الفصل الرابع والثلاثون

48.7K 1.6K 479
                                    

الفصل الرابع و الثلاثون

فتح عينيه فى نعاس لازال يسيطر عليه قليلا مع بعض من ألم رأس من جراء مرضه الذى جاء به مترنحا البارحة .. تطلع الى موضع جلوسها ليلة امس و ابتسم عندما تذكر انه بات ليلته بأحضانها و تعجب كيف لم يستشعر رحيلها من جانبه عندما استيقظت و هو كان متشبث بها كطفل متعلق بأمه التى كان يخاف لو غفل عنها قليلا ان تتركه ..

توقع انها بالحمام و انتظر قليلا لكن خاب ظنه عندما نهض من موضعه فى تثاقل ليجد باب الحمام مفتوح ..

تنهد فى حزن لانها غابت و تركته وحيدا و دخل الحمام يتوضأ و جلس على مصلاه التى مدها بإتجاه القبلة و تناول مصحفه و بدأ فى القراءة لعله يُسكن وجيب قلبه الذى يتسارع كلما تذكرها .. اخذ يقرأ و يقرأ حتى غاب عن الدنيا و دمعت عيناه و هو يتطلع لتلك الآية الكريمة التى تحمل اسمها بسورة المطففين .. و اخذ ينطق ذاك الاسم و تحشرج صوته و هو يتلمس أحرفه بكف مرتجف و أصابع مترددة

انهى قراءته ونهض من موضعه و اتجه لفراشه يتمدد عليه مغمضا العين ينال قسطا من الراحة و اخيرا سمع حفيف عباءتها تقترب لتفتح الباب حاملة صينية من طعام شهى وتدخل واضعة إياها جانبا ومتوجهة حيث موضعه .. كانت تتوقع انه لايزل مريضا مدت كفها الى جبينه الذى وجدت حرارته طبيعية و رغم ذلك سمعت همسه بأسمها كأنه يهزى .. اعادت وضع كفها من جديد فى تعجب لهزيانه ذاك بلا حمى و اخذ يكرر اسمها فى همس اضناها شوق اليه فهمست بشوق مماثل و بصوت متحشرج تأثرا يخنقه الدمع الحبيس و هى تجلس على طرف الفراش :- نعم يا شيخ .. انا هنا..

كرر همسه :- نوارة ..

تجمدت بموضعها و ظلت تحدق به لحظات كتمثال اصم و اخيرا نطقت و عيناها تملؤها الدموع هامسة فى

لهفة و كأنه واع و هى تحدثه فى عتب لذيذ :- جلت نوارة !؟.. لساك فاكر يا مهران !؟..

فتح عينيه و ما عاد قادرًا على التظاهر اكثر من هذا و رفع جزعه مستندا على مرفقه متطلعا الى عينيها التى يعشق هامسا فى شوق فاض حد اللانهاية :- وكيف أنسى !؟.. حد بينسى روحه يا بت عمتى .. محدش يعرف الاسم دِه غيرى و عمر ما حد هيعرفه غيرى.. انى اللى اختارته ..فاكرة..!؟

هزت رأسها فى سعادة لانه لايزل يذكر بعض من ذكرياتهما الصغيرة و ازداد دمعها انسكابا لا تقوى على ردعه ..

تطلع اليها واقترب بقلب واجف حتى اصبح ما يفصلها عنه مسافة لا تتعدى السنتيمرات حاولت هى التقهقر للخلف فى خجل لكنه اندفع ممسكا بها حتى لا تبتعد عنه من جديد فقد اكتفى بعاد و اكتفى شوقا و اكتفى ألما ووجعا و ما يتمناه اللحظة هو قرب لا نهاية له ..

اما هى فقد تذكرت كيف كان يعاملها عندما تطغى احدى نوبات شوقه.. يقترب متلهفا و بالاخير يتركها تعانى مرارات فقده بعد ان ظنت ان الوصل اصبح وشيك و ان غفرانه و عفوه أصبحا قريبا المنال .. لم تعد تقوى على ما يفعله بها و ما عادت كرامتها قادرة على التحمل .. فقررت الابتعاد فورا منتفضة و خاصة عندما ارتفع رنين هاتفه معلنا آذان صلاة الظهر...

رباب النوح و البوح .. ميراث العشق و الدموع ٣ .. مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن