الفصل 7

64 6 3
                                    

يمسك صاحب السيف نزيم من وجهه قائلاً ": اتريد ان تبكي ايضاً؟، ارى انه يبكي لخوفه او ندمه و انت؟ انت تبكي من شدة الالم، حسناً ستذوق الالم "، يرفع رأسه قائلا احضروا الكلب هنا، ذلك الاسوَد هناك، يتقدم احد افراد الجماعة بكلبٍ قصير البنية مخيف المنظر لا يتوقف عن النباح بلعابٍ متطايرٍ ولسانٍ طويلٍ يترامى بين زوايا فمه، عيناه مصوبتان نحو نزيم، هل اقسم ام ادع البقية يشهدون على ارتعابه ورغبته في السباحة وسط مياه خوفه، ينطق نزيم مرتعباً قائلاً ": لا.. لااااا.. ارجوك لا اريد البكاء لست اتظاهر بالشجاعة اطلاقاً لست شجاعاً بتاتاً ارجوكم "، يتبسم صاحب السيف بنظرة خبيثة تجاه صاحب المسدس يفهمها تلقائياً فيقترب من نزيم ليطلق طلقةً قريبةً من رأسه تنطلق بها صافرتا اذناه وتغمض عيناه على صفعة تفتحهما من صاحب السيف فيضع فوهة المسدس بين عيناه "شينٌ" دلالةٌ هي على احتراق جبهته، يصرخ لها نزيم بكل ما أوتي من قوة، دموعٌ تنهمر من مقلتيه عم السكون داخل نزيم للحظة وكأن وزنه ارتفع الى رأسه يريد السقوط لكن صاحب السكينة يمسكه من الخلف فيثبّته في مكانه، يُنزَعُ المسدس من جبهته ليمسي كرجلٍ هندي بائسٍ، لا مجال للرقص هنا فبلادنا تختلف، الموت هو سقف احلامنا والسعادة لم تعد ضمن الجدول اطلاقاً، لم يرفع عمر ناظريه اطلاقاً بل زاد بكاءً خوفاً على صديقه بل اعتقد انه تم ارداؤه قتيلاً، يسكت الكلب للحظةٍ فيصرخ عمر فجأةً قائلاً ": ارجوووووكم لا تقتلوني اقسم لكم انني سأتوب، سأعتزل كل هاته التفاهات، سأصاحب الصالحين سأغدوا افضل من اخي لن اترك صلاتي ابداً "، يردد احد افراد الجماعة مغنِّياً ضاحكاً ": إلّا صلاتي لااا أخلِّيها"، بنضرة من صاحب المسدس يصمت!، -تحت انغام انين نزيم- يضع يده على كتف عمر قائلاً ": افتح عيناك يا احمق، انظر الي -يرفع عمر رأسه ببطأ تجاهه فيلمح صديقه واقفاً- توقف عن البكاء من فضلك فأنا لم ارى صبياً يبكي مثلك ارجوك توقف صوتك الخشن يزعجني، لا يتطابق البكاء مع ذلك الصوت، لقد احدثت لي خللاً بأذناي، لم اقتل صديقك.لا اريد جريمةً اخرى تنام برقبتي، -يفهم عمر ان هذا اللعين قاتل قد جرب شعور سلب الارواح من قبل فيصمت مباشرة ويصنع وجهاً ملائكياً -، حسناً والان اريد ان اخبركما امراً جدياً، ما وصل اليه صديقك الان هو بسبب سخريته منك وعدم امتثاله لأوامرنا، اما انت فكما قال صديقي مطيعٌ، لذا فإحتراماً لشقيقا الفتاتين لن تعود ارواحكم الى بارئها اليوم، اذاً فليصعد كليكما الى السيارة ولتعودا ادراجكما الى منازلكما، اما انت يا نزيم -ان اخبرت احداً بما جرى او بهويتنا او بأي تفصيل من لحضتنا هاته، اقسم لك اني سأزورك في اسوء كوابيسك وافرغ كل الطلقات بقلبك البارد "، يومئ نزيم برأسه ذليلاً موافقاً على كلامه بعدها يتمشى عمر بخطوات متسارعة الى السيارة ليلحقه نزيم مباشرةً بركلةٍ على مؤخرته من صاحب السكينة يركبا السيارة فيدير عمر المحرك ليناديهما صاحب المسدس قائلاً ": يا عمر!! "، يرد عليه ونبضات قلبه تزداد شدّدتهما قائلاً ": نعم!! "، ليجيبه ساخراً ": الا صلاتي لاااااا اخليها"، تنفجر الجماعة ضحكاً عكس الذليلان، ناظريهما مصوبان امامهما لينطلقا بسرعة هائلة عائدين ادراجهما، يجتمع اولئك المرعبون بالغابة في جلسة شبيهة باختلاء نزيم وعمر بالفتاتين، وسط موسيقى هادئة وضحكات متعالية في حين يذهب الشقيقان مشياً على الاقدام الى منزلهما ليتولوا امر شقيقتهما..
الصمت لا يزال نائماً بالسيارة، بعدها ينفجر نزيم ضاحكاً كالمجنون ليلتفت الى عمر فيتبادلا نضرة ليتشاركا الضحكة، عمر يضحك على وجه نزيم اما الاخير فيضحك دون سبيب، -هستيريا المرتعب تجعله يضحك في المواقف التي تخيفه وتحزنه-، ثم يقول عمر ": نزيم! مالذي سنقوم به الان؟؟! "، يقول نزيم ":سنذهب الى الصيدلية لشراء ضمادة اخفي بها هاته العلامة التجارية اللعينة بعدها سنشتري غداءً و نجلس بالسيارة قليلاً لا اعلم لماذا لكني لا اريد العودة الى المنزل في هذا الوقت"، يرد عمر ": حسناً لك ذلك لكن! انا حزين فقد تركنا ذلك اللحم هناك، كان ساخناً حقاً " ينفجر الاثنين ضاحكان، منظرهما في تلك الحالة يبدوا وكأنهما في فلم فكاهي ما، حالةٌ تعدّت صفة المزرية بأشواط، يوقض نزيم الراديو بضغطة عنيفةٍ ممازحاً عمر بها لأنه لا يحب ان يعامل احد السيارة بعنف، يعدِّل مستوى الصوت الى متوسط ثم يستلقي بكرسيّه وعيناه على الطريق يتبادل اطراف الحديث مع نفسه حول امر الفتاتين وما الذي سيحدث لهما، في حين ان عمر صامتٌ يفكر بكارثةِ الدقائق الماضية اذ لا يزال مكذِّباً امر انهما لايزالان على قيد الحياة، يلتفت عمر فيلمس رجل نزيم منادياً ايه ": يا ابله! -يدير نزيم عيناه تجاه صديقه -، صدقني لن اخرج مع لعينةٍ مجدداً سأوقف هذا الهراء نهائياً سأكتفي بصديقتي، تباً لا اصدق انها بخير جالسة انما بالجامعة او بالمنزل تفكر بي وانا في الهول اتخبط!! "، يقاطعه نزيم قائلا": ا لن تترك صلاتك؟! "، ينفجر كلاهما ضاحكان، بعدها يتقمص عمر دور الجدي مرتدياً قناع الصرامة قائلاً ": دعنا من هذا الموضوع ارجوك لقد كنت مرتعبا وضننت انهم قد قتلوك فقررت التوبة.. "، لم يحتمل عمر كلماته ليعود الى طريق الضحك متجرداً من جديته..
يصل الصديقان الى المدينة ليتوقفا عند صيدلية ما فينزل عمر ليشتري ضمادةً مرفقة بدواءٍ يزيل الحروق ثم يعود الى السيارة فيركب قائلاً ": تفضل عالج نفسك يا شاروخان "، يمسك نزيم الدواء مغمضاً عيناه ليضع قطرتين على جرحه يتبعمها انين خفيفٌ بعدها يضع الضمادة فوق ذلك المكان، يفتح عيناه معيداً نظره الى عمر، لا يحتمل عمر الجدية امام صديقه الذي غيروا له جنسيته بفوهةٍ دائرية، فيتشاركان الهستيريا، في نفس الوقت يُمسك نزيم مرآةً داخل السيارة ليتفقد وجهه قائلاً ": الحمد لله فلون الضمادة كلون البشرة لايبدوا علي اني مغتربٌ، لكن هاته اللطمة ضاعفت حجم جبيني تباً لهم تباااااً "، يقول عمر ": لا بأس عندما تعود الى المنزل ضع بعض قشور البطاطس فوقها ويزول الانتفاخ، تلك وصفة جدتي ثق بي انها تجدي نفعاً، لكن ذلك اللون الازرق سيكون صديقاً لك لأيام عديدة..
وسط كل هذا ومن ناحية موازية، منار جالسة في مساحةٍ خضراء بالجامعة تحت ظل احد الاشجار تتبادل اطراف الحديث مع حسناء عنوانها نزيم، تقول منار ": اريد ان التقيه غداً لأوضح معه مجرى علاقتنا، اريد ان اعرف الى اين ستؤول الامور، لا اريد ان امسي تائهة كحالي هذا "، فترد عليها حسناء قائلةً ": يا عزيزتي صدقيني لن يساعدك لقاؤكما بل سيعزز من شدة اعجابك به وسيضع اللمسات الاخيرة على قلبك ليغدوا حباً رسمياً، تجنبي لقاءه، اتركي له رسالة، عندما يفتح حسابه سيجدها ولا تتوهي بين كلماته اذا حاول استدراجك بعيداً عن الموضوع "، تفتح منار هاتفها وجهتها الصفحة التي تشترك بها مشاعرها مع كلمات الكاذب على الفيسبوك، تضغط على مكان الكتابة فتبرز لوحة المفاتيح وتباشر في الكتابة بمساعدة حسناء قائلةً ": نزيم اتمنى ان تكون بخير، رأيت انك لم تأتي اليوم فارتأى لي ان اسئل عنك -تقاطعها حسناء قائلة ":تبا لك يا غبية لا تقحمي مشاعرك.بالامر اطرحي الموضوع مباشرة " تواصل منار الكتابة -، اريد منك امراً بسيطاً الا وهو ان تجيبني عن سؤالي هذا بصراحة تامة دون مقدمات او الاعيب من فضلك، مالذي تريده مني او من علاقتنا ككل؟ اين تهدف؟ مالذي يوجد بطريقنا وهل لا نهاية لها؟ "، تضغط على زر الارسال فتقبع رسالتها اسفل احاديث الامس، لتقول بعدها حسناء ": اسئلتك جد تافهة اخبرتك ان تخرجي مشاعرك من الرسالة لكنك تسألين بكل غباء وكأنك تقولين 'اريدك بشدة لا اعلم ماتريد مني وانا متأكدة انك تريد شيئاً لكني اريدك انت وبشدة '، مالذي دهاك؟؟! ، حسناً لن اقحم نفسي اكثر، سترين اجابته بعد حين وتتذكرين كلامي هذا، بل سيجيب بكل برودة، هذا اذا لم يقم بتغيير الموضوع "، تجيب منار قائلة ":حسناً سنرى ذلك!،هيا لنذهب الى منازلنا فقط نال مني التعب والارهاق "، تقف الجميلتان متجهتان الى محطة الحافلات عائدتين الى المنزل...
يتبع...

هيَ (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن