مفتوح وعينان تشاهدان امير ينسحب تجاه حسناء،  بمجرد ان يقع ناظرها على صديقته تخفض رأسها وتعود الى الشابين هناك اللذان لا زالا يسترقان النظر،  " اهلا!  صباح الخير منار، مابك حسناء!!  هل انت بخير!؟ " امير قائلاً،  تجيب حسناء بغضب قائلة" : مالذي بينك وبين تلك الشيطانة؟!  الا تعرفها ام تتعمد التجاهل؟!،  هل تريد انت ومنار دفعي الى الجنون؟! "،  يرد امير ": اهدئي اللعنة! هي من اتت الي ولا اعرفها بتاتاً بل شاهدتها تحادث الشابين هناك بعدها اتت الي تسألني عن وسيلة للتواصل،  لكنني قاطعتها وانهيت الحديث فورا بعد ان رأيتك بهاته الحالة،  تعلمين انه لا مجال لدخول اشخاص جدد حياتي!  اذا ما المقلق في الامر؟!"،  ترد حسناء قائلة ": تلك اللعينة كانت صديقةً لي في الماضي،  هي من علمتني معنى الالم و اسقطتني حتى اتخذتُ من الحضيض كوخاً تضحك عليه البشرية!  علمتني معنى الصداقة الحقيقة بتركي لها،  كذب نفاق،  ناهيك عن عدد الشبان الذين تحادثهم في اليوم الواحد لو اجتمعوا بصالة واحدة وكان اليوم الجمعة لإعتقدت انها الخطبة وان اطولهم امامهم!،  لا اعلم لم هي تقوم بأمر مماثل!  تبا وفقط"، يرد امير والابتسامة ترتسم على شفتيه بروية قائلاً ": همم حسناً فهمت الان،  الغيرة تتملكها ولم تستطع تمالك نفسها،  تريد فك دائرتنا،  لا يعلمون ان شيفرتنا نسينا نحن بأنفسنا كلمة سرها؟!،  لا يستطيع اي بشري الوقوف بيننا،  فلهم التفاهة ولنا كل الخير ،  لا تقلقي صديقتي اطلاقا هذا امر جد تافه ولا يهم بتاتاً"،  تبتسم حسناء تدريجياً كصبي يغادره الغضب بعد إرضاءه،  تنطق منار قائلة" ": كالعادة لم افهم الحكاية،  لكنني استوعبتها الان،  بطيئة الفهم انا،  اعلم اعلم،  لاداعي لتذكيري -يضحك الثلاثة ببراءة مشتركة -،  هيا لننطلق الان فلنبتعد عن البشر ارجوكم لا احتمل دقيقةً اضافية هنا تحت انظارهم، اشعر بالاشمئزاز حقاً"،  يجيب امير مبتسماً ": نعم،  هيا بنا لنذهب الان "، ينسحب الاصدقاء بنكتٍ وضحكات مشتركة متماشين جنباً الى جنب مبتعدين عن الجامعة واجوائها الدراسية نحو المرح وصفاء الذهن وبراءة قلوب احبت بعضها..

هيَ (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن