الفصل السادس و العشرون

45.1K 1.7K 309
                                    

الفصل السادس و العشرون

قررت ان تنزع عنه تلك الملابس المتسخة بالشحم كعادته و التى لم يخلعها من ليلتها و التى اصبحت تُعتصر اعتصارا من جراء الحمى التى انتابته ..

بدأت فى خلع تلك السترة فى هوادة حتى لا يستيقظ متزمرا كعادته و ما ان تمت مهمتها بنجاح حتى زفرت فى راحة و هى تضع السترة على احد المقاعد لتسقط من احد جيبوها تلك الورقة المطوية ..

اندفعت تحمل الورقة لتعيدها موضعها الا ان الفضول دفعها لتفضها و تبدأ فى قراءتها لتقف مشدوهة لا تحرك ساكنا .. انه خطاب نادر الاخير لأخيه و الذى يبثه فيه لواعج قلبه و أسراره المخفية و التى لا يعلمها احد و التى ما استطاع الانتظار حتى نزوله الإجازة لإخبار اخاه الأكبر بها فبعثها فى رسالة مع احد أصدقائه .. دمعت عيناها و بدأت تغشى الدموع الكلمات امام ناظريها و هى تقرأ ما خطه نادر تجاهها و كيف انه يحبها منذ كانوا أطفالا و تمنى ان ينهى فترة تجنيده حتى يطلب يدها من ابيه و يتزوجها .

شهقت فى لوعة و هى لا تدرى هل تبكيه ام تبكى حظها العسر .. و تساءلت هل هى نذير شؤم فقد رحل كل من كانت تحبهم او يحبونها فى هذه الحياة ليتركوها وحيدة تجتر المرارت واحدة تلو الاخرى اولا أبويها و ها هو نادر يعقبهما ..

بكت كما لم تبك يوم وفاته فقد شعرت انه مات تلك اللحظة من جديد .. و استمرت فى البكاء لفترة لا تعلم زادت ام قصرت لكنها انتفضت تضع الرسالة بموضعها فى جيب السترة و تمسح الدموع عن صفحة وجهها عندما انتبهت لعلو همهمات ناصر و تنبهت كأنه يصارع شئ ما فى منامه المضطرب اندفعت اليه هاتفة

بإسمه :- ناصر .. ناصر ..

لكنه لم يجب إلا بتلك الهمهمات التى تعلن ان الحمى عاودته من جديد فأندفعت تحمل طبقا من الماء الفاتر و منشفة صغيرة نظيفة من المطبخ لتجلس على طرف الفراش تضع له تلك الكمدات الباردة على جبينه لعلها تهدئ و لو قليلا من حرارة جسده المرتفعة ليبدأ فى الارتعاش ما ان لامست جبينه المنشفة الباردة .. اشفقت عليه و قد ايقنت ان ذاك الخطاب الذى قرأته لتوها هو سبب ثورته و هروبه من محياها بالامس فهو يرى انه اصبح زوجا لتلك التى كان يعشقها اخيه و كان يود الارتباط بها .. انه يرى نفسه خائن لذكرى اخيه و متعدٍ على ممتلكاته الخاصة عندما اقترن بها و هو لم يفعل ذلك الا رغبة فى الستر عليها فقط لا غير .. انها تشفق عليه فعلا فلولا ما حدث لها و كانت هى برعونتها و عدم انصاتها لتحذيراته سببا بشكل او بأخر فى حدوثه ما كان ناصر الان فى الصورة بأى شكل من الأشكال وربما كان الان يبحث عن عروس تليق به بدلا من تورطه معها بهذا الشكل المجحف له.

عاودت وضع المنشفة الباردة على جبينه المستعر من جديد ليرتعش و هو لايزل يهزى ببضع كلمات اخيرا ألتقطت منها اسم نادر .. و ها هو يفصح عن مكنونات صدره التى كادت تهلكه البارحة هامسا :-  نادر .. انا .. لا .. هى .. انا  ..

رباب النوح و البوح .. ميراث العشق و الدموع ٣ .. مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن