الفصل الثانى و العشرون

41.7K 1.6K 270
                                    

     الفصل الثانى و العشرون

كانت المرة الثالثة على أقصى تقدير التى تراه فيها من هذا القرب فدوما ما كانت تطالعه من البعيد و لا قبل لها لتقترب منه او حتى تلقى التحية فى اعتيادية فوجيب قلبها لمرأه ما كان سامحا لها بذلك .. لكن فى تلك اللحظة هى تراه و بينهما مسافة لا تتجاوز المتر الواحد و لكنه منكس الرأس على غير عادته و كأنه مهزوم فى معركته مع الحياة و هو الذى كان يسير دوما فى شموخ ملكى يجعل قلبها يترنح تيها و عشقا ..

اندفعت تفتح ضلفتى باب حجرته التى ساعدت فى تجهيزها مع امه زهرة بعد مجيئها للسراىّ بعد سفر أمها و اخيها ماهر للحج منذ يومين حتى تسمح بمرور كرسيه المدولب لداخلها تدفعه امه فى سعادة مغموسة بشجن تحاول مداراته فى طيات نبرات صوتها الذى تحاول تغليفه بالمرح هاتفة و هم بقلب الغرفة :- أيه رأيك يا ماجد ..!؟.. جهزنا لك الاوضة دى  و فتحنا ليها باب ع الجنينة الورانية عشان لو حابب تخرج تشم هوا شوية او حتى تقعد فى أوضة القراية .. ده لو حبيت يعنى ..

هز رأسه فى لامبالاة و كأن الامر لا يعنيه ..لمحت ايمان نظرات زهرة المتحسرة و دموعها التى تترقرق بمقلتيها فهتفت فى محاولة لجذب انتباهه و التخفيف عنها فى نفس ذات الوقت :- بص كمان يا حضرة الملازم .. عملنا لك ركن فيه شوية أدوات رياضية تسليك ..

و اشارت لركن ما بعيد داخل الغرفة ما كان لاحظه بالفعل و خاصة مع عصابة عينه اليمنى التى تحصر عنه رؤية هذا الجزء من الغرفة  لكنه تطلع اليه بنفس اللامبالاة و هتف فى حنق :- انا مش حضرة الملازم .. و لو ضرورى ألقاب يبقى كفاية استاذ .

انحدرت الدموع على وجنتى زهرة فى صمت بينما نظرت اليه ايمان فى ثبات عجيب على الرغم من دقات قلبها المضطربة و هتفت فى

ثقة :- اى كان اللقب اللى عايزنى أناديك بيه .. انت لسه ماچد .. و هاتفضل ماچد .. انت اللى بتدى للقب جيمة مش هو اللى بيديك الجيمة يا واد عمى ..

و همت بالاندفاع لخارج حجرته الا انه هتف يستوقفها متعجبا و هو لا يراها بشكل جيد نتيجة لتلك العصابة المحكمة على عينه اليمنى و التي اخبره الطبيب انه سيزيلها قريبا :- مش ايمان اللى بتتكلم برضو !؟.. 

توقفت و استدارت نصف استدارة تتطلع اليه هاتفة فى عزم :- ايوه هى يا واد خالى .

انتفض ماجد و كأنه يراها للمرة الاولى و تطلع اليها فى اضطراب و قد تذكر انها اخر من نطق مؤمن بأسمه موصيا اياه عليها .. و تذكر الان فقط ما دار بينهما من حوار كان يشملها .. قال مؤمن انها عنيدة و رأسها يابس كالحجر الصوان و عزيمتها لا تلين .. كان يعتقد انه يغال فى وصف اخته لمحبته المفرطة لها لكنه يراها الان و نظرة التحدى التى تطل من عينيها يزاحمها حزنها على فراق اخيها تؤكد ان كل كلمة قالها مؤمن كانت فى محلها و ربما اكثر .. و تذكر وعده الاخير لمؤمن قبل ان يبدأ صوت الانفجارات بثوان .. بانه سيتزوجها .. كان وعدا مازحا لا يعد وعدا من الاساس الا انه شعر بشكل ما انه مسؤول عنها تجاه روح مؤمن .. لقد رأها مرتين فقط كانت فيهما أشبه بحمل وديع مذعور لا ينطق حتى ظن ان طبعها الطفولى ذاك و بكائها عند رؤيته لم يتغير لكنه كان مخطئ تماما في ظنه و ما يراه الان منها يؤكد ذلك .. و يؤكد كل ما وصفه بها مؤمن من صفات مما دفعه ليهتف فى ثبات :- كنتِ اخر حد نطق مؤمن بأسمه .. بيقولك ذاكرى كويس عايز مجموع كبير و..

رباب النوح و البوح .. ميراث العشق و الدموع ٣ .. مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن